حلويات  مجهولة المصدر تعرض تحت أشعة الشمس بأسواق قسنطينة
تعرف كل أصناف الحلويات حتى المجهولة المصدر إقبالا منقطع النظير بقسنطينة في رمضان، و لا يكاد الأمر يختلف بين تلك المعروضة للبيع في الشارع أو داخل الأسواق النظامية، حيث يعرض أغلبها مكشوفا في الهواء و تحت الشمس عرضة للرطوبة و الغبار و الحشرات  ما يحولها إلى سموم  تهدد صحة المستهلك لانعدام شروط النظافة، سيّما في ظل غياب الرقابة و الوعي و ثقافة الاستهلاك، و هو ما يعكسه التهافت لحد التدافع على باعة الحلويات التي يفضل أصحابها تفريغها من علبها كطريقة لإغراء الزبائن.
روبورتاج : مريم .ب
المتجوّل في الأسواق وحتى بشوارع قسنطينة يجذبه منظر أكوام الحلوى بكل الألوان و الأشكال و المذاق، و التي ينكب الزبائن على شرائها رغم تحذيرات جمعيات حماية المستهلك منها، نظرا لعدم توفر شروط النظافة بأماكن بيعها، حيث يتعمد الكثير من الباعة إلى تفريغ  محتويات علب الحلويات الأكثر مبيعا و استهلاكا في رمضان"حلوة الترك" أو الشامية و وضعها كتلة واحدة دون تغطيتها بورق حافظ أو أي أنواع الأغطية سواء البلاستيكية أو الزجاجية للحفاظ عليها من التلوّث، و يفضلون تركها عرضة لكل عوامل التلوث بدء بالغبار، رغم إدراك الأغلبية بتضاعف نسبة الغبار في الهواء جرّاء أشغال الترميم و إعادة التهيئة و ورشات البناء التي تشهدها المدينة منذ فترة، بالإضافة إلى احتمال الإصابة بالميكروبات بسبب لمس الزبائن للحلويات بأيديهم للتأكد من طراوتها.
و الملفت أن أكثر الزبائن لا يكترثون لمصدر هذه الحلويات و لا يسألون عن تاريخ صلاحيتها و يستسلمون لنهمهم مفتونين بالألوان المغرية و الأشكال المسيلة للعاب التي تجعلهم  لا يترددون في دفع الكثير من المال لشراء عدة أنواع منها.
من بيع الخضر إلى بيع الحلويات
النصر تجوّلت بعدد من الأسواق و الشوارع التي تعرف أكبر عدد لباعة الحلويات، حيث كانت البداية من سوق "بطو" بوسط المدينة أين لاحظنا تغيير بعض باعة الخضر و الفواكه لنشاطهم المعتاد و اختيارهم لإحدى أهم النشاطات التجارية انتشارا في هذا الشهر و هي بيع الحلويات، و الأمر نفسه بالنسبة للكثير من المحلات بمختلف الأحياء سيّما المطاعم و محلات بيع الأكل السريع، و حتى أصحاب المواد الغذائية لم يتوانوا في تخصيص مكان إضافي لبيع الحلويات المطلوبة أكثر في هذا الشهر الفضيل و التي غالبا ما يعرضونها خارج المحل لجذب الزبائن.
و تنوّعت إجابات التجار الذين سألناهم عن سبب تغييرهم لنشاطهم في شهر رمضان بين مساعدتهم للبعض لكسب بعض المال من خلال منحهم فرصة عرض سلعهم بمحلاتهم أو أمامها مع الاستفادة من تكاليف إيجار بسيطة وبين تجنب تراجع هامش الربح  المعتاد بإضافة نشاط أدركوا مع الوقت مدى نجاعته في الكسب السريع، مثلما قال البائع حمودي الذي لم ينف تغيير نشاطه من بيع الفواكه إلى بيع الحلويات بعدما لاحظه من ارتفاع غير معقول للفواكه حتى بسوق الجملة و إدراكه لعدم تمكنه من الحفاظ على نفس المداخيل، أمام تراجع القدرة الشرائية، الشيء الذي دفعه مثلما قال إلى اختيار الحلويات لتأكده من سهولة تسويقها، لأنه سبق له تجريب ذلك في رمضان الماضي.
