عاشت مدينة بئر بوحوش أجواء احتفالية تواصلت إلى غاية ساعة مبكرة من فجر أمس السبت، بعد نجاح الفريق في تحقيق صعود تاريخي إلى قسم ما بين الجهات، في إنجاز يعد بمثابة «معجزة» كروية وجدت طريقها إلى التجسيد على أرض الواقع، بفضل سلاح الإرادة، كيف لا و«الأمل» كان في وقت ليس ببعيد خارج نطاق الممارسة الكروية، لكن عودته إلى النشاط، كانت بريتم «سريع»، كلل بحط الرحال في الوطني الثالث، وببصمة واضحة من مدرب كتب اسمه بأحرف من ذهب في سجل رابطة عنابة الجهوية، على اعتبار أن السعيد مرزوق حقق الصعود من الجهوي الأول لموسمين متتاليين، في «سيناريو» يتحقق لأول مرة في هذه المنافسة منذ نسختها الأولى، والتي كانت قبل 21 سنة.
احتفالات أبناء بئر بوحوش كانت نقطة انطلاقتها من ملعب 4 ماس بتبسة، مباشرة عند إطلاق الحكم بوشيهب صافرة نهاية آخر مقابلة في الموسم، لأن الفوز على الوفاق التبسي بهدف وحيد، كان بوزن الصعود التاريخي، مما فجر فرحة عارمة في أوساط، اللاعبين والمسيرين والأنصار، فانطلق الوفد في موكب احتفالي كبير، بينما عاشت شوارع المدينة أجواء خرافية، بخروج آلاف المناصرين للتعبير عن فرحتهم بالانجاز المحقق، وقد بلغت هذه الأجواء الذروة عند وصول حافلة الفريق من تبسة، حيث كان الاستقبال «استثنائيا» يليق بمقام «الأبطال» الذين كتبوا أسماءهم بأحرف من ذهب في سجل الفريق والمدينة على حد سواء.
هذا الإنجاز يمكن تصنيفه في خانة «الحلم» الذي كان «معجزة»، إلا أنه تحقق ميدانيا في نهاية هذا الموسم، لأن أمل بئر بوحوش لم ير النور سوى في سنة 2019، لما قررت مجموعة من شبان المدينة بقيادة فؤاد مهني بعث نشاط الفريق، بعد تجميد نادي اتحاد بئر بوحوش، الذي كان يلعب في الجهوي الثاني إلى غاية سنة 2014، وسقوطه إلى الشرفي كان سببا في وقف النشاط، وجعل المدينة تعيش على وقع ركود لعدة سنوات، لكن مهني، الذي لعب في مشواره الكروي لوفاق سوق أهراس واتحاد تبسة قرر تحريك العجلة الكروية في مدينته، بتأسيس فريق «الأمل»، فكانت الخطوة الأولى ناجحة، بانتزاع تأشيرة الصعود من شرفي سوق أهراس في سنة 2020، بعد توقيف المنافسة بسبب جائحة كورونا، ثم كانت المسيرة جد موفقة في الموسم الموالي، باقتطاع ورقة الصعود إلى الجهوي الأول، لتكون بعدها منافسة كأس الجزائر فرصة لتسجيل انجاز تاريخي مع «السيدة المدللة»، ببلوغ الدور 32 لأول مرة، وذلك في نوفمبر 2022، والآن جاء الدور على محطة أخرى تاريخية، بتجسيد حلم التواجد في قسم ما بين الجهات.
واللافت للانتباه، أن هذا «الحلم» وجد طريقه إلى التجسيد ميدانيا ببصمة جلية من المدرب السعيد مرزوق، الذي كان من أهم الأوراق التي راهن عليها الرئيس مهني قبل انطلاق الموسم، لأن تجربة التقني القالمي مع اتحاد سدراتة الموسم المنصرم كان «السيناريو» الذي راهنت إدارة أمل بئر بوحوش على استنساخه، على اعتبار أنه كان قد نجح في قيادة أبناء «سدراتة» لتحقيق صعود تاريخي إلى قسم ما بين الجهات، ليكرر نفس الانجاز بعد سنة واحدة مع أمل بئر بوحوش، ويصبح بذلك أول مدرب يتمكن من الظفر بتأشيرة الصعود من الجهوي الأول لرابطة عنابة لموسمين متتاليين، في انجازين لهما بعض القواسم المشتركة، لكن أهمها يكمن في احتفاظ ولاية سوق أهراس بلقب بطولة الجهوي الأول لرابطة عنابة، رغم أن الصعود مع بئر بوحوش يبقى عبارة عن «ملحمة» كروية، صنعها فريق كان خارج دائرة النشاط لسنوات عديدة، وعودته بثوب جديد كانت كافية لإحداث تغيير على موازين القوى في البطولة، لتكون نتائجها تعديل جلي في معالم الخارطة الكروية على مستوى إقليم رابطة عنابة.
وأصبح «الأمل» الممثل الثاني للولاية 41 في قسم ما بين الجهات، رفقة الجار اتحاد سدراتة، بعدما سبق لوفاق سوق أهراس تسجيل مروره عبر هذه الدرجة في سنوات فارطة، بصرف النظر عن مدى قدرة أبناء بئر بوحوش على التأقلم مع مستوى بطولة الوطني الثالث، لأن الوقت الراهن يبقى للأفراح والاحتفالات، قبل التفكير في المستقبل القريب ومتطلباته.
صالح فرطاس
