قال أن التجربة الجزائرية في مجال مكافحة العنف ضد المرأة يمكن أن تشكل مرجعا مفيدا

سلال يؤكد أن الدفاع عن حقوق المرأة من أولويات عمل الحكومة
أكد الوزير الأول، عبد المالك سلال، أمس الإثنين بالعاصمة، أن التجربة الجزائرية في مجال مكافحة العنف ضد المرأة يمكنها أن تشكل «مرجعا مفيدا»، مضيفا أن الدفاع عن حقوق المرأة من بين أولويات عمل الحكومة.
و في كلمة له في افتتاح أشغال الجمعية العامة الخامسة لإعلان كيغالي، قال سلال أن التجربة الجزائرية «يمكنها أن تشكل مرجعا مفيدا كون الدفاع عن حقوق المرأة ومكافحة كل أشكال العنف الممارس ضدها يشكل أولوية العمل الذي تقوم به الحكومة الجزائرية في ضوء توجيهات رئيس الجمهورية الذي يؤكد دوما أنه حان الوقت لإعطاء النصف الأخر من مجتمعنا المكانة التي يكرسها لها الدستور».
وذكّر باعتماد الجزائر عام 2007 لإستراتيجية وطنية لمكافحة العنف ضد النساء، التي ترتكز - مثلما أوضح - «على محاور الحماية والإدماج الإجتماعي والإقتصادي وكذا الإصلاحات القانونية والمؤسساتية التي جاءت على ضوئها المصادقة في ديسمبر الماضي على قانون جديد لمكافحة العنف ضد النساء لتجسيد إرادة الدولة في ترقية المرأة وتعزيز الترسانة المجرمة للعنف والحامية لمصالحها وكرامتها».
و في ذات السياق، ذكر سلال بتأسيس جائزة وطنية لمكافحة العنف ضد النساء «دعما لجهود التحسيس والوقاية و التربية»، مضيفا أن هذه العناصر من شأنها المساهمة في تصحيح الأفكار المسبقة التي تقوم عليها الفوارق وأشكال العنف.
وأكد الوزير الأول عزم الحكومة على مواصلة العمل على مختلف المستويات من خلال مبادرات تضمن إحترام حقوق المرأة في كل المجالات و الظروف.
من جهة أخرى، قال سلال أن هذا الإجتماع يمثل «إستجابة القارة الإفريقية
لنداء الأمين العام الأممي الذي أطلقه في فيفري 2008 من أجل وضع حد لجميع أشكال العنف ضد النساء و البنات».
وأبرز أن هذه الآفة تعتبر من «أخطر إنتهاكات حقوق الإنسان وأقدمها»، لافتا إلى أنه برغم الجهود المعتبرة في مجال مكافحة هذه الآفة لازالت علينا مسؤولية مواصلة العمل لوضع حدّ لجميع أشكال هذا العنف المقيت».
كما اعتبر الوزير الأول أن «ما تم تحقيقه في بضع سنوات معتبر ومشجع»، لكن الهدف السامي - كما قال- «لا يزال بعيد المنال». وأشار في ذات السياق إلى أهمية هذا اللقاء «لتقييم أعمال المنظومة الأممية والجهود القارية وبالخصوص الأجهزة الأمنية».
وأكد على أهمية التعاون بين الأجهزة الأمنية الإفريقية وأفريبول في تشخيص أفضل الممارسات»، ومنح العمل الإفريقي المشترك دفعا جديدا لمواجهة تحدي العنف ضد النساء.
ق و

الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يؤكد من الجزائر

لا يجب التسامح بتاتا مع الذين يمارسون العنف ضد المرأة
علن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أمس الإثنين بالعاصمة، عن إنعقاد قمة للشرطة يومي 2 و3 جوان المقبل في نيويورك، داعيا الجميع للمشاركة في هذا اللقاء لتبادل الآراء حول التكفل بالتحديات الأمنية، و كذا دور الشرطة في ذلك.
و جاء الاعلان عن هذه القمة في كلمة ألقاها بان كي مون في إفتتاح أشغال الجمعية العامة الخامسة لبيان المؤتمرالدولي لكيغالي والمخصصة لدور أجهزة الأمن في وضع حد للعنف الممارس ضد النساء والفتيات.
وأكد بالمناسبة أنه «لا بد من رفع التحديات الأمنية التي تواجهنا ومنها ظاهرة العنف ضد المرأة» ، داعيا الجميع إلى «التضامن أكثر وعدم التسامح بتاتا» مع أولئك الذين يمارسون العنف ضد المرأة والفتيات.
وقال الأمين الأممي في هذا السياق، «عملنا يشمل كافة إجراءات الوقاية والإجراءات الردعية خاصة فيما يتعلق بقضايا العنف ضد النساء للقضاء على اللاعقاب نهائيا».
 وأعرب بان كي مون عن إنشغاله الكبير إزاء ما يجري في إفريقيا الوسطى من عنف جنسي الذي تتعرض له الفتيات وتورطت فيه بعثة «المينوسكا» (قوات حفظ السلام في إفريقيا الوسطى). وأشار إلى الإجراءات التي إتخذتها الهيئة الأممية و التي شملت طرد المفوض الأممي التابع للأمم المتحدة ، متأسفا لكون العديد من القضايا المشابهة «لا تصلنا ومنها سوء المعاملة».
وأشار المسؤول الأممي إلى تنصيب لجنة تحقيق في هذا الإطار ودعوة رئيس الشرطة الكندية للتكفل بمثل هذه التقارير. وخلص بان كي مون قائلا «بصفتي أمين عام للأمم المتحدة أدعو للقضاء على هذه الممارسات غير المقبولة المتعلقة بالعنف الجنسي وعلينا أن نعطي الفرص للنساء لنضمن لهن مستقبلا أفضل».
من جهة أخرى، قام الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون في اليوم الثاني و الأخير من زيارته الرسمية إلى الجزائر بالتوجه أمس للمدرسة الابتدائية محمد معزوزي بزرالدة بغرب العاصمة.
وقد حضر بان كي مون الذي كان مرفوقا خلال هذه الزيارة بوزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي رمطان لعمامرة ووزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط وممثلة البرنامج الأممي للتنمية بالجزائر كريستينا آمارال جزءً من درس حول التعبير الشفهي.
وفي تصريح للصحافة أكد بان كي مون استعداد الوكالات الأممية للتعاون مع وزارة التربية الوطنية لضمان «تعليم ذي نوعية».
وقال الأمين العام الأممي أن «التربية تعد من أولويات الأمم المتحدة لبلوغ اهداف التنمية المستدامة» مشيرا الى اهمية توفير وسائل التعليم للأطفال ليصبحوا مواطنين «منتجين ومبدعين وقادرين على تغيير الأمور».
ق و

وزيرة التضامن أشارت إلى تضمنه لقاءات وندوات بالجامعات والمؤسسات العمومية والخاصة

إطلاق برنامج تحسيسي لتعزيز مكانة المرأة في المجال السياسي
أعلنت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، مونية مسلم، أمس الاثنين، عن اطلاق برنامج تحسيسي يهدف إلى تعزيز مكانة المرأة وتواجدها في المجال السياسي.
وأوضحت مسلم أن هذا البرنامج الذي بادرت به الوزارة بالتنسيق مع الجمعيات يتضمن تنظيم لقاءات وندوات بالجامعات والمؤسسات العمومية والخاصة لحث المرأة على أهمية الالتحاق بالنضال السياسي والتألق فيه.
وأكدت الوزيرة في تصريح إذاعي أن هذا البرنامج يرمي إلى تزويد المرأة بمختلف آليات التحاقها بالعمل السياسي، مشيرة إلى أن عددا كبيرا من النساء أثبتن جدارتهن وحققن نجاحات في مختلف المجالات بما يسمح لهن من ولوج عالم السياسة.
في سياق متصل، أشارت إلى بعض مواد الدستور من بينها تلك الرامية إلى ضمان المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات وترقية التناصف بين الرجال والنساء في سوق العمل، وكذا تلك الرامية إلى ترقية المرأة في مناصب المسؤولية في الهيئات والإدارات العمومية وعلى مستوى المؤسسات.
من جهة أخرى، ذكّرت الوزيرة بالآليات التى تمنحها الدولة في مجال أجهزة دعم التشغيل والتى تفتح فرص التحاق المرأة بسوق العمل أو بانشاء مشاريع عن طريق العمل المقاولاتي.
ولدى تطرقها إلى بعض مؤشرات تواجد المرأة في سوق العمل أكدت الوزيرة أن عدد النساء العاملات في الفترة الممتدة ما بين 1962 إلى سنة 2015 انتقل من 90.500 امرأة الى 1.934.000 حسب معطيات الديوان الوطني للاحصاء، أي ما يمثل أزيد من 18 بالمائة من مجموع القوى العاملة في نفس الفترة.
وفي سياق آخر أكدت الوزيرة أنه تم اتخاذ عدة إجراءات لمرافقة المرأة العاملة، مشيرة إلى أن مشروع ميثاق المرأة العاملة الذي بادرت به الوزارة يتضمن عدة مقترحات من بينها تمديد عطلة الأمومة وفترات الرضاعة والتكثيف من مراكز للحضانة.
وأوضحت الوزيرة أن هذا المشروع يهدف إلى مرافقة المرأة العاملة لمساعدتها على أن توفق بين دورها المهني من جهة وبين مهامها داخل الأسرة من جهة أخرى. وأكدت في نفس السياق، أن عدة دراسات أثبتت أن تمديد عطلة الأمومة وأوقات الرضاعة لفائدة المرأة العاملة له «مردود ايجابي على المدى المتوسط وفي عدة مجالات.
ق و

في الجمعية العامة الـ 5 لبيان المؤتمر الدولي لكيغالي المنعقدة بالعاصمة

تكريم الرئيس بوتفليقة عرفانا بجهوده في ترقية المرأة
تم تكريم رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، أمس الإثنين بالعاصمة، «عرفانا وتقديرا لمجهوداته الهادفة الى ترقية وحماية المرأة الجزائرية» بمناسبة إنعقاد الجمعية العامة لبيان المؤتمر الدولي لكيغالي حول دور الأجهزة الأمنية في وضع حد للعنف ضد النساء والفتيات.
و تسلم هذا التكريم الوزير الأول عبد المالك سلال، من أيدي المدير العام للأمن الوطني اللواء عبد الغني هامل. كما تم بالمناسبة أيضا تكريم كل من السيد سلال والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والمفتش العام للشرطة الرواندية، إيموانيل كزانا، و كذا اللواء هامل.
وكانت أشغال هذا الندوة، التي تنظمها المديرية العامة للأمن الوطني، قد انطلقت صبيحة أمس بإقامة جنان الميثاق، بحضور السيد سلال والأمين العام الأممي وعدد من أعضاء الحكومة.
و يشارك في هذا اللقاء، الذي يندرج في إطار مواصلة تعزيز علاقات التعاون بين مصالح الشرطة على مستوى القارة الإفريقية، ممثلو مصالح الشرطة الإفريقية ووكالات الأمم المتحدة المتواجدة بالجزائر.
ويعكف المشاركون على مدى يومين، على تبادل التجارب والخبرات فيما يخص مكافحة العنف ضد المرأة وعرض الإصلاحات التي باشرتها أجهزة الشرطة بالقارة الإفريقية فيما يخص مكافحة العنف ضد النساء والوقاية منه.
ق و

