رفضت الجزائر المغالطات التي نشرتها السفارة الفرنسية في الجزائر أول أمس، وإدعائها بأن الطرف الجزائري رفض اعتماد الأعوان الدبلوماسيين والقنصليين الفرنسيين في الجزائر، و أكدت أنها لن تتسامح مع هذا الفعل، و ترفض تحميلها مسؤولية ذلك، موضحة بأن السلطات الفرنسية انتقلت إلى المرحلة الثانية في سياسة الابتزاز والمساومة بخصوص ملف التأشيرات.
استدعت وزارة الشؤون الخارجية و الجالية الوطنية بالخارج والشؤون الأفريقية أمس، القائم بأعمال سفارة فرنسا بالجزائر، حيث استقبل من طرف المدير العام للتشريفات، وأفاد بيان للوزارة أمس أن هذا الاستدعاء يأتي على خلفية البيان الذي نشرته الممثلية الدبلوماسية الفرنسية أول أمس بشأن اعتماد الأعوان الدبلوماسيين والقنصليين الفرنسيين في الجزائر، وقد تم لفت انتباه الدبلوماسي الفرنسي بشدة إلى ما "يشوب هذا البيان من خرق جسيم للأعراف الدبلوماسية الراسخة".
وأضاف بيان الخارجية أنه تم خلال الاستقبال إبلاغ القائم بالأعمال الفرنسي بأن هذا البيان " غير مقبول لا من ناحية الشكل ولا من ناحية المضمون" كونه يتضمن "عرضا مغالطا ومنحازا للوقائع" ، وكونه يخاطب الرأي العام الجزائري بشكل مباشر في محاولة لتحميل وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية مزاعم مسؤولية حصرية و كاملة بشأن عدم اعتماد الأعوان الدبلوماسيين والقنصليين الفرنسيين في الجزائر.
وشددت وزارة الشؤون الخارجية تبعا لذلك على أنه من حيث الشكل فإن "هذا التصرف لا يمكن التسامح معه" لما ينطوي عليه من انتهاك لروح ونص اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961.
ومن حيث المضمون- أضاف البيان ذاته- أنه تم تذكير الدبلوماسي الفرنسي بأنه الأدرى شخصيا بخلفيات هذه القضية وبتفاصيلها الدقيقة.
وفي هذا الإطار قدمت وزارة الشؤون الخارجية التوضيحات الكاملة حول هذا الملف، مؤكدة أن الحقيقة هي أن عدم اعتماد الأعوان الدبلوماسيين والقنصليين الفرنسيين في الجزائر إنما جاء بعد قرار فرنسي مماثل، وعقب استنفاد جميع السبل التي بادر بها الجانب الجزائري بغية تسوية هذا الخلاف بما يرضي البلدين، حيث لا يتعلق الأمر سوى بتطبيق صارم لمبدأ المعاملة بالمثل دون زيادة أو نقصان.
وتابع بيان الخارجية يوضح بأن السلطات الفرنسية هي من بادرت منذ أكثر من عامين، برفض اعتماد رؤساء مراكز قنصلية وأعوان قنصليين جزائريين في فرنسا، ونتيجة لهذا الوضع لم يتلق ثلاثة قناصلة عامين وستة قناصلة جزائريين الاعتمادات المطلوبة رغم مرور أكثر من ستة أشهر على تقديم طلباتهم، وبالمثل لم يتمكن 46 عونا دبلوماسيا وقنصليا جزائريا من الالتحاق بمناصبهم في فرنسا بسبب تجاهل السلطات الفرنسية لطلبات اعتمادهم.
ولقد تسببت هذه الوضعية- يصيف بيان وزارة الخارجية- التي افتعلتها السلطات الفرنسية بشكل متعمد ومدروس في أضرار جسيمة للرعايا الجزائريين المقيمين في فرنسا، إذ أثرت سلبا على الخدمات القنصلية المقدمة لهم، كما أضعفت جودة الحماية القنصلية التي يتوجب توفيرها لهم.
و نبهت وزارة الخارجية في الختام بأنه تم التأكيد بشدة على مسامع الدبلوماسي الفرنسي بأنه يدرك تماما بأن قضية التأشيرات لا ترتبط فقط بمسألة الاعتمادات، وأنه بات من المعروف بأن حكومته قد جعلت من هذه المسألة أداة ضغط محورية ضمن سياسة " القبضة الحديدية" التي تسعى لفرضها على الجزائر.
كما سجلت وزارة الخارجية بهذا الخصوص بأن الحكومة الفرنسية مستمرة في ممارسة سياسة الابتزاز بخصوص ملف التأشيرات، فالمرحلة الأولى من هذه السياسة قد اختتمت بقرار الجزائر إنهاء العمل بالاتفاق الجزائري- الفرنسي لعام 2013، المتعلق بالإعفاء المتبادل من التأشيرات لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية وجوازات السفر لمهمة، واليوم تفتتح السلطات الفرنسية مرحلة ثانية من هذه السياسة تستهدف من خلالها حاملي جوازات السفر العادية، وهي المرحلة التي تسعى لتسييرها عبر أساليب الابتزاز والمساومة والضغوطات- يضيف البيان.
وللتذكير كانت السفارة الفرنسية بالجزائر قد نشرت أول أمس بيانا قالت فيه أن تدهور العلاقات بين البلدين سيؤدي إلى انخفاض محسوس في عدد الأعوان بالسفارة والقنصليات الثلاث بداية من الفاتح سبتمبر الداخل، و ادعت أن مرد ذلك كون السلطات الجزائرية لم تستجب لطلبات تأشيرة الاعتماد الخاصة بالأعوان الجدد، وهو ما سيحد من قدرة السفارة والقنصليات الثلاث على معاجلة ملفات طلب التأشيرة للسفر إلى فرنسا. إلياس -ب