نصف الحوامل يلدن بالقيصرية و العيادات الخاصة في قفص الاتهام

أكد مختصون في أمراض النساء و التوليد تضاعف عدد الولادات القيصرية، بنسبة لا تتوافق مع توصيات منظمة الصحة العالمية المحددة بين 5 و 15 بالمائة، في حين وصلت بالعيادات الخاصة ببلادنا إلى أكثر من  50 بالمائة، فيما تراوحت بين 20 و  30 بالمائة بمصالح التوليد العمومية، مشيرين إلى تزايد طلب الحوامل إلى حد  التوّسل لإخضاعهن لهذه الجراحة رغم خطورتها .
 النصر أجرت استطلاعا حول هذا الموضوع، و نقلت شهادات حية لحوامل صمّمن على إجراء القيصرية لاعتقادهن بأنها تجنبهن الآلام، و تحفظ جمالهن  و توفر لهن الراحة مع تمديد عطلة الأمومة، مما يدفعهن للجوء إلى العيادات الخاصة لتحقيق رغبتهن، مقابل تكاليف تتراوح بين  50 و 80 ألف دج، و ذلك بعد رفض الأطباء بالعيادات العمومية تلبية طلبهن، جراء الضغط الذي تشهده هذه الأخيرة أمام تضاعف عدد حالات الحمل عالي الخطورة، و هو ما جعل البعض يشكك في مدى ضرورتها في الكثير من الحالات، و اعتبروها نوعا من الاستغلال المادي خصوصا في القطاع الخاص.
و حذّر عدد من المختصين من انتشار هذه الجراحة تحت الطلب، و اعتبروها انتهاكا صارخا لأخلاقيات مهنة الطب، و توصيات منظمة الصحة العالمية، و أكدوا بأن طلب الحوامل لإجراء القيصرية ناجم عن جهلهن لمخاطرها الصحية الكثيرة، بسبب تخلي بعض الأطباء عن دورهم التوعوي و عدم إطلاع المعنيات بالمضاعفات المحتملة، و في مقدمتها النزيف الحاد و التهاب بطانة الرحم،و المشيمة الملتصقة ، مشيرين إلى تواطؤ بعض العاملين بالقطاع العام مع الخواص، لهثا وراء المادة.
كما  تحدث آخرون عن الأسباب التي تقف وراء اختيار المختصين للجراحة ،بدلا عن الولادة الطبيعية و أهمها الخوف من التعقيدات و المضاعفات التي تلي الوضع الطبيعي ،و كذا ربح الوقت و المال.

مريم بحشاشي

 

يلجأن إلى العيادات الخاصة لتحقيق رغباتهن

60 بالمائــــة من الحوامـــل يصـــررن على إجــراء الجراحــة القيصريــــة

لم تعد العمليات القيصرية تنفذ في حالات الطوارئ كما كانت في الماضي، بل شهدت السنوات الأخيرة لجوء النساء الحوامل إلى القيصرية، بدلا من الولادة الطبيعية، حيث أكد عدد من الأطباء بأن 60بالمائة من الحوامل اليوم يفضلن الجراحة و يلححن عليها.
و ذكر المختصون في مختلف عيادات التوليد العمومية و الخاصة بقسنطينة، بأنهم لو استجابوا لطلبات الحوامل، لغابت الولادة الطبيعية، إشارة إلى إلحاح النساء إلى حد التوّسل لأجل الخضوع للقيصرية لتفادي آلام المخاض. و قال البروفيسور صلاحي رئيس الأطباء بالمؤسسة الاستشفائية الأم و الطفل بسيدي مبروك بقسنطينة بأن 60بالمائة من الحوامل يطلبن القيصرية خلال تواجدهن بقاعة التوليد، تحت وقع الألم، و رغبتهن في التخلص من أوجاع المخاض. كما أكد عدد من المختصين بمختلف العيادات بأن العمليات القيصرية لم تعد تجرى في الحالات الطارئة فحسب، بل أصبحت خيارا و رغبة معظم الحوامل، و بشكل خاص العاملات و الميسورات ماديا، اللائي لا يترددن في اللجوء إلى العيادات الخاصة، بعد مواجهة رفض الأطباء في القطاع العمومي لتلبية طلبهن في إجراء قيصرية تحت الطلب، لأن حملهن طبيعي و لا يستدعي الجراحة، غير أن هؤلاء غالبا ما يجدن مبتغاهم في القطاع الخاص.

