اهتدت دول إسلامية، أخيرا، إلى فكرة حشد حلف عسكري  لمواجهة  الإرهاب، الظاهرة التي نبتت في العالم الاسلامي و عرّشت فروعها في كل أنحاء العالم. وبحسب تقارير إعلامية فإن المفاوضات حول إنشاء الحلف لم تدم سوى اثنتين وسبعين ساعة.
القرار سيبهج بكل تأكيد صنّاع السلاح في الغرب الذين سيحصّلون مزيدا من الملايير من منطقة شرهة للسلاح والدم، في انتظار ما سيفعله جند الإسلام على الأرض.
وقد عمدت وسائل إعلام عربية لإحصاء عدد عناصر جيوش الدول المعنية للبرهان على قوّة «الناتو الإسلامي» الموكل بملاحقة جيش الدولة الإسلامية الذي خرج من بين صلب وترائب القاعدة التي خرجت بدورها من  أكثر من صلب: إسلامي يوّفر الفتاوى والتعاليم والأموال وطقوس تحويل الإنسان إلى مشروع قاتل أو قتيل موعود بتحصيل ما عزّ تحصيله في الأرض في السماء. و غربي يجود بالحيلة التي تدفع القاتل والقتيل للتقدّم إلى مقتلة يجني وحده ثمارها. وفي سياقات مختلفة قد نقف على أكثر من صلب تنجب الإرهاب لتصريف أمورها داخليا وخارجيا في غابة جيوستراتيجية تعتمد أساليب وحشية لا تليق بالكائن البشري الذي راكم  على مرّ العصور حضارات وأنتج فلسفات وتشريعات ونظم حكم أخرجته من دائرة إخوته الحيوانات ومنحته عجلة قيادة العالم.
سننتظر لنشهد ما سيحصل: حرب تدور بلا غاية  لتنجب  حربا أخرى وقتلى في الطرفين يتنازعان جبة الشهادة. جندي يقاتل جنديا للسبب ذاته وعبث يترك وصيته لابنه العابث. خرائط تتمزّق  وشيوخ قبائل يتمدّدون في اطمئنان خلف سحابات الغبار.
يحدث كل ذلك في زمن خفت فيه صوت العقل بعد أن تمت تصفية كل طلائع النور من قبل جحافل الظلام التي أنجبتها النظم الأبوية التي اتكأت على الدين لضمان دوامها و استخدمت سلاح الفتوى ذاته ضد مشاريع التنوير التي حملها أفراد أرادوا إخراج  العالم العربي الاسلامي من عصور الانحطاط، وبناء إنسان جديد متحرّر من ميراث العبودية وقيودها العصرية.
لا يحارب الإرهاب بالسلاح. لا يحارب الإرهاب بعشرات الآلاف من الجنود. ولا بالسبابات المرفوعة في نشرات الأخبار. يحارب الإرهاب ببناء إنسان غير خائف، مثلا. يحارب الإرهاب بإقامة الديموقراطية. يحارب الإرهاب الظاهر بإزالة الإرهاب الكامن.   

سليم بوفنداسة

 
    • الخروج من حُجرة الكتابة

      خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو الذي فضّل أن يختتم الرحلة في الحجرة ذاتها التي شهدت ميلاد أبطاله، تمامًا كبطله  العجوز "بلانك" المحتجز في غرفةٍ ليُحاسب على ما...

    • قطارُ الباطل

      سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على الجامعات ومراكز البحث، سواء من حيث الاستثمارات والشراكات أو التمويل والتبرّعات التي تهدف إلى الهيمنة والسيطرة على القرار، وهو ما...

    • صعلكة

        أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي بالقوانين ولا بالمبادئ التي راكمتها الإنسانيّة في خروجها الفاشل من الصّراعات الدموية. بل إن "التصعلك" تحوّل إلى ما يشبه العرف في العلاقات الدولية،...

    • ضرورة التفكير في المجتمع

        سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا السلطات لفتح تحقيق حول قيّامه بنشاط غير مرخص، في مبادرة حضاريّة تكشف عن وعي الجمعيّات وتحمّلها مسؤوليّة التصدي لآفات ظلّت لفترة...

    • المخفيّ

      حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان ذلك سنة 2003، أي قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وكان محمد ديب أكبر كاتبٍ جزائري، عاش عمرًا مديدًا يكفي لاستدراجه إلى توثيق يخدم...

    • اختراق

      شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة للفلسطينيين، ويمكن أن نقرأ ما يندى له الجبين في تعليقات عربيّة على الجهود الدبلوماسيّة لوقف المذبحة، أو على التضامن مع الضحايا، حيث...

    • خِفّـــة

      يبحثُ المتحدّثُ عن العبارة التي ستبقى  في أثير الله الأزرق بعد أن يفنى الكلام، عبارةٌ واحدةٌ تكفي كي يبقى، لذلك صارت استراتيجيات التّواصل تُبنى على عبارات يوصى بإلقائها وسط موجة الكلام، في حملات الانتخابات وفي الخُطبِ والتدخلات في وسائل...

    • وصفُ السّعادة!

      تجري الحياة في فضاءات أخرى وليس على المُستطيل الأخضر، رغم المُتعة التي توفرها كرة القدم، باعتبارها مسرح فرجةٍ في عصرنا، يلتقي فيه الشغف الكونيّ. صحيحٌ أنّ هذه اللّعبة، تجاوزت حدود الرياضة بعد ظهور "المستثمرين" والتجّار من باعة...

    • القيمة والشّعار

      يخترقُ المنتوج الثقافيّ الحدود واللّغات، بجودته أولًا وأخيرًا، وقد يفوق تأثيره التوقّعات، لذلك استغلّت بعض الأمم المُتصارعة على المسرح الكونيّ الفنون لتمرير رسائل تستهدف وجدان البشر و تستدعيه في لعبة استدراج و تماهٍ، عبر صوغ...

    • كبارُ "الباعة"!

      سخر كمال داود من الصّفة التي يطلقها العرب والمسلمون على ضحايا العدوان الهمجي على غزّة، ووجد الوقت والمتعة للتّنكيل اللّغوي بمنكّل بهم في الواقع، لكنّ اللّغة ستخونه، قطعًا، في وصف القتلة، لأنّ حريّته تتوقّف عند جثث الضحايا،...

    << < 1 2 3 4 5 > >> (5)
الرجوع إلى الأعلى