يرى أساتذة ومختصون جامعيون، بأن الرياضة في الجامعة الجزائرية تعرف عزوفا من طرف الطلبة وتراجعا في تواجدها على مستوى النخبة الوطنية بعد أن كانت خلال سنوات مضت، مصدرا وخزانا لمختلف الطاقات التنافسية، التي رفعت علم الجزائر عاليا في مختلف التجمعات الإقليمية وحتى العالمية، لكنهم يرفضون تحميل الجامعة لوحدها مسؤولية تدني مستوى الرياضيين بها، ويلقون بالمسؤولية أيضا على المجتمع المدني والأولياء خاصة. النصر اقتربت من الأساتذة ومدراء جامعات ومعاهد رياضية وحتى مشرفين على النشاطات الرياضية بالجامعة، واستطلعت آرائهم حول أسباب عزوف الطلبة عن ممارسة الرياضة وتراجع مستوى تمثيلهم على مستوى النخبة الرياضية، وكذا العوامل التي من شأنها أن ترفع من مستوى الرياضة الجامعية.
رصدها : لقمـان/ق
رئيس جامعة قسنطينة 02 لطرش محمد الهادي
انغلاق الطالب على نفسه خلال الأزمة الأمنية وراء تراجع الرياضة الجامعية
قال رئيس الندوة الجهوية للجامعات وعميد جامعة عبد الحميد مهري بقسنطينة لطرش محمد الهادي، بأن الأزمة الأمنية التي عاشتها الجزائر في سنوات التسعينيات من القرن الماضي، تسببت  في تراجع النشاط الرياضي بالجامعة.
وذكر البروفيسور لطرش للنصر، بأن سنوات التسعينيات وما تخللتها من أزمات دفعت  بالطالب إلى الإنغلاق على نفسه، حيث طغى الإهتمام بالجانب الأمني على حساب باقي النشاطات، بعد أن أصبح الجميع يركن داخل الغرف مبكرا، كما أوضح بأن هذه الفترة  عرفت تغلب الجانب البيداغوجي على النشاط المفتوح وتنقل الطلبة من مكان إلى آخر ، ما أدى بحسبه  إلى حدوث قطيعة بين الجانب البيداغوجي والرياضي، خاصة بعد توقف الفيدارلية الجزائرية للرياضة الجامعية والمدرسية عن النشاط، بعد سنوات من العطاء والتميز، على حد قوله.وأضاف رئس جامعة عبد الحميد مهري، بأن  الوزارة وفي إطار الندوة الوطنية لتقييم نظام الالمدي، خصصت ورشة للحياة الجامعية بمختلف أبعادها ونشاطاتها الثقافية والرياضية، حيث تم رسم خريطة طريق لإعادة بعث الرياضة بالجامعات وجعلها اكثر ازدهارا في هذا المجال، من خلال تحسين المحيط المعيشي للطالب و إثراء النشاطات الثقافية  والرياضية، وكذا تنظيم لقاءات جهوية لمعرفة أسباب العزوف الحقيقية ومعالجتها.ويرى البرفيسور لطرش، بأن الجامعة تمتلك طاقة بشرية هائلة تتكون من مليون و600 ألف طالب، تمكنها من تكوين فيدراليات ونواد في جميع التخصصات الرياضية، كما أكد على ضرورة تغيير الذهنيات والثقافات السائدة لدى الطلبة، وإخراج الجامعة من جو السبات إلى الحياة والنخبة الرياضية، على غرار ما كان عليه في السنوات السابقة، حيث أشار إلى أنه وخلال فترة دراسته بالمدرسة العليا للعلوم التقنية بالعاصمة، كان ينشط بفريق لكرة السلة الجامعية في القسم الوطني الثاني. ولفت المتحدث، بأنه وفي إطار تطوير الرياضة الجامعية، يتم ومنذ  سنتين تنظيم على مستوى الجامعات والمعاهد بولاية قسنطينة، سباق للمارطون في يوم الطالب ، حيث أن الهدف من هذا النشاط مستقبلا،  هو توسيع اللقاء ما بين الجامعيين على المستوى الوطني وحتى المتوسطي والعربي، من أجل تحسين صورة الجامعة الجزائرية.وأشار لطرش، إلى أن النهوض بالرياضة الجامعية، لن يكون إلا بالاهتمام بالطالب وعدم تركه يعيش الحياة الجامعية بمفرده، حيث لابد لإدارة الجامعة والخدمات بأن تمسك بزمام المبادرة وتتحمل مسؤوليتها، من خلال برمجة نشاطات ودورات رياضية، مع توفير كافة الإمكانيات. 