حوامل يرفضن نصائح الأطباء  و يفضلن الجراحة

و أوضح الدكتور منير عساس طبيب خاص في أمراض النساء و الولادة ، مستندا إلى تجربته  بمختلف العيادات العمومية و الخاصة طيلة السبع سنوات الماضية، بأن أزيد من  50بالمائة من الحوامل يطلبن القيصرية، خاصة الصغيرات في السن، و العاملات، مشيرا إلى  رفض أكثرهن لنصائح الأطباء خلال محاولاتهم لإقناعهن بمضاعفات الجراحة، و تلجأن إلى العيادات الخاصة،  حتى لا تتراجعن عن قرارهن رغم التكاليف المرتفعة لهذه العملية.
نفس الشيء أكده الدكتور حمزة خنشول الذي يعمل حاليا بإحدى عيادات التوليد الخاصة بقسنطينة، كاشفا بأن عدد الحوامل الملّحات على إجراء قيصرية يتراوح بين 50و 60بالمائة و هي نسبة لم يسجلها في بداية التحاقه بالسلك الطبي منذ حوالي عشر سنوات كما قال.
بعض الأطباء تحدثوا أيضا عن ظاهرة التقليد بين الحوامل، حيث تأتي المرأة الحامل إلى العيادة بعد الاستماع لنصائح من سبقوها في تجريب القيصرية سواء من الصديقات أو المقربات، فيصعب إقناعها بالتراجع عن طلبها.
 و ذكرت إحدى القابلات بأنها طيلة عملها في مجال التوليد منذ 25سنة، لم تشهد إقبالا على العمليات القيصرية مثل اليوم، مشيرة إلى مساهمة الأطباء الخواص في زيادة الظاهرة، حيث يرسلون حالات يتابعونها في المراكز العمومية أو العيادات الخاصة إلى أصدقاء لهم أو يشرفون هم أنفسهم على إجراء القيصرية لهم بعيادات التوليد الخاصة التي يعملون فيها لساعات إضافية، و غالبا ما تكون العمليات تحت الطلب.
و أجمع عدد من المختصين بأن نسبة إجراء العمليات القيصرية، قبل 10سنوات لم تكن تتجاوز 10 إلى 15بالمائة في معظم المستشفيات، لكنها اليوم تضاعفت بشكل مثير للتساؤل و تستدعي القيام بأبحاث لفهم تزايد الأسباب الداعية لإجراء هذه العملية و على رأسها أمراض العصر التي باتت تسجل بشكل ملفت لدى فئات عمرية شابة و ليس فقط عند المتقدمات في السن، الشيء الذي ساهم في رفع معدل القيام بالجراحة القيصرية إلى 30بالمائة بالمراكز العمومية و أكثر من 50بالمائة بالعيادات الخاصة، و هي أرقام لا تتوافق حسبهم مع توصيات منظمة الصحة العالمية المحددة من 5إلى 15بالمائة.

