مشروع إقليمي لترقية السياحة الصحية و خلق أقطاب راحة و علاج
ناقش المشاركون في الصالون الدولي للصيدلة و شبه الصيدلة و الصحة و الرفاهية، التي اختتمت فعالياته أمس بقسنطينة، مناقشة آليات تجسيد مشروع إقليمي مشترك لترقية السياحة الصحية باعتبارها أحد أهم أقطاب الصناعة السياحية في العالم.
 المشروع حسب ممثله عبد الرحمان الجامعي رئيس مؤسسة «إجيكو» التونسية لتنظيم التظاهرات التنموية في المغرب  العربي و إفريقيا، يأتي بناء على توصيات جادة هي نتاج مجموعة من اللقاءات الماراطونية بين متعاملين سياحيين و مختصين في مجال الصحة،  دعت إلى ضرورة استغلال هذا القطاع في خلق الثروة .
وسيعرف المشروع الذي يجري العمل على ضبط أهم جوانبه و دراسة آليات تفعيله، مشاركة واسعة من قبل دول افريقية و عربية بما في ذلك الجزائر و تونس، إذ يتم العمل حاليا على دراسة مناخ الاستثمار السياحي و جرد الكفاءات الطبية التي تتوفر عليها كل دولة مع تحديد الإمكانيات الصحية المتاحة و حجم الطلب و تحديد التخصصات الأكثر شيوعا و طلبا في كل منطقة من أجل وضع خارطة طريق يتم العمل على أساسها، و ذلك بالتنسيق بين وكلاء سياحيين و دكاترة و متعاملين اقتصاديين على اعتبار أن كل قطب امتياز طبي لابد و أن يتوفر على شروط الاستقبال و الاستجمام اللازمة، بما يخدم الجانب السياحي.
 و أضاف المتحدث بأن هناك أزيد من 50 ألف جزائري يزرون تونس سنويا لأغراض متعددة من بينها السياحة الطبية، لذلك فإن العمل جارٍ من أجل تحويل مدينة طبرقة الحدودية القريبة إلى مركز جذب خصوصا وأنها تعد مركزا هاما للسياحة الحموية، أما بخصوص الجزائر فهناك دراسة متخصصة لبحث آفاق تطوير هذا المجال من خلال تحديد التخصصات الطبية و ضمان توفر الخدمات المكملة، الأمر الذي من شأنه النهوض بقطاع السياحة في الجزائر، الذي لا يزال متأخرا كما قال،  بسبب غياب صناعة سياحية تتماشى مع طبيعة المجتمع الجزائري.
 بدوره أضاف الدكتور  مراد عدالة باحث و مؤسس جمعية الجراحية الأيضية « السكر و الدم و البدانة» بتونس،  بأن آفاق الشراكة الطبية مع الجزائر جد واعدة، بالنظر لوجود أوجه تلاقٍ كثيرة و تقارب في الإشكاليات الصحية و حتى الاقتصادية ، وهو ما من شأنه أن يدفع بالتعاون إلى الأمام و ترقيته أكثر، خصوصا في مجالات جراحة القلب و الشرايين و الأورام الخبيثة و الأعصاب و كذا التدخل الإشعاعي و الجراحة المتقدمة المنظارية، وهي كلها مجالات يشكل البلدان أقطاب امتياز فيها و سبق لممارسي الصحة من الطرفين أن تعاونوا في علاج حالات عديدة مشتركة.
 و أضاف الدكتور عدالة أخصائي جراحة السمنة، بأن بلاده تعد مرجعية دولية في مجال جراحة السمنة  و الجراحة المتقدمة المنظارية، إذ تستقبل سنويا عددا معتبرا من المرضى من أوروبا و إفريقيا و بالأخص الجزائر ليبيا ، إذ يقدر عدد الجزائريين الذين يقصدون تونس شهريا من أجل جراحة السمنة 30 مريضا تقريبا.
