فعل الخير يفرز هرمون السعادة ويحقق السلم الاجتماعي
  يزداد عدد المنخرطين ضمن العمل الخيري في شهر رمضان الكريم ،بشكل لافت للانتباه لإدخال الفرحة على الأيتام و الفقراء وعابري السبيل في أحلى صور للتضامن ينسجها عادة أصحاب القلوب الرحيمة التي تعبد طريق الخير وتعين كل ذي حاجة، فينعكس ذلك عليهم بالإيجاب  ،فيما تحاول النفوس المريضة التشكيك في كل مبادرة إنسانية والنظر إلى المتطوعين وأهل الخير بنظرة احتقار وإهانة .
   إعداد هشام ج
ما أن يحل شهر الصيام  حتى يستعجل أهل البر و التقوى في تحضير الضروريات لمساعدة الفقراء و المحتاجين و الأيتام إلى جانب الإمكانيات المادية التي تسخرها مصالح الدولة على شكل مساعدات عينية «قفة رمضان «أو مطاعم للإفطار تقدم وجبات ساخنة خصوصا لعابري السبيل ،ينخرط في هذه المهمة النبيلة مئات المتطوعين لنيل الثواب إما بطهي وتحضير الطعام أو توجيه المسافرين إلى المكان المعلوم ،أو نقل علب جاهزة للإفطار عبر المحاور الرئيسية  من بينها الطريق السيار شرق –غرب  خصوصا بالحواجز الثابتة للدرك الوطني ،يقول رشيد بلقاسمي الذي ينتظر فرصته كل شهر رمضان من اجل خدمة عابري السبيل وبالخصوص بالحاجز الثابت للدرك الوطني ببوراشد بولاية عين الدفلى ،ولن يهدأ له بال حتى يفطر مع إخوانه مستعملي الطريق من مختلف ولايات الوطن ،»ونكون بهذا الواجب الرباني قد صرفنا عنهم مشقة السفر وقلصنا من نسبة حوادث المرور» ،وهي نفس المشاعر التي تنتاب زميله صالح  27 سنة ، الذي يؤكد أن خدمة الصائم هي ارقى معاني التقوى في هذا الشهر الكريم ،ولا يحس بهذه المتعة إلا من انقطع عن فعل الخير .وتتعدد مظاهر وصور التضامن تقول السيدة مريم 34 سنة ،الإحسان للجيران وتفقد وإعانة فقراء الحي ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نستصغر أي معروف من احد ،فكل واحد منا يسعى لفعل الخير حسب جهده وطاقاته وإمكانياته المادية لتعميم الخير وسط المجتمع ، نفس النظرة تتقاسمها مع زوجها جمال 45 سنة ويسعيان لتلقينها لأبنائهم باعتبار تربية النشء على قيم التضامن و التسامح و التكافل الاجتماعي سبيل لاستقرار وتنمية المجتمع بعيدا عن الأنانية وحب الذات والتفرقة ونشر الكراهية و الانتقام .
يرى جهيد رابح احد المتطوعين ضمن الجمعية الوطنية  كافل اليتيم أن العمل الخيري يسري في دماء المئات من المتطوعين بشكل فردي أو جماعي لخدمة مختلف الفئات الهشة في مجتمعنا بغية تمكينها من قضاء شهر رمضان الكريم في ظروف مواتية كبقية أفراد المجتمع ولن يتأتى ذلك إلا بواسطة جمع المساعدات العينية ،وطرق أبواب كل من يعتقد فيهم الخير من تجار وحرفيين وصناعيين ومواطنين بسطاء ،لكن تحقيق مجمل الأهداف المسطرة  يعترضه عقبات الإهانة و الاستهتار بهذا العمل من طرف بعض المواطنين بعبارات تستفز المشاعر، لكن الإيمان بالرسالة يجعل المنخرطين في هذا العمل الخيري لا يبالون ،»فكم من مرة نطرد ،أو ينظر إلينا بعين الشفقة و الرحمة ، فيما توصد الأبواب في وجهنا أو تغلق الهواتف بدون مبرر أو سبب كافي لإلغاء المواعيد المتفق عليها» يقول جهيد ،لكن يبقى المتطوعون في مجال العمل الخيري مصرون على إسعاد فقير أو يتيم ينتظر لحظة قدوم قوافل المساعدات ،وعليه فان الخير لا ينقطع.