نقص الإمكانيات يدفع الطبيب للقيصرية لتفادي مشاكل تعقيدات الولادة الطبيعية

و كشف مختصون بالمستشفى الجامعي ابن باديس عن أرقام تتراوح بين 5 و 6 ألاف قيصرية في السنة و أرجعوا السبب إلى نقص الإمكانيات الذي حال دون التكفل المناسب بكل إمرأة حامل و متابعتها بشكل دقيق في الأوقات الحرجة، مما يدفع الطبيب إلى إجراء العملية بمجرّد ظهور الأعراض التي قد تشكل خطرا على حياة الأم و الجنين في حال وقوع أي تهاون في متابعة الحمل في موعد الوضع.
و من بين الوسائل التي انتقد الأطباء نقصها و التي تعد من الأدوات الأساسية في مصلحتهم  جهاز قياس نبضات قلب الجنين”RCF  « مؤكدين وجود جهاز إيكوغرافيا محمول واحد يتم نقله من الطابق الأرضي و الطابق الثاني، مما يصعب عليهم أداء عملهم على أحسن وجه.
و من جهته تحدث البروفيسور صلاحي عن أزيد من 2200حالة قيصرية مسجلة سنويا بعيادتهم الكائنة بسيدي مبروك. فيما يتضاعف الرقم بالعيادات الخاصة استندنا إلى النسب المقدمة من قبل بعض المختصين العاملين في هذا القطاع و الذين أكدوا بأن عدد العمليات القيصرية أحيانا يتجاوز الولادات الطبيعية، حيث ذكر الدكتور خنشول بأن من بين 100إمرأة تقصد العيادة الخاصة، تخضع حوالي 60حالة للجراحة القيصرية.
و لم يخف بعض المختصين الذين تحدثنا إليهم خلال قيامنا بهذا التحقيق، دهشتهم، من الأسباب التي تحمل النساء على اختيار القيصرية رغم مخاطرها، و وصفوا بعض الأسباب كالبحث عن الراحة و تجنب أوجاع الولادة بالمبرّر غير المقنع، باعتبار وجود طرق متطوّرة أخرى جد متطوّرة للحد من الأوجاع دون التخلي عن الولادة الطبيعية حسبهم، محملين المسؤولية لبعض الأطباء الذين باتوا يقومون بذلك اختصارا للوقت خاصة في فترة الليل، لأن التحضير للقيصرية لا يزيد عن ال40دقيقة، فيما قد تستغرق الولادة الطبيعية ساعات طويلة، مشيرين إلى النقص الفادح في عدد الأطباء المختصين على مستوى المراكز الأكثر استقبالا  للحوامل من داخل و خارج الولاية.

 

خوف من الألم و تمديد  عطلة الأمومة

شهادات حية لحوامل خططن للولادة القيصرية

النصر نقلت شهادات حية لبعض النساء اللائي خضعن لهذا النوع من العمليات و اعترفن بالتخطيط لها شهورا قبل موعد الولادة.
-صابرينا 28 سنة: "كدت أفقد حياتي في حملي الأول، و لم يفارقني الألم أكثـر من 10ساعات قبل و بعد الولادة، فهمت وقتها لماذا كانت إحدى زميلاتي في العمل تلح على إجراء القيصرية، فقررت العمل بنصيحتها، في حملي الثاني، خاصة بعد كل ما رأيتها عليه من أناقة و راحة، ساعتين فقط بعد الولادة، عكس ما حدث لي مع مولودي الأول، حيث لم أتمكن من النهوض من مكاني بسبب آلام ما بعد الولادة، و حالة التعرّق و الظروف الفظيعة التي عشتها طيلة شهر كامل."
-هنيدة 33سنة : "أعمل كمستشارة في مجال الأدوية مع مخبر أجنبي، و نصحتني صديقاتي اللائي سبقنني في تجربة الإنجاب عن طريق القيصرية، لأجل الاستفادة من عطل مرضية، بعد عطلة الأمومة، لتمكنها من استغلال مضاعفات العملية الجراحية لتبرير تمديد مدة العطلة، للاهتمام برضيعي إلى غاية بلوغه سن تسمح بتركه في دور الحضانة."
-خديجة 32سنة: "أنجبت مرتين بعملية قيصرية بطلب مني، و السبب خوفي من الألم، لقد رأيت معاناة شقيقتي قبلي، فقرّرت تجنّب ذلك، و إن كانت القيصرية هي الأخرى لا تخلو من المعاناة بعد الولادة وقبل التئام الجرح، لكن أظنها أهون من آلام المخاض، و قد خططت لذلك مع الطبيبة التي تابعت حملي و لم أجد مشكلة في عيادة التوليد لأنني أعاني من ارتفاع خفيف في ضغط الدم."
-صبرة 38سنة: "أخبرني الأطباء، بأن انجابي لأول مولود لي في هذا العمر، يعد مجازفة بحياتي و حياة الصغير، لذا قررت عدم المغامرة و وجدت كل التسهيلات من قبل الطبيب المتابع لحملي بالعيادة الخاصة، رغم تأكيد الطبيب بعيادة سيدي مبروك بأن ظروف حملي عادية و تشجع على ولادة طبيعية."

