فلاحون يتخلون عن جني محاصيلهم
تسبب الفائض الكبير في الإنتاج الزراعي بمختلف مناطق ولاية بسكرة هذه الأيام، مقابل الانخفاض الكبير في أسعار البيع، في تكبد المنتجين لخسائر مادية كبيرة حسب تأكيدات بعض المتضررين منهم بالمنطقة الشرقية للولاية، و الذين اضطروا  لترك أنواع مختلفة من الخضروات و البطيخ الأصفر عرضة للتلف، كون الأسعار لا تغطي تكاليف الإنتاج مقابل الندرة الحادة في اليد العاملة.
 و أوضح من تحدثوا إلينا من منطقة عين الناقة و ما جاورها، بأن المشكلة لم تسجل منذ سنوات طويلة، و من شأنها التأثير بشكل سلبي على القطاع الزراعي بالمنطقة، إلا في حالة عودة الأسعار إلى الارتفاع بشكل تدريجي خلال الأيام القادمة، بالموازاة مع وضع آليات لضبط الإنتاج و التسويق، للحد من المشاكل التي تعترضهم بشكل يومي، حيث يجدون صعوبات جمة حتى في جني مختلف المحاصيل الزراعية التي تنتجها آلاف الهكتارات، و التي تمتاز بجودة و إنتاجها المبكر على المستويين المحلي و الوطني، على غرار عين الناقة، مزيرعة، فوغالة و غيرها. و تأتي في مقدمة تلك الصعوبات، حسبما ذكره بعضهم للنصر، النقص الحاد إلى درجة الانعدام أحيانا في اليد العاملة، رغم أن الأجرة اليومية للعامل تفوق 2000 دينار جزائري، الأمر الذي من شأنه حسبهم أن يتسبب في كساد المنتوج عند مرحلة الجني، خصوصا الزراعات المحمية التي أصبحت بسكرة رائدة وطنيا في إنتاجها، بعد التوسع المذهل في وعائها العقاري، و تطور تقنية ممارستها.
و ذكر فلاحون، بأن بعض منتوجات مزارعهم تستدعي طبيعتها الحساسة و سرعة تلفها، جنيها في الوقت المحدد على غرار الطماطم، مضيفين بأن المشكلة أدت بأصحاب المساحات الزراعية الشاسعة، إلى تقليص زراعتها و الاكتفاء بالحد الأدنى، رغم توفر الإمكانيات المادية، الأمر الذي تم تسجيله في السنوات الأخيرة، خاصة بمنطقة عين الناقة، أين تم التخلي بشكل كبير عن الزراعة الصيفية التي كانت تشتهر بها المنطقة، على غرار الدلاع و أنواع البطيخ، كما سجل أيضا عجز في عدد العمال المؤهلين في حفر المناقب و الآبار المخصصة للسقي و تركيب البيوت البلاستيكية، و ذلك، حسب محدثينا، يعود إلى عزوف العمال عن القيام بمثل تلك الأشغال، رغم الحوافز المادية كتوفير السكن المجهز للإقامة، و إبرام عقود مغارسة و مزارعة في بعض الأحيان، و تفضيلهم العمل اليومي على العمل الموسمي الذي يجبرهم على إنهاء الموسم الفلاحي حسب الاتفاق المبرم. و في ظل هذه المعوقات، أرغم أصحاب المزارع على التوجه إلى مدن أخرى لاستقدام اليد العاملة، خاصة من الجهة الشمالية للوطن على غرار ولاية تيبازة، اعتبارا لطابعها الفلاحي، و تمرس شبابها في المجال الزراعي. و في هذا السياق، سجل تواجد كبير لمئات الشباب من ولايات الشمال عبر مختلف مناطق ولاية بسكرة،  حيث أشارت بعض الإحصائيات إلى وجود أكثر من 3000 عامل بأحد مناطق الولاية خلال موسم زراعي واحد. من جهة أخرى، يطرح الكثير من الفلاحين مشكلة ندرة مياه السقي و انعدام الكهرباء الفلاحية و كذا غياب المسالك، ما ضاعف من حجم معاناتهم اليومية، في ظل الكثير من المشاكل المطروحة التي دفعت ببعضهم إلى هجرة أراضيهم و التوجه إلى ممارسة أنشطة أخرى.
ع.بوسنة

الرجوع إلى الأعلى