الأخصائية النفسانية فايزة بوعمامة
الإحساس بالآخرين يعزز مناعة الجسم
تؤكد الأخصائية النفسانية فايزة بوعمامة أن المساهمة في التضامن مع الآخرين ،يضاعف عملية إفراز الهرمونات التي تجعل الإنسان يشعر بالسعادة والرضا ،وتعزز مناعة الجسم ضد مختلف الأمراض.
ولعل من بين الهرمونات «»السيروتنين «ويسمى هرمون السعادة هذا الهرمون يعتبر ناقل عصبي وهو مهم جدا في نقل النبضات العصبية كما انه مُضيِّق للأوعية الدموية ويرجع تكوينه إلى وجود الحمض الاميني تريبتوفان، موجود بطبيعته في المخ ويوجد أيضا في الجهاز الهضمي والصفائح الدموية ، لكونه يعدل المزاج ويمنع الاكتئاب ،ويضع الشخص المحسن والمقبل على فعل الخير و التضامن مع الفقراء والفئات الهشة بالمجتمع في دائرة المشاعر الايجابية ،وتشير البحوث و الدراسات ان معظم المصابين بمرض الكآبة يمتلكون نسبة اقل من المستوى الطبيعي للسيروتونين في الدماغ مما أدى بالعلماء إلى اختراع جيل جديد من الأدوية التي تقوم برفع مستوى مادة السيرتونين في الدماغ
 النفسانية تشير بأنه وبالرغم من  وجود جدل حول كيفية تأثير مادة السيروتونين على تنظيم مزاج الإنسان إلا أن هناك اعتقاد شائع أن السيروتونين تلعب دورا لا يمكن تجاهله في الشعور بالطمأنينة النفسية،ومعالجة مرض الصداع النصفي كما يعزز العمل التضامني و الخيري حسب الأخصائية النفسانية فايزة بوعمامة  إفراز هرمون «»اندروفينز «الذي يقلل من الإحساس بالقلق و هرمون «»جريلين « الذي يقلل هو الآخر من الضغوطات و المشاكل التي تواجه الفرد خلال يومياته ،وغيرها من الهرمونات التي تفرز على ضوء الإقبال على فعل الخير ،حيث أكدت عديد الدراسات و البحوث المتقدمة في هذا المجال تطابق نصوص الشريعة الإسلامية مع نتائج البحوث الخاصة باكتساب الجسم مناعة قوية ضد مختلف الأمراض حتى المستعصية منها فبمجرد أن تقدم شيئاً للآخرين فإن دماغك يبدأ بإفراز هرمون «» دوبامين« الذي يجعلك تشعر بالسعادة ،كما يحسن وظيفة القلب الذي يعتبر من بين أكثر أجزاء الجسم تضررا بالأفعال السلبية كالحقد و الأنانية ،حيث تتحسن عملية تدفق الدم .
 و تحذر الأخصائية من الإنسان الشفاف ،»بار فار «بالفرنسية ،الذي لا يرى معاناة الآخرين ،شخص أناني  يريد تحقيق ذاته ولو كان على حساب الآخرين ،حتى والديه في إشارة إلى الذين يقومون بعملية السطو على المساعدات العينية التي من المفروض أن تذهب للمحتاج و الفقير ،وبذلك نحن نعيش مفارقة عجيبة بين شخص متواضع يبحث في كل مكان من اجل جمع المساعدات لهذه الفئة بهدف إدخال الفرحة عليها وشخص مغاير «يسرق « قفة رمضان ،وهذا النوع من الناس لابد أن يخضعوا للعلاج النفسي .

الإمام عمارة صديق
فعل الخير يقلل من  الفوارق الاجتماعية ويحد من الآفات
   قال الإمام صديق عمارة إن من أهم أسباب السعادة والراحة النفسية لدى الإنسان هو فعل الخير، والخروج من جو الأنانية إلى مشاركة الآخرين والتعاون معهم، لان الفطرة السليمة تقتضي ذلك ،وقد ثبت ذلك في كتاب الله وسنة الحبيب المصطفى عليه الصلاة و السلام ،فالتضامن ينسج الألفة بين أفراد المجتمع ويدعم أواصر الأخوة و المحبة ويحد من مختلف الآفات الاجتماعية كالسرقة و الاعتداءات و الجرائم بمختلف أنواعها ،فكلما زادت حالات المساعدة بدون شك فالمجتمع يكون آمنا والعكس صحيح، وبالتالي ،فالشريعة الإسلامية واضحة في هذا الباب وتحث دائما على الاستزادة من فعل الخير لان أثاره بالغة على الفرد و المجتمع، فمن سعى في قضاء حاجات الناس لا يخزيه الله أبدا ،وعن خديجة رضى الله عنها جاء نبي الله صلى الله عليه وسلم بعيد رؤيته الوحي وخشي على نفسه وقال: زملوني، قالت «والله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الدهر»، فعلى الصائم أن يغتنم هذه الفرصة للاستزادة من فعل الخير ولما لا  على مدار السنة باعتباره ينفع صاحبه في الدنيا و الآخرة .

الرجوع إلى الأعلى