انتهى الموسم الرمضاني هذه السنة، تاركا انطباعا مشجعا يبعث على التفاؤل باستفاقة درامية تعرفها الشاشة الجزائرية، تظهر أولى علاماتها من خلال النقلة النوعية في الجانب التقني مع تطور تقنيات التصوير و التركيب و الإضاءة و الصوت، ناهيك عن تميز الإخراج الفني في أعمال استطاعت أن تحجز لها مكانا على شاشات ومنصات عربية على غرار مسلسل « الرهان»، فيما قدم « البطحة» مثلا نموذجا عن السهل الممتنع الممتع، و حقق « البراني» إلى جانب « دموع لولية» نسب متابعة قياسية.

إعداد / أسماء بوقرن

تبقى التجربة فتية جدا حسب متابعين، والحديث عن النضج الدرامي مبكرا نوعا ما، خصوصا وأن الواقعية تطرح كنقطة ضعف، فيما لا يزال السيناريو يتخبط و يجنح إلى الاستنساخ مستسلما لتيار الرائج عربيا، وهو ما عكسته غزارة المشاهد المتعلقة بالمطاردات و قصص رجال المافيا والمخدرات، ويبقى البعد الفني مقيدا أيضا بسبب سلطة وسطوة الإشهار والمعلنين وعقلية بعض المنتجين.
إجماع على براعة الأداء التمثيلي، اتفق عليه نقاد ومختصون في الإخراج وكتابة السيناريو، قدموا للنصر، تقييما للأعمال التلفزيونية الرمضانية لهذا الموسم، فمنهم من ثمن ما أسماه بالتقدم الإيجابي نحو صناعة درامية محلية مكتملة المعايير، ومنهم من انتقد المحتوى واعتبره استنساخا لا يقدم هوية محلية وإضافة فنية، وتكرارا لمواضيع كلاسيكية مستهلكة، ناهيك عن عدم التحكم في الكتابة الأدبية التلفزيونية والمهارات الإنتاجية.
ولادة جديدة
واصل الإنتاج الرمضاني حفر مجراه هذا الموسم، في مسعى لتوطيد علاقته بالمشاهد الذي عاد إلى شاشته الصغيرة للموسم الثالث على التوالي بفضل وفرة وتنوع الإنتاج، وهي خطوة إيجابية حسب متابعين وولادة جديدة للدراما الجزائرية، التي تعرف زيادة  في معدل الأعمال وتغيرا في نمطها فنيا وإخراجيا مع مراعاة معيار الفرجة.
وقد عكس التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي، اهتمام الجمهور بالمحتوى التلفزيوني الرمضاني ويتضح من خلال متابعة التعليقات أن عقدة السيناريو قد انفكت نسبيا بفضل طبيعة القصص ومستوى الحوار بين الشخصيات، فالتفاعل لم يقف عند عتبة الثناء والملاحظات الإيجابية فقط، وإنما بلغ التأثير حد تقليد بعض المشاهد وتصويرها في مقاطع فيديو، كمشاهد «اللاز» نبيل عسلي في سلسلة «البطحة»    وتكرار لازمته الشهيرة «الباسي باسي حنا ذهب ماشي كاسي» ، واعتماد أسلوبه الهزلي في تمرير محتوى مختلف، وقد كان التأثير أكبر لدى شريحة الأطفال، كما بلغ حد مدرجات الكرة، حيث تداول نشطاء فيديو للاعبي مولودية العاصمة يحتفلون على طريقة «اللاز»، بعد تسجيل هدف في شباك الفريق الخصم.
تميز الموسم كذلك، بنجاح أجزاء ثانية من بعض الأعمال التي حافظت على جماهيريتها مثل السلسلة المذكورة، و
« دار لفشوش» لجعفر قاسم، فيما سقطت مسلسلات في فخ التكرار و الغموض على غرار « 11/11».


سقطة الإشهار
تطور كبير في الجانب التقني طبع غالبية الأعمال، مع تحسن ملحوظ في نوعية الصورة و تراجع محسوس لهفوات المونتاج، فشاهدنا تسلسلا مدروسا للمشاهد في المسلسلات الدرامية و أداء فنيا عاليا، غير أن إدراج الإشهار بشكل مبالغ وصل حد الحشو في مشاهد رئيسية، أثر سلبا على مصداقية الأعمال وأخل برسالة الفن كما عبر البعض، ففي سلسلة «البطحة» مثلا، شكلت قارورات غسول الشعر ومنظف البيوت ديكورا لبعض المشاهد، ما أثار تهكم مشاهدين.