بليفة بومدين مدير تحسين إطار الطلبة وتنشيط الوسط الجامعي بوزارة التعليم العالي
قانون إنشاء الجمعيات الرياضية عرقل تواجد الجامعيين على مستوى النخبة
يرى مدير  تحسين حياة الطلبة وتنشيط الوسط الجامعي بوزارة التعليم العالي بليفة بومدين، بأن الرياضة الجامعية تراجعت بعد تدني مستواها في المجتمع ككل، كما ذكر بأن قانون إنشاء الجمعيات الرياضية عرقل وجود طلبة جامعيين على مستوى النخبة.
وذكر بليفة محمد، بأن الجامعة هي مرآة المجتمع والجميع يعلم بحسبه بأن الممارسة الرياضية تدنت على مستوى المجتمع ككل، كما اكد   بان عدم ممارسة  الرياضة  في الأوساط الجامعية ليس من مسؤولية الجامعة لوحدها فقط، بل يتحملها أيضا المجتمع المدني و جمعيات الأحياء وكذا الأسرة ،  حيث أن دور الجامعة هو  توفير الإمكانيات للطالب لممارسة مواهبه  الرياضية ، لكن إذا لم يكن يمارس الرياضة في الأساس فمن الصعب ، أن تحوله الجامعة إلى لاعب نخبة، بحسب قوله.
وأكد المتحدث بأن الوزارة سطرت برنامجا على المدى القريب،  لتفعيل ممارسة الرياضة على مستوى كل المؤسسات الجامعية، حيث سيتم إنشاء نواد وملتقيات جهوية تجمع جميع المشرفين على مختلف المستويات حتى يتحمل كل مسؤوليته من اجل  إعادة تنشيط هذا المجال، حتى يتحقق ما أسماه بالتجانس ما بين الفكر والجسد لبلوغ نتائج أكبر على المستوى البيداغوجي.
وأكد المتحدث بأن الوزراة تسعى لحماية الطالب من التطرف والآفات الاجتماعية وملء أوقات فراغه  وتفريغ طاقة في الجانب الإيجابي، لافتا إلى أن 01 بالمائة من الطلبة الجامعيين يمارسون الرياضة، كما أنهم لا يبادرون بإنشاء نواد أو حتى فرق رياضية.
وعن غياب الرياضيين الجامعيين عن المنافسات الوطنية، أرجع محدثنا الأسباب إلى  قانون إنشاء الجمعيات الذي حرمهم من المنافسة مع الأندية الجزائرية، لكنه ذكر بان الوزارة تسعى بكل جهدها إلى إزالة كل العراقيل، حيث بدأت كمرحة أولى بتكوين الفرق وتنظيم منافسات جهوية ووطنية فيما بين الإقامات والجامعات، كما أشار إلى المجهودات الجبارة التي تبذلها الوزارة في دعم الرياضة النسوية، داعيا الطلبة إلى المبادرة والتقدم إلى الإدارة بمختلف اقتراحاتهم حتى يتم منحهم كل الوسائل الضرورية، بحسب قوله.

سلطاني نور الدين مدير فرعي النشاط الثقافي والرياضي بجامعة أم البواقي
الجانب البيداغوجي طغى على اهتمامات الطالب
يرى المدير الفرعي للنشاطات الثقافية والرياضية بجامعة أم البواقي، سلطاني نور الدين، بأن صب جل اهتمام الطالب على الجانب البيداغوجي، وكذا نقص الإمكانيات و التأطير من طرف الأساتذة ، أدى إلى عدم وجود رياضيين جامعيين على مستوى الأندية والنخبة الرياضية على الصعيد الوطني.