المدير العام للأمن الوطني اللواء عبد الغني هامل

20 ألف موظفة تعملن بأجهزة الأمن الوطني بينهن 427 يشغلن مناصب قيادية
أكد المدير العام للأمن الوطني، اللواء عبد الغني هامل، أمس الإثنين بالعاصمة، أن الجزائر مستمرة في تدعيم ترقية حقوق المرأة لاسيما من خلال تطبيق مبدأ المساواة بين الرجل و المرأة المكرس دستوريا.
و في كلمة له في إفتتاح أشغال الجمعية العامة الخامسة لإعلان كيغالي، قال اللواء هامل «إن الجزائر مستمرة في سياق الإصلاحات التي يقوم بها السيد رئيس الجمهورية الرامية في تدعيم الضمانات المتعلقة بترقية حقوق المرأة لا سيما تطبيق مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة المكرس دستوريا».
وأشار إلى أن احتضان الجزائر لهذه الندوة وبرمجتها عن قصد مع اليوم العالمي للمرأة، هو تحية للمرأة الإفريقية و الجزائرية على التضحيات التي قدمتها والكفاح الذي خاضته خلال مختلف مراحل تاريخ بلادنا.
وأشاد اللواء هامل بدور رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، في ترقية حقوق المرأة و في تثمين دورها في بناء الجزائر.
وأوضح أن المقاربة المعتمدة من طرف الشرطة الجزائرية في مكافحة كل أشكال المساس بحق النساء والقصر بشكل عام «ترتكز أساسا على تنمية الوسائل و القدرات المهنية وتوطيد علاقة الثقة مع المواطنين وكذا ترقية المجتمع المدني و الشراكة المؤسساتية».
بالمناسبة، أبرز اللواء هامل أن مصالح الشرطة الجزائرية تتوفر على قوى من العناصر النسوية تقدر بـ 20 ألف موظفة من بينهن 427 يشغلن مناصب قيادية.
من جهة أخرى، ذكر المدير العام للأمن الوطني بالحملة التي أطلقها سنة 2008، الأمين العام الأممي، بان كي مون، حول مكافحة العنف ضد النساء والفتيات و كذا بتلك التي أعقبتها سنة 2010 و المسماة «افريقيا متحدة».
وأكد أن هذه المبادرات «مكنت من إرساء أسس للتعاون الإقليمي الثري والمثمر في هذا المجال» و «تهدف إلى تعميم عمل المنظومة الأممية وتبادل الخبرات والتجارب المكتسبة من طرف الأجهزة المكلفة بتطبيق القانون وأيضا الممارسات الجيدة في التكفل بهذه المسائل ذات الأولوية».
ويرى اللواء هامل أن المعالجة المثلى لظاهرة العنف ضد المرأة تستحق مشاركة واسعة وتعبئة كبيرة للمجتمع برمته، مشيرا إلى أن إنماء التعاون الدولي «يبقى أمرا بالغ الأهمية»، لافتا في هذا الإطار إلى أهمية آلية التعاون الشرطي الإفريقي «افريبول».
ق و

قوانين صارمة في مواجهة  مظاهر العنف اللفظي ضد المرأة

ملاحقات و تحرشات في الشوارع و الأماكن العامة

خرج التحرش ضد النساء عن دائرته الضيقة و صرنا نراه كل يوم في الشوارع و داخل وسائل النقل و حتى في الفضاءات المغلقة، غير أن الجهات الأمنية سجلت نقصا في الظاهرة منذ إقرار قانون تجريم العنف ضد المرأة، و بدأت في تلقي شكاوى الضحايا، لكن الكثير من النساء اللواتي تحدثنا إليهن، لازلن يخشين من خطوة التبليغ و دخول أروقة المحاكم، بسبب الخوف من نظرة المجتمع.
استطلاع: ياسمين بوالجدري
لأول مرة في تاريخ الجزائر و بعد جدل حرّك الساحة السياسية لأشهر، دخل القانون المعدل و المتمم لقانون العقوبات الجزائري المتضمن إجراءات جديدة لحماية المرأة، حيز التنفيذ شهر فيفري الماضي، ليسلط عقوبات صارمة تصل إلى 6 أشهر حبسا في حالات التحرش اللفظي، و أقصاها 20 سنة سجنا بالنسبة للعنف الجسدي، و هي إجراءات يرى المختصون أن من شأنها حماية المرأة من جميع أشكال العنف التي قد تتعرض له من الزوج و الأقارب داخل الأسرة، أو في الشارع و مقار العمل، سواء كان العنف جسديا أو جنسيا
أو لفظيا.
و يعلق الحقوقيون على هذا القانون آمالا كثيرة، خصوصا و أن الجزائر أحصت العام الماضي فقط، قرابة 7 آلاف حالة ضد المرأة، و هو رقم، و على ضخامته، لا يعكس حقيقة ما تتعرض له النساء يوميا من تعنيف، حيث تؤكد أرقام رسمية أن قرابة 90 بالمائة منهن  يخشين التبليغ عن المعتدين، لأسباب عديدة أهمها الخوف من نظرة المجتمع، فيما تسجل كل يوم المئات من حالات التحرش اللفظي في الشوارع، ضد نساء تفضل الكثير منهن التزام الصمت لصعوبة إثبات الجرم، لأن مرتكبه عادة ما يكون غير معروف و يسهل عليه التواري عن الأنظار خوفا من المتابعة.
و تكشف آخر الأرقام التي عرضتها المديرية العامة للأمن الوطني، أن ولاية قسنطينة تحتل المرتبة الثالثة من حيث عدد النساء المعنفات، بعد الجزائر و وهران، و قد أجرت “النصر” استطلاعا في أهم شوارع وسط مدينة قسنطينة و تحدثت إلى فتيات و نساء و شباب لمعرفة رأيهم في ظاهرة التحرش و الإجراءات الصارمة التي حملها قانون العقوبات، كما رصدت بعض مظاهر التحرش في الشارع و نقلت بعض صوره.
شيوخ يعاكسون متزوجات و حوامل!
وقفنا في استطلاع أجريناه بمناطق مختلفة من قسنطينة،  على حقيقة أن مظاهر التحرش اللفظي قلّت بشكل ملحوظ، رغم استمرار تسجيل حالات لشباب يجلسون بحواف الطرقات و قرب بعض المؤسسات التعليمية، من أجل اصطياد الفتيات، كما لا تخلو الشوارع الرئيسية من متحرشين بينهم حتى شيوخ تنبز شفاههم التي يحركونها بصعوبة، بكلمات خادشة للحياء توجه لكل امرأة تمر بالقرب منهم، و لا يهمهم إن كانت تلك المرأة متزوجة أو حتى حاملا، و قد شاهدنا في ساحة “لابريش» رجلا يبدو في الأربعينات من العمر و تظهر هيئته عادية، لكن تصرفاته كانت غريبة، فبالرغم من الحركة الكثيفة التي تشهدها هذه الطريق، إلا أن هذا الشخص لم يتردد في الوقوف وسط المكان و توجيه عبارات “تغزل” و أحيانا “إهانة” للنساء اللواتي كن يسرن بجانبه، و كل على ذلك على مرأى و مسمع المارة الذين لم يحرك أحدهم ساكنا.
و على اعتبار أنهن أول معني بقانون تجريم المرأة، اقتربت “النصر” من نساء و فتيات وجدناهن في وسط المدينة، و قد تفاجأنا بأن بعضهن و من بينهن طالبات، لم يسمعن أصلا بالإجراءات الجديدة التي وضعها المشرع الجزائري لصالحهن، فيما أبدت أخريات اطلاعا سطحيا على مضمونه، لكننا لمسنا وعيا بمحتواه عند مجموعة من النساء، حيث قالت لنا إحداهن و هي موظفة بمؤسسة تربوية، أنها سعيدة جدا بالعقوبات الجديدة التي تم إقرارها ضد من يعنف المرأة، غير أنها لم تفكر بعد في التبليغ عمن يتحرش بها في الشارع أو العمل، رغم أنها سردت لنا قصة تعرضها لمحاولة اعتداء في الطريق من طرف متحرش رفضت الانسياق له.
فتيات يسكتن عن المضايقات خوفا من الأهل
و في كل مرة كنا نطرح فيها سؤالا على السيدات أو الفتيات بشأن احتمال إيداع شكوى ضد المتحرش في الشارع، يستغربن أو يبتسمن و كأن الفكرة لم ترد يوما في أذهانهن، حيث ذكرت تلميذة في الطور الثانوي، أنها تخشى كثيرا من هذه الخطوة لأن ردة فعل والدها المتحفظ غير متوقعة و قد تنقلب الأمور لغير صالحها داخل الأسرة، إلى درجة أنها لم تعلم عائلتها بأن شخصا تحرش بها عبر موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» و حاول ابتزازها، فيما قالت زميلتها بأنها أصبحت تضطر للسكوت عن المعاكسين، لأن الرد عليهم سيقابل بتحرش أعنف يمكن أن يصل إلى حد الاعتداء عليها.
و لا يسلم من المعاكسات التي تحمل عبارات السب و الشتم و القذف، أي امرأة مهما كان مظهرها ، بحيث قالت طالبة جامعية كانت ترتدي جلبابا أسودا فضفاضا و لا تضع مساحيق زينة على وجهها، أنها توقعت بأنها ستكون بمنأى عن التحرشات في الشارع بعد التزامها أكثر في اللباس، لكنها تفاجأت بأن الأمر تعقد بتعرضها لمضايقات أكثر، و هو أمر تقول بأنها لم تجد له أي تفسير، معلقة “صدقيني، حتى لو ارتديت كيسا من الخيش، ستستمر هذه المظاهر”.
و إن ذكرت بعضن أنهن لاحظن نقصا في التحرش اللفظي بالشوارع في الفترة الأخيرة، تجمع النساء و الفتيات اللواتي تحدثنا إليهن، على أن المضايقات تلازمهن منذ الخروج من باب المنزل و حتى الوصول إلى مكان العمل، و غالبا ما يكون الاعتداء اللفظي من طرف أشخاص غرباء يمكن أن تصادفهم المرأة في الشارع أو في الحافلة أو على متن سيارة الأجرة، إلى درجة أن الوقوف لبضع دقائق في الشارع لانتظار وسيلة نقل أو أي شخص، يمكن أن يتحول إلى مصدر إزعاج للمرأة، التي ستضطر لسماع مختلف أنواع الكلمات النابية و الخادشة للحياء و عبارات القذف من طرف رجال و حتى مراهقين لم يعد الوازع الديني و لا الآداب العامة رادعا لهم.
بلاغات التحرش تزيد في المدن و تقل في المناطق المحافظة
و تحجج بعض الشباب الذين تحدثنا إليهم في استطلاعنا، بأنهم يعاكسون الفتيات لأن بعضهن «يلفتن الانتباه» بسبب لباسهن، و قالوا بأنهم لا ينظرون للمتحجبات اللواتي ترتدين “لباسا محتشما”، و قد ذهب بعضهم إلى حد تحميل المرأة “الجزء الأكبر من المسؤولية” في المعاكسات، لكنهم عجزوا عن إيجاد تفسير لحالات المتجلببات اللواتي يتعرضن للمعاكسة، و قال بعضهم أن المتسببين فيها هم أشخاص لا يطبقون تعاليم الدين الإسلامي التي تحرم مثل هذه السلوكيات، و لم يتربوا على القيم الأخلاقية و احترام الآخر داخل أسرهم.
و قد أكد مصدر أمني للنصر، أن مصالح الأمن بقسنطينة و على مستوى المدينة الجديدة علي منجلي مثلا، سجلت في الأسابيع القليلة الماضية التي تلت البدء بالعمل بقانون تجريم العنف ضد المرأة، نقصا “كبيرا” في حالات التحرش اللفظي و الجسدي في الشارع أو داخل الأسرة، كما بدأت الشكاوى تتهاطل على مقرات الأمن من طرف النسوة المعنفات، و من بينها بلاغات تخص نساء تعرضن لمعاكسات خطيرة في الشارع، و هي شكاوى تم على إثرها تعقب المتورطين فيها و القبض على عدد منهم، فيما تمكن كثيرون من الفرار، خصوصا و أن الضحايا لا تعرفن هوية هؤلاء الأشخاص الغرباء.
الوضع نفسه يسجل تقريبا بوسط مدينة قسنطينة، بعدم تردد الكثير من النساء في التبليغ عن التحرشات، بعدما صرن على ثقة أن القانون في صفهن، لكن مقابل ذلك،  كما يؤكد مصدر أمني آخر للنصر، سُجل نقص في حالات التحرش التي تصل لمصالح الأمن، بسبب تراجع الظاهرة بشكل ملحوظ مع إقرار التعديلات الجديدة في قانون العقوبات.
من جهة أخرى، تشير إحصائيات حصلت عليها النصر من القيادة الجهوية للدرك الوطني بقسنطينة، التي تغطي مناطق ريفية تغلُب عليها البيئة المحافظة، إلى معالجة 52 قضية تحرش ضد المرأة بجميع أشكاله في 15 ولاية بالشرق، حيث سجلت في جانفي 2015، 6 قضايا تحرش، مقابل قضية واحدة هذا العام، و أحصت في فيفري من العام الماضي 6 حالات أيضا، تقابلها حالة تحرش وحيدة تم التبليغ عنها لمصالح الدرك الوطني، و هي أرقام تعكس، حسب مصدر من القيادة الجهوية، استمرار خشية النساء في المناطق الريفية و المحافظة من التبليغ، لاعتبارات اجتماعية
 عديدة.
ي.ب

