توجيه إعذارات أخيرة إلى القنوات الخاصة إجراء رسمي ضروري
هناك مؤامرة محبوكة لإلغاء المرجعيات الروحية والذوقية والجمالية والنفسية للجزائر الأصيلة
اعتبر الكاتب والباحث البروفيسور محمد طيبي، توجيه وزارة الاتصال إعذارات أخيرة إلى القنوات التلفزيونية التي تنشط بطريقة غير قانونية في الجزائر، إجراء رسميا ضروريا، وقال أنها دعوة حكيمة إلى التمعن وإعادة مراجعة طرق العمل في الإعلام بغية الحفاظ على ما هو إيجابي في القطاع. وأكد على ضرورة أن يكون هناك مفهوما جزائريا خاصا للإعلام وأشار إلى ما أسماه بالهيجان الإعلامي الموجود هذه الأيام والذي يرفض كل شيء ويلغي كل شرعية ويتجاوز كل الحدود وكأنه هو القانون وذكر أن بعض القنوات التلفزيونية الخاصة يغيب عنها الذوق والمهنية وتغزو العقول الجزائرية بالتفاهة وقلة المعنى.
و أوضح البروفيسور محمد طيبي، في تصريح للنصر ،أمس، أن قطاع الاتصال ليس سوقا وإنما هو ميدان جيو أمني مرتبط بالأمن الوجداني والأخلاقي وهذه الأمور يجب أن تقنّن، مضيفا في السياق ذاته، أن الضياع الذي طبع الممارسة الإعلامية، قتل الإعلام من خلال تمييع الإنتاج وابتذال الكلمة وسقوط الفن وغياب النجوم الحقيقية للفكر الجزائري. و تابع في السياق ذاته، أن الإعلام في البلاد تحول إلى مأساة حقيقية، مشيرا في هذا الصدد، إلى بعض  البرامج التي تبث في القنوات الخاصة والتي يغيب عنها الذوق والمهنية وتغزو العقول الجزائرية بالتفاهة وقلة المعنى، مؤكدا أن من واجب الحكومة السياسي أن تطهر القطاع ، مشددا في نفس السياق على ضرورة أن يكون هناك مفهوم جزائري خاص للإعلام ، لا أن يكون سعوديا أو مصريا أو فرنسيا ، بأن يترجم ملامح الهوية وجذور التاريخ وصفات الذهنيات ودلائل العقليات وحياة الجزائريين، وقال أن القنوات التلفزيونية الخاصة يغيب فيها الفكر والفن الجزائري الحقيقي في حين تروج للراب والصراخ والتدافع والخوف والرعب. وقال أن هذا إعلام خطير، ويرى الباحث أن هناك مؤامرة محبوكة لإلغاء المرجعيات الروحية والذوقية والجمالية والنفسية للجزائر الأصيلة وقال أننا نلاحظ هذا التشاجر بالصورة وصعود صحفيين تقريبيين وفنانين مشبوهين وزعامات مغشوشة على حد تعبيره،  موضحا أن هذا الأمر يتطلب أن توضع له ضوابط وحدود، حفاضا على الهوية الجزائرية، وأكد محمد طيبي على ضرورة الإسراع في وضع هذه الضوابط وقال في هذا الصدد لا يخدعونا بحرية التعبير وأوضح أن حرية التعبير قيمة إنسانية ليست جديدة وأن البعض يخلط بين حرية التعبير وحرية التكفير والمساس بكل ما هو مقدس في بلادنا، معتبرا أن حرية التعبير ليست شعارا لانتهاك الحريات و قال أن الحقل الثقافي أبيح ومن نتائج الإباحية الثقافية أصبح لدينا إعلام إباحي فأي كلمة تقال وأي حكم وأي خبر يصدر على حد تعبيره.