 

يتراوح بين 50ألف و 80ألف دج

أطبــــاء يجــــرون حوالــــي 20قيصريــــة في اليــــوم الواحــــد

اشتكى أطباء من ضغط العمل بعيادات التوليد المتواصل على مدار السنة، كاشفين عن أرقام وصفوها بغير المعقولة، بالنظر إلى عدد الأطباء المختصين الذي لا يكف عن التقلّص بالمراكز العمومية، التي تجاوز عدد العمليات القيصرية فيها الحد المعقول، مثلما هو الحال بالنسبة لعيادة المستشفى الجامعي التي سجلت حوالي 20قيصرية في يوم واحد، خاصة في الصيف. و أشاروا إلى الظواهر غير الأخلاقية التي أفرزتها، ظروف العمل الصعبة و الضغط الذي يعيشونه و المشاكل التي يواجهونها مع أهالي النساء الحوامل، بسبب نقص الإمكانيات.
و تحدث عدد من الأطباء عن تحايل بعض القابلات على الأطباء و إعلان حالة الطوارئ لاستقدام الجراح بحجة أن الجنين في حالة معاناة، بحثا عن اختصار وقت العمل، لاسيّما خلال المناوبات الليلية، لأجل إنهاء الشغل و العودة إلى المنزل، حيث سرد أحد المختصين بأنه تفاجأ من مثل هذه التصرفات التي تحوّلت إلى شبه عادة ببعض العيادات، و ذكر واقعة حدثت معه شخصيا عندما طلبت القابلة المناوبة، مساعدته لأن الحالة تتطلب ذلك، وبعد فحصه للحامل، اكتشف بأن حالتها لا تحتاج قيصرية، و وضعه جد طبيعي، و بعد تكرّر الأمر معه، كشف حقيقة تعمّد بعض القابلات ذلك، لتقليص الجهد و ساعات العمل.
و أشار آخر إلى تعمد بعض الأطباء القيام بالقيصرية، ربحا للوقت، لأن الولادة الطبيعية تستدعي متابعة الحامل لساعات متتالية، فيما لا تستغرق القيصرية أكثر من أربعين دقيقة، يستطيع بعدها الطبيب القيام بأعمال أخرى إما الدراسة لتحضير رسائلهم العلمية أو التفرّغ لأداء أعمال أخرى.   و اعتبر البعض بأن الحالات غير المبررة للقيصرية، تسجل بشكل خاص بالعيادات الخاصة، أين يفوق عددها بكثير عدد الولادات الطبيعية، لأن الجانب التجاري يتحكم في العملية، حيث أكد الأطباء بأن سعر القيصرية في العيادات الخاصة يتراوح بين 50ألف و 80ألف دج، فيما لا تتعدى تكاليف الولادة العادية 25ألف دج. أما في العيادات العمومية فإن قرار إجراء جراحة دون سبب أو طارئ يستدعي ذلك، يعتبر هدرا للجهد، لأن الولادات العادية تخدم الطبيب أكثر، باعتباره يشرف على العملية من بعيد، عكس الجراحة التي تتطلب إشرافه شخصيا عليها.  و تحدث البعض عن تواطؤ بعض العاملين بالعيادات العمومية من أطباء وقابلات وممرضات مع العيادات الخاصة، من خلال محاولة إقناع بعض النساء الحوامل بضرورة التوجه إلى العيادات الخاصة، لأن الضغط المسجل بالعيادات العمومية، لا يسمح بإجراء القيصرية إلا للحالات الطارئة و لا مكان للقيصريات الاختيارية، مما يدفع بالراغبات في الإنجاب عن طريق الجراحة إلى  التوجه إلى القطاع الخاص الذي أكد عدد من المختصين العاملين به، بأنه من ضمن100عملية توليد، توجد حوالي 60حالة تجرى عن طريق القيصرية.