الحقوقية فتيحة بغدادي

قانــــون العقوبـــات الجديد شجّع المُعنّفــــات على الخـــــروج عن صمتهــــن
تؤكد الناشطة و الحقوقية فتيحة بغدادي، أن التعديلات التي حملها قانون العقوبات لصالح النساء المُعنفات، ساعدت المرأة على كسر حاجز الخوف بالتقدم بالشكاوى ضد المُعتدين، لكنها كثيرا ما تصطدم بذهنيات بعض أفراد المجتمع، الذين يرفضون تقديم الشهادات لصالحها بأروقة المحاكم، خاصة في حالات العنف اللفظي.
و ترى الأستاذة بغدادي رئيسة جمعية حماية و ترقية حقوق الأسرة، أن النصوص الجديدة التي تضمنها قانون العقوبات، في الشق المتعلق بمكافحة العنف ضد المرأة، جاءت لتشديد العقوبات على كل من يمارس العنف الجسدي أو اللفظي على النساء، باعتبارهن “فئة مستضعفة” يجب حمايتها، كونها تشغل دورا مهما داخل الأسر و تشكل عمودها الفقري، مستغربة «التهويل» الذي صاحب هذه التعديلات، خاصة أن قانون العقوبات الموضوع منذ سنة 1996 يعاقب كل شخص يعنف شخصا آخرا، حتى أنها عالجت قضايا كثيرة لرجال تعرضوا للتعنيف من زوجاتهم و لجأوا للعدالة.
و ذكرت الحقوقية في اتصال بـ “النصر”، أنها لاحظت تسجيل ارتفاع في عدد القضايا التي تصل أروقة المحاكم من طرف النساء المعنفات، بعد حوالي شهر من دخول قانون العقوبات الجديد حيز التنفيذ، مرجعة ذلك إلى تحسس المرأة لحقوقها و اطلاعها بشكل أكبر على القوانين، حيث سجلت عدة شكاوى تخص اعتداءات لفظية و جسدية داخل و خارج الأسرة، تتعلق بتحرشات في مؤسسات عمومية كبرى تعرضت لها موظفات، و حالات تعنيف لفظي خطير ضد نساء من طرف أزواجهن، لكن في ما يخص قضايا التحرش بالأماكن العمومية، أكدت بغدادي بأنها لم تقف على أية حالة بعد، لأن الكثير من النساء “تعودن” على ذلك، كما أن إثبات واقعة التحرش غالبا ما يكون صعبا، لامتناع المارة عن الإدلاء بشهادة ضد المعتدي.
و بالرغم من النصوص التي تضمنها قانون العقوبات لصالح المرأة و التي تصل حد الحبس لعشرين سنة في حالة الاعتداءات الجسدية الخطيرة، إلا أن تنفيذ هذه النصوص يصطدم، برأي الحقوقية بغدادي، بذهنيات المجتمع و جموده، بحيث أكدت أنها وقفت على حالات رفض الجيران لتقديم شهادة ضد جارهم الذي يعنف زوجته، رغم أنهم يسمعون صراخها كل يوم، كما قدمت مثالا عن موظفة في شركة وطنية كبرى تعرضت للتحرش من مديرها، لكن زملاءها رفضوا الإدلاء بشهادة ضد مديرهم.
و تضيف الحقوقية أن كل هذه الحالات تعكس نظرة المجتمع «الدونية» تجاه المرأة و التي يجب أن تتغير بشكل جذري، حتى أن البعض يلقي عليها اللوم في قضايا التحرش و قد تفقد منصب عملها في المستقبل، بعدما صار يُنظر إليها بعين الريبة، و كثيرا ما تسجل، بحسب بغدادي، حالات تعنيف لفظي يصعب إثباتها، خصوصا داخل الأسرة، بحيث غالبا ما يرفض الأبناء تجريم الأب حتى لو اعتدى على والدتهم.
ياسمين.ب

فاروق قسنطيني للنصر

لسنــــا بعيدين عن التجربــــة التونسيــــة في مجـــال حماية المـــرأة
يرى الأستاذ فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية و حماية حقوق الإنسان، أن العقوبات «الصارمة» التي جاءت في تعديلات قانون العقوبات، من شأنها ردع تعنيف المرأة، لكن آثارها سوف تظهر بشكل أكبر خلال سنة أو سنتين، مثلما حصل في بداية التجربة التونسية.
و يؤكد الأستاذ قسنطيني أن التعديلات الجديدة ستساهم بشكل تدريجي في التقليل من مظاهر العنف اللفظي و الجسدي المرتبكة ضد المرأة بالجزائر، مضيفا أن هيئته ترحب بهذه الإجراءات لأنها ستسمح للنساء بالعيش في ظروف عادية عوض أن يكن في موقع الضحية، داخل مجتمع يرى قسنطيني أن ثقافة العنف انتشرت فيه بشكل كبير في السنوات الأخيرة، خصوصا لدى فئة الشباب، لأسباب عديدة يقول أن من بينها ترسبات العشرية السوداء.
و رغم كل ذلك اعتبر رئيس اللجنة الاستشارية لحماية حقوق الإنسان، أن «العقدة» ستزول تدريجيا، و بأن آثار التعديلات القانونية لصالح المرأة سوف تظهر بعد سنة أو سنتين على الأكثر، بشروع النساء في إيداع الشكاوى الرسمية لدى الجهات الأمنية، متجاوزات المعتقدات التي ترسخت في أذهان الكثير من أفراد المجتمع، و الأمر نفسه بالنسبة للمواطنين الذين سيتشجعون على الإدلاء بشهاداتهم لصالح المرأة.
و تُعدّ الجارة تونس، بحسب الأستاذ فاروق قسنطيني، أبسط مثال عن التحولات التي تعرفها المجتمعات مع سن قوانين تجرم العنف ضد المرأة، حيث تابع قائلا في اتصال بـ  «النصر»، بأن التعديلات القانونية التي عرفها هذا البلد بدأت مع نفس الظروف التي تعيشها الجزائر اليوم، غير أن موقع المرأة في تونس تحسن بشكل ملحوظ مع مرور السنوات، لتصل شريحة النساء إلى مستوى الاحترام الذي تحظى به حاليا، ليؤكد أن هيئته ترى بأن التعديلات التي تضمنها قانون العقوبات “كافية”، لكن نجاحها يتوقف على مدى التنفيذ الفعلي، ما يتطلب لعب كل الجهات المسؤولة عن ذلك للأدوار المنوطة بها.               

ياسمين.ب

امرأة برتبة مفتشة رئيسية مسؤولة الأمانة الخاصة

فلاحي شهيناز الصندوق الأسود للمفتشية الجهوية لشرطة الشرق

يصفها زملاؤها، بالخلوقة المثابرة تتميز بالمهنية و النشاط، أمومتها لطفل دون السنتين ، لم  تقف يوما عائقا أمام مهامها كشرطية برتبة مفتشة رئيسية تتميز عن غيرها، بأنها صندوق أسرار الأمانة الخاصة للمفتشية الجهوية للأمن الوطني بالشرق، مصلحة حساسة لا تتحمل الخطأ، ثقل مسؤوليتها يعجز عن حمله بعض الرجال، هي فلاحي شهيناز، ابنة مدينة قسنطينة التي اختارت البذلة الزرقاء زيا لها و جهاز الشرطة أسرة ثانية تعهدت بالولاء لها و خدمتها.  
شهيناز من مواليد 17 ماي 1977 بعاصمة الشرق قسنطينة، خريجة جامعة منتوري تخصص علوم قانونية دفعة 2002، واحدة من أبناء جهاز الأمن الوطني الأكفاء، التحقت بصفوفه بعد تخرجها من الجامعة مباشرة، عن طريق المشاركة في مسابقة خاصة لتوظيف مفتشي الشرطة أعلنت عنها المديرية العامة للأمن الوطني خلال شهر مارس من نفس السنة، استفادت من تكوين نوعي متخصص على مستوى مدرسة الشرطة بقسنطينة، البوابة التي خرجت منها إلى حياة الشرطية المتفانية، بعدما قررت التخلي عن حياتها المدنية البسيطة، وهي تجربة حدثتنا المفتش الرئيسي شهيناز عنها، غداة زيارتنا لمكتبها بالمفتشية الجهوية لشرطة الشرق بقسنطينة، مؤكدة بأنها لم تندم يوما على خوض غمارها، لأن الأمن الوطني احتواها و سمح لها بتحقيق ذاتها و التميز كجزائرية قادرة على خدمة الوطن و ضمان سلامة أفراده.
بالنسبة لمحدثتنا، كانت سنة 2003 محطة مفصلية في حياتها المهنية، حيث تم نقلها من الأمانة العامة للمفتشية إلى مكتب الأمانة الخاصة، وهي مصلحة جد هامة يتطلب الالتحاق بها التمتع بالكفاءة و القدرة على العطاء و الاستعداد للتضحية على الصعيد الشخصي، كونها تتطلب التزاما مطلقا، وهو ما أثبتته المفتشة عن جدارة، حيث تمكنت من فرض نفسها كعصب رئيسي في الأمانة لقرابة 12 سنة، تعاقب خلالها على رئاستها 8 مسؤولين، كانت الشرطية تنجح في كل مرة في كسب ثقتهم و افتكاك احترامهم، رغم صعوبة العمل بالمكتب الذي يعتبر بمثابة الصندوق الأسود لأسرار و خبايا أهم قضايا ناحية الشرق.
بعد عشر سنوات من العطاء، استحقت شهيناز الترقية في العمل، نظير جهودها في خدمة الجهاز، حيث حظيت برتبة مفتش رئيسي، وهو ما زادها عزيمة و رفع حجم مسؤوليتها، فرغم ارتباطها سنة 2007 بمحافظ شرطة زميل لها في العمل و إنجابها لطفل عمره حاليا 15 شهرا، إلا أن مهنيتها لم تتأثر بفضل ما وصفته بتفهم إدارة الجهاز، التي تولي عناية خاصة للمرأة الشرطية.
التحاقها بجهاز الأمن في البداية، كان الغرض منه الفوز بوظيفة، كما أخبرتنا، لكن فترة تكوينها بمدرسة الشرطة، جعلتها تقتنع بالأهمية الإنسانية و المسؤولية الوطنية للجهاز، وهو ما ساعدها على المضي قدما في مهامها،
و تحدي المجتمع الذي كان ينظر إلى المرأة الشرطية نظرة ضيقة في السابق، وقد تسلحت في معركتها ضد أحكام المجتمع بدعم عائلتها الكبيرة و زوجها الذي كان سندا لها.
كشرطية تقول المفتشة، بأنها واجهت الكثير من التحديات، فعلى الصعيد الشخصي كان محيطها الاجتماعي الخاص يجد صعوبة في التعامل معها دون تحفظ أو حسابات، بعد  التحاقها بجهاز الأمن، فكان المحيطون بها من أقارب و معارف و غيرهم يعجزون عن الفصل بين شهيناز الشرطية و القريبة و الصديقة، أما على المستوى المهني،  فالعمل في مجال يسيطر عليه الرجال، فرض عليها مواجهة العقليات التي ترفض أن تكون المرأة مسؤولة على رجال و دفعها إلى التحلي بالصبر و الاجتهاد ، كما أن التوفيق بين الحياة الخاصة و متطلبات المهنة التي تستدعي التواجد بالمكتب لأزيد من 10 ساعات أحيانا، أمر مرهق.
و تواجه من جهة أخرى، صعوبات في التوفيق بين مسؤوليتها المنزلية وعملها، خصوصا خلال الفترة التي كان فيها زوجها بعيدا عن المنزل، بحكم  عمله على مستوى مديرية أمن ولاية تبسة.  عملها كشرطية صقل شخصيتها، فبالرغم من طبعها اللطيف و الهادئ، إلا أن احتكاكها بمختلف شرائح المجتمع و اضطلاعها على تفاصيل الجرائم و القضايا، سمح لها بتعلم ضبط النفس و التزام الموضوعية و تنمية ذكائها و قدرتها على فهم الأمور و حمل زمام المبادرة، وهو ما يشهد به زملاؤها في العمل، و على رأسهم المفتش الجهوي لشرطة الشرق مصطفى بن عيني، الذي أكد على جديتها و مهنيتها و أخلاقها و ذكائها، مشيرا إلى أنه يحترم فيها تحفظها و يقظتها و كفاءتها في العمل.
نور الهدى طابي

المرأة والسياسة في الجزائر

مكانة معتبرة في التشريعات.. خطوات خجولة في الواقع
قطعت المرأة الجزائرية أشواطا معتبرة في العديد من المجالات وحققت نجاحات باهرة في ميادين شتى وسيطرت على قطاعات مثل التعليم والصحة و القضاء متجاوزة بذلك الرجل، وصارت الإناث أكثر تفوقا في الدراسة، و الأكثر نجاحا في امتحان البكالوريا وشهادة التعليم المتوسط، لكن لم يكن اقتحامها للمجال السياسي موازيا لما حققته في الميادين سالفة الذكر.لقد شكلت المادة 31 مكرر التي أدرجها رئيس الجمهورية في التعديل الدستوري لسنة 2008 دفعا قويا للمرأة كي ترتقي في مجال المشاركة السياسية والتمثيل في المجالس المنتخبة، وشكلت بحق هذه المادة ثورة في هذا المجال حتى صارت الجزائر في المرتبة الأولى عربيا و رائدة على مستويات أخرى في هذا المجال، لكن على المرأة بالدرجة الأولى أن لا تضع الرجل على الرجل كما يقال وتنتظر أن تمنح في كل مرة المزيد من المكاسب، عليها أن تدرك أن هذه المكاسب على مر التاريخ تنتزع ولا تعطى على طبق من ذهب.يبقى التأكيد على أن ترقية المشاركة السياسية للمرأة والوصول بها إلى أعلى المراتب هي في الحقيقة ظاهرة مجتمعية معقدة تتداخل فيها عوامل عديدة، اجتماعية ثقافية مرتبطة بتطور الوعي المجتمعي،  بالتحول المجتمعي أو «الطفرة المجتمعية» في صورتها الكبرى، وهو ليس بالأمر السهل في مجتمعات تقليدية مثل مجتمعاتنا، لكنه في نفس الوقت ليس مستحيلا في ظل التسارع الحاصل على المستوى الدولي في مختلف مناحي التطور، وفي عالم أصبح نقطة صغيرة مكشوفة الجوانب كلها.  