وأفاد البروفيسور محمد طيبي، أن وزارة الاتصال تتعامل مع الحقل الإعلامي بكثير من الحذر بالنظر إلى الأصداء المؤذية التي قد تأتي من الأعداء والخصوم معتبرا أن الإعذارات التي وجهتها الوزارة  ولآخر مرة للقنوات التلفزيونية التي تقدم خدمات اتصال سمعي- بصري بطريقة غير قانونية بالجزائر، إجراء رسمي ضروري وهو دعوة إلى التمعن ودعوة إلى إعادة مراجعة طرق العمل في الاعلام بغية الحفاظ على ما هو إيجابي في القطاع، مؤكدا أن دعوة الوزارة تعتبر حكيمة في انتظار العمل الحقيقي للحكومة -كما أضاف- فيما يخص خلق ما يسمى لجنة القراءة تسهر على الفن وآليات التحاكم للتقليل من الإكراهات البيروقراطية والأهم  -كما قال – هو أن تظهر الثقافة الفكرية والفنية في الإعلام الجزائري و أشار إلى ضرورة أن تكون هناك استراتيجية إعلامية وثقافية، لأن غاية الإعلام -يضيف المتحدث- أن يضع الصورة ويسوقها بالصورة التي تتماشى مع هويتنا مضيفا في هذا الصدد، أن قطاع الاتصال والثقافة يعيش حالة تيه فكري ووضع خمول إبداعي وتسلق طفيلي ولفت إلى أن الاتصال بشكل عام هو جزء من الرهانات السياسية الداخلية في البلاد وعليه أن يضبط بالكيفية التي تحافظ على التعايش الوطني والتعددية السياسية والتحول الهادئ. وأشار إلى ما وصفه بالهيجان الإعلامي الموجود هذه الأيام والذي يرفض كل شيء ويلغي كل شرعية ويتجاوز كل الحدود وكأنه هو القانون وهذه علامات مقلقة -كما اضاف- موضحا في هذا الصدد أن الهدف من سلطة ضبط السمعي البصري هو ضبط الأمور وفق ما تقتضيه حرية الرأي وليس التعبير. وتساءل المتحدث لماذا لا يتحدث أحد عن فوضى التسيير المالي في القطاع الخاص في ميدان الاتصال و التي عادت بالصحفي الجزائري إلى عهد الخماسة على حد تعبيره.
 وذكر الباحث أن عالم الاتصال واسع ومتنوع ومتفاوت وقال أنه يجب أن يكون لدينا إعلام عمومي جزائري راقي ومقنع ومهني وحر ليتكفل بمسألة صناعة الرأي العام في الجزائر وأن تكون هناك نظرة شاملة لتطوير القطاع خدمة للبلاد وتطوير الصحف العمومية العريقة و قطاع السمعي البصري العمومي ليدخل عالم الإنتاج والتنافسية والمردودية فضروري -كما قال- أن تكون هناك نقلة نوعية في القطاع العمومي كون هذا القطاع هو الذي يصنع قادة الرأي الكبار وليس القطاع الخاص باعتبار أن  الاتصال ليس فقط توزيع المعلومات بل يصنع قادة البلد . وأكد المتحدث على ضروري إصلاح قطاع الاتصال وفق رؤية اختصاصيين وليس رؤية إداريين وأن يخضع لمسار تدريجي وإلى تحاور مع أهل القطاع وإقناع مسؤول وعندما تستعصي الأمور -كما أضاف- يجب أن يكون الأمر لسلطة الضبط أو العدالة وتبتعد السلطة السياسية عن هذا الأمر حفاظا على حيادها. وقال أن القضية ليست في تعدد القنوات وإنما في استجابتها للقانون الجزائري، فيما يبقى السوق مفتوحا وهو الذي يحدد من يبقى ومن يغلق وليس الإدارة وبالنسبة للإشهار لن يكون هناك توزيع ريعي ولا تعاقد سياسي ضمني بل تحدده قوانين وتسهر عليه سلطة الضبط  على حد
 تعبيره.                                      مراد - ح

الرجوع إلى الأعلى