 وحسب المختص فإن الحالات الأكثر شيوعا هي تلك المتعلقة بالجراحة المتقدمة المنظارية و تصغير أو تكميم المعدة أو تحويل المسار، فضلا عن الحالات التي يواجه فيها مريض السمنة مضاعفات خطيرة كالسكري و ضغط الدم و أمراض الجهاز التنفسي.
 تجدر الإشارة، إلى أن الصالون الدولي الذي انطلقت فعالياته الخميس المنصرم و اختتمت أمس،  سجل مشاركة واسعة من قبل متعاملين صيدلانيين و شبه صيدلانيين بالإضافة إلى مؤسسات و مخابر ناشطة في مجالات الصحة و الرفاهية بما في ذلك مخابر مواد التجميل و المكملات الغذائية و غيرها ، و قد عرفت أروقة المعرض الذي احتضن فعالياته فندق ماريوت، عرض منتجات عالية الجودة  كجهاز التسجيل الآلي لقسائم الأدوية « فينيات»، الذي أكد منتجه صاحب مؤسسة سيرتا اوفيسين للأجهزة الطبية، الذكية بأنه يعد طفرة في المجال الصيدلاني و نقلة نوعية في مجال التجهيزات الطبية و الشبه صيدلانية.               
نور الهدى طابي

رئيس الاتحاد الوطني للمتعاملين الصيادلة عبد الوحيد كرار
الأزمة الاقتصادية قد تؤثر على سوق الدواء و الحلّ في تحفيز الإنتاج الوطني
طالب رئيس الاتحاد الوطني للمتعاملين في الصيدلة عبد الوحيد كرار،أمس السبت، الحكومة بفتح باب الحوار مع المنتجين الوطنيين للدواء، من أجل وضع آليات ناجعة لمواجهة تأثيرات الأزمة الاقتصادية على مستقبل سوق الأدوية بالجزائر، مشيرا إلى ضرورة التعامل بجدية أكبر مع معطيات الواقع، خصوصا في ظل تنامي الطلب و تراجع قيمة الدينار.
وأوضح الدكتور عبد الوحيد كرار  في مداخلته خلال الصالون الدولي للصيدلة و شبه الصيدلة و الصحة و الرفاه، الذي اختتمت فعالياته أمس بقسنطينة، بأن الجزائريين تمتعوا خلال السنوات الماضية بظروف علاجية حسنة، في ظل توفر العلاج و وجود نظام ضمان اجتماعي جيد، لكن الوضع قد يختلف الآن، بالنظر إلى المؤشرات المالية الناتجة عن الأزمة الاقتصادية و تراجع سعر برميل النفط، وهو ما من شأنه التأثير بشكل مباشر على سوق الأدوية و المواد الصيدلانية عموما، في حال انخفض سعر الدينار إلى مستويات أدنى،  ما سينعكس بصورة أو بأخرى، على سعر الأدوية المستوردة ذات التكلفة العالية كأدوية السرطان مثلا.
 و قدم المختص قراءة تفصيلية عن واقع سوق الدواء في الجزائر، أشار من خلالها إلى الفترة ما بين سنتي 2014 و 2015 التي عرفت تسجيل نمو في الإنتاج قدر بـ 0.4 بالمائة، بالمقابل عرفت فاتورة الاستيراد انخفاضا قدر بـ 22.7 بالمائة،  مع التوضيح بأن سنة 2014 كانت بمثابة مرحلة تحول إيجابية بالنسبة لسوق الدواء، مقارنة بالسنوات الماضية و تحديدا سنة 2011، مرجعا هذا التحسن إلى الإجراءات التي اتخذتها الدولة بخصوص التسعيرات المرجعية و مراجعة أسعار الأدوية مع المخابر العالمية، وهو ما ساهم بالمقابل في خفض تكاليف هذا القطاع الاقتصادي الهام.