سعيدة بوناب نائب بالبرلمان ورئيسة بلدية سابقة
كل الظروف مواتية كي تثبت المرأة قدرتها في المجال السياسي
سعيدة إبراهيم بوناب امرأة من حديد، هي اليوم نائب في البرلمان عن حزب جبهة التحرير الوطني ومقررة لجنة المالية والميزانية بالمجلس، خاضت في المجال السياسي منذ الصغر وعرفت كيف تتمكن منه بفضل ثقتها في نفسها وحسن معاملتها للجميع.. كانت أول رئيسة بلدية في تاريخ الآفلان وأمينة قسمة، تعتقد السيدة بوناب أن كل الظروف مواتية اليوم للمرأة كي تثبت قدرتها في المجال السياسي على غرار ما فعلته في كل المجالات.. وعليها أن تدرك جيدا أن ذلك لا يمنح على طبق بل ينتزع بالنضال والمقاومة المستمرة فقط.
 ما هو الدافع الذي جعلك تقتحمين عالم السياسة؟
سعيدة بوناب:  كنت طالبة ومناضلة في نفس الوقت في صفوف الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية ودخلت في ذلك الوقت الجو السياسي إن صح التعبير من باب التطوع والتنقل للولايات، في زمن الرئيس الراحل هواري بومدين كانت السياسة متشبعة بالروح الوطنية، وهي الروح التي كسبتها من العائلة الثورية التي انتمي إليها بحكم أن الوالد مجاهد والأم بنت شهيد ومجاهدة.
وخلال دراستي في الجامعة واصلت النضال في صفوف الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية وبعدما دخلت الحياة العملية ولم أكن انتمي لأي حزب، لكن بعد سنوات قررت دخول الحياة السياسية وتزامن ذلك مع وقت كان فيه حزب جبهة التحرير الوطني قد قدم تشجيعا كبيرا للنساء للانخراط في صفوفه، وانا التي تربيت في البيئة التي ذكرتها آنفا لا يمكنني الانخراط في حزب آخر غير الآفلان، وهكذا في سنة 1999 انخرطت في الآفلان وكان ذلك في وقت عرفت فيه البلاد مرحلة جديدة مع مجيء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي شجع المرأة كثيرا.
 في سنة 2002 كلفني الحزب بأن أترأس اللجنة المكلفة باختيار المرشحين للانتخابات المحلية( بلدية وولائية) ببلدية القبة وقد حققنا فوزا ساحقا في تلك الانتخابات، بعدها عينت كعضو في محافظة حسين داي بالعاصمة وكنت المرأة الوحيدة في مكتب المحافظة.
في سنة 2005  وخلال الجمعية العامة لمكتب قسمة القبة ترشحت واصبحت أمينة قسمة، وبعدها بسنتين ترشحت وانتخبت رئيسة لبلدية القبة، وكنت اول امرأة تتبوأ هذا المنصب في تاريخ الآفلان وهذا بفضل إخواني وأخواتي وكذا بفضل الفرصة التي كان يمنحها الآفلان للمرأة قبل قرار الكوطة.
وقبل نهاية العهدة جاءت الانتخابات التشريعية فشاركت فيها في قائمة الحزب بالعاصمة وكنت المرأة الثانية على صدر القائمة وهكذا انتخبت نائبا في المجلس الشعبي الوطني.
هل المرأة اقتحمت المجال السياسي كما يجب أم لا يزال ذلك محتشما؟
 لا لم تقتحم مجال السياسة كما يجب.. المرأة الجزائرية نجحت في كل المجالات وفي تربية أولادها لكن لما نأتي للمجال السياسي نجده أنه ميدان غير سهل بالنسبة لها، لأن النشاط السياسي عندنا يبدأ عادة بعد نهاية العمل، أي بعد الخامسة مساء وهذا لا يساعد المرأة بوجه عام.
وبهذا الخصوص على المرأة الجزائرية أن تدرك جيدا ان ما يشاع عن العمل السياسي عادة  ليس دائما حقيقة، فهناك احترام للمرأة وتقدير لها من قبل إخوانها الرجال في الأحزاب السياسية وفي العمل السياسي عموما، نعم في الكثير من الأحيان كانت المرأة توضع في ذيل القوائم الانتخابية قبل التعديل الصادر في 2008، وصحيح أيضا ان بعض الظروف لا تشجع المرأة على ممارسة السياسة لكن هذا لا يعني أن ترفع يديها وتستسلم بل عليها النضال والكفاح.
 انطلاقا من تجربتك الشخصية هل هناك عوائق تحول دون اقتحام المرأة المجال السياسي بقوة؟
 في اعتقادي لا توجد عوائق، المرأة التي تريد الانخراط في العمل السياسي لن تجد أي صعوبات، واليوم مكانة المرأة مضمونة على راس القائمة بحكم المادة 31 مكرر من الدستور التي تخص ترقية المشاركة السياسية للمرأة، وهي المادة التي خصصت ما نسبته 31 بالمائة من المقاعد في المجالس المنتخبة للنساء، وعليه فإن مكانة المرأة في المجال السياسي مضمونة حاليا، لكن المرأة لابد أن لا تنتظر من يطرق عليها الباب ليمنحها هذه المكانة، عليها أن تناضل وتقتحم المجال السياسي وتكافح، والمرأة التي تمنح مناصب سياسية عليا على طبق من ذهب لن تعرف معنى النضال.
في حزب جبهة التحرير الوطني مكانة المرأة كانت دائما مضمونة، وليس لدينا أي مشكل حتى في المناطق المحافظة، بل هناك تواصل بين أجيال المناضلين، وقد كنا في الآفلان أول من نادى بهذا ثم كرس ذلك الدستور، واليوم بعد التعديل الأخير كرس أيضا المساواة في العمل، وهذا في رأيي جاء بفضل نضال المرأة منذ الثورة التحريرية.
 من يتحمل مسؤولية عدم دخول المرأة المجال السياسي كما ينبغي؟
 المسؤولية تتحملها المرأة نفسها بالدرجة الأولى لأن حقها السياسي مكرس في الدستور، وبناء على ذلك على المرأة وجميع النساء النضال والكفاح من أجل انتزاع هذا الحق وأخذه.
 هل هناك عوائق ثقافية أو تقاليد مجتمعية تحول دون تمكن المرأة من المجال السياسي جيدا؟
 لا أعتقد، الصعوبات موجودة في كل المجالات، والتحرش مثلا موجود في كل القطاعات، لكن على المرأة أن تعي جيدا أنها في نضال دائم ومقاومة مستمرة، الحقوق والمكاسب تنتزع ولا تمنح على طبق من ذهب، وعليها عدم الانتظار.
 هناك من ينتقد نظام «الكوطة» في كونه لا يمنح الفرصة للاتي يستحققنها؟
 في اعتقادي المسؤولية في هذا الباب تقع بالدرجة الأولى على الأحزاب السياسية لأنها هي من تختار، فعلى قيادات الأحزاب اختيار النساء اللاتي يستحققن الترشيح للمناصب ولغيرها، في الآفلان مثلا هناك شروط موضوعة تخص هذه الإشكالية، وهي تفرض وجود كفاءات علمية وتكوين سياسي ونضال وشعبية، ولا ترشح المرأة من أجل الترشح فقط.
وأظن أن هذه الإشكالية موجودة في بعض الأحزاب الصغيرة التي لا تملك مناضلات بالعدد الكافي، وهذا يحدث أيضا مع الرجال.
 لماذا مازال عدد المنخرطات في الأحزاب السياسية ضئيلا مقارنة بعدد المنخرطين من الرجال؟
 الانخراط  قرار فردي واختياري، في الواقع هناك فعلا نقص في عدد المنخرطات في الأحزاب السياسية، لكننا في الآفلان تجاوزنا هذه الإشكالية، وانخراط النساء والشابات في الحزب أصبح كبيرا ومعتبرا، والمرأة لما تعمل أكثر تفرض نفسها وتنجح في نهاية المطاف وتأتي بنساء أخريات، لابد أن تحل أبواب الأحزاب وأن تنجح المرأة في هذا المجال.
 وماذا بشأن المناصب السياسية العليا كالحكومة وغيرها؟
بعد مكسب 2008 المتمثل في المادة 31 مكرر، جاء مكسب آخر في التعديل الدستوري الأخير وهو المساواة بين الرجل والمرأة في المناصب وفي العمل، واليوم والمرأة كسبت كفاءات عليا لماذا لا تكون في منصب الوالي مثلا، حيث لا توجد اليوم سوى امرأة واحدة والي، وفي هذا الصدد نتمنى من رئيس الجمهورية -وثقتنا فيه كبيرة لأن بفضله حصلت المرأة على مكاسب عديدة- أن يعطي المرأة حقائب وزارية إضافية في الطاقم الحكومي وفي كل الميادين، والمرأة الجزائرية قادرة ومتمكنة.
ومن الجانب الثاني على المرأة أن تعمل وتجتهد أكثر وتنتزع المناصب والمكاسب وأن لا تنتظر خاصة و أن كل الظروف مواتية اليوم ولم يبق عليها سوى العمل.
 حوار محمد عدنان

