عشرات الأحجار الأثرية دُمرت في مشروع الطريق السيار بقسنطينة
كشف، أول أمس السبت، الدكتور عبد الرحمن خليفة من قسنطينة بأن العشرات من الأحجار الأثرية دمرت بسبب مشروع الطريق السيار شرق غرب بجبل الوحش، كما دعا إلى المطالبة باسترجاع القطع التاريخية المنهوبة من الجزائر منذ عهد  الاستعمار الفرنسي.
وقال المختص في علم الآثار والتاريخ عبد الرحمن خليفة، في محاضرة ألقاها بقصر الثقافة مالك حداد من تنظيم جمعية نوميديا فنون ومنشورات المجال الحر حول قسنطينة من العهد النوميدي إلى العثماني، إن سيرتا تزخر بالآلاف من الأحجار الجنائزية “الدولمن”، التي تعود إلى ما قبل الحقبة الرمانية والمتناثرة عبر مختلف مناطقها، لكن العشرات منها بمنطقة جبل الوحش قد دُمرت خلال إنجاز الطريق السيار شرق غرب. وأشار نفس المصدر إلى أنها ذات أهمية تاريخية بالغة، لأن عددها الكبير دليل على أن الشرق الجزائري كان يضم كثافة سكانية أكبر من الغرب، في حين اتخذت قسنطينة كمركز بفضل تحصينها الطبيعي، حيث تمت محاصرتها ثمانين مرة على مر التاريخ، ولم تتمكن أية قوة من اختراقها إلى غاية احتلالها من طرف الفرنسيين في سنة 1837.
واعتبر المُحاضر بأن تظاهرة عاصمة الثقافة العربية اختزلت تاريخ مدينة قسنطينة في مرحلة محدودة لكونها شهدت تعاقبا لعدة حضارات مختلفة، اعتنق خلالها الإنسان النوميدي عدة ديانات وعاش أحداثا تاريخية عدة، كما خرج منها نوميديون عظماء تبوأوا مناصب علمية وسياسية هامة، على غرار الفيلسوف ماركوس كورنيليوس فرونتو الذي تولى مهمة تعليم إمبراطورين رومانيين، ويوليوس ابن تيديس الذي وصل إلى منصب المسؤول الأول على مدينة روما والرجل الثاني في الإمبراطورية الرومانية. وتحدث الدكتور خليفة أيضا عن تاريخ المدينة الإسلامي والمسيحي واليهودي، موضحا بأن المسجد الكبير بشارع العربي بن مهيدي أنجز مكان معبد للآلهة فينوس، أين ما زالت إحدى الكتابات المهداة إليها موجودة في أحد  الأعمدة.
وعرض الباحث صورا للأنصاب الخاصة بالنذور، والتي تحمل صور الآلهة تانيت ونقوشا أخرى، حيث عثر على أكثر من 800 منها أسفل دار الثقافة آل خليفة حاليا إلى غاية أعلى حي سان جون، كما عُثر على مجموعة أخرى بموقع الحفرة بشارع بيدي لويزة، لكن السلطات الاستعمارية حولت أكثر من مائة منها إلى متحف اللوفر بباريس، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة أخرى من الآثار الجزائرية، على غرار لوحة فسيفساء خلاقة عثر عليها بالقرب من أقواس نقل المياه بجنان الزيتون تعرض حاليا بفرنسا، حيث شدد على ضرورة المطالبة باسترجاعها، لكنه ذكر بأن الأمر يجب أن يتم بإرادة سياسية من السلطات العليا للبلاد.
وتحسر الدكتور خليفة على تدهور وضعية منازل النبلاء بالمدينة القديمة، حيث قال إنه لم يجد منزلا واحدا متماسكا خلال تأليفه لكتاب حول قسنطينة، التي قال إنها تضم مدينة تحت أرضية كانت تستغل من طرف السكان لتخزين القمح، كما قال إن  بعض الآثار ما قبل الإسلامية ما زالت بارزة في بعض الأحياء على غرار الربعين شريف. وانتقد المتحدث تعامل السلطات المحلية في مجال الآثار القديمة وتراث المدينة بمنع الأشخاص من التقاط الصور لكثير من المعالم.
وشهدت الفقرة الأخيرة من المحاضرة التي سيرتها مديرة المتحف الجهوي سيرتا نقاشا ساخنا، حيث تحدث بعض الحضور عن تعرض بعض آثار المدينة للتخريب والسرقة، فيما نظمت عملية بيع بالإهداء لكتاب الدكتور عبد الرحمن خليفة حول مدينة قسنطينة بعد المحاضرة.                         
سامي .ح

الرجوع إلى الأعلى