و  يعتبر التحكم في الأسعار و تحديد معالم  مستقبل السوق،  و بالتالي قدرة المرضى على الاستفادة من الأدوية، في ظل الظروف المالية و الاقتصادية الراهنة و تلك المتوقعة، مسؤولية مشتركة بين الجهات المسؤولة و المتعاملين الصيادلة ، على اختلاف مستوياتهم و تخصصاتهم، موضحا بأن المعطيات  تشير إلى أن حجم الواردات من المنتجات الصيدلانية، بلغت خلال التسعة أشهر الأولى من 2016 حدود  35.08 مليار دج، مشيرا إلى أن هذا الانخفاض تزامن مع نمو مشجع في الإنتاج الوطني قدر بحوالي 17 بالمائة خلال الثماني سنوات الأخيرة، إذ ارتفعت نسبة تغطية السوق المحلية من 13 بالمائة إلى 41 بالمائة.
 لكن تبقى هناك مجموعة من المؤشرات تنبئ بأن السنة القادمة ستكون صعبة على الجزائر، خصوصا في ظل النمو الديموغرافي المطرد بمعدل 800 ألف إلى مليون ولادة سنويا، و الانتقال من أمراض إلى أخرى، بمعنى أن الجزائر كانت في سنوات ماضية في مواجهة نوع معين من الأمراض كالسل وغيره، أما اليوم فالتحدي أمام الأمراض الغربية، كما يطلق عليها، و هي السكري و أمراض القلب و الشرايين و حتى الأمراض العصبية و أمراض الغدد.
كما أن انخفاض سعر الدينار مستقبلا، سيرفع أسعار الأدوية، و بالأخص الأدوية البيوتكنولوجية وهو ما سيشكل عبئا ماليا كبيرا و تحديا، بالنسبة للمخطط الوطني لمكافحة السرطان، مع ارتفاع عدد الإصابات و السعي للاستعانة بالأدوية الجديدة التي يتوقع أن تضاعف فاتورة التكفل المقدرة بحوالي 48 مليار دج.
كما أشار كرار إلى أن أرقام وزارة الصحة تتحدث عن توفير ما يعادل 200 مليون دولار من ميزانية الاستيراد، أي أن الجزائر استطاعت تقليص الفاتورة بفضل الإنتاج المحلي، وهو مكسب يتطلب الحفاظ عليه، العمل على تفعيل برنامج تشجيع المتعاملين المحليين، وذلك لن يتحقق إلا بترشيد عملية الاستيراد و تسجيل المتعاملين الأجانب، أو مطالبتهم بالاستثمار في الداخل أو تعيين ممثلين عنهم، لتجنب الندرة و توفير شرط المسؤولية في حال تسجيل حوادث بسبب الأدوية.
و يعد التعجيل في ضبط القوانين التنفيذية المنظمة لقانون الصحة الجديد ضروريا، لتدارك الوقت و التكفل المطلق بإشكالية المنتج منتهي الصلاحية، كما أن تخفيف أعباء تسجيل المنتجات الجديدة، من شأنه أن يساهم في تخفيض أسعار الأدوية و فتح مجالات أوسع للاستثمار في صناعة الأدوية النادرة، كأدوية علاج السرطان و الأدوية البيوتكنولوجية و الهرمونية.  
ودعا رئيس اتحاد المتعالمين في الصيدلة، الدولة إلى التعامل بالدينار خلال عملية تسجيل الأدوية، سواء محلية الصنع أو المستوردة، لحماية العملة و تخفيف الأعباء على المتعاملين، إضافة إلى تأطير عملية الاستيراد و ضبط قائمة للأدوية الأقل وفرة، و تحديد الجهات المعنية باستيرادها، فضلا عن إجراء إحصائيات دقيقة وشاملة حول واقع الصحة العمومية في الجزائر، تأخذ بعين الاعتبار فئات المرضى و أعدادهم، نسب الإصابة و نوعية الأدوية المنتجة محليا و تلك المستوردة، لضمان رؤية استشرافية تسمح بوضع مخطط صريح يسمح لنا، كما قال، بالتعامل مع الشركات المتعددة الجنسيات التي تتحكم في سوق الدواء العالمي و تجنّب تأثيرات الأزمة الاقتصادية.
 نور الهدى طابي

الرجوع إلى الأعلى