منتخبات بمجالس محلية بقسنطينة

دخلنا السياسة عن قناعة و لسنا مجرد كوطة
عبرت الكثير من النساء اللائي خضن تجربة الانتخابات المحلية  بولاية قسنطينة عن مواجهتهن لصعوبات للوصول إلى المجالس و يرفضن اعتبار دخولهن البلديات أو الولاية مجرد تحقيق لمنطق الكوطة، لكنهن يعترفن بأن  العروشية والسيطرة الذكورية لا يزالان يهيمنان على المجتمع وحتى السياسة  ويبعدان المنتخبة عن مراكز القرار الفعلية.
جمعتها : هدى طابي وأسماء بوقرن
نادية نجار مهندسة الإعلام الآلي
المرأة في مواجهة عروش و أغلبية ذكورية
نادية نجار مهندسة في الإعلام الآلي من مواليد 8 مارس 1966 بقسنطينة، خريجة جامعة قسنطينة، من بين الدفعات الأولى للمهندسات الجزائريات في هدا المجال، أضافت لتحديها الأكاديمي تحديا آخر، بعدما دخلت المنافسة على مقاعد المجلس الشعبي لبلدية عين سمارة بولاية قسنطينة، ضمن قائمة حزب التحالف الوطني الجمهوري، في إطار محليات 2012، و قد استطاعت التفوق و التواجد من بين الفائزين بالسباق الانتخابي.
نادية تشغل كذلك منصب أمينة عامة لجمعية ذات طابع اجتماعي خيري، وهي ابنة لأسرة أفلانية، تربت على حب السياسة و النضال الحزبي، منذ التحاقها بصفوف الحزب العتيد كمناضلة سنة 1999، ترى محدثتنا بأن الشباب الجزائري مطالب بخوض التجربة السياسية لحمل المشعل و تقلد المسؤولية مستقبلا، بما في ذلك المرأة، حتى و إن كانت تجربتها الشخصية أصعب مما تبدو عليه، لأنها واجهت نوعا من الصعوبة في البداية، حيث همشت ضمن قائمة حزبها وعانت من بعض «التمييز»، في ما يتعلق بالترتيب في المقاعد الرئيسية، لكنها و بفضل شعبيتها المستمدة من ثقة أبناء البلدية فيها، استطاعت العودة بقوة و النجاح في الانتخابات، تحت لواء التحالف الوطني الجمهوري، قبل أن تعود مجددا إلى انتمائها الحزبي الأول بسبب قناعتها الراسخة بشرعية الحزب.
و تعد تجربتها السياسية كما قالت، مثالا لتحدي المرأة لمجتمع ذكوري، خصوصا و أن المجالس البلدية تعد من أصعب الهيئات المحلية و من يخوض غمار العمل على مستواها، سيكون في مواجهة مباشرة و دائمة مع منتخبيه، أي أنه أمام مسؤولية الوفاء بوعوده و تطبيق برنامجه بكل جدية، فضلا عن ذلك فإن المحيط الاجتماعي في البلديات ضيق و صعب المراس، فالمرأة المنتخبة محليا ستضطر لمواجهة عقليات منغلقة تفرضها طبيعة المجتمع « العرايشي» الذي لا يتقبل ببساطة ممارسة المرأة للسياسة و خروجها للشارع و تعبئته و اتخاذها للقرار نيابة عن الجماعة.
إضافة إلى ذلك، فإن نسبة النساء المنتخبات ضئيلة مقارنة بالرجال، الذين يشكلون الأغلبية في المجال، و يفضلون منح الثقة في تقلد مسؤولية اللجان، خصوصا التقنية، للرجال ، وهو ما يعكس نوعا من السلبية في الحكم على كفاءة المنتخبات المحليات، حيث تشغل نادية حاليا منصب عضو في اللجنة الثقافية و الاجتماعية و لجنة المالية بالمجلس، وهي لجان سبق اقتراحها لترؤسها، لكنها فشلت في كسب رهان التصويت بسبب هيمنة الرجال على المجلس و تفضيلهم التصويت لرجل آخر، بدلا من سيدة، ما أشارت إلى أنه شكل صدمة لها.
رغم ذلك تؤكد المتحدثة، بأن التواجد ضمن المجلس الشعبي لثالث أكبر بلديات قسنطينة من حيث المساحة و عدد السكان، لم يكن بالصعوبة المتوقعة، بفضل تفهم الزملاء الرجال و احترامهم لدور المرأة كعنصر اجتماعي فاعل.

نادية نجار مهندسة الإعلام الآلي
المرأة في مواجهة عروش و أغلبية ذكورية
نادية نجار مهندسة في الإعلام الآلي من مواليد 8 مارس 1966 بقسنطينة، خريجة جامعة قسنطينة، من بين الدفعات الأولى للمهندسات الجزائريات في هدا المجال، أضافت لتحديها الأكاديمي تحديا آخر، بعدما دخلت المنافسة على مقاعد المجلس الشعبي لبلدية عين سمارة بولاية قسنطينة، ضمن قائمة حزب التحالف الوطني الجمهوري، في إطار محليات 2012، و قد استطاعت التفوق و التواجد من بين الفائزين بالسباق الانتخابي.
نادية تشغل كذلك منصب أمينة عامة لجمعية ذات طابع اجتماعي خيري، وهي ابنة لأسرة أفلانية، تربت على حب السياسة و النضال الحزبي، منذ التحاقها بصفوف الحزب العتيد كمناضلة سنة 1999، ترى محدثتنا بأن الشباب الجزائري مطالب بخوض التجربة السياسية لحمل المشعل و تقلد المسؤولية مستقبلا، بما في ذلك المرأة، حتى و إن كانت تجربتها الشخصية أصعب مما تبدو عليه، لأنها واجهت نوعا من الصعوبة في البداية، حيث همشت ضمن قائمة حزبها وعانت من بعض «التمييز»، في ما يتعلق بالترتيب في المقاعد الرئيسية، لكنها و بفضل شعبيتها المستمدة من ثقة أبناء البلدية فيها، استطاعت العودة بقوة و النجاح في الانتخابات، تحت لواء التحالف الوطني الجمهوري، قبل أن تعود مجددا إلى انتمائها الحزبي الأول بسبب قناعتها الراسخة بشرعية الحزب.
و تعد تجربتها السياسية كما قالت، مثالا لتحدي المرأة لمجتمع ذكوري، خصوصا و أن المجالس البلدية تعد من أصعب الهيئات المحلية و من يخوض غمار العمل على مستواها، سيكون في مواجهة مباشرة و دائمة مع منتخبيه، أي أنه أمام مسؤولية الوفاء بوعوده و تطبيق برنامجه بكل جدية، فضلا عن ذلك فإن المحيط الاجتماعي في البلديات ضيق و صعب المراس، فالمرأة المنتخبة محليا ستضطر لمواجهة عقليات منغلقة تفرضها طبيعة المجتمع « العرايشي» الذي لا يتقبل ببساطة ممارسة المرأة للسياسة و خروجها للشارع و تعبئته و اتخاذها للقرار نيابة عن الجماعة.
إضافة إلى ذلك، فإن نسبة النساء المنتخبات ضئيلة مقارنة بالرجال، الذين يشكلون الأغلبية في المجال، و يفضلون منح الثقة في تقلد مسؤولية اللجان، خصوصا التقنية، للرجال ، وهو ما يعكس نوعا من السلبية في الحكم على كفاءة المنتخبات المحليات، حيث تشغل نادية حاليا منصب عضو في اللجنة الثقافية و الاجتماعية و لجنة المالية بالمجلس، وهي لجان سبق اقتراحها لترؤسها، لكنها فشلت في كسب رهان التصويت بسبب هيمنة الرجال على المجلس و تفضيلهم التصويت لرجل آخر، بدلا من سيدة، ما أشارت إلى أنه شكل صدمة لها.
رغم ذلك تؤكد المتحدثة، بأن التواجد ضمن المجلس الشعبي لثالث أكبر بلديات قسنطينة من حيث المساحة و عدد السكان، لم يكن بالصعوبة المتوقعة، بفضل تفهم الزملاء الرجال و احترامهم لدور المرأة كعنصر اجتماعي فاعل.

عوادي فتيحة من التعليم إلى السياسة
زوجي تحفظ وأبنائي رحبوا بالفكرة
تعد أستاذة اللغة الفرنسية المتقاعدة عوادي فتيحة 61 سنة، أول سيدة تترشح لعضوية المجلس المحلي لبلدية عين سمارة خلال تشريعيات 2002، حيث تعتبر تجربتها رائدة، على اعتبار أن تلك المرحلة لم تعرف مشاركة كبيرة للمرأة سياسيا، وكانت بمثابة تحدي حقيقي لمجتمع لطالما اعتبر السياسة حكرا على الرجال.
توضح محدثنا بأنها ترشحت لمحليات 2002 بطلب من حزب  التجمع الوطني الديمقراطي، الذي جندها ضمن قائمة مرشحيه و منحها الأولوية في التواجد ضمن المراتب الأولى، وهو ما اعتبرته فرصة لخدمة الوطن كما عبرت، خصوصا و أن علاقتها بسكان بلدية عين سمارة جد ممتازة بحكم وظيفتها السابقة كمدرسة لغة فرنسية بواحدة من متوسطات البلدية، وتعد تلك التجربة الأولى التي استغلتها كفرصة للتعلم و ربط مجموعة من العلاقات التي من شأنها تسهيل ممارستها لمهامها كعضو في اللجنة الثقافية و الاجتماعية و الرياضية.
 سنة 2012 أعادت الكرة مجددا، وتمكنت من افتكاك أحد مقاعد المجلس الشعبي البلدي، حيث تشغل نفس العضوية ضمن نفس اللجنة، التي قالت بأن العنصر النسوي يطغى عليها نظرا لطبيعتها الاجتماعية، التي تتطلب سلاسة في التعامل مع مختلف الشرائح الاجتماعية.
وحسب المتحدثة فإن محيطها الأسري كان متضاربا من حيث الرأي فيما يخص ترشحها للانتخابات  ففي وقت أيد أبنائها موقفها، أبدى زوجها نوعا من التحفظ خصوصا  فيما يتعلق بنشر صورها ضمن قوائم الترشح، لكنه تفهم الأمر و دعمها في النهاية.
وحسبها فإن تواجد المرأة في المجالس المحلية حتمية لا بد منها كونها عنصر فاعل و من شأنه تقديم إضافة نوعية ومساهمة حقيقية، لا تقتصر فقط على المقترحات بل التدخل لحل المشاكل و اتخاذ القرارات.

طريفي مفيدة عضو بالمجلس الشعبي الولائي
مبادرات النساء الشابات لم تلق التشجيع اللازم
تؤكد طريفي مفيدة عضو بالمجلس الشعبي الولائي بقسنطينة عن حزب «الأرندي»، أن تجربتها الفتية في الساحة السياسية، لم تخل من صعوبات واجهتها منذ البداية، بسبب حالة القطيعة التي لاحظتها بين الجيلين القديم و الجديد و عدم تشجيع مبادراتها من طرف بعض زملائها الرجال بالمجلس.
و ترى الآنسة طريفي و هي شابة في الثلاثينات من العمر خاضت تجربتها السياسية مع حزب التجمع الوطني الديمقراطي، أن المرأة اليوم أثبتت وجودها في الساحة السياسية مثل زميلها الرجل و أصبحت تشارك في اتخاذ القرار، بل أنها استطاعت تغيير تلك «النظرة الدونية» اتجاهها، حيث قالت في حديث للنصر أنها، مثلا، تفوقت على الرجل في كثير من الأحيان، بالإصرار على فرض موقفها و الإبداع في عملها و إتقانه.
وتقول مفيدة التي تعمل صحفية في جريدة «الشعب»، أن ميولها للسياسة كان منذ الصغر، حيث كانت تتابع القضايا الراهنة و دورات البرلمان و تطالع الكتب المتخصصة في السياسة، كما أن محيطها الأسري منحها، كما أضافت، ثقة بالنفس و ساهم بشكل كبير في تنمية طموحاتها السياسية و هو اهتمام بدأت معالمه تتضح بعد تحصلها على شهادة ليسانس في الإعلام و الاتصال، حيث عملت بجريدة «البلاد» ثم «الشعب»، و قد فتح العمل الصحفي لطريفي الأبواب لولوج عالم السياسة، التي تقول أنها دخلتها بالصدفة خلال تغطية زيارة وزير التربية الأسبق بن بوزيد، حين طرحت سؤالا ذو خلفية سياسية، جعل أحد قياديي «الأرندي» يعرضون عليها فكرة الانخراط في الحزب، و هو عرض قبلته بعد تردد.
الصحفية و السياسية الشابة مفيدة طريفي قالت بأن تجربتها كعضو منتخب بالمجلس الشعبي الولائي عن حزب «الأرندي» منذ 4 سنوات، لم تكن كما كانت تطمح إليه، حيث اكتشفت أن واقع العمل السياسي يختلف تماما عما كانت تتصوره، فهو صعب جدا برأيها، موضحة بأنها لم تجد الدعم و التشجيع الكافيين من أعضاء المجلس، فلم يحدث، حسبها، تفاعل بين الجيلين الجديد و القديم، الذين يُفترض أن يكونا «يد واحدة»، ما منعها من الاستفادة من خبرات الذين سبقوها، لكن ذلك لم يمنعها، كما قالت، من أداء دورها كعضو في المجلس، حيث كانت تقوم بعملها الجواري و تصغي للمشاكل التي تطرح عليها، خاصة من فئة الشباب.

