يخوض الجيش الوطني الشعبي حربا خفية ضد عصابات إفريقية مسلّحة و مجهّزة بأحدث المعدات التقنية، بغرض البحث عن الذهب في الجنوب الجزائري المترامي الأطراف، و الذي يشكل حسب الخبراء واحدا من أكبر مناجم المعدن النفيس في العالم ، و هو ما يجعل بلدنا مطمعا للباحثين عن الربح السهل.
مقاومة هذه الكيانات في الحقيقة اندلعت منذ سنوات طويلة، و لكنها أصبحت معركة جدية أمام جشع العصابات التي انتظمت في مجموعات مسلحة بالسلاح الحربي و مزودة بخرائط سرية و أجهزة متطورة للتنقيب عن مناجم الذهب و المعادن النفيسة و استخراجها بعدة مناطق في صحراء الهقار الكبير و ضواحيه و التي يسهل دخولها و خروجها من أبواب متعددة، و الاختلاط بالسكان الأصليين المنتشرين على طول الحدود مع الدول المجاورة.
و بالعودة إلى الحصيلة المسجلة على مدار السنتين الأخيرتين، أوقفت مختلف مصالح الجيش أزيد من ثلاثة آلاف منقب عن المعادن النفيسة بجنوبنا الكبير، و اتضح أن هؤلاء من جنسية جزائرية و أغلبهم من جنسيات إفريقية متعددة كالسودانيين و التشاديين و النيجيريين الذين يسيرون على خطى المهربين و الارهابيين و المتاجرين بالأسلحة و المخدرات، إلى درجة أنه أصبح من الصعب التفريق بين طبيعة هذه العصابات التي تمرّست على الطبيعة الصحراوية و تكيّفت معها باستعمال العتاد المتطور و الذي يتلاءم مع الصحراء.
و بالتالي لا يستبعد الكثير من المراقبين لنشاط عصابات الجريمة المنظمة العابرة للقارات و المعروفة باتجارها في الأسلحة و المخدرات، أن تكون سندا قويا و معينا لعصابات التنقيب عن المعادن النفيسة ، بعدما أقامت علاقة تعاون وطيدة مع الجماعات الارهابية التي تبحث دوما عن مصادر تمويل أخرى في ظل الحصار الدولي المتزايد عليها و غلق منابع التمويل التقليدية.
و لذلك تبدو معركة الجيش الوطني الشعبي طويلة الأمد ضد هذه العصابات الجشعة التي تريد بلوغ قاع الأهقار، و يتطلب مواجهتها العمل على عدة جبهات في آن واحد. فالرهاب لم يعد وحده يشكل تهديدا جادا للتراب الوطني في الجنوب، بل أن الهجرات المتتالية و صعود القوافل من الباحثين عن حياة أفضل و انخراطهم وسط عصابات الجريمة المنظمة، أصبحت هي الأخرى مصدر قلق كبير في الجنوب، بحكم أن هذه الكتل البشرية المتحركة تبحث عن مناطق آمنة للعيش و تريد الاستقرار بها، و بالتالي التأثير على التركيبة السكانية للمحليين.
الحرب الأخرى للجيش المرابط في الجنوب على مدار السنة و على الحدود مع أكثر من خمس دول إفريقية هشة، تقتضي المزيد من الحيطة والحذر و بلوغ مرحلة الجاهزية القصوى لدرء الخطر، و الأكثر من ذلك القيام بعمل استيباقي و وقائي كما تتطلع إليه دائما قيادة أركان الجيش الوطني الشعبي و التي تتزود دوريا بنصائح و تعليمات رئيس الجمهورية وزير الدفاع الوطني القائد الأعلى للقوات المسلحة.
و يولي رئيس الجمهورية منذ سنوات طويلة اهتماما خاصا بأمن الجنوب الكبير، و قد كانت الإجراءات الوقائية المتخذة في الميدان سدّا منيعا في وجه عصابات الإتجار بالأسلحة الحربية المهربة من ليبيا و التي يراد لها أن تشعل المنطقة بأكملها.
الجيش الذي يقود معركته الجنوبية المفتوحة ضد الإرهابيين و المهربين و تجار المخدرات و الأسلحة و المنقبين عن الذهب، و هو مزود بالصبر و العزيمة كما عهدناه في الدفاع دوما عن الوحدة الترابية للجزائر، ينتظر من الشعب الجزائري بكامل فئاته الإجتماعية مؤازرته و الوقوف إلى جانبه في مهمة تأمين البلاد من الأعداء المتربصين من كل مكان، وهي مهمة نبيلة تشرّف الأفراد المنتسبين لمؤسسة الجيش التي تدافع عن الجزائر في صمت دون أن تنتظر جزاء أو شكورا.
النصر 

الرجوع إلى الأعلى