الأرصاد الجوية تتوقع تسجيل 40 درجة  إلى غاية 15 أوت القادم
تتوقع مصالح الأرصاد الجوية بقسنطينة ، إستمرار إرتفاع درجات الحرارة طيلة الأسبوعين الأولين من شهر أوت الجاري. ويرتقب أن تستقر إلى غاية 15 أوت القادم ، في حدود 40 درجة مئوية ، و هي فترة سيتخللها إنخفاض في الحرارة إلى 34 درجة يوم السبت القادم فقط ، قبل أن تعود للإرتفاع مجددا.
أوضح مهندس المصلحة أنيس كنيدة ، بأن أقصى درجة حرارة سجلت يوم 30 جويلية الماضي و قدرت بـ 43 درجة تحت الظل، مرجعا موجة الحر التي تمس قسنطينة و عدة ولايات بالوطن منذ شهر، إلى تمركز مرتفع جوي فوق حوض المتوسط و شمال إفريقيا ، مصحوبا بتيارات جنوبية غريبة حارة و مرتفعة ، أدت إلى زيادة معدل الرطوبة.
كما أكدت ذات المصالح ، بأن مستويات الحرارة المسجلة طيلة الفترة المذكورة لم تتجاوز المعدل الموسمي الطبيعي ، إلا مرة واحدة ، كونها ناتجة عن تغييرات جوية عادية تحدث بشكل مستمر بمنطقة المتوسط المعروفة بمناخها الساخن، و الذي تمتد تياراته إلى منطقة شمال إفريقيا . إضافة إلى ذلك فإن موقع قسنطينة القريب جدا من الجنوب الشرقي و مدن الصحراء ، وراء إرتفاع درجات الحرارة الناتجة عن التيارات الجنوبية المحملة بالهواء الساخن و الغبار. عن سبب الإحساس المبالغ فيه بالحرارة وسط المدينة ، يعود حسب ذات المصدر، إلى فوضى العمران . لأن  العمران يحد من حركة التيارات الهوائية و بالتالي يؤدي إلى إرتفاع محسوس في الحرارة بمعدل 4 درجات عن المستوى العادي .
وأشار مهندس الأرصاد الجوية أنيس كنيدة ، إلى أن الحرارة المسجلة ليست وليدة تغيرات مناخية استثنائية ، تستدعي إعداد نشرية خاصة ، على إعتبار أن لها علاقة مباشرة بظاهرة الإحتباس الحراري أو أية متغيرات ذات صلة . مؤكدا بأنه و طيلة 100 سنة من المراقبة العلمية الدقيقة للمناخ ، أثبتت دراسات المنظمة العالمية للأرصاد الجوية ، بأن حرارة الجو إرتفعت بدرجة واحدة فقط .
و يفسر المختص الإختلاف المسجل بين درجات الحرارة اليومية التي تعلنها نشريات الأرصاد الجوية ، و الدرجات المبالغة التي يكشف عنها جهاز قياس الحرارة داخل السيارات و التي فاقت 50 درجة ، بإختلاف طريقة الرصد ، فالأولى دقيقة متعارف عليها دوليا و تتم وفق معايير مدروسة ، تعتمد على تسجيل الدرجات المتحصل عليها داخل ملجأ صغير مهيأ لذات الغرض، و يتم تنصيبه على علو يزيد عن 200 متر فوق سطح البحر. أما الدرجات التي يعرضها مؤشر السيارة فتعكس درجة حرارة المركبة المغلقة و تحتكم لمستوى علوها إضافة إلى حرارة المحرك، و بالتالي فهي غير ثابتة و غير موثوقة.  نور الهدى طابي

هاجس الزلازل يؤرقهم و محلات البوظة المتنفس الوحيد
موجة الحرّ تدخل المدينة في سبات و تحبس القسنطينيين داخل منازلهم
يلاحظ المتجول في شوارع قسنطينة بداية من الساعة الحادية عشرة صباحا و إلى غاية السادسة زوالا ، بأن المدينة تغط في سبات عميق . تراجعت حركة المارة و أغلقت غالبية المحلات أبوابها . واجهات العمارات يميزها مظهر النوافذ المغلقة بإحكام بسبب موجة الحر التي جعلت القسنطينيين يفضلون “ الإعتكاف “ في منازلهم إلى غاية غروب الشمس.
