اتهمت وزيرة التربية الوطنية أحزابا بمحاولة تسييس المدرسة واستخدام مكونات الهوية كحطب للحملة الانتخابية القادمة، بن غبريط كانت ترد على  منتقديها الذين يتحدثون عن محاولة «تغريب» المدرسة ويقومون بطرح  إصلاحات بديلة في وسائل الإعلام التي انقسمت بدورها  بين تأييد الإصلاحات التي اقترحتها الوزارة وانتقادها وفي كل مرة يتم استدعاء الهوية إلى ساحة النقاش. مناهضو الإصلاحات «يتخوفون» مما يسمونه فرنسة التعليم  واستهداف التربية الإسلامية، في وقت يدفع المدافعون عن الإصلاحات في الصحف بأطروحات مفادها أن نظام التعليم الحالي يُنبت التطرف والتخلّف.
ورغم تدخل الوزير الأول وتأكيده بأن العربية ستبقى لغة التعليم في الجزائر ونفيه إلغاء التربية الإسلامية من امتحانات البكالوريا إلا أن الجدل تواصل عشية الدخول المدرسي بشكل يوحي أن النقاش حول التعليم  يتجاوز المدرسة إلى مسائل أخرى مرتبطة بتجاذبات سياسية حول مشروع المجتمع الذي يريده الجزائريون.
ويسود إجماع على أن نظام التعليم في حاجة إلى إصلاح بسبب تراجع  مستوى التكوين رغم الاعتمادات الضخمة التي ترصدها الدولة لهذا القطاع، لكن تحريف النقاش و الاستغلال السياسي وشخصنة مسألة هي قضية المجموعة الوطنية ككل أصبح السمة البارزة في كل حديث عن الملف، في وقت كان يفترض أن يكون المتدخلون من المختصين الذين يمتلكون أدوات المعاينة والتشخيص ويمتلكون القدرة على الاقتراح، عوض الكلام العام  أو ربط التعليم بالمسائل الدينية التي تجذب  هواة الجدل.
بن غبريط استغربت تداول معلومات غير صحيحة في وسائل الإعلام، والأمر هنا يتعلّق بمصداقية لا يجتهد إعلاميون في الحرص عليها و أيضا بمشاكل في الاتصال المؤسساتي الذي يجعل، مثلا، من شركاء اجتماعيين مصادر رئيسية للمعلومة التي قد يجري تأويلها أو تحويرها عن قصد أو عن غير قصد ما يتطلب من الصحافة الحذر في نقل المعلومات والتحري فيها ومن السلطات العمومية وضعها في متناول المواطن في الوقت المناسب حتى لا تضطر إلى نفي الشائعات بعد ذلك.
الوزيرة وجهت رسالة أخرى مفادها أن الإصلاحات التي عرضتها على الحكومة كانت ثمرة مشاورات مع النقابات  وكشفت عن إعادة صياغتها وتدعيمها  بالملاحظات قبل عرضها على مجلس الوزراء الذي سيحسم فيها، وهو ما يعني أن الاصلاحات ليست مشروع شخصي أو سري كما يثار في وسائل الإعلام  وأن الأمر يتعلق ببرنامج الحكومة الذي يجري تنفيذه.
ومن شأن هذه التوضيحات أن تخفف من وتيرة الجدل  قبل الدخول المدرسي الجديد وسيكون الطامحون لخوض الاستحقاقات القادمة في حاجة إلى البحث عن حطب للحملة، وسيفيد ذلك المدرسة التي تحتاج إلى نقاش آخر، سواء في تحديث البرامج أو المناهج بالاحتكام إلى العلوم والدراسات الميدانية التي تكشف عن أسباب التدهور، والتجارب العالمية في هذا المجال معروفة ومتاحة لأهل الاختصاص، لأن بناء المستقبل يبدأ من المدرسة التي تحتاج في كل مرة للتطوير والاستثمار الحقيقي سيكون بترقية الإنسان الجزائري بتمكينه من المعارف التي تجعله مفيدا لمجتمعه وللإنسانية وليس بجدل عقيم  حول مكونات الهوية التي بات كثيرون ينظرون إليها كقطع لباس تُلبس وتُخلع.
النصر

الرجوع إلى الأعلى