تأثير الإشهار على المضمون الفني، بدا في عديد الأعمال منها سلسلة «دار لفشوش»، أين بالغ المخرج في الترويج لمنتوج الزبدة، وإدراج العلامة التجارية ضمن الحوار الدائر بين الشخصيات، كذلك في مسلسل «حداش حداش» تم الترويج لمنتوج الياغورت، وللعصير في مسلسل «البراني»، ظهرت نوميديا لزول في « دموع لولية» وهي تأكل المرغرين في مشهد داخل المستشفى، وغيرها من السقطات الأخرى  ناهيك عن طول الفواصل الإشهارية التي تصل إلى دقيقتين في بعض الأحيان و تتكرر بمعدل ثلاثة إلى أربع مرات لتقطع تركيز المشاهد و تشتت اهتمامه، ما شكل عامل نفور للمتلقي الذي لم يخف انزعاجه من الأمر مستغلا نافذة المواقع التفاعلية ليعبر عن ذلك.     
نجومية مطلقة لرجال المافيا
ومن الجوانب التي طالها النقد، السقوط في فخ التكرار بفعل معالجة مواضيع مستهلكة وكلاسيكية بطريقة قديمة كما علق متابعون، فمواضيع المافيا والانحراف والقتل والمخدرات طغت على معظم الإنتاجات، وتقاطعت القصة في مسلسلات «البراني» و «الرهان» و «دموع لولية» و «انتقام الزمن»، ويرى البعض، أن للأمر علاقة بالنمط التجاري الرائج عربيا في السنوات الأخيرة وما يطلبه الجمهور، مع ذلك فقد قدمت المسلسلات نوعا من الترويج السلبي للشخصيات الشريرة، من خلال صورة رجل المافيا الوسيم والأنيق الذي ينشط خارج القانون ويتركب الأخطاء، لأنه عاشق ولهان يتعامل بلطف مع محبوبته و بشهامة مع أفراد أسرته و يساعد الضعفاء.
وبهذا الخصوص توضح السيناريست سارة برتيمة للنصر، أن هذا النوع من القصص هو نتاج الانسياق وراء الموضوعات التجارية وإهمال خصوصية الإنتاج، مؤكدة بأن معظم المواضيع اتسمت بالاستنساخ ولم تعبر فعليا عن الهوية الجزائرية، ما يؤثر جدا على النوعية حسبها، مع ذلك فمستوى الإنتاج الدرامي هذا العام مشجع جدا و ينبئ بتطور الصناعة الدرامية مستقبلا.
 uأستاذ الفنون الدرامية الدكتور
 و الناقد حبيب بوخليفة
هناك ضعف في الكتابة للتلفزيون وعدم تحكم تقني
يرى أستاذ الفنون الدرامية والناقد الفني حبيب بوخليفة، أنه لم يحدث تغير كبير في نوعية الإنتاج مقارنة بالعام الماضي، فالمواضيع هي استنساخ لما شاهدناه في أعمال أوروبية لكن بجودة أقل في نظره، فضلا عن الضعف في بناء المسلسلات سببه محدودية مستوى الكتابة الأدبية التلفزيونية.


محدثنا أوضح، بأن الكتابة للتلفزيون تختلف عن الكتابة للسينما وتختلف عن الكتابة للمسرح، فعندما نكتب للتلفزيون فإننا نحاول ربط فصول الحلقات المختلفة في حكاية واحدة وموحدة، ثم تتجزأ إلى فصول أخرى، لكننا للأسف لم نتحكم بعد في هذه التقنيات، إذ نجد في نفس عمل معين لغة سينمائية مبعثرة غير مدروسة.      
وفيما يتعلق بمدى التحكم في استخدام التكنولوجيا وتقنيات التصوير الحديثة، وتوظيفها لتحسين جودة العمل والصورة والتأثير في الجمهور، والتخلص من ثوب الرداءة التقنية التي عانى منها الإنتاج التلفزيوني لسنوات، قال بأن هناك تقدما جزئيا، لكننا لا نزال بعيدين عن المهارة التقنية التي تتطلب وقتا وتكوينا، والقدرة على التفريق بين تقنيات الفيلم الطويل والقصير والمسلسل، واللغة السينمائية

بعمقها وجمالها، خاصة وأن الرقمنة أصبحت في متناول الجميع، و نحن ملزمون حسبه، بالتحكم في استخدامها وضبط زوايا وحركة الكاميرا بما يخدم الموضوع، وتجنب الأخطاء التقنية التي سجلت في عديد  اللقطات هذا الموسم، داعيا إلى توظيف تجهيزات رقمية لتجنب هذه الهفوات، خصوصا وأنه صار بالإمكان إنجاز عمل كامل بهاتف ذكي دون الإخلال بقواعد التصوير.