حرارة الطقس التي بلغت درجات قصوى منذ بداية الشهر الماضي و وصلت حد 46 درجة مئوية مع أول أيام أوت الجاري ، صاحبها إرتفاع محسوس في رطوبة الجو التي بلغت 40 بالمائة . هذا ما زاد من معاناة القسنطينيين المضطرين لقضاء الصائفة في منازلهم أو خلف مكاتب العمل ، نتيجة نقص كبير في مرافق الإستجمام و السياحة ، وهو ما دفع بالأطفال و الشباب إلى السباحة في مياه المجمعات المائية و النافورات.
العائلات القسنطينية إتخذت بدورها كافة الإحتياطات لمواجهة موجة الحر، فالنوافذ تغلق بإحكام و لا تفتتح إلا بعد الزوال بفترة . يعتمد الجميع على المكيفات الهوائية، و هي العادة التي خلقت مشكلا إضافيا يتمثل في إنقطاع التيار الكهربائي الناجم عن ضغط الإستهلاك . ببلدية الخروب مثلا تسجل بها إنقطاعات يومية لمدة 15 دقيقة إلى ساعة كاملة ، بداية من الساعة الثانية ظهرا و إلى غاية الرابعة.
فئة أخرى من القسنطينيين تتخوف من خطر الزلازل بسبب درجات الحرارة التي يعتبرها البعض غير طبيعية . إذ يعتقد الكثيرون بوجود علاقة بين حرارة الجو و حركة الزلال . ما جعل البعض يعيش ضغطا نفسيا غير مسبوق . موازاة لذلك إكتفى العديد من المواطنين بشراء مكيفات هوائية ، لا تقل أسعارها عن مليوني سنتيم.
أمام موجة الحر التي تعيشها قسنطينة ، صارت محلات البوظة الواقعة بمدينتي الخروب و علي منجلي ، و بحيي سيدي مبروك و المنظر الجميل ، المقصد الوحيد للعائلات التي تقاطع الشارع نهارا لتجنب الحر و ضربات الشمس القوية . يجد الكثيرون في هذه المحلات مكانا للتنفس و الهروب من ضغط الظهيرة ، خصوصا و أن غالبيتهم يقضون ما بين خمسة إلى ستة ساعات كاملة مختبئين من الحر، سواء داخل منازلهم أو في أماكن العمل.
حركة النقل بشوارع المدينة تأثرت هي كذلك بدرجات الحرارة ، إذ يضطر الفرد إلى الإنتظار مطولا لركوب سيارة أجرة . طبعا إذا توفرت ووافق سائقها على الوجهة المطلوبة ، على إعتبار أن غالبية السائقين يفضلون أخذ قيلولة ما بعد الظهر و إستئناف العمل بعد الرابعة زوالا . آخرون يضطرون إلى إحتمال ركوب حافلات النقل العمومي بإكتظاظها وحرارتها و روائحها و إزعاجها الشديد.   نور الهدى طابي/تصوير: الشريف قليب
  

المختص في علم النفس بن عميرة كمال
المصابون بالأمراض النفسية ممنوعون من الخروج
أكد الطبيب النفسي بن عميرة كمال بأن الإرتفاع الكبير لدرجات الحرارة ، قد يعرض بعض المصابين بالإضطرابات النفسية ، لحالات هيجان يمكن أن تنتهي بالإنتحار . ودعا  أولياءهم إلى الحذر و منع خروجهم للشوارع .
مختص علم النفس العيادي بالمستشفى الجامعي إبن باديس بقسنطينة أوضح أن إرتفاع درجات الحرارة ، يؤثر سلبا على المصابين بإضطرابات عقلية و نفسية . بل قد يؤدي إلى إصابتهم بحالات قلق شديد و هيجان . ما يجعل بعضهم يميل إلى الإنتحار في بعض الحالات .ودعا عائلات هؤلاء المرضى إلى الحذر و عدم السماح لهم بالخروج إلى الشارع ، بسبب السلوك العدواني الذي قد يظهر عليهم، كما أكد بأن الحالة النفسية للمصابين بالأمراض السرطانية تتدهور نسبيا مع إرتفاع درجات الحرارة ، ما يستدعي مرافقتهم للتخفيف عنهم.
