يسجل الصيف، وهو موسم الراحة والعطلة، كل عام أحداثا وحوادث مؤلمة على امتداد رقعة البلاد، يكون ضحاياها غالبا إما اطفالا أو شبابا في مقتبل العمر، أو الطبيعة بكل ما تحمله من ثراء وتنوع بيئي.
 ويبقى السبب الأول والأخير في هذه الحوادث هو الإنسان، بقلة وعيه، وتهوره واندفاعه، ولا مبالاته في أغلب الأحيان، وكان بدلا عن ذلك بإمكانه قضاء صيف هادئ تماما.
 وتؤكد الإحصائيات الرسمية التي تقدمها الجهات المختصة من حماية مدنية وشرطة،ودرك وطني في كل مرة أن حوادث حرائق الغابات، والغرق في البرك والوديان، والمجاري المائية، والشواطئ تزداد في فصل العطلة والاستجمام، في بعض الأحيان بشكل غير مبرر وغير مقبول.
وحسب آخر إحصائيات للحماية المدنية فإن حرائق الغابات هذا العام بدأت مبكرا وقد أتت على ما يقارب ألف هكتار من الغابات من الفاتح جوان إلى غاية الخامس جويلية الجاري، وهو رقم كبير لو علمنا أننا في بداية فصل الصيف، حيث عادة ما تسجل أكبر الحرائق في شهري جويلية وأوت، مع التأكيد على أن الغابات والجبال، تعتبر هي أيضا ملجأ للكثيرين في فصل الصيف ليس في الجزائر فقط بل في كل دول العالم.
لكن أخطار الصيف متعددة وقاتلة أيضا، مثل الغرق، الذي ازدادت حالاته في السنوات الأخيرة وبخاصة العام الماضي، وأغلب ضحاياه من الأطفال أو الشباب، وهي ظاهرة  تدل في المقام الأول على قلة التوعية والتحسيس والحراسة والمراقبة التي كان لجهات عدة أن تقوم بها اتجاه هذه الفئات لتفادي هذا النوع من الحوادث.
والأمر هنا لابد أن يتعدى حملات التوعية عبر وسائل الإعلام واللافتات الإشهارية، بل يجب أن تصل المهمة إلى الرقابة والحراسة وفرض القانون وتطبيقه بصرامة لتجنب المزيد من الضحايا والفواجع.
وهذه المهمة ليست موكلة فقط للمصالح المختصة من أمن ودرك وبلديات ووسائل الإعلام وغيرها، بل هي في المقام الأول من اختصاص العائلات وأرباب وربات الأسر، إذ لا يعقل أن يترك أب أو أم ابنائهما عرضة للموت بشكل عبثي دون بذل أدنى مجهود، أو أن ينتظران من  جهات ما أن تقوم بحراسة ولدهما طيلة فصل الصيف.
من الواجب على كل العائلات الجزائرية ان تتعلم كيف تتعامل مع هذا الفصل وكيف تستمتع به وبكل ما يوفره من فرص، و من مساحات للترفيه والاستجمام و التسلية، نعم لابد علينا أن نتحضر ونكسب السلوك المدني الحقيقي، ليس فقط في تجنب الوقوع ضحايا لحوادث قاتلة في هذا الصيف، بل علينا أيضا أن نكسب ثقافة المحافظة على كل شيء أمامنا.
علينا أن نكسب ثقافة الحفاظ على نظافة الشواطئ والأماكن التي نرتادها بقوة في فصل الصيف، وعلينا أن نتعلم أن الاستمتاع بالعطلة يصنع بأيدينا ولا يمكن أن يمنح لنا على طبق من ذهب، و الحال أن أغلب شواطئنا ليست نظيفة ولا تعطي صورة ايجابية عنا جميعا، وللأسف هي ملاحظة يشترك فيها كل الناس لكنهم لا يبذلون ولو مجهودا قليلا من أجل إظهار سلوك الإنسان المتمدن.
نعم يمكن تفادي أخطار الصيف بشيء من الوعي والتحضر والتمدن، و بشيء من التمسك بأبجديات التربية المدنية التي تلقاها الجميع في المدارس.
 النصر

الرجوع إلى الأعلى