وأضاف مدير النشاطات الثقافية بجامعة العربي بن مهيدي، بأن التراجع يعود أيضا،  إلى  وجود نقص في التنيسق بين إدارة الجامعة ومديرة الخدمات الجامعية، حيث أن كل منهما  يعمل على حدة ولا يوجد أي تنسيق بينهما ما أثر على الطالب سلبا، لاسيما من حيث الحجم الساعي للدراسة، حيث يجد نفسه مرغما على الإهتمام بالجانب البيداغوجي، مخافة من الرسوب أو تعرضه للإقصاء، في حال مشاركته في أي نشاط رياضي.
كما لفت أيضا إلى أن فترة التكوين في النظام الحالي الألمدي،  تعتبر قصيرة نوعا ما بالنسبة  للطالب الذي يجد نفسه متخرجا دون أن يثبت قدميه في أي نشاط، خاصة بالنسبة للذين، لم تتسن لهم الفرصة إلى المرور إلى طور الماستر، لكنه أكد بأنه لوحظ في الفترة الأخيرة نوع من التحسن والإقبال على الانضمام، إلى مختلف النوادي الرياضية في الجامعة، على  سبيل المثال فإن جامعة أم البواقي نالت المرتبة الأولى وطنيا في رياضة الشطرنج، والثانية في السباحة، كما كونت فريقين لكرة السلة والقدمويرى محدثنا بان تطوير الرياضة الجامعية، لن يحدث مستقبلا إلا من خلال تخصيص حصص مسائية بمختلف المعاهد والكليات للرياضة فقط ،باعتبار أن الفرق تتكون من طلبة يدرسون في مختلف التخصصات، التي تعرف تباينا من حيث الحجم الساعي للدروس ، ما جعل القائمين على  تنظيم النشاط بحسبه في كل مرة، يطالبون الأساتذة ،  بقبول تبريرات الطلبة في حال التزامهم بتمثيل الجامعة في مسابقة رياضية، كما أكد على ضرورة تخصيص معاهد الرياضة، لنشاطات خارج المجال البيداغوجي، بالإضافة إلى تنظيم الدورات التكوينية.

الأستاذ مجيدي محمد مدير معهد النشاطات الثقافية والرياضية بجامعة ورقلة
لابد من تفعيل اتفاقيات وزارة التعليم العالي والشبيبة والرياضة
أكد الأستاذ مجيدي محمد، مدير معهد النشاطات الثقافية والرياضية بجامعة قاصدي مرباح ورقلة، بأن سبب تراجع وجود النشاط الرياضي الجامعي على مستوى النخبة، يعود إلى عدم تفعيل ومتابعة الإتفاقيات المبرمة بين وزارتي التعليم العالي والشبيبة والرياضة.
ويؤكد المتحدث، بأن الجامعة الجزائرية وفرت كل الشروط لتفعيل وتطوير النشاطات الرياضية،  لكن ذكر بأن المهم هو المتابعة  وتفعيل القوانين، حيث ذكر بأن العديد من المسؤولين لا يتابعون عملية تطبيق الإتفافيات  المبرمة فيما  بين وزارة التعليم العالي ووزارة الشباب والرياضة، التي تسعى إلى تطوير و تحسين مستوى النشاط الرياضي، وهو ما أثر بحسبه سلبا على الرياضة في الجامعات.
ويري محدثنا، بأنه لابد من تفعيل الهياكل الرياضية من طرف المسؤولين، من خلال تنظيم دورات واجتماعات دورية، كما أوضح بأن الجانب العلمي البيداغوجي وكثرة الحجم الساعي الدراسي قد أرهقا الطالب، مشددا على ضرورة تخصيص أمسيات وأيام رياضية فقط، كما أشار إلى اهمية دور الأساتذة والمؤطرين في التقرب من الطالب وإقناعه بممارسة النشاط الرياضي، باعتبار أن الطالب إذا لم يجد من يتكفل به، فمن الأكيد بحسبه  أن يتشكل لديه عزوف عن ممارسة الرياضة.ويشير محدثنا إلى النتائج التي حققتها جامعة ورقلة في النشاط الرياضي، حيث ذكر بأن غالبية طلبة  معهد الرياضة ممن يمارسون الرياضة في مختلف التخصصات ، فمثلا على سبيل المثال يقول رئيس المعهد، بأن جامعة قاصدي مرباح تأهلت لموسمين متتاليين إلى البطولة العالمية لكرة القدم.

الرجوع إلى الأعلى