خصومات افتراضية تتحول إلى عداوات واقعية بين الفايسبوكيين
يبدو أن شبكات التواصل الاجتماعي، تحولت من فضاء للتواصل و تبادل الأفكار والمعلومات والخبرات و التعارف، إلى فضاء ينتج عداوات وخصومات افتراضية قد تنتقل أحيانا إلى الواقع، و السبب قد يكون عدم قبول طلب صداقة أو حذف صديق أو غيرها من الخدمات التي يوفرها هذا الفضاء، و وقوفا عند بعض الحالات جمعتنا لقاءات مع بعض الفايسبوكيين الذين تعرضوا إلى مثل هذه المواقف.
يقول السيد رضوان أنه استيقظ مؤخرا على وقع طرق باب شقته، وعندما فتحه وجد جاره أمامه، اعتقد رضوان أن جاره بحاجة إلى مساعدة، فبادر بالسؤال عن سبب طرقه الباب في الصباح الباكر، ليتفاجأ بأن هذا الجار جاء ليلومه لأنه حذفه من صفحته في  الفايسبوك وجمد  اتصالاته به، كاد السيد رضوان أن يضرب جاره من شدة الغضب، لكنه اكتفى بغلق باب بيته و هو مندهش من غرابة أطوار الجار.
ولم تكن حادثة رضوان أقل غرابة من حادثة السيدة فتيحة التي التزمت في صفحتها الفايسبوكية بقبول دعوات المقربين من زملائها وأهلها، ورفض كل دعوة افتراضية لا تعرف صاحبها، ولكن لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد وجدت نفسها منبوذة ومقاطعة من طرف العديد من زملاء العمل الذين لا تربطها بهم أصلا صلة وثيقة، و  بينت المتحدثة للنصر، أنها تقبل مقاطعتهم على أن تتحول صفحتها لحلبة صراع و نميمة و» سب و شتم و «تمنشير» على حد تعبيرها، مؤكدة أنها حرة في اختيار أصدقائها، سواء الواقعيين أو الافتراضيين.
نفس الواقع يعيشه كمال الذي يؤكد أن لديه أكثر من 3 آلاف صديق افتراضي، لكن في تعامله اليومي لا يتحدث سوى مع 5 أو 6 أصدقاء، وهم عموما من أصدقائه المقربين في الواقع الذين يشاطرونه نفس الأفكار والتوجهات، موضحا أنه ذات يوم قرر حذف كل الذين لا يتعامل معهم، ليتفاجأ في اليوم الموالي بوابل من السب والشتم وعبارات الاستياء من العديد من المحذوفين الذين وصفوه بكل الأوصاف القبيحة ولم يتمالك نفسه أمام هذه السلوكات وأغلق حسابه في الفضاء الأزرق و ظل غائبا عنه عدة أشهر، ثم عاد إليه بقائمة جديدة و محددة من الأصدقاء.
أما السيدة كريمة فلم تفلح في تجنب هؤلاء الأصدقاء الافتراضيين الذين لا تقبل دعواتهم للصداقة أو الذين حذفتهم، فكلما تغلق حسابا و تعيد فتح آخر، إلا ويعودون إلى مشاكستها ومعاتبتها افتراضيا، ورغم تغيير الحساب لعدة مرات، إلا أنها أصبحت تنشر يوميا في الصفحة الجديدة، إعلانات توضح فيها أنها لا تقبل الصداقات إلا التي تعرف أصحابها، لكن المشكل بالنسبة إليها لا يزال قائما، مضيفة أنها لولا حاجتها لهذا الفضاء من أجل تسيير أعمالها، لغادرته نهائيا بسبب المضايقات من أناس لا تعرفهم أساسا.
من جانب آخر، هناك فايسبوكيون ينتظرون من أصدقائهم الافتراضيين أن يكونوا إلى جانبهم و يساندونهم، خاصة في فترة تعرضهم لمشاكل عائلية أو مهنية، ومنهم السيد عبد الوهاب الذي لديه  مجموعة كبيرة من الأصدقاء الافتراضيين والأغلبية لا يعرفهم، و كلما تعرض إلى مشكلة ونشرها على صفحته، يظل ينتظر رسائل الدعم والمؤازرة من آلاف الأصدقاء الذين لا يتفاعل منهم معه سوى 10 أو أقل،و أغلبهم من أهله أو زملاء المهنة، عندئذ يتحول إلى شخص عدواني فايسبوكيا، و يبدأ في إطلاق عبارات السب والشتم على هؤلاء الأصدقاء الافتراضيين الذين لا يتفاعلون معه. هذه نماذج بسيطة عن سير العلاقات الافتراضية في الفضاء الأزرق، الذي يعتبره الكثيرون متنفسا لمكبوتاتهم وهمومهم و مشاكلهم النفسية و الاجتماعية، فيعتدون افتراضيا على أناس لا علاقة لهم بما يعانونه، فيصنعون أعداء افتراضيين، قد يؤثرون على حياتهم الواقعية.
هوارية ب

الرجوع إلى الأعلى