و لا تقتصر العدوانية حسب الدكتور بن عميرة على المصابين بالأمراض النفسية و العقلية فحسب ، حيث قال بأن الحر قد يدفع أشخاصا عاديين إلى القيام بسلوكات غير مسؤولة . مرجعا ذلك إلى إفتقار العديد من السيارات لمكيفات الهواء ، ما يجعل سائقيها يعانون من ضغط شديد . كما أشار إلى أن الحرارة تؤثر على الجهاز العصبي للإنسان . وما يزيد من خطورة الأمر هو نقص مرافق التسلية و الترفيه، التي من شأنها تخفيف الضغط على المواطنين ، و خصوصا كبار السن.     سامي/ ح

تخوفا من التعرض لمشاكل صحية
تراجع الإقبال على المكيفات و إنتعاش تجارة المراوح الكهربائية
أجمع العديد من أصحاب محلات بيع أجهزة التبريد بقسنطينة ، على تسجيل تراجع في مبيعات المكيفات الهوائية مقارنة بالعام الماضي ، رغم موجة الحر التي تشهدها الولاية ، مقابل إرتفاع في الطلب على المراوح الكهربائية و المبردات التي تعمل بالبخار و يسهل تحريكها . كما أن أسعارها مناسبة برأي التجار، و يرى الكثيرون بأنها تجنبهم المخاطر الصحية التي تسببها المُكيفات.
وكلاء كبريات العلامات التجارية المتخصصة في إنتاج الأجهزة الكهرومنزيلية و أجهزة التبريد ، سواء المحلية أو المستوردة ، أوضحوا بأن تراجع الإقبال على شراء المكيفات الهوائية رغم إرتفاع درجات الحرارة ، يعود إلى إكتفاء العديد من العائلات بهذه التجهيزات التي بيعت بكثرة في موسم الحر العام الماضي ، فضلا عن زيادة الوعي لدى المواطنين بالمخاطر الصحية لهذا الجهاز، الذي قد يؤدي سوء إستخدامه إلى الوفاة ، أو إلى أمراض الصدر و الأنف و الحنجرة ، إذ لا تتعدى مبيعات المكيفات 4 إلى 5 أجهزة يوميا ، في وقت كانت تتجاوز العشرة يوميا العام الماضي .
العزوف عن شراء المكيفات عوضه المستهلكون بالتوجه نحو إقتناء المراوح الهوائية و جهاز التبريد عن طريق البخار، الذي يعد منتجا جديدا نوعا ما في الأسواق الجزائرية . يقول الوكلاء و بعض أصحاب محلات التجهيزات الكهرومنزلية ، بأن مبيعاته تتجاوز 7 إلى 12 أجهزة في اليوم ، نظرا لملاءمة أسعار هذه المبردات و كذا المراوح و فعاليتها ، فضلا عن سهولة تحريكها ، ما جعلها منتوجا أكثر ملاءمة مقارنة بالمكيفات الهوائية المكلفة والتي يصعب تركيبها ، و يعد تفكيكها أو محاولة نقلها من غرفة إلى أخرى أمرا متعبا وغير يسير .
لاحظنا خلال جولة إستطلاعية للعديد من محلات وكالات البيع على مستوى منطقة “ لوناما “ ، بأن الأسعار كانت مستقرة عند معدلاتها العادية . لم تعرف إرتفاعا يذكر . يفسره الباعة بمحدودية الإقبال ، فسعر مكيف الهواء الجزائري الصنع يقدر بـ 34 ألف و 500 دينار جزائري ، و هو تقريبا نفس الثمن المفروض على مستوى المحلات و كذا الوكالات المعتمدة . بالنسبة للمكيفات المستودة فتتراوح أسعارها بين 42 ألف و 45  ألف دينار جزائر.