التمثيل كان
نقطة قوة
وتحدث الناقد أيضا، عن تكرار الفكرة فموضوع المافيا مستهلك جدا في رأيه، والحوار والخطاب في الهاتف بين زعمائها كلاسيكي قديم لم يطور في عمل بذاته، و قد بقي بعيدا عن العصر الحالي، إذ توجد تقنيات حديثة تستخدمها «المافيا» كبديل للهاتف، وكان من الأجدر توظيفها كما قال، موضحا بأن الأداء الجيد لبعض الفنانين الذين يرى بأنهم وفقوا إلى حد كبير في تقمص الشخصيات غطى على هذه الهفوات.                                                                                       
وأشار، إلى أن مضمون الحكاية في بعض المسلسلات، بيّن تناقضات داخل فصول الحلقات، فبعد الحلقة الرابعة يبدأ الملل والضبابية وتثار التساؤلات، وحتى بعض المقاربات المقدمة والرؤى الجديدة للواقع لا تنفع، لأن الفن ليس نقلا حرفيا للواقع وإنما هو تعبير عنه، فالأعمال تقدم نظرة مغايرة ليكون لها دور لأن القيمة الفنية للمسلسل تكمن في الرؤية الإبداعية للمخرج واختراقه للزمان والمكان، موضحا بأن القائم على العمل الفني مطالب بتقديم مواقف فنية جمالية ولغة فكرية سينمائية حوارية، لتوجيه التركيبة الذهنية للمتلقي إيجابيا.
حبيب بوخليفة عبر من جهة ثانية، عن إعجابه الكبير بالمستوى الفني لغالبية الوجوه الدرامية هذه السنة، واعتبره إضافة ثمينة للمساهمة في تقديم إنتاجات ضخمة و قيمة إن وظف بشكل أمثل، مردفا بأن مشكل الدراما الجزائرية يكمن في المقاربات وفي مدى التحكم في تقنيات إنتاج المسلسل، فالمشاهد الانفعالية العاطفية ليس بالضرورة دليلا على نجاح المسلسل، لأن الموضوع يتعلق بوحدة منسجمة تتكون من حلقات وكل حلقة تتضمن حدثا أو أحداثا، هي بدورها متصلة بأحداث أخرى، ثم البحث عن اللغة الجمالية المتعلقة بزوايا التصوير و تأطير الصورة.
وفيما يخص وفرة الإنتاج، قال بأنه لا يعتبر الأعمال المقدمة كافية بالنظر للكثافة السكانية، والقنوات المتوفرة، ناهيك عن حصر بثها في شهر واحد، مشيرا إلى أهمية التحرر من فكرة المناسباتية، كما ذكر أن هناك  منتجين لا يمتلكون رؤية واضحة وقوة الحوار، فما نراه اليوم في إنتاجنا الفني هو حوار يومي يُعاد نقله عبر الشاشة وهذا خطأ.
 وعن عدد المشاهدات، قال بأنه ليس معيارا للنجاح سواء من الناحية المهنية أو من ناحية المهارة الفنية فالمشاهد الجزائري لا يملك خيارات واسعة، ويفضل أشياء من مجتمعه، ليختم بالتنويه إلى أن  ملاحظاته بناءة وليست هدامة، هدفها التشجيع على التكوين والتثقيف للتمكن من التسويق الجيد لمنتوجنا الدرامي في العالم العربي.
uالمخرج علي عيساوي
هناك تقدم في صناعة الدراما بكادر جزائري


ثمّن المخرج علي عيساوي، ما وصفه بالتقدم الإيجابي نحو صناعة درامية محلية بكادر جزائري، يتجلى حسبه في نوعية الأعمال المقدمة، معتبرا سلسلة «البطحة» الأنجح لأنها وفقت في التخلص من عقدة فشل الموسم الثاني..
