شهد اليوم الرابع من فعاليات الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية ( 2025)، الذي يحتضنه قصر المعارض بالجزائر العاصمة، يوم أمس الأحد، حركية مكثفة من اللقاءات والأنشطة الاقتصادية، وسط اهتمام واسع من المشاركين الذين أجمعوا على أهمية هذا الحدث في رسم ملامح تعاون اقتصادي جديد بين بلدان القارة.
فقد كان البرنامج المخصص لنهار أمس حافلا بتوقيع عدة اتفاقيات بين متعاملين اقتصاديين جزائريين ونظرائهم الأفارقة والأجانب، ما يعكس الرغبة المشتركة في الانتقال من مستوى المبادلات التقليدية إلى مشاريع شراكة ذات قيمة مضافة، سواء في مجالات الصناعة أو التوزيع أو الاستثمار المباشر. واعتُبرت هذه الاتفاقيات خطوة عملية في اتجاه تعزيز الاندماج الاقتصادي الإفريقي وترسيخ مفهوم السيادة الاقتصادية القارية.
وبالتوازي مع توقيع العقود التجارية، واصل المنتدى الإفريقي للتجارة والاستثمار أشغاله عبر جلسات نقاش ركزت على قضايا حيوية، في مقدمتها تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي في إفريقيا.
وقد شهدت هذه الجلسات مشاركة خبراء ومسؤولين وممثلين عن منظمات اقتصادية، الذين شددوا على أن تحقيق الأمن الغذائي يشكل أولوية مشتركة تستدعي توحيد الجهود والاستثمار في الزراعة المستدامة وسلاسل التوزيع الحديثة.
ولم يقتصر النشاط على الجلسات الرسمية، بل امتد ليشمل مختلف فضاءات المعرض، حيث تواصلت الأنشطة التجارية المصاحبة، إضافة إلى الصالون الإفريقي للسيارات الذي استقطب اهتماماً لافتا من قبل الوفود الإفريقية، باعتباره منصة لعرض الابتكارات التكنولوجية وربط شراكات بين الشركات المصنعة والموزعين عبر القارة. كما تواصلت اللقاءات الثنائية للأعمال (B2B) وتلك الموجهة للقطاعين العام والخاص (B2G)، والتي شكلت فضاءات مباشرة لتبادل الخبرات واستكشاف فرص التعاون.
وتؤكد الأرقام المسجلة الطابع الاستثنائي لهذه الطبعة، إذ يشارك في المعرض ممثلون عن 140 دولة وأكثر من 2000 مؤسسة دولية وإفريقية، منها حوالي 200 مؤسسة جزائرية. كما يُنتظر أن يستقطب الحدث حوالي 35 ألف زائر مهني، وأن يفضي إلى توقيع اتفاقيات تجارية واستثمارية تفوق قيمتها 44 مليار دولار.
ولم يقتصر الإقبال على المتعاملين الأفارقة فقط، بل شهد الحدث مشاركة دول من خارج القارة أبدت اهتماما بفتح آفاق استثمارية جديدة بفضل ما توفره السوق الإفريقية من فرص واعدة. وبذلك، يرسخ هذا المعرض مكانته كأحد أهم المواعيد الاقتصادية الإفريقية، وكساحة للتلاقي والتعاون من أجل بناء مستقبل مشترك أكثر ازدهارا.
واللافت أن الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية 2025 بالجزائر، شهدت إقبالاً لافتا من الزوار والمهنيين، ما يعكس الاهتمام الكبير بالفرص التجارية والاستثمارية التي يوفرها الحدث، ويؤكد مكانته كمنصة استراتيجية لتعزيز التعاون بين دول القارة.
وقد أجمع المشاركون الذين التقينا بهم خلال تغطية مختلف الفعاليات وإجراء مقابلات صحفية معهم على أن المعرض يشكل فضاءً حيوياً لبناء الشراكات وتوسيع التبادلات الاقتصادية البينية، بما يعود بالفائدة على الشعوب الإفريقية ويساهم في تسريع مسار التكامل الاقتصادي للقارة.
كما أشاد الحضور بمستوى التنظيم المحكم الذي ميز طبعة الجزائر، معتبرين أن هذه التظاهرة تعد دليلا على قدرة إفريقيا على رسم مسارها نحو استقلال اقتصادي حقيقي، مبرزين في ذات الوقت ما تحقق من نتائج ملموسة من خلال توقيع اتفاقيات وشراكات نوعية بين متعاملين اقتصاديين من مختلف الدول، الأمر الذي يعكس عزيمة القارة على تجاوز التحديات وبناء صناعة و تجارة تنافسية.
عبد الحكيم أسابع