و قال تاجر بسوق بطو بأن نفس الباعة تقريبا يغيّرون نشاطهم في كل المناسبات الدينية و بشكل خاص في المولد النبوي الشريف و عاشوراء.

 رش المبيد أثناء عملية  العرض
الملفت أن أكثر الحلويات المعروضة للبيع لم تكن مغطاة لوقايتها من مختلف عوامل التلوث من أتربة و غبار و لمس و رطوبة، و هناك من التجار من يستعمل مبيد الحشرات لإبعاد الذباب دون الاكتراث بسلع الباعة المحيطين به مثلما ذكر التاجر فوزي الذي تحدث عن صواني الحلويات المصنوعة بالكاوكاو و الشكولاطة التي يجهل مكان إعدادها و نفس الشيء بالنسبة لأنواع الحلويات الأخرى التي يقال أنها تركية أو سورية لكن دون منح الزبائن فرصة قراءة قائمة المكونات و مكان الصنع و تاريخ صلاحية المنتوج، لأن الباعة يتعمدون تفريغ الحلويات من علبها و عرضها في صواني أو على طاولة البيع مباشرة.
و قال الباعة بأنهم يقتنون بعضها من أسواق البيع بالجملة و أخرى يشترونها من مصدر صناعتها بالأحياء القديمة و بشكل خاص حي سيدي الجليس، المعروف بصناعة "الكاوكاوية"  و "النوقة" وهناك من يشتريها من المدن المجاورة، لكن عن سبب عرض الحلويات بتلك الطريقة، قال أحد الباعة بسوق بطو بأنها الطريقة الأسهل لتمكين الزبائن من رؤية كل ما يشتهون أكله معروضا أمام أعينهم، بدل تركه في علب لا يحاول أحد عادة معرفة ما بداخلها و أعزى بائع آخر تعمّده تفريغ"حلوة الترك من علبتها ذات وزن خمسة كيلوغرام إلى صعوبة تقطيعها داخل العلبة و عليه فقد اهتدى كغيره من الباعة إلى هذه الطريقة لتسهيل عملية التقطيع من جهة و لتجنّب تفتتها من جهة أخرى كما قال.
و برّر البائع رمزي الذي يعرض حلوياته بمدخل محل بوسط المدينة بأن سرعة تسويق الحلويات لا يعرضها لخطر التلوّث لأن كل ما يخرجونه من العلب يجد من يقتنيه، فيما اعترف البعض بتعرّض كمية كبيرة من حلوياتهم للجفاف و اضطرارهم لبيعها بأقل ثمن.
و فوق طاولة زاد طولها عن المتر، رتّبها صاحبها بعناية على بعد بضعة أمتار عن طاولة ثانية بالمدينة القديمة غزا النحل المكان، دون  أن يطهر أي انزعاج أو قلق  لدى الزبائن الذين تعوّدوا على هذا المنظر سواء بمحلات بيع قلب اللوز أو الزلابية و حتى المشروبات المعدة في البيوت كالشاربات،  وقد بدت حلوى "الفوندا"  بمذاق الشكولاطة و كأنها تعرّضت للذوبان تحت أشعة الشمس و مع هذا لم يترّدد زبونان في طلب قطعة صغيرة منها بمبلغ 200دج.
فالنوقة و الفوندا و الكاوكاوية و حلوة الحلقوم، فضلا عن حلوى "الجيلي والماشميلو" التي التحقت هي الأخرى بقائمة الحلويات التي لم يكن لها مكان بمائدة العائلات القسنطينية، تسيل لعاب المواطنين الذين لا يتحكمون في نهمهم فيسرعون لشراء تلك المغرية بألوانها و  قطع المكسرات المرشوشة فوقها.
فوضى بيع الحلويات في كل مكان، شجعه غياب الرقابة باعتبار أن مراقبة التجارة الفوضوية ليست من صلاحيات مديرية التجارة، مثلما ذكر المكلف بالاتصال على مستوى مديرية التجارة بقسنطينة عبد الحكيم مراد الذي أوضح بأن فرق التفتيش و المراقبة التابعة لمصالحهم  سجلت نحو 14نشاطا تجاريا غير ذلك المصرّح به في السجل التجاري إشارة إلى تغيير النشاط دون ترخيص من الجهات المعنية، و هو ما اعتبره مخالفا للقانون.

الرجوع إلى الأعلى