محدثنا قال، إن السلسلة نجحت في لم شمل عائلات وإعادتها للشاشة الجزائرية، لأسباب عدة ترتبط أساسا بالسيناريو الذي يعد شرطا أساسيا لنجاح أي عمل، إضافة إلى مستوى الكاستينغ واختيار الأسماء القادرة على تقديم أدوار معقدة تنال رضا الجمهور وتترك فيه أثرا، ففي العمل المذكور على سبيل الحصر، كان لكل ممثل حضور مختلف عن الآخر حيث شاهدنا حسبه، أداء ممتعا لفنانين وتأثيرا واضحا لشخصياتهم في المتلقي، يتضح من خلال رجع الصدى البارز و تقليد الكبار والصغار للشخصية.
عامل ثان للنجاح ذكره عيساوي، وهو الإخراج و قال بأنه يتماشى تماما مع الموضوع وأجواء الحي الشعبي، حيث لم نلاحظ كما قال كاميرا ثابتة في غالبية المشاهد، بل لمسنا حركية في الموضوع والأداء والتصوير، كما وفق فريق الإخراج حسبه، في بناء ديكور اصطناعي رغم غياب روح وحيوية الحي الشعبي، مثمنا في المقابل جهد مدير التصوير الذي وفق في تقدريه في تقديم صورة تتلاءم وطبيعة العمل، إذ لعبت الإنارة دورا كبيرا في تفوق السلسلة،  فضلا عن نجاح جوانب أخرى كالإخراج.  
«البطحة» فك عقدة فشل الأجزاء الثانية للأعمال التلفزيونية حسب المخرج، خصوصا وأن المشاهد اعتاد على أجزاء مملة وبدون روح مع تغيير الشخصيات وتراجع الأداء، غير أن «البطحة» نجح في إقناع المشاهد بفضل استقرار الأداء و إدراج عناصر التشويق والتركيز على العقدة الدرامية في كل الحلقات بالرغم من أنها سلسلة هزلية، حيث تنتهي كل حلقة بعقدة درامية، لذلك يصنف العمل كعنوان ثقافي وفني ومرجعا دراميا كوميديا.
بخصوص عرض أعمال جزائرية على قنوات ومنصات عربية هذه السنة، قال عيساوي، إنها نقطة إيجابية يجب العمل عليها أكثر، مع ضبط لغة فنية تلفزيونية سينمائية وإنجاح الحوار بين المؤدي والمتلقي، لتقديم صناعة موجهة لجمهور أوسع عن طريق دارجة بيضاء لا تلغي هوية العمل و انتماءه لكنها تسهل على المشاهد العربي مهمة فهمه، مؤكدا بالمقابل رفضه لفكرة الدبلجة إلى لهجة أخرى.
uعبلة بلعمري كاتبة سيناريو
تنوع المواضيع أتاح خيارات للمشاهد


قالت السيناريست عبلة بلعمري، المتوجة مؤخرا بجائزة أفضل سيناريو في مهرجان دولي بجنيف، أنها تشعر بالرضا عن الأعمال المقدمة هذه السنة، والتي جاءت متنوعة و أتاحت خيارات عدة للمشاهد، شملت الصراع الأسري والإرث وآفة المخدرات، وتفوق بعضها في جوانب تتعلق بالديكور وطبيعة الشخصيات، مع عودة وجوه محبوبة كجميلة عراس، التي تألقت بأدائها في مسلسل «الرهان». وأضافت بلعمري، أنها وقفت على سيناريوهات بأفكار جيدة وبمستوى متفاوت، رغم بعض الجوانب المتعلقة أساسا بضعف توزيع الحوار، فيما لم تلتزم أعمال أخرى بمعايير طبيعة العمل الدرامي، إذ شاهدنا حسبها، سيناريو يشمل أجناسا درامية مختلفة ليخلط بين معايير الفيلم والست كوم والسلسلة، فيما افتقدت معظم السيناريوهات للعقد الدرامية، سواء في البداية أو في المنتصف ما أفرز نهايات متشابهة.
«الرهان» قارب الواقعية
وقالت السيناريست، إن مسلسل «الرهان»، من بين الإنتاجات التي وفقت في انتقاء الممثلين، خصوصا  السيدة جميلة عراس، وأيوب عمريش، الذي لو تتاح له فرص أكبر في الأعمال الاجتماعية والتاريخية سيقدم أداء جيدا حسبها، كما نجح الفريق التقني و على رأسه المخرج في تقديم نوعية صورة وديكور بسيطة قريبة للواقع ولفكرة العمل، وفي انتقاء ملابس الممثلين والموسيقى.