 

الدكتور محمد بوكرو رئيس لجنة الانضباط بمجلس أخلاقيات مهنة الطب لناحية قسنطينة

القيصرية الإختيارية تجاوز لأخلاقيات مهنة الطب


أكد الدكتور بوكرو مختص في أمراض النساء و التوليد و رئيس لجنة الانضباط بمجلس أخلاقيات مهنة الطب لناحية قسنطينة عدم تلقي اللجنة لأي شكاوي أو تقارير بخصوص عمليات الجراحة القيصرية، لا من قبل المواطنين و لا من الأطباء الذين أجبروا على القيام بمثل هذه العمليات في غياب الشروط أو الدواعي التي تفرض اللجوء إليها لحماية روح الأم و الجنين. و اعتبر القيام بالقيصرية الاختيارية أو تحت الطلب تجاوزا غير مقبول و تعد على أخلاقيات المهنة، مضيفا بأن أي طبيب أقسم بنص أبقراط، قبل مزاولته لهذه المهنة النبيلة، فهو مجبر على أن يتقيّد بالتعاليم الأخلاقية لهذه المهنة. و الدواعي الجراحية للقيصرية معروفة و محددة حسبه، منها ما هو مطلق و يظهر منذ البداية و لا يتغيّر مع تقدم مراحل الحمل، و منها ما هو نسبي يحتمل حدوث تحسن أو استقرار حالة الأم أو الجنين بعد أن كانت في المراحل الأولى تبدو معقدة. و عن مدى ارتفاع نسبة القيصرية بالجزائر، يرى محدثنا بأنه مقارنة مع نسبة المواليد الجدد و عدد عمليات التوليد المسجلة سنويا، تعتبر النسبة المسجلة للقيصرية في الحدود المعقولة. و بخصوص تزايد طلب الحوامل على القيصرية، قال الدكتور بوكرو بأنه على الأطباء تقديم كل المعلومات بخصوص القيصرية التي تبقى جراحة دقيقة، لا تخلو هي الأخرى من المخاطر، و الألم و المضاعفات التي لا يجب التهاون بها. مضيفا بأن النساء اللائي يطلبن القيصرية يجهلن مضاعفاتها أهمها ألم ما بعد القيصرية الخاص بالجرح و الذي قد يستمر عدة أسابيع، مما يحتم على المريضة البقاء مدة أطول في الفراش، بالإضافة لاحتمال الاصابة بالالتهابات على مستوى الجرح و كذا بطانة الرحم، ناهيك عن الحمى و النزيف و غيرها من المضاعفات الحرجة التي لو أطلعت عليها الحوامل من قبل لما تعمدت اللجوء و طلب القيصرية الاختيارية.

 

البروفيسورعلي صلاحي رئيس الأطباء بالمؤسسة الاستشفائية الأم و الطفل بسيدي مبروك بقسنطينة