ليلة جميل قابلة رئيسية ونقابية
 تواجد المرأة في المجالس البلدية ليس مجرد  نسبة
 ليلة جميل 44سنة، قابلة رئيسية بعيادة التوليد بعين سمارة، ورئيسة لجنة الخدمات الاجتماعية بالمؤسسة العمومية للصحة الجوارية بالخروب، و ممثلة نقابة قابلات قسنطينة، منتخبة محلية بالمجلس الشعبي لبلدية عين سمارة ، تؤكد بأن الممارسة السياسية للمرأة في المجالس المنتخبة هي ممارسة فعلية خصوصا ما تعلق بالمجالس المحلية، و لا تعد مجرد استثمار حزبي في العنصر النسوي استيفاء لشرط الكوطة.
المنتخبة وهي أم لبنتين خريجة جامعة قسنطينة، أوضحت بأنها تتمتع بكامل الصلاحيات التي يخولها لها منصبها كمنتخبة بلدية منذ سنة 2012، عن حزب التحالف الوطني الجمهوري، حيث تحاول في كل مرة لعب دور فاعل في اتخاذ كل القرارات المتعلقة بشؤون البلدية و تسيير اللجان التي تشمل عضويتها على غرار اللجنة التقنية للأشغال و لجنة الصحة التي سبق وأن اقترحت لرئاستها بحكم تخصصها المهني، لكنها اعتذرت بسبب كثرة ارتباطاتها.
و ترى المتحدثة بأن المرأة استطاعت أن تفرض نفسها في المجالس البلدية بفضل قدرتها على المبادرة و الالتزام بتطبيق القرارات و تفعيل المقترحات، وهو ما حولها إلى عنصر مؤثر في اتخاذ القرار و ليس مجرد نسبة معينة فرضها القانون على الأحزاب، ما اعتبرته انفتاحا اجتماعيا على دور المرأة و تأكيدا على وجود إرادة سياسية لترقية دورها، وهو ما يشجع النساء على التواجد بقوة في كل مناسبة سياسية، و العمل من أجل التقدم و تقلد مناصب هامة كوزيرات و لما لا رئيسات حكومة.

صورية مهلل.. من النشاط الجمعوي إلى العمل السياسي
مؤسسة أول جمعية بالقل تريد رئاسة المجلس البلدي
 تعد صورية مهلل وجها نسائيا معروفا على مستوى مدينة القــل بنشاطها الكبير، وتعتبر أول رئيسة جمعية على مستوى منطقة القل،  وتعود فكرة تأسيسها لجمعية قبس الثقافية إلى فترة الأزمة الأمنية التي عاشتها الجزائر في بداية التسعينيات من القرن الماضي، رغبة منها في الدفاع  عن السلم الاجتماعي الذي كان مهددا وقتها، حيث  تحصلت الجمعية على اعتمادها  سنة1995 وكانت وقتها تضم شريحة واسعة من الشباب الجامعيين توحدت أهدافهم حول فكرة واحدة وكان منهم حسب رئيسة الجمعية من فقد أفراد عائلته ، إضافة إلى شباب مولع بالشعر والفنون، و سخرت تلك الطاقات بالتنسيق مع السلطات المحلية في إرساء ثقافة السلم  والمصالحة تم تحولت لبعث التنمية، وبفضل النجاح الذي حققته الجمعية محليا كبر حلم صورية للدخول إلى معترك السياسة التي قالت عنها أنها فرضت عليها ولم يكن اختيارها الأول، وكان الظفر بمقعد في المجلس الشعبي البلدي في انتخابات 2012 ضمن حزب الحركة الشعبية الجزائرية واليوم تشرف على الفرع البلدي بحي عبد العزيز رامول، والحلم مازال حسب صورية يكبر بداخلها للظفر مستقبلا برئاسة المجلس الشعبي البلدي  مستثمرة في خبرتها كناشطة جمعوية تعرف جيدا مشاكل المواطنين.
 وتبقى جمعية قبس دائمة الحضور في تفعيل  الأنشطة التي تحتضنها مدينة القل ، وتستمد الجمعية دعمها  المعنوي من أعضائها  ومن المتعاطفين معها والدعم المالي من مديرية الشباب والرياضة التي وضعت فيها الثقة واشرفت بمناسبة  اليوم العالم لعيد المرأة 8 مارس على المهرجان الولائي للأنشطة النسوية في طبعته الرابعة  بتنظيم معارض مختلفة بقاعة سينما  شولو و تكريم العديد من النساء العاملات في قطاع الصحة والتربية والبلدية.
 بوزيد مخبي

بعد أن ظلت المهنة حكرا على الرجال لأكثـر من 20 سنة

نســاء يقتحمــن مهنــة عــون أمــن
توافد معتبر لوحظ خلال السنتين الأخيرتين للفتيات على شركات الحراسة وتغيرت الأفكار إزاء هذه المهنة التي أصبحت تمارس بالزي الرسمي. ورغم أن أغلب عونات الأمن اللائي  التقت بهن النصر، لم يجدن صعوبات مع أهلهن أو أزواجهن، إلا أنهن يقابلن يوميا الشتائم و السب من أفواه مواطنين، فقط لأنهن يطالبنهم باحترام القانون.  يعرَف المرسوم التشريعي رقم 93-16 المؤرخ في 04/12/1993، مهنة الحراسة أو ما يسمى حاليا بأعوان الأمن، بأنها تقديم خدمة دائمة أو ظرفية تستهدف ضمان حماية الأملاك أو الأمن في مساحة معينة ومحددة سابقا، كما يجب على مستخدمي شركات الحراسة ممارسة مهامهم داخل المساحة المعينة لهم ولا يمكنهم بأية حال أن يمارسوا أعمالهم في الطريق العمومي.  وما يشترطه القانون لمستخدمي هذه المهنة هو أن يكون ذو جنسية جزائرية، ودون سوابق عدلية جنائية أو جنح، لكن ظلت هذه المهنة على مدار أكثر من 20 سنة، حكرا على الرجال، لدرجة أنه لا أحد تصور أن يجد ذات يوم امرأة عون أمن، لكن حسب بعض العاملين القدماء في شركات الحراسة، فإن دخول المرأة هذا العالم كان منذ حوالي عشر سنوات،لكن ذلك حصل باحتشام ولم تصمد الفتيات طويلا في المهنة، رغم أن أغلبهن كن يعملن كعونات استقبال بالزي المدني.للوقوف على ظروف ممارسة هذه المهنة من طرف نساء الجزائر. كانت لنا هذه اللقاءات.

باي أم الخير
  أعرف كل شبر  في "إيني"
الانطلاقة كانت مع  سيدة  تعتبر عميدة عونات الأمن بالغرب الجزائري، و هي أم الخير أو خيرة، كما يناديها الجميع، كانت أول من استقبلنا عندما زرنا مؤسسة "إيني" للتجهيزات الإلكترونية و الكهرومنزلية بسيدي بلعباس، و كانت آخر من ودعنا بحكم عملها كعون أمن، لفت انتباهنا خفة دمها وحيويتها وحسن تعاملها مع جميع من التقينا بهم في مؤسسة إيني، روت لنا قصتها مع المؤسسة باختصار فكشفت عن حكاية طويلة للمرأة الجزائرية المكافحة.
  قالت خيرة بأنها التحقت بالمؤسسة سنة 1984 منذ 32 سنة، كعاملة في وحدة الإنتاج، قبل أن  تبلغ سن 17 عاما، و بعد 17 عاما من العمل حولت لمنصب عون حراسة، نظرا لقوة شخصيتها و طبعها الذي يتلاءم مع كل فئات المجتمع، و لتتعامل مع العاملات بالمؤسسة اللائي يشكلن نسبة كبيرة من اليد العاملة بإيني. منذ 2001 إلى غاية اليوم لا زالت خيرة، كما يناديها كل العمال، مثل الفراشة تتنقل من وحدة لأخرى و تصول وتجول في كل أرجاء المؤسسة.
تقول خيرة بهذا الخصوص:"أعرف كل شبر في المؤسسة، قضيت فيها عمرا طويلا، وكل الأشجار و الأماكن تعرفني يصعب علي فراقها بعد التقاعد"، ورغم أن العمل كعون أمن ليس بالمهمة السهلة، إلا أنها تحدت كل الصعاب والمشاكل والمضايقات بابتسامتها ومرحها ومعاملتها الحسنة للجميع، سواء العاملين بالمؤسسة الذين لا يمكنها أن تمر أمامهم، دون أن يتبادلوا معها التحية وبعض النكت التي تدخل الفرحة في قلوب الجميع.
 بالنسبة لحياتها الخاصة، قالت خيرة بأنها أم لأربعة أولاد ناجحين في حياتهم، وتضيف بأن زوجها تقبل فكرة عملها، لأن ارتباطها بالمؤسسة ليس مهنيا فقط، بل إنسانيا أيضا، فأغلب العمال الحاليين يعتبرونها كالأم الحنونة، رغم أنها لم تتجاوز 48 عاما من عمرها. و قد فرضت احترام الجميع لها، مثلما فرضت افتخار أبنائها بها و تقدير زوجها لما تقوم به من خدمات أغلبها إنسانية، فهي اسم على مسمى "أم الخير".

 ســارة
نتعــرض للســب من  مرافقــي المريضــات
سنة كاملة قضتها سارة بمستشفى بن زرجب بوهران، في مهنتها الجديدة كعون أمن في مصلحة الولادة، حيث كانت العام الماضي ضمن خمس فتيات تم توظيفهن بالمستشفى كعونات أمن تم توزيعهن بين مصلحة الولادة و مصلحة طب الأطفال، بالإضافة لسائقة سيارة إسعاف. جمعتنا بسارة جلسة دردشة روت لنا فيها مسيرة سنتها الأولى في هذه المهنة التي يمكن اعتبارها جديدة على النساء ولكنهن اقتحمنها بجدارة بوهران. تقول سارة ذات 26 ربيعا، بأنها كانت دائما تحلم بالالتحاق بسلك الأمن، لكن لم يحالفها الحظ الذي يبدو أنه كان يخبئ  لها مهنة أخرى، لا تقل أهمية عما كانت تحلم به ، وهو عونة أمن، حيث صادفت سارة أثناء مرورها بالمستشفى إعلانا يطلب أعوان أمن من الجنسين، فلم تضيع الوقت و قدمت طلبا لتجد نفسها ضمن قائمة الخمس فتيات اللائي اختارتهم إدارة المستشفى لتكوين أول نواة لعونات أمن المؤسسة الإستشفائية. بدأت العمل بعد تدريبات تلقتها و زميلاتها على يد مسؤول أعوان الأمن بالمستشفى الذي كان صارما معهن، مثلما أكدت سارة، لكن تعليماته جعلت الفتيات ينجحن في إحداث تغييرات إيجابية بالمصلحتين ، فمثلا بمصلحة الولادة، أين تتواجد سارة، يتم تفتيش كل الأمتعة و الحقائب كبيرة الحجم التي يخرجها زوار المصلحة، تجنبا لأية محاولة سرقة رضيع أو تهريبه، إلى جانب ذلك ، تضيف المتحدثة:" عيوننا لا تغفل عن مراقبة السلوكات المشبوهة لكل من يدخل ويخرج من المصلحة، خاصة أثناء فترة زيارة المرضى".  و ذكرت سارة أن طبيعة عملها، تتطلب الصبر، لأنها في مواجهة مباشرة مع المواطنين من الزوار و أفراد أسر المرضى ومع المرضى الذين يجب الأخذ بعين الاعتبار آلامهم.  و في الكثير من المرات تنهال المريضات أو مرافقوهن بوابل من الشتائم على عونات الأمن بمصلحة التوليد، حسب سارة قائلة:"هناك رجال يرافقون زوجاتهم لمصلحة التوليد ، وعندما نقول لهم بأن الدخول ممنوع إلى مكتب الطبيب أو إلى غرفة الوضع، نتعرض للشتائم والسب، لكن يجب أن نكون صبورات و نسعى لتهدئة الآخر".  في بعض الحالات يتطلب الأمر تدخل أعوان الأمن الرجال، لصد المرافقين للمريضات. و رغم الصعوبات في التعامل مع الوافدين إلى المصلحة، إلا أن تواجد عونات الأمن، يدخل الطمأنينة والسكينة في نفوس المريضات اللائي لم يعدن يخشين حوادث السرقة التي كانت تنتشر من قبل، بفضل دوريات العونات المتواصلة على القاعات وخارجها. وتوضح سارة من جهة أخرى، بأنها لم تلق معارضة من طرف أهلها لدى اختيارها لهذه المهنة، خاصة و أنها تتضمن مهاما مباشرة مع نساء فقط، ما جعل زوجها يستحسن الأمر، مثلما قالت، و لا يعارض عملها.و هي الآن حامل و تنتظر مولودها بعد أشهر.  وأشادت محدثتنا بالمساعدات التي يقدمها لها و لزميلاتها المسؤول عن أعوان الأمن و الأعوان الرجال الذين، مثلما قالت سارة، يعترفون  بأن العونات خففن عنهم ضغط العمل، لأنهم كانوا سابقا يواجهون هجمات عنيفة من طرف الرجال الذين يرافقون زوجاتهم للمصلحة، أما الآن فالعونات يتكفلن بجزء كبير من حل تلك المشاكل.