 كما ذكرت مسلسل «البراني» الذي نحج في رأيها في طريقة المعالجة التي تتماشى مع طبيعة المواضيع التي تصب في قالب الآفات الاجتماعية كالمخدرات، وكذلك الأمر بالنسبة لمسلسل «دموع لولية» الذي قدم في إطار درامي اجتماعي يعالج مشكلة الميراث، حيث نجح الممثلون كما عبرت، في تقديم القصة بمن فيهم حسان كشاش.
واعتبرت أن سلسلة «البطحة» وفقت في استقطاب الجمهور، وفي تقديم فكرة بسيطة مثقلة بالعبر ضمن قالب اجتماعي مشوق يعد الأجمل هذا الموسم  في نظر بلعمري، التي أثنت على فكرة تقديم بطولة نسائية مطلقة  لشخصية « ربيعة» وذلك على غير العادة.
وما لفت انتباه المتحدثة في الإنتاج الدرامي هذا العام، هو  تقليص عدد حلقات المسلسلات بـ 20 حلقة فقط، مرجعة السبب لاعتبارات عدة قد تتعلق كما قالت، بنقص الإمكانات الإنتاجية أو لضيق الوقت أو لاتباع الاستراتيجية الإنتاجية الفنية الرمضانية المنتهجة في بعض الدول العربية.
uالمخرج مهدي تسابست
ضيق الوقت حال دون إبراز الكفاءة الإخراجية
يرى المخرج مهدي تسابست، بأن هناك أعمالا درامية عرضت في رمضان هذه السنة ،عكست تطورا في مجال الإنتاج الدرامي وسمحت بظهور أسماء إخراجية و وجوه تمثيلية مميزة وذات بصمة، رغم بعض النقائص التي أثرت على الجودة كالتقليد و البعد عن الواقعية التي تعبر في الأساس عن الهوية الجزائرية.
قال محدثنا، بأننا نمتلك من الطاقات ما يكفي لإنجاز أعمال أفضل بكثير، إلا أن ضيق الوقت يحول دون ذلك، لأن الانطلاق في التحضيرات مبكرا عامل مهم جدا في الإنتاج التلفزيوني، مشيرا إلى أن هناك أعمالا لا بأس قُدمت خلال الشبكة الرمضانية فيما وقعت أخرى في فخ التقليد، وعجزت عن التجديد الدرامي بما يلبي ذوق المشاهد ويعبر عن هويته، فالاستنساخ يجعل عمر العمل قصير ولا يعكس الهوية الجزائرية كما أوضح، داعيا لتجاوز هذه العقبة خاصة وأننا  نمتلك الكفاءة الإخراجية القادرة على تقديم منتوج جيد يفوق التوقعات، وذلك في ظل توفر الإرادة والتكنولوجيات الرقمية الحديثة.
وحسب المخرج، فإن المستوى لا يزال بعيدا عن التطلعات من ناحية الكم، ومن الضروري العمل على زيادة الإنتاج لتحقيق الاكتفاء أو الإشباع الفني، فمختلف العناوين الدرامية المقدمة متشابهة، كما أن المواضيع ذاتها تتكرر ما يحد من خيارات المشاهد الذي يحب التغيير، فموضوع المافيا مثلا صار مستهلكا.ويعتبر المخرج، بأن جانبا من المسؤولية يقع على عاتق القنوات التلفزيونية التي انساقت وراء يوتيوب لرفع عدد المشاهدات، رغم أن هذه الأعداد ليست مقياسا للنجاح حسبه، مردفا بأن المنصة غير متخصصة في بث المسلسلات وذلك فإنها لا تهتم كثيرا بالجانب المهني الاحترافي. وأردف محدثنا، بأن المخرج له خيارات و رؤية، فعمله يقسم إلى شقين بداية بالعمل على السيناريو والقصة حيث له الحق في إدخال تغييرات عليها، لكونه المسؤول عن صورة متحركة، إلى جانب عمله مع الممثلين و انتقائهم واستغلال الطاقة الكامنة في داخل كل واحد، وهي معايير قال إنها لم تحظ بالاهتمام الكافي في عدد من الإنتاجات الرمضانية، لأن التركيز يكون منصبا على الوقت ويفرض اختيار ممثلين جاهزين ليسوا بحاجة لجهد كبير لأجل تقمص الشخصية، متمنيا أن تكون الشبكة الدرامية القادمة أكثر تجددا وتنوعا و حداثة.            
    أ ب

الرجوع إلى الأعلى