تزايد حالات الحمل عالي الخطورة وراء تضاعف القيصرية


هوّن البروفيسور علي صلاحي رئيس الأطباء بالمؤسسة الاستشفائية الأم و الطفل بسيدي مبروك، واقع تضاعف العمليات القيصرية و اعتبر نسبة 30بالمائة بالمعقولة أمام تضاعف نسبة حالات الحمل عالي الخطورة و نسبة الولادات الجديدة، و قال أن تفضيل الطبيب للقيصرية على الولادة الطبيعية بالأمر المبالغ فيه على الأقل في العيادات العمومية، باعتبار أجر هذا الأخير يبقى نفسه و لا يزيد بزيادة عدد الجراحات التي يقوم بها، لذا فإن لا شيء يحفزه على القيام بالقيصرية لمشقتها. و أكد محدثنا بأن طاقمه  يجري أكثر من 200قيصرية شهريا بعيادة التوليد بسيدي مبروك، أي ما يتجاوز 2200قيصرية في السنة من مجموع 10آلاف ولادة طبيعية، و أوضح البروفيسور بأن تزايد تسجيل حالات الحمل بخطورة عالية و على رأسها ارتفاع ضغط الدم و السكري و أمراض القلب، تحتم عليهم إجراء القيصرية لأغلب الحالات، حماية لصحة الأم و الجنين معا، متوّقفا عند خطر ارتفاع ضغط الدم عند الحامل المسجل بشكل يثير القلق، مؤكدا بأنهم يستقبلون أكثر من 300حالة في السداسي الواحد، إشارة إلى حالة الضغط التي تشهدها مصلحة الحمل عالي الخطورة. و انتقد البروفيسور ظروف العمل التي يعانونها في ظل الاكتظاظ المتواصل الذي تشهده عيادات التوليد، التي تسجل حسبه ما بين 30و 40ولادة في اليوم الواحد و علّق قائلا «في الخارج يشرف فريق بنفس العدد الذي يشكله الفريق عندنا على 6عمليات في اليوم كأقصى حد، فيما نقوم نحن بجهد يساوي 70بالمائة مما يفعلون دون التحدث عن ظروف العمل «، و أضاف واصفا واقع عيادات التوليد بالكارثي، «النساء يضعن موالدهن على الطاولات، و يتقاسمن الأسرة..إنه لأمر مؤسف». و يرى البروفيسور صلاحي أن المشكلة ليست في عدد العمليات القيصرية، لأنه بتطوّر العلم تقلصت المخاطر، و إنما المشكل تبقى في الظروف غير الإنسانية و غير الصحية التي تعيشها المرأة قبل، خلال و بعد الوضع:»لا بد من تحسين ظروف الاستقبال و رفع طاقات استيعاب عيادات التوليد بما يتماشى مع واقعنا الجزائري، فعدد الولادات الجديدة تضاعف بشكل يصعب التحكم معه في المشاكل الصحية، أمام نقص عدد المختصين بسبب توّجه الأغلبية نحو العيادات الجوارية لمن يبحث عن جهد أقل و نحو العيادات الخاصة للاهثين وراء المادة».  و بخصوص تلبية الأطباء لطلبات مريضاتهم، قال بأن القيصرية ليست عملية اختيارية تأتي تحت الطلب و إنما إجراء تفرضه حالة طارئة، ملخصا أهم دواعي إجراء هذه العملية، كضيق عظام الحوض أو عدم التناسق بين رأس المولود وعظام حوض الأم،النزيف المهبلى الشديد في النصف الثانى من الحمل وأثناء الولادة، تقدم مجىء المشيمة علي المولود و حدوث نزيف خلفها، مضاعفات بعض الأمراض التي قد تؤثر علي حياة الجنين كمرض تسمم الحمل أو ارتفاع ضغط الدم أو البول السكرى وكذلك مجيء الجنين بوضع من الأوضاع غير الطبيعية مثل وضعية المقعد أو الوجه أو الجبهة أو بالحبل السرى تحت الجنين بالإضافة إلى حالات تكرار موت الجنين داخل الرحم في أي وقت أثناء الحمل السابق أو بعد الولادة مباشرة و غيرها من الحالات التي تفرض القيصرية، كحل أمان للأم و الجنين معا. و استغرب البروفيسور من إلحاح الكثير من النساء على القيصرية لتفادي آلام الولادة، لأن آلام القيصرية ليس بالهيّن حسبه، و التئام الجرح يتطلب وقتا أكبر قد يمتد إلى غاية شهر أو أكثر في حين أن آلام الولادة تنتهي ساعات محدودة بعد الولادة الطبيعية معتبرا بأن تفضيل النساء للقيصرية، ناتج عن نقص التوعية بأخطار هذه الجراحة.

 