خيرة
تعلمت الصبر وأساليب التهدئة
عون أمن هي المهنة التي أنقذت خيرة من مأزق البطالة التي لازمتها لأكثر من سنتين، فبعد تحصلها على ليسانس في علم الاجتماع السياسي، لم تجد خيرة فرصة للتوظيف، كما قالت، لأن تخصصها غير مطلوب، فلجأت للعمل ضمن جمعية خيرية تقدم مساعدات للفقراء وتقيم نشاطات في كل مناسبة، لكن العمل التطوعي لم يمكنها من تلبية حاجياتها وضمان مستقبلها، فخرجت تبحث عن عمل من جديد، ولكن لم تفتح أمامها الأبواب، إلا في إطار عقود تشغيل الشباب التي كان أجرها زهيدا بالنسبة لها، وتسلل اليأس إلى قلبها لغاية سماعها بخبر فتح توظيف في شركة حراسة كعون أمن، فتوجهت للشركة و قدمت طلبا ليتم استدعاؤها للعمل كعون أمن في المسجد الجديد ابن باديس بوهران الذي يعد صرحا دينيا وثقافيا وسياحيا، مما يتطلب تعيين عونات أمن لمرافقة النساء وتفتيشهن إذا استدعى الأمر.
قبلت خيرة بالمهمة دون تردد، لأنها أخيرا ستعمل بأجر محترم و بتأمين اجتماعي، أكثر من هذا في مسجد، هكذا عبرت لنا خيرة عن فرحتها وراحتها في العمل الذي يحفظ كرامتها وسط جو روحاني، لكن مثلها مثل عونات الأمن في باقي المؤسسات، لا تسلم من المواجهة مع الوافدات إلى المسجد، و خيرة مثل زميلاتها تتصدى لكل شيء بالصبر وحسن المعاملة و انتهاج أساليب التهدئة، ذلك لا يعني، حسبها، أنهن لا يتلقين الشكر والثناء من طرف بعض الوافدات إلى المسجد اللائي يرتحن لوجودهن و لمساعدتهن على الصلاة في طمأنينة وأمان.
بالنظر لمكان عملها في بيت الله، لم يعارض أهلها الفكرة، بل شجعوها و يقدمون لها كل الدعم، ولكن يبقى حلمها هو أن تجد عملا في تخصصها علم الإجتماع السياسي. و لا تفكر خيرة في احتمال رفض من يتقدم للزواج بها مهنتها و تشير في هذا الإطار: "لست أدري ما سيكون رد فعلي، إذا تقدم أحد للزواج مني، لكنني سأدافع عن مهنتي، لأنها مثل كل المهن".

فاطمــة الزهــراء
هذه  المهنــة أنقذتنـي  من البطالـة
فاطمة الزهراء التي رافقت خيرة في مزاولة مهنتها بمسجد بن باديس،منذ قرابة عام كامل، لا تختلف كثيرا عن زميلتها في اعتبار العمل كعون أمن، مهنة مثل كل المهن، خاصة و أنها بالنسبة إليهما في بيت الله، حيث أن فاطمة الزهراء التحقت بالعمل بعد ساعات فقط من تقديمها للطلب وبعد 6 سنوات من المكوث بالبيت، لأنها لم تكمل دراستها و توقفت بعد رسوبها في شهادة التعليم المتوسط. و قد عرضت عليها العمل صديقتها التي سبقتها في شركة الحراسة، وبما أنه تم توجيهها للمسجد لم تتردد فاطمة الزهراء ولا أهلها في قبول العرض، و الانطلاق في حياة مهنية، عوض معاناة المكوث بالبيت دون دخل أو تأمين اجتماعي.
 و شجع فاطمة على القبول الفوري للعمل، قربه من مقر سكناها وهذا ما ذلل كل المصاعب أمامها في بداية التحاقها بمهنة عون أمن. ومثل زميلتها خيرة تقول فاطمة الزهراء، أنها ستقنع من يتقدم للزواج منها بمهنتها لأنها لا  تختلف عن باقي المهن و هي في بيت الله مع النساء، بمعنى لا تشكل أي حرج بالنسبة إليها. 

الباحث في علم الاجتماع الأستاذ حسين عبد اللاوي

 لا يمكن للمرأة أن تكون شريكا في السياسة إلا أذا كانت شريكا في المجتمع
+- كيف تقيم مشاركة المرأة في المجال السياسي في الجزائر؟
*- حسين عبد اللاوي استاذ علم الاجتماع وباحث  : من أجل تقديم تقييم دقيق لابد من دراسات شاملة للظاهرة، هناك محاولات من طرف باحثين شباب لدراسة الموضوع، لكن هل التراكم المعرفي يسمح لنا بالتقييم؟، وهنا لابد أن نطرح السؤال التالي هل بروز المرأة على الساحة السياسية هي ظاهرة مجتمعية أم وليدة ظروف مرحلية مؤقتة؟ أم هي نتيجة لتطبيق سياسة قصدية؟.
الدراسات التي أطلعت عليها شخصيا تقول أن ظهور المرأة في المجال السياسي مرتبط بعوامل عدة منها التنشئة السياسية، فالنساء اللائي برزن في الأحزاب السياسية والحكومة وغيرها يحملون في الأصل ثقافة سياسية اكتسبنها إما بفعل تأثير الوسط العائلي الذي سمح لهن بممارسة السياسة، أو العنصر الجمعوي، أي النساء اللواتي انخرطن في جمعيات سمحت لهن بتكوين ثقافة سياسية.
وهناك صنف آخر وهن اللواتي وفي إطار مسارهن الحياتي مستهن استراتيجيات طبقتها الأحزاب السياسية للتكيف مع ما وضعته القيادة العليا في البلاد.
وهذا كله ما جعل النساء المشاركات في السياسة لا يشكلن فئة متجانسة، فنجد منهن الحاملات لشهادات عليا و اللواتي لهن كفاءات عليا، ونجد بالمقابل أخريات لا يحملن أي مستوى، وعليه فهي ظاهرة ظرفية  في الوقت الحالي، وقد تصبح ظاهرة مجتمعية لما تتحول في هذا الاتجاه، صحيح نجد اليوم مثلا 146 امرأة في المجلس الشعبي الوطني و ذلك يجعل الجزائر في المرتبة الأولى عربيا من حيث تمثيل المرأة، لكن من الناحية العملية وجودهن يبقى شكليا وتمثيليا فقط ولا تأثير لهن في الواقع.
+- هل يتطلب اقتحام المرأة للسياسة تحررا اجتماعيا بالمعنى الواسع؟ تحرر من كافة القيود الاجتماعية والدينية والثقافية والعادات مثلا؟
*- حتى والمرأة تقتحم عالم السياسة لكنها لم تتحرر من المكانة الكلاسيكية الموضوعة والمخصصة لها في المجتمع، وهذا ليس في السياسة فقط، في كل الحقول المخصصة عادة للرجال إلا وكانت حريصة على إثبات قيامها بدورها الكلاسيكي أولا، فلا يمكن تصور امرأة ناجحة سياسيا دون التأكيد على أنها ربة بيت تطبخ وتربي الأولاد إلى غير ذلك من المهام الكلاسيكية للمرأة.
نحن هنا أمام إشكالية، فتطور المرأة اجتماعيا لا يحررها من الأدوار الكلاسيكية التقليدية، وهي نفسها تعتقد أنه كي يعترف لها المجتمع بدورها السياسي الجديد لابد أولا أن يعترف لها بالدور الكلاسيكي.
وجزء آخر من هذه الإشكالية هي أن المرأة لما تخرج هكذا لأداء دور سياسي يعطي لها المجتمع مباشرة صورة نمطية وكأنها امرأة انحرافية، لذلك لا يعترف  لها بالنجاح السياسي إلا بعد أن تثبث أنها ناجحة في دورها الكلاسيكي، و هي هنا ما تزال خاضعة للقيود عدة لكنها تقاوم بإثبات نجاحها في الدورين.
وحتى زميلها الرجل في الميدان السياسي لا يعتبرها سياسية بل امرأة سياسية، ولما يعتبرها كسياسية معنى ذلك أننا قفزنا نحو تطور مجتمعي وتحول مجتمعي  كبير، ولو نصل إلى هذا التحول سوف نصل إلى قفزة في الممارسة المجتمعية لمختلف السلوكات، وهنا تصبح السياسة سلوكا مجتمعيا وليست سلوكا فئويا.
+- هل ترقية المشاركة السياسية للمرأة مرتبط بها أم بقوانين وظروف معينة؟
*- لا يمكن تغيير وضعية المرأة بمرسوم بصرف النظر عن النوايا وعن جدية و أهمية هذا المرسوم، تخصيص 30 بالمائة من المناصب في المجالس المنتخبة للمرأة أو المساواة بينها وبين الرجل بغض النظر عن ايجابيتها لا يعني أن المرأة اصبحت شريكا في السياسة، ولا يمكنها أن تكون شريكا في السياسة إلا إذا صارت شريكا في المجتمع.
 وعلى هذا الأساس ينظر إليها على أنها ظاهرة غير طبيعية، بل هي نتيجة لتطبيق سياسات واستراتيجيات ظرفية، المادة 31 مكرر هي ضرورة لكنها ليست كافية، ضرورية إذا تم توظيفيها ووضعت المرأة الند للند مع الرجل في هذا المجال، لكن ذلك لا يكفي إذ لابد على الرجل ايضا أن يتحول.
بقدر صدور قرار يسمح للمرأة بالتمثيل  كان من اللازم أيضا صدور قرار يشجع الرجل على قبول المنافسة.
+- هل يعني ذلك أن المجتمع الجزائري لا يزال محافظا إلى الدرجة التي لا يسمح فيها أن تحكمه  امرأة في أي منصب سياسي كان؟
*- هذا لا يخص المجتمع الجزائري فقط بل كل المجتمعات، الدراسات الأنثروبولوجية تقول أن تاريخ الإنسانية لم يكن فيه حكم المرأة في المجتمع مهيمنا كما هو بالنسبة للرجل، يعني لا وجود لمجتمعات أموسية بالمعنى الكامل (نسبة إلى الأم) وكل المجتمعات ما زالت تحمل هذا الإرث.
وكي تصل المرأة إلى مرتبة الند للند مع الرجل لابد من طفرة مجتمعية حتى يقبل الرجل بذلك، لكن هذه الطفرة ممكنة، ففي الثورة قامت المرأة بدورها في الجبل من أجل التحرير، الرجل يرفض أن تحكمه المرأة وهذا طبيعي، لكن بمجرد أن تثبت قدرتها يقبلها، يعني تقوم بدورها المجتمعي والعائلي معا، بعبارة أخرى على المرأة أن تثبت أنها امرأة ورجل في نفس الوقت.
+- ببساطة كيف يمكن للمرأة أن تقتحم ميدان السياسة دون خوف؟
*- يمكن لها ذلك عندما تصير طرفا علنيا و أساسيا في القرار المتخذ على المستوى العائلي، ذلك سينعكس على المستوى السياسي و عندها تتجاوز الخوف.
لماذا تخاف اليوم؟  تخاف لأنها آتية من بيئة اجتماعية حيث اتخاذ القرار لا تساهم في الإعلان عنه، عندما تصبح طرفا فاعلا في الإعلان عن هذا القرار يزول خوفها  من المجال السياسي،   يقال مثلا في المجتمع أن القرار العائلي يتخذ بنسبة كبيرة من قبل المرأة لكنه يعلن من طرف الرجل فقط، المجال السياسي انعكاس للمجال المجتمعي خاصة و أنه في السياسة القرار يعلن.
+- ما دور الرجل في فتح المجال السياسي أمام المرأة؟
*- من الطبيعي أن الرجل يقاوم، وفي أي علاقات مختلفة على المستوى العام ككل من يملك السلطة لا يقبل أن يشرك فيها أناس آخرين والتنازل عليها بسهولة، لكن ممارسة السلطة في الحياة العصرية اصبحت تقوم على العمل التشاركي، هذه حقيقة مفروضة اليوم في المجتمعات المعاصرة، التشاركية حقيقة وعلى الرجل أن يقبل بها.
والسياسة كما تعرّف هي لعبة، واللعبة حسب القواعد لا تلعب من طرف واحد بل من عدة أطراف، معنى هذا عندما يدرك الرجل أن الممارسة السياسية لعبة فهو يقر بضرورة دخول طرف آخر أو أطراف آخرىن، واليوم الأحداث تتسارع في العالم حيث تطور تكنولوجيات الاتصال اصبح مذهلا وحيث العولمة، وحيث بعض الدول تحكمها نساء، من هذا المنطلق كله فإن تطور الممارسة السياسية نفسها تدفع الرجل الجزائري لقبول أطراف أخرى ومنها المرأة.  
حاوره محمد عدنان

