لا ينتبه الجزائريون ولو قليلا للمحيط الذي يحيون فيه، ولا يولون أهمية كبيرة للبيئة التي يلعب فيها أبناؤهم، والتي يسكنون فيها، ويقضون فيها عمرا كاملا.
وهذا ليس مجرد كلام، أو  مجرد حكم مسبق، بل هو واقع ومعاينة حقيقية يومية للمحيط الذي نعيش فيه جميعا، ففي المدة الأخيرة ومن خلال مبادرات لجمعيات وسلطات في مختلف بلديات ومدن القطر عبر حملات تنظيف جماعية صدمنا لهول التدهور الذي أصاب محيطنا، ووقفنا على حقيقة أن بيئتنا تعاني كثيرا منا وليس من أي كائن آخر.
لقد أظهرت بعض حملات التنظيف التي تنظم هنا و هناك أن الآلاف من قارورات الخمر والمشروبات والعصائر ترمى بشكل عشوائي على حواف الطرق، وفي أماكن طبيعية خلابة وفي الغابات والمساحات الخضراء، ولا يفكر مستهلكوها حتى في جمعها ووضعها في صناديق القمامة.
في كل عام تجمع السلطات المحلية  وفرق المتطوعين الأطنان من النفايات  من مختلف المواد، قارورات، أكياس بلاستيكية، كرتون، أوراق، بقايا  محركات السيارات، عجلات وغيرها من الشواطئ، ثم ما تلبث الصورة أن تعود إلى سابق عهدها بمجرد انتهاء موسم الاصطياف.
 في الغابات أيضا نفس الصورة، و ليت الأمر يتوقف عند هذا الحد، بل أن الكثير من بني البشر يتسببون في الحرائق الكبيرة التي نراها اليوم، والتي تأتي كل عام على الآلاف من المساحات الغابية الخضراء، ولا يمكن فصل هذه الكوارث عن الإهمال الذي مصدره الإنسان دائما.
في المدن وداخل الأحياء الصورة أبشع وأقسى، لأن الأمر يتعلق بالمحيط المباشر حيث يقطن الكثير من الناس، القمامة تبسط هيمنتها بكل قوة على الجميع وتفرض منطقها بكل سهولة، لأنها وجدت من يساعدها على ذلك،  الجميع يظهر أنه غير معني بما يتراكم من أوساخ وقاذورات في الشارع وفي الحي الضيق وعند أبواب العمارات، وحتى أمام مداخل الشقق، وفي سلالم العمارات ووراء النوافذ.
 الجميع يبدو مستقيلا وغير معني بتاتا في صورة بائسة  تعكس المستوى الذي وصلنا إليه، والاستسلام في قبول العيش في بيئة غير نظيفة  تحت دوافع مسببات تحتاج للكثير من التحليل والدراسة، لا الكبير منا ينهي الصغير وينبهه إلى عدم رمي الأوساخ حيث يحلو له، ولا الصغير تمسك بالتربية التي يتلقاها في المدرسة على الرغم من أن مقولة النظافة من الإيمان يعرفها الجميع ويحفظها عن ظهر قلب منذ  صغره.
البحر والوديان والآبار التي تشكل قسما آخر من البيئة التي نحيا بها، لم تسلم هي الأخرى من سلوكاتنا المشينة، ومن أوساخنا ولا مبالاتنا، فلا غرابة أن تجد ثلاجة في قاع البحر، أو هيكل شاحنة أو حتى محرك سيارة،دون الحديث عن الزيوت السامة القاتلة والمواد الكيميائية الأخرى التي تصب عادة وخفية في البحر  من منطلق أنه يبتلع كل شيئ، ولا يفضح من قام بهذا الفعل الإجرامي.
الوديان  و البحيرات التي كانت في وقت ما متنفسا للكثير من الناس الذين لا يستطيعون الوصول إلى البحر صارت هي الأخرى مصبا مفضلا لمختلف أنواع القمامة والمواد الخطيرة، دون أدنى  وازع ديني أو أخلاقي.
هذا الإهمال الواضح لثقافة البيئة أثر فعلا على المحيط الذي نعيش فيه دون أن ندري، فقد تزداد الأمراض وتظهر أخرى غير مألوفة بسبب  التلوث الذي نعيش فيه، ومن هذا المنطلق فإن الحفاظ على البيئة والمحيط هي مهمة وواجب الجميع، وسنصل يوما ما إلى فرض ذلك بالقوة.                                               

النصر

الرجوع إلى الأعلى