تعمل الجزائر على استقطاب استثمارات عربية وأجنبية لرفع مستويات الإنتاج من المحاصيل الزراعية الاستراتيجية، وتأتي الشركات القطرية في مقدمة المهتمين بإقامة مشاريع كبرى في مجالات عديدة تساهم في ضمان الأمن الغذائي، فبعد مشروع «بلدنا» لإنتاج الحليب المجفف وحليب الأطفال جاء الدور على شركة «الريان» التي أبدت رغبة حقيقية في تجسيد مشروع استثماري كبير، من شأنه المساهمة في سياسة الدولة الرامية إلى تحقيق الأمن الغذائي.
استقبل المدير العام للوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، السيد عمر ركاش، أمس، بمقر الوكالة، وفدًا من الشركة القطرية “الريان الزراعية” برئاسة رئيس مجلس إدارتها، السيد عبد الله العطية، وقد جرى هذا اللقاء بحضور عدد من إطارات الوكالة، حيث تم التطرق إلى فرص الاستثمار المتاحة في الجزائر، خاصة في القطاع الفلاحي الذي يُعد من أولويات الدولة بالنظر إلى دوره الاستراتيجي في دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق الأمن الغذائي.
وتركزت المناقشات حول المنتجات الفلاحية ذات القيمة المضافة العالية، التي يمكن أن تشكل قاعدة لمشاريع استثمارية واعدة، كما تم تقديم عرض شامل حول الإمكانات التي توفرها الجزائر من حيث الموارد الطبيعية، الأراضي الزراعية، والتسهيلات القانونية والمالية الممنوحة للمستثمرين الأجانب.
من جهتهم، عبّر مسؤولو شركة الريان عن اهتمامهم البالغ بالسوق الجزائرية، وأكدوا استعدادهم لتجسيد مشروع استثماري كبير في مجال الزراعة، يستند إلى التجارب والخبرات التي راكموها في قطر ومناطق أخرى تعمل بها الشركة. كما شدد الوفد على أهمية دعم الجهود الجزائرية في تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي، من خلال شراكات ذكية ومستدامة تعود بالنفع على الطرفين وتُعزز من موقع الجزائر كوجهة إقليمية للاستثمار الزراعي.
وكانت شركة الريان (القطرية)، قد استفادت في سبتمبر الماضي من شهادة التأهيل للامتياز في إطار الاستصلاح الممنوح من طرف الديوان الوطني للأراضي الفلاحية بهدف الاستثمار في مجال الزراعات الإستراتيجية بولاية المنيعة، والذي سيقدم إضافة للمنطقة من خلال تطوير الزراعات الإستراتيجية بمختلف أصنافها وفق البرنامج المتفق عليه مع وزارة الفلاحة والتنمية الريفية. وحسب البرنامج المسطر من قبل وزارة الفلاحة، سيتم تركيب 27 مرشا محوريا آخر فضلا عن ثلاثة مرشات هي الآن حيز الخدمة وذلك في إطار التسوية الجديدة التي منحت لذات المستثمرة بهدف توسيع المساحات المسقية من مختلف الشعب الزراعية خصوصا الحبوب والأعلاف، و«هناك طموح لتوسيع المشروع على مساحات أخرى إذا تم تحقيق نتائج مشجعة وإنتاج وفير في هذا الاستثمار».
الاهتمام الذي أبدته الشركة القطرية بالسوق الجزائرية، يؤكد التوجه القطري للاستثمار بقوة في الفلاحة والمجالات الاستراتيجية، ويأتي بعد إتمام الإجراءات المتعلقة بتنفيذ المشروع المتكامل لإنتاج الحليب المجفف بجنوب البلاد والذي يعد من أكبر المشاريع الزراعية بقيمة 3,5 ملايير دولار، و هو مشروع يتم إنجازه في ولاية أدرار، على مساحة 117 ألف هكتار، حيث سيشمل مزارع لإنتاج الأعلاف، ومزارع لتربية الأبقار وإنتاج الحليب واللحوم، ومصنعا لإنتاج الحليب المجفف. ويهدف المشروع إلى إنتاج 50 في المائة، من احتياجات السوق الجزائرية من الحليب المجفف محلياً سعياً إلى الوصول إلى الاكتفاء الذاتي، حيث يتوقع أن يبلغ الإنتاج في السنة التاسعة للمشروع أكثر من 194 ألف طن من الحليب المجفف، ما سيقلص واردات الجزائر من الحليب المجفف، والتي تبلغ في الوقت الحالي ما يقارب الملياري دولار سنويا. وسيسمح المشروع بنقل التكنولوجيا الحديثة وآخر تقنيات إنتاج الحليب إضافة إلى تزويد السوق المحلي باللحوم الحمراء، بمقدار 84 ألف رأس من العجول سنوياً موجهة لتزويد السوق المحلية باللحوم الحمراء، ويوفر أزيد من خمسة آلاف منصب شغل مباشر. ويذكر أن لقاء الأعمال القطري الجزائري الذي عقد في الدوحة في أكتوبر الماضي بحث تعزيز علاقات التعاون التجاري والاقتصادي والفرص الاستثمارية المتاحة في البلدين. وفي الصدد، قال النائب الثاني لرئيس غرفة تجارة وصناعة قطر، راشد بن حمد العذبة، في افتتاح اللقاء، إن علاقات بلاده والجزائر شهدت في السنوات الأخيرة تطوراً ملحوظاً، لا سيما في الاقتصاد والتجارة والصناعة والطاقة، مما يعكس الرغبة الأكيدة نحو رفع مستوى التعاون وإقامة شراكة استراتيجية.
ع سمير