تأجل طريق الهضاب والترامواي الطائر  بالعاصمة و لا زيادة في الأجور خلال السنوات المقبلة

تعتزم الحكومة في إطار قانون المالية التكميلي المزمع مناقشته قريبا من قبل مجلس الوزراء، اتخاذ جملة من الإجراءات التقشفية لمواجهة تهاوي أسعار النفط، أهمها تأجيل كافة المشاريع التي ليس لها آثار اجتماعية واقتصادية، وترشيد نفقات التسيير على المستوى المحلي، وكذا تجميد تحسين أجور مختلف القطاعات، باستثناء الصحة والتعليم.
ونقل الخبير الاقتصادي والمستشار برئاسة الجمهورية عبد الرحمان مبتول عن الوزير الأول عبد المالك سلال، بأن الحكومة مجبرة على اللجوء إلى قانون المالية التكميلي لمعالجة تداعيات تدهور أسعار النفط في السوق العالمية، بعد أن تخلت عن هذه الآلية منذ عامين، بالنظر إلى البحبوحة المالية التي عاشتها البلاد، والناجمة عن ارتفاع أسعار الخام، مما جعل الحكومة في غنى عن الاستعانة بقانون المالية التكميلي لتغطية نفقات المشاريع وكذا التدابير الاستثنائية، واعتبر مبتول في تصريح للنصر، بـأن العودة مجددا إلى قوانين المالية التكميلية كان متوقعا، وأن الوزير الأول برّر ذلك بتراجع أسعار البترول، وتقلص المدخول السنوي لشركة سوناطراك الذي كان في حدود 59 مليار دولار سنة 2014، وذلك بسعر متوسط للبرميل قدر بـ60 دولار، وتوقع مبتول أن لا تزيد مداخيل الشركة خلال هذا العام عن 35 مليار دولار، محذرا من حدوث كارثة اقتصادية حقيقية إن استمر متوسط سعر البرميل في هذا المستوى، مؤكدا بأنه حتى وإن قامت سوناطراك بزيادة إنتاجها، فإن مداخيلها السنوية لن تتجاوز 40 مليار دولار، وأنه بعد سنتين لن يبقى سنتيما واحدا في الصندوق السيادي إن لم يتم عقلنة التسيير.

تجميد المشاريع التي  لا جدوى منها

وكشف المصدر، بأن الوزارة الأولى تلقت ملفا مفصلا ساهم في إعداده 20 خبيرا اقتصاديا، تضمن جملة من التدابير التي بإمكانها الحدّ من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لتراجع أسعار النفط، وتجنيب البلاد سيناريو أزمة 86، موضحا بأن عبد المالك سلال أبدى استعدادا لاتخاذ كل ما هو ملائم لضمان الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للبلاد، وأنه من بين الإجراءات الاستعجالية التي سيتم اتخاذها في إطار قانون المالية التكميلي المرتقب، تجميد كافة المشاريع المبرمجة والتي لم تنطلق بعد، والتي ليس لها أي أثر اجتماعي أو اقتصادي على البلاد، من بينها الطريق السيار بالهضاب العليا، حيث قررت الحكومة الاكتفاء فقط بربط البلديات النائية بالطرق الولائية بغرض رفع العزلة عنها، بعد أن تبيّن لها بأن تكلفة المشروع  تفوق بكثير مشروع الطريق السيار شرق ـ غرب، بالنظر إلى صعوبة التضاريس، بسبب عجز الخزينة عن تحمل أعباء إضافية جراء تقلص المداخيل.
وستشمل الإجراءات التقشفية تجميد مشروع الترامواي الطائر بالعاصمة، الذي كان وزير النقل عمار غول يستعد لإطلاقه، في إطار تزيين وجه العاصمة لجعلها في مصاف العواصم العالمية، كما تقررأيضا تقليص ميزانية التجهيز بصورة عامة، دون المساس بميزانية التسيير، تفاديا لوقوع اضطرابات اجتماعية، إلى جانب الحرص على التحكم في النفقات على المستوى المحلي، وذلك في إطار تعليمة وجهها عبد المالك سلال إلى الولاة مؤخرا، بعد أن تبيّن وجود زيادة في تكلفة إنجاز بعض المشاريع بنسبة 25 في المائة مقارنة بالكلفة العالمية، في حين أبدى الوزير الأول تمسكه بإتمام الطريق السيار وكذا سكنات عدل، و حذر الخبراء من جانبهم الحكومة من إقرار زيادات جديدة في الأجور، بدعوى أن الإجراء سيكون كارثة على الاقتصاد الوطني، الذي ما يزال يعتمد على صادرات البترول، واقترحوا في المقابل في التقرير الذي تسلم سلال نسخة منه استثناء قطاعي الصحة والتربية من القرار، بدعوى أنهما قطاعان يساهمان في النمو على المدى المتوسط، مع الاستمرار في تحسين فعالية الإدارة، ويعتقد عبد الرحمان مبتول بأن ما تمرّ به الجزائر حاليا يختلف تماما عن أزمة 86، بسبب تقلص المديونية، لكنه دعا إلى التصرف بعقلانية، محذرا من التمادي في استهلاك احتياطات الصرف، بعد أن تم اقتطاع 15 مليار دولار منها منذ بداية أزمة النفط، وأن عدم اتخاذ تدابير استعجالية سيدفع بالبلاد من جديد إلى اللجوء لصندوق النقد الدولي.  

تدابير للتحكم  في الاستيراد

ويعتقد رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية بالمجلس الشعبي الوطني أحمد سعداني، بأن الحكومة تريد من خلال قانون المالية التكميلي التحكم في الاستيراد والتصدي من خلال إقرار رخص الاستيراد، وتشجيع الاستثمار، ومعالجة تداعيات إلغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل. وكشف من جهته النائب عن جبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف بأن قانون المالية التكميلي المرتقب سيتضمن تخصيص ميزانية للولايات المنتدبة التي تقرر استحداثها مؤخرا، بعد تنامي الاحتجاجات ضد الغاز الصخري، وهو ما أكده عضو لجنة المالية عن نفس الحزب خليفة حجيرة، موضحا بأن أهم ما تريد الحكومة تداركه هو إعداد الغلاف المالي المتعلق بالولايات المنتدبة، بمراجعة اعتمادات سابقة، وترشيد التجارة الخارجية، معتقدا بأن تجميد المشاريع إنطلق منذ مدة، بدليل تعطل إنجاز الطرق الولائية والمحلية وكذا بعض المستشفيات والوحدات الصحية ومرافق أخرى بعديد المناطق.    


 لطيفة بلحاج

الرجوع إلى الأعلى