الجزائري لم يعد يهتم بتحف الديكور بل بالقطع المستعملة يوميا
 أكد الحرفي الفنان حميد هبري أن الإقبال على الأواني الخاصة بتقديم الحلويات و الأطباق التقليدية في الأعراس، أكثر بكثير من قطع الديكور المنزلية، حيث أصبحت الأواني التي تصنع بطريقة فنية مبتكرة، جزءا من تحضيرات العائلات الجزائرية للمناسبات، فتطلب ربات البيوت منه مجموعة من مختلف قطع الأواني بتصميم خاص و شكل متفرد، و تشترطن ألا يكون قد جسد من قبل مجموعة مشابهة، ليتباهين بها في الأعراس و الأفراح المختلفة.
حميد هبري قال للنصر، بأنه و في ظل كثرة الطلب على الأواني ـ التحف، أصبح يهتم  بصنعها و تطويرها وعصرنتها، حيث يتفنن في صنع تشكيلات لتقديم الحلويات و الأطباق التقليدية في الأعراس و المناسبات العائلية المختلفة، بزخارف مختلفة تتنوع بين التقليدي و العصري،  حسب ذوق الزبائن و معظمهن سيدات  تشترطن الانفراد بالأشكال و التصاميم و الزخارف، لتكون مجموعاتهن فريدة من نوعها لم يسبق لأحد استعمالها، موضحا بأنه و مع انخفاض القدرة الشرائية للمواطن، لم يعد يركز كثيرا على قطع الديكور التي أصبحت لا تلقى إقبالا كبيرا، حسبه، بقدر ما يهتم بالأشياء و الأغراض المستعملة في الحياة اليومية، من أوان و مصابيح، و كذا شمعدان الأفراح، و أشار بأنه يقوم أيضا بزخرفة جدران المنازل في وقت الفراغ، كما يصنع هدايا نهاية السنة، بناء على طلبيات بعض المؤسسات و الوزارات.
ابن الجزائر العاصمة بين بأنه كان ولوعا بالرسم منذ صغره، حيث كان يبدع في رسم كل ما تقع عينه عليه و ما يتخيله، و طور موهبته بعد أن أصبح شابا، بالرسم على مختلف المواد كالزجاج و الحطب، ليقرر بعد ذلك صقل موهبته و التخصص في الخزف الفني، فتابع تكوينا في مركز للتكوين المهني.
 و اختار الخزف الفني ، كما قال، لأنه فن دائم التطور و يجمع بين الرسم و الديكور الذي يعشقه،  و بعد أن تحصل على ديبلوم تمرن في عديد الورشات، إلى أن أنشأ ورشة خاصة به بعد حصوله على قرض مصغر ، ثم أصبح أستاذا في مركز للتكوين المهني بالعاصمة .
حبه للرسم و الديكور  جعله يبدع في تحفه الفنية المصنوعة باحترافية عالية، و دفعه إلى التوجه لمنطقة إزنيك التركية التي تبعد عن اسطنبول بحوالي 400 كلم، و هي منطقة معروفة بفن الفسيفساء، فأراد أن يتعلم هناك تقنية تنسيق الألوان التي تشتهر بها، لكنه  تفاجأ ، كما أكد، بأن الأتراك لا يزالون يعتمدون على وسائل بسيطة جدا في العمل، كما أن المادة الأولية يصنعونها بمفردهم و الألوان يستخلصونها من الأرض و النباتات، و بالرغم من ذلك فإن تحفهم الفنية في تطور مستمر، على حد تعبيره، فحاول معرفة السر في ذلك إلا أنهم رفضوا البوح به.
وعن سبب غلاء سعر التحف الخزفية الفنية ببلادنا، قال بأن سعر المادة الأولية باهظ ، و المواد المستعملة في الخزف الفني كلها مستوردة ، كالصلصال الأبيض  المستعمل في صناعة الأواني المنزلية الذي يجلب  من إسبانيا و إيطاليا، الذي يكون خال من المواد الكيميائية المتسببة في تشقق التحف و غير قابل للغلاف الزجاجي، والذي يجب، حسبه، أن يكون مطابقا مع نوعية الطين و كذا الألوان، كما أن سعره يبلغ 9 آلاف دينار لكيس يزن  25 كلغ، و يكون على شكل مسحوق «بودرة»، و يقوم بتحضيره بإضافة الماء ليحصل على تحفة ملساء و لامعة، كما أن الألوان غالية ، خاصة اللون الأحمر الذي يبلغ سعر كمية قليلة منه 12 ألف دينار، و يباع أيضا على شكل مسحوق. و أضاف الحرفي بأن الصلصال الموجود في السوق الجزائرية غير صالح لهذا النوع من الخزف، لأن لونه يصبح أصفر، إذ يصلح فقط للأواني الفخارية.
أستلهم أشكال و زخارف تحفي من صميم التراث الجزائري
 محدثنا قال بأن تحفه الفنية تعكس شخصيته و تبرزها، كما تظهر رأي  الجمهور، مشيرا إلى أنه يحب الإبداع في الألوان لأنه متخصص فيها، كما أن أغلب تحفه تمثل الجزائر و تراثها و تضاريسها و مدنها القديمة التي تعتبر وجهة له ليستوحي منها فسيفساء من الأشكال و الزخارف، خاصة بالنسبة للأواني، كالزليج الموجود في القصبة مثلا، الذي جسده في صحن و أعطاه طابعا خاصا، كما جسد الرسومات الموجودة بزربية غرداية في إحدى تحفه. و بين من جهة أخرى بأنه يعتمد كثيرا على الزخرفة النباتية، باعتبارها زخرفة عالمية نشأت بتركيا، فيعتمد على نوع معين من الأزهار كمنطلق للشكل الذي سيصممه على تحفه، كما أن بعض الأشكال يستلهمها من الألبسة أو وشم الحناء.
الفنان الشاب هبري حميد، لا يعتمد فقط على التراث المادي للبلاد، في حرفته الفنية و إنما يسعى دائما إلى تطويرها و تنويعها، حيث يستوحي الألوان و كيفية تنسيقها و مزجها و كذا الأشكال من دول أجنبية،  من خلال التعاون مع أصدقائه المختصين أيضا في هذا المجال، من الأرجنتين و البرتغال و الصين، حيث يتبادلون في ما بينهم الخبرات و التجارب و كل ما هو جديد في نشاطهم.
كما أنه دائم البحث في شبكة الإنترنيت على خبايا تراث بلدان أخرى و كل المستجدات في مجال الخزف، لأنه كما أكد، يطمح دوما إلى تقديم كل ما هو جديد يواكب التطور الحاصل في كافة المجالات، و تابع» كل معرض أشارك فيه على المستوى الوطني أو الدولي، أحاول أن أقدم فيه أعمالا مختلفة عن سابقاتها و لا أكرر نفسي». مشيرا إلى أنه شارك في معارض دولية بالإمارات العربية و إيران و إسبانيا و إيطاليا، بعد أن كانت له عديد المشاركات في معارض وطنية بالعاصمة و وهران و في الفنادق و كذا السفارات و بعض الخواص، إلى جانب مشاركته مؤخرا في صالون اليد الذهبية بقسنطينة.   
أسماء بوقرن

الرجوع إلى الأعلى