الباحثة في مجال علم النفس الأستاذة شريفة بوعاطة

المرأة دفعت ثمن استقلاليتها المادية بمضاعفة مسؤولياتها داخل و خارج البيت
اعتبرت الباحثة المختصة في علم النفس شريفة بوعاطة من جامعة بجاية، بأن خروج المرأة للعمل ضاعف مسؤولياتها، بعد أن بات ينظر إليها كمجرّد مرّتب شهري إضافي يحل مشاكل الأسرة المادية، أو فرد مطالب بتجسيد كل الواجبات المنزلية و الأسرية و المهنية في آن واحد، مما يعرضها لمتاعب نفسية و صحية مع الوقت، جرّاء تزايد المهام الموّكلة إليها، خاصة بعد تخلي الكثير من الأزواج عن الكثير من واجباتهم الأساسية.
. النصر: قمت مؤخرا بدراسة حول عمل المرأة، هلا حدثتنا عن ذلك؟
ـ الأستاذة شريفة بوعاطة: الدراسة التي قمنا بها تهدف إلى معرفة موقف الزوج و الأب من عمل زوجته و كيف يتم التفاوض على العلاقة بين المرأة و الرجل و توزيع المهام و الواجبات الأسرية في مثل هذه العائلات، و هي دراسة ركزت على مجموعة صغيرة من الأزواج لم يتجاوز عددهم 15زوجا من مختلف الفئات، حاولنا من خلالهم التعمق في موقع الرجال و النساء في العائلة الجزائرية المعاصرة، فالنساء المعنيات بالدراسة زوجات و أمهات عاملات يقضين يومهن بالعمل خارج البيت، مثلهن مثل أزواجهن، لكن عند العودة إلى البيت يخلد الزوج للراحة، فيما تضطر المرأة لأداء واجبات كثيرة تتراوح بين العمل المنزلي و الواجب الأسري و مرافقة الأطفال في مراجعة الدروس، تحضير الأكل، تنظيف البيت، بالإضافة إلى واجبها اتجاه زوجها، و كثيرا ما تضطر النساء للنهوض باكرا لتنظيف البيت و تحضير وجبة الغذاء والعشاء و إيقاظ الأطفال و مساعدتهم على تغيير ملابسهم إن كانوا صغارا، و تحضيرهم للمدرسة أو رياض الأطفال، كل ذلك قبل التوّجه إلى العمل.
 و في المساء تحاولن إتمام ما لم تتمكن من القيام به صباحا، و لا تذهبن إلى النوم إلا بعد غسل الأواني و تنويم صغارها، و مع هذا فإن ثمة من النساء من يجدن بعض الوقت لمتابعة التلفزيون أو قراءة الجرائد في حوالي الساعة الحادية عشر ليلا..غير أن الزوج يشعر بأنه غير معني بالواجبات المنزلية و يعتبرها من مهام المرأة و يقول»البيت شغل المرأة» ،لحسن الحظ أن ثمة حالات تكاد تكون استثنائية، تؤكد بأن الزوج يقدم يد المساعدة قدر المستطاع كالاعتناء و حراسة الأطفال و مرافقتهم إلى المدرسة، و أحيانا يقوم بواجبات منزلية عندما يجد الزوجة مشغولة جدا.
و في حالات أخرى تضطر النساء العاملات ذوات الدخل الجيّد، إلى الاستعانة بخادمة للقيام بكل أمور البيت لتتمكن من التوفيق بين البيت و العمل.
. لماذا تشعر المرأة بالذنب في حال عدم تمكنها من القيام بإحدى الواجبات، بما فيها تلك المسندة إلى الزوج؟
ـ هناك عوامل اجتماعية و إرث أسري ساهمت في جعل المرأة تقبل أداء كل الواجبات دون أن تطلب من الزوج إشراكها أو مقاسمتها أعبائها، بدء بالتربية المختلفة بين تنشئة الفتاة و الفتى، فالأم لا تتأخر في تعليم ابنتها شغل البيت، حتى لو كانت متفوّقة في الدراسة لأن صورة المرأة في المخيّلة الجماعية مرتبطة بالبيت، ثم هناك نساء يردن أن يثبتن للزوج و أسرته بأنهن قادرات على العمل و لعب دور الأم و ربة البيت على أحسن وجه ، باعتبار عمل المرأة المتزوجة لا يزال مرفوضا لدى الكثيرين رغم التطورات السريعة التي يشهدها المجتمع و عليه يجدن أنفسهن مضطرات للتبرير بأن العمل خارج البيت، لا يمنعهن من التوفيق بين تربية الأبناء و التكفل بكل الواجبات الأخرى.
كما لا يمكن إغفال حقيقة ترعرع أكثر الرجال في عائلات تطغى عليها الذهنية الذكورية، تغرس فيهم فكرة بأن الزوج هو رب الأسرة و الزوجة تخضع لأوامره و بأن شغل المنزل من مهام النساء فقط.
. ما الذي تريد النساء إثباته بمضاعفة جهودهن و مسؤولياتهن؟
ـ النساء يطمحن للاستقلالية المادية التي تساعدهن على ترتيب و تجهيز منازلهن بشكل أفضل، كما تمنحهن فرصة توفير إمكانيات أكبر و حياة مريحة للأبناء و هو ما يساعدهم على النجاح في المدرسة، و هو الرهان الأساسي الذي ترفعه المرأة العاملة باستمرار. و قد بينت الدراسات بأن أبناء النساء العاملات متفوقون أكثر من أبناء الأمهات الماكثات في البيوت، لأن العاملات يحرصن على إظهار بأن العمل لا يعيق اهتمامهن بصغارهن و متابعة دراستهم، كما أن تمسك المرأة بالعمل هو تمسكها بالراتب و الاستقلالية المادية و تحقيق الذات، من خلال متابعة تكوينات و تربصات لأجل تقلّد مناصب أعلى في عملها.
. ما هي أهم التأثيرات و المشاكل النفسية التي قد تعانيها الزوجة العاملة جرّاء ذلك؟
ـ حالة اللامساواة التي تعيشها النساء الجزائريات في هذا السياق، لها آثار على المستوى النفسي، أهمها ما له علاقة بتقديرها لنفسها، فهي مع الوقت تفقد الثقة في ذاتها و تشعر بالنقص، كما قد تصل إلى مرحلة الشعور بالعجز و عدم قدرتها على أداء واجبها كما يجب، و هو ما يزيد من توترها و إحباطها اللذين كثيرا ما تكون له تبعات صحية وخيمة، غير أن الكثير من النساء اللائي تحدثنا إليهن خلال قيامنا بهذه الدراسة، ضمن 15عائلة، بيّن رغبة كبيرة و إصرار على الاستثمار في نشاطهن المهني.   
حاورتها مريم/ب

فريق فتيات وئام قسنطينة


تحدين الصعاب وكسرن الطابوهات وتحولن إلى خزان لمختلف المنتخبات

تشهد كرة القدم النسوية في الجزائر تطورا ملحوظا، حيث ازداد عدد الفرق بشكل كبير و ارتفعت نسبة الفتيات المقبلات على هذه اللعبة، وأصبح لكل ولاية أكثر من فريق نسوي، وحقق الجنس اللطيف خطوات جبارة، رغم عدم تقبل الفكرة في المجتمع الجزائري، الذي يعتبر ممارسة المرأة لكرة القدم مبالغ فيه ويجعلها تتشبه بالرجال.  وينشط في الجزائر 52 فريقا ساهم في تطوير كرة القدم النسوية، ومن بين النوادي التي صنعت الحدث في السنوات الأخيرة فريق فتيات وئام قسنطينة، الذي أصبح في ظرف وجيز يحتل مكانة مرموقة على المستوى الوطني، والجميع يتحدث عن إنجازاته، بعد أن صار خزانا حقيقيا للمنتخب الوطني، بالنظر إلى ارتفاع عدد اللاعبات اللائي يدعمن صفوف سيدات الخضر لجميع الأصناف العمرية، كما أن فريق فتيات وئام قسنطينة أصبح من أشد المنافسين على لقبي البطولة والكأس.
وتسعى شبلات نادية فرتول هذا الموسم لطرد نحس السنوات القليلة الماضية، بمعانقة أول لقب في مشوار النادي حديث النشأة، حيث عرف النور قبل 12 سنة (2004)، وعانده الحظ في منافسة كأس الجمهورية، أين خسرت رفيقات صخرة الدفاع حورية سدراتي النهائي أربع مرات متتالية، كما ضيعن لقب البطولة في آخر الأمتار في آخر خمس سنوات.وتحضر تشكيلة الوئام هذا الموسم من أجل التتويج بـ "الدوبلي"، و لما لا إهداء قسنطينة أول لقب، خاصة في ظل الخبرة الكبيرة التي أصبح يتمتع بها هذا الفريق المتميز، سيما في مجال التسيير الذي عرف قفزة نوعية مقارنة بالسنوات الماضية، خاصة في ظل الدعم الذي تحظى به التشكيلة من السلطات المحلية، حيث أقرت رئيسة النادي نادية براهيمي، بأن الوالي حسين واضح لم يبخل عليهن بشيء، ويسعى جاهدا من أجل وضعهن في أحسن الظروف، كونهن يمثلن قسنطينة.

مدربة الفريق  راضية فرتول
نجحت في غرس ثقافة كرة القدم النسوية في قسنطينة
أكدت مدربة نادي فتيات وئام قسنطينة راضية فرتول أنها تحدت كل الصعاب، من أجل غرس ثقافة الكرة النسوية، خاصة بالنظر إلى عدم تقبل الأولياء فكرة ممارسة بناتهم لعبة كرة القدم، والتي يرونها حكرا على الرجال فقط، كما تطرقت عضو المكتب الفيدرالي إلى المشاكل الكثيرة التي تعاني منها، سيما من الناحية المادية، بالنظر إلى التنقلات الكثيرة إلى ولايات بعيدة، على اعتبار أن فريقها ينشط ضمن القسم الأول، حيث قالت:" لقد عانيت كثيرا من أجل إنشاء هذا الفريق، حيث كنت مجبرة على إقناع أولياء اللاعبات بالسماح لبناتهم بالانضمام إلى فريق فتيات وئام قسنطينة، و اليوم أشعر بالفخر و الاعتزاز، بالنظر إلى الكم الهائل من اللاعبات المنتميات إلى المنتخب الوطني، نحن نرى بأن نجاح الفريق يكمن في أنه أصبح خزانا للمنتخبات الوطنية في جميع الأصناف، لقد تحدينا كل الصعاب، خاصة من الناحيتين المادية والمنشآت القاعدية، و بالمناسبة انتهز الفرصة لتوجيه جزيل الشكر إلى السلطات المحلية، بالنظر إلى تفهمها الكبير ومنحنا ملعب بن عبد المالك، من أجل التدرب فيه، و نشكر كذلك مدير الملعب على التسهيلات الكبيرة التي وجدناها ".
وبخصوص توفيقها بين فريق فتيات وئام قسنطينة ونشاطها في المكتب الفيدرالي قالت:" أنا امرأة تهوى التحديات، وصولي إلى هذا المستوى نتيجة تضحيات كبيرة، كما أن وصول فريق الأكابر إلى نهائي كأس الجمهورية لرابع مرة على التوالي يعد إنجازا، في انتظار تجسيد طموح التتويج بلقبها".

إيمان مروش
سعيدة باختياري أفضل لاعبة في الدورة المغاربية
أكدت مهاجمة المنتخب الوطني ولاعبة فريق فتيات وئام قسنطينة إيمان مروش بأنها سعيدة بمشوارها لحد الآن، مشيرة بأنها فخورة بلعب كرة القدم، وبأنها تحظى بالتشجيع والمساندة من العائلة والأصدقاء، كما تحدثت اللاعبة الأنيقة عن طموحاتها سواء مع ناديها الوئام أو المنتخب الوطني، مؤكدة بأنها تسعى جاهدة من أجل أن تكون حاضرة مع الخضر في نهائيات كأس العالم بفرنسا 2019 ، فضلا على التأهل إلى كأسي أمم إفريقيا 2016 و 2018.
وقالت مروش في تصريحاتها للنصر على هامش تواجدها في معسكر المنتخب، تحسبا لمباراة إثيوبيا الأخيرة:" كرة القدم هي هوايتي المفضلة، وبدأت ممارستها في الشارع مع جيراني الذكور، لا أخفي عليكم لقد كانت أمنيتي أن ألعب كرة القدم، لكنني لم أجد ناد في البداية