الدكتور حمزة خنشول مختص في أمراض النساء و التوليد

عاتبني صاحب عيادة خاصة لأنني جنبت حاملا جراحة قيصرية  


يرى الدكتور حمزة خنشول بأن ارتفاع عدد العمليات القيصرية بالشكل المسجل حاليا، راجع إلى سببين هما تطوّر العلم و انتشار عيادات التوليد الخاصة، وأوضح استنادا إلى تجربته بالقطاع العام، حيث عمل طيلة خمس سنوات بالمستشفى الجامعي ابن باديس و سنتين بعيادة التوليد بمدينة عين بيضاء( أم البواقي) بأن الأمور مختلفة جدا بين العمومي و الخاص، مؤكدا بأن الأطباء في القطاع العمومي يتقيّدون بالعلم عموما، و لا يجرون العمليات القيصرية إلا عندما يقتضي الأمر التدخل الجراحي و من تلك الحالات ما يعرف بالقيصرية المبرمجة و التي تخص حالات محددة، ككبر حجم الجنين و ضيق حوض الأم،تسمم الحمل، ارتفاع ضغط الدم إلى درجات عالية تهدد صحة الأم، تسجيل نزيف دموي بسبب تمزق المشيمة أو أطرافها، وضعية الجنين غير العاديةعندما يتقدم الحبل السري رأس الجنين أثناء خروجه من الحوض، مما يجعل هناك خطرا على الجنين بسبب إمكانية التفاف الحبل السري حول عنقه واختناقه...و غيرها من المؤشرات التي تحتم اللجوء إلى القيصرية، غير أن الأمر يختلف في العيادات الخاصة أين تدخل عوامل أخرى، منها شخصية الطبيب و اختيار الزوجان و الجانب التجاري الذي يطغى على الجانب العلمي. و أسر انطلاقا من تجربته المهنية الخاصة، كيف أنه اندهش في بداية مشواره المهني من الممارسات المسجلة في القطاع الخاص و التي لم يتعوّد عليها بالقطاع العمومي، كعدم الانصياع لطلب الحوامل أو طبيبها بإجراء القيصرية ما لم يقتضي الأمر ذلك، معتبرا بأن الأطباء الذين يحتكمون للعلم و الضمير لا يقومون بالقيصرية تحت الطلب، و هو ما تأسف لعدم التقيّد به بالقطاع الخاص، أين يلبي الكثير من الأطباء طلب الحوامل الراغبات في إجراء جراحة حتى لو كانوا قادرين على تجنيبها ذلك و مساعدتها على الولادة طبيعيا. و تذكر حادثة عاشها بإحدى العيادات الخاصة التي عمل بها خارج ولاية قسنطينة، أين رفض إجراء قيصرية لامرأة ، لأنه لم ير من داع لذلك، مما أثار سخط صاحب العيادة لأنه فوّت عليهم ربحا ماديا ب50ألف دج.  و انتقد نقص توعية الحوامل بالمضاعفات الخطيرة المحتملة، خلال و بعد القيصرية، معلقا: “من الواجب الأخلاقي، إطلاع الحوامل على مخاطر القيصرية و ليس الاكتفاء بتعداد مزاياها مثلما يفعل الكثيرون».و ذكر بعض المخاطر المحتملة منها المشيمة الملتصقة واستئصال الرحم،و التي قد تؤدي إلى الوفاة، بالإضافة إلى خطر النزيف، و التهاب بطانة الرحم..و غيرها من المضاعفات التي تهدد حياة الام و الجنين معا.  و اعترف بأنه، و بسبب إلحاح الحوامل لإجراء القيصرية، أصبح يلبي طلب الحالات التي تدخل ضمن الفئة الاختيارية التي يحتمل استقرار حالتهن ساعات قبل موعد الوضع، لتأكده من توجهن نحو أطباء آخرين لتجسيد القيصرية، إن هو رفض إجراءها لهن، مؤكدا بأن حوالي 60بالمائة من الحوامل اليوم يطلبن الولادة القيصرية، لأسباب عديدة أهمها الرغبة في التخلص من ألام الولادة الطبيعية، الخوف من فقدان الطفل لاسيما بالنسبة للأمهات اللائي لأنجبن في سن متأخر، و هناك اعتبارات أخرى. و أشار محدثنا إلى تزايد الحمل عالي الخطورة، المصاحب بمضاعفات يفضل الطبيب النسائي إخضاع مريضاته إلى القيصرية، خوفا من أي طارئ. كما تحدث عن الحمل المتعدد الذي تضاعف مع تطور تقنيات المساعدة على الإنجاب وأطفال الأنابيب و هي الحالات التي يفضل فيها الاعتماد على الجراحة القيصرية.

الرجوع إلى الأعلى