 أما بالنسبة للمراوح الهوائية التي تشكل نسبة 80 بالمائة من طلبات الزبائن ، حسب ما أكده مسؤول مبيعات بإحدى وكالات الأجهزة الكهرومنزلية جزائرية الصنع، فتتراوح بين 3 آلاف دينار إلى  5500 دينار، و هو ما شجع الكثيرين في الإقبال عليها . فيما تختلف أسعار مبردات الجو حسب أحجامها و جودتها . إذ يبلغ سعر المبردات الجزائرية 4 آلاف دينار و منها ما يباع بـ 7 آلاف دينار.
سعر المبردات المستوردة من 9 آلاف دينار و قد يصل إلى 1200 دينار فقط، كما أكد لنا التجار أن المنتجات الأكثر طلبا بين الزبائن، تكون غالبا محلية الصنع، حيث زاد الإقبال عليها على حساب المستوردة ، نظرا لسهولة التمكن من خدمات ما بعد البيع و الصيانة ، من طرف مصانعها الأم و في وقت قصير.    نور الهدى طابي

رئيس قسم الاستعجالات بمستشفى علي منجلي
الإستعمال المفرط للمكيفات قد يشل عضلات الوجه
يحذر رئيس قسم الاستعجالات بمستشفى المدينة الجديدة علي منجلي بقسنطينة، من المخاطر الصحية التي قد تنجم عن الإستعمال المفرط للمكيفات ، و من بينها إمكانية التعرض لشلل في عضلات الوجه . كما ينصح بشرب كميات كبيرة من المياه بالنسبة للأطفال و كبار السن ، حتى يتفادون  العطش.
الدكتور خيري مسعود  دعا المواطنين إلى تجنب الجلوس بالقرب من المكيفات الهوائية ، أو الوقوف قبالة البراد مباشرة بعد التعرض إلى الحرارة المرتفعة خلال فصل الصيف . لأن ذلك يمكن أن يؤدي إلى حدوث شلل على مستوى عضلات الوجه . بل حتى إلى توقف عضلة القلب و الوفاة في الحالات التي يشرب فيها الإنسان الماء البارد ، أو يتوجه فيها للسباحة أو الإستحمام بالمياه الباردة مباشرة ، في وقت تكون درجة حرارة جسمه مرتفعة .و أوضح رئيس قسم الاستعجالات في اتصال بالنصر، أن مخاطر جفاف الجسم الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة، تهدد بكثرة فئة الأطفال الصغار و كبار السن، الذين لا يتنبهون إلى أن جسدهم في حاجة إلى المياه، لعدم الإحساس بالعطش بشكل كبير، إذ يمكن أن يتعرضوا لانخفاض في الدورة الدموية، بسبب انسداد الأوعية الناجم عن نقص المياه داخل الجسم، حيث نصح بعدم الخروج كثيرا من المنزل في الأوقات التي تبلغ فيها درجات الحرارة ذروتها، فضلا عن الجلوس بالأماكن ذات درجة الحرارة المعتدلة.
و حذر الدكتور المصابين بأمراض الربو و الأمراض الصدرية، من الرطوبة التي تؤثر على التنفس، حيث نصحهم بالاتجاه إلى المناطق المرتفعة من المدينة قدر المستطاع، على غرار المدينة الجديدة علي منجلي و جبل الوحش، كما أشار إلى أن الحرارة تزيد من ارتفاع الضغط الدموي لدى الأشخاص المصابين باضطرابات ضغط الدم، مؤكدا بأن أمراض التهاب اللوزتين و الزكام تتزايد خلال فترة الحر الشديد، بسبب عدم مراعاة التدابير الصحية. كما شدد نفس الدكتور خيري مسعود على ضرورة عدم استعمال مكيف السيارة لوقت طويل و لمسافات طويلة، لما يسببه من جفاف للجسم، خصوصا وأن حجم السيارة صغير و استعماله لفترة طويلة يجعل من صاحبها و كأنه داخل براد.  

سامي /ح

الرجوع إلى الأعلى