تسجل أسعار السيارات المستعملة  ارتفاعا  كبيرا بسوق الحامة بقسنطينة، حيث أصبح المواطن الذي لا يملك أقل من 150 مليون سنتيم، غير قادر على شراء سيارة مرقمة في عام 2014،  فيما سجلت حالة كبرى من الركود وتراجع في الطلب والعرض، و اختفت العلامات المعروفة بجودتها من السوق وحلت مكانها السيارات المركبة محليا، في الوقت الذي ما زالت  تفرض فيه الشائعات منطقها على عمليتي البيع والشراء.
عندما دخلنا سوق السيارات المستعملة ببلدية حامة بوزيان بقسنطينة صباح أمس، وجدناه مكتظا عن آخره بالمركبات من مختلف الماركات والأحجام وبألواح ترقيمية معظمها لولايات شرقية مجاورة، كما لفت انتباهنا عبر جميع أنحاء السوق، انعدام تام للسيارات الألمانية أو الفرنسية المعروفة بجودتها، لكن في المقابل وقفنا على وجود عدد كبير من سيارات "رونو سامبول" الجديدة و"ستيبواي" المصنعتان محليا  فضلا عن العلامة الكورية "بيكانتو" وسيارات "قولف" و"إيبيزا" المركبتان بمصنع غليزان.
وعلى الرغم من أن السوق كانت تعج  بأصحاب السيارات وتعرف حركة كبيرة   للمتجولين، إلا أن الواقع لا يعكس الحركية الموجودة بداخله، حيث لم تسجل سوى عمليات محدودة جدا للبيع والشراء، إذ كانت غالبية أبواب السيارات مفتوحة في حين وقفنا على وجود مركبتين فقط من نوع "كيا" و"أكسنت" تم غلقهما، بما يعني أنهما قد بيعتا، فيما بدا الجميع بالمكان غير راض لما يحدث بالسوق، فلا البائع تعجبه الأسعار المعروضة أو يصرح بالمبلغ الذي يريد أن يبيع به، ولا المشتري قادر على اقتراح ثمن للشراء، ما جعل غالبية العارضين الذين تحدثت إليهم النصر يتفقون على عبارة واحدة "لا يوجد بيع"، كما أن العديد من أصحاب السيارات دخلوا ثم خرجوا دون أن يُقدم لهم أي عرض.
وما يجلب الانتباه بالسوق، هو وجود عدد معتبر من السيارات الجديدة المسجلة في عام 2018، رغم انعدامها لدى وكالات البيع المعتمدة، كما أنها مسجلة باسم شخص واحد، حيث وصل سعر على سبيل المثال سيارة "ستيبواي" من فئة محرك 1.5 ديازال إلى 230 مليون سنتيم، ولم يرض صاحبها ببيعها، في حين أن ثمنها لا يتجاوز 185 مليون سنتيم لدى الوكالة الرسمية، أما ذات المركبة محرك 1.6 بنزين فقد وصلت إلى 185 مليون وأوضح لنا مالكها بأن سعرها ما يزال بعيدا عن هذا الرقم، في حين تجاوز ثمن "البيكانتو" الجديدة المسجلة في عامي 2017 و 2018 سقف 215 مليونا بحسب ما أكده لنا ملاكها.
«ستيبواي» مقابل 230 مليونا فما فوق
ويؤكد العديد من السماسرة، بأن السوق يعرف حالة من الركود منذ ثلاث سنوات، كما أن الأسعار ارتفعت منذ ذلك الوقت ووصلت إلى مستويات رهيبة، بفارق قارب 100 مليون، على غرار "ستيبواي" التي كان ثمنها في عام في 2016 يقدر بـ 122 مليون سنتيم، في حين أنها أصبحت اليوم تباع بـ 220 مليون سنيتم في أحسن الأحوال، مشيرين إلى أن الأسعار لن تنخفض في حال  عدم بعث الإستيراد مجددا.
كما أوضح لنا بائع كان يعرض سيارة من نوع "كيا" مسجلة في سنة 2014، أنه عرِض عليه رقم 155 مليونا لكنه لم يبع، معلقا بالقول، بعدما سألناه عن الثمن المطلوب "صحيح أن الأسعار تخضع للعرض والطلب  لكن لا أستطيع أن أحدد السعر"، ولما سألناه عن المعايير التي تحدد الأسعار اكتفى بالقول أن الجميع يبيع مثلما أراد، فيما أشار آخر إلى أن السوق تتغذى كثيرا بالإشاعات وأن العشوائية هي القانون السائد فضلا عن المضاربة، حيث تجد مجموعة من السماسرة يمتلكون عددا معتبرا من المركبات الجديدة التي لن تتحصل عليها إلا بعد عام من الوكالات، ثم يقوم بإعادة بيعها بأثمان لا تعكس قيمتها الحقيقية.                     
ووصل الثمن المعروض لشراء سيارة القولف المصنعة محليا إلى 340 مليون سنتيم، و"الأكسنت" المسجلة في 2014 إلى 144.5 مليون، في حين بلغ سعر سيارة "السامبول" القديمة والتي تتوفر على مكيف هوائي فقط دون باقي التجهيزات ومسجلة في 2010، إلى سقف 105 ملايين سنتيم، فيما لم يرغب صاحبها ببيعها، أما "الكليو كلاسيك" ذات ترقيم سنة 2007 فعُرضت بأزيد من 100 مليون، و "بيجو 207" المسجلة في 2011 فاق ثمنها 140 مليونا، فيما وصل السعر إلى 72 مليون سنتيم بالنسبة لسيارة "ألتو" مرقمة في 2010.
و لاحظنا أيضا نقصا كبيرا في السيارات القديمة المسجلة في سنوات التسعينيات أو بداية الألفية الثالثة، ليصبح الظفر بمركبة مرقمة في عام 2014 وما فوق وحتى 2013 و 2012، يتطلب أزيد من 150 مليون سنتيم، لكن الإقبال عليها ظل محتشما لاسيما المركبات التي تسير بالبنزين، فيما استغل البعض الوضع لفرض زيادات، فعلى سبيل المثال، وصل ثمن سيارة "كليو" مرقمة في 1997 من فئة ثلاث أبواب فقط، ورقم عدادها تجاوز 500 ألف كيلومتر، إلى 50 مليون سنتيم، بما يعادل ثمن سيارة "ألتو" أو "كيو كيو" خلال عام 2014.
و طالب العديد من المواطنين بضرورة تنظيم السوق والمساهمة في تخفيض الأسعار فضلا عن رفع التجميد عن الاستيراد للحد من المضاربة، حيث ذكر إطار بمؤسسة إقتصادية وجدناه يتجول بأنه لم يجد مطلبه منذ ثلاثة أشهر، إذ لم يظفر بأية سيارة تناسب قدرته المالية، وقال بأنه لم يعد يشترط ألا تكون قد تعرضت لحادث بل يريدها صالحة للسير فقط، مشيرا إلى أنه ظن بان الأسعار ستنخفض بعد ارتفاع ثمن الوقود وزيادة مستوى الإنتاج بالمصانع المحلية، و هو نفس ما ذهب إليه مواطن آخر يقطن ببلدية حامة بوزيان، أكد لنا بأنه يرغب في شراء سيارة لإبنه الذي تحصل على شهادة لسائقي مركبات الأجرة، لكنه لم يستطع أن يوفرها له.    
استطلاع: لقمان قوادري

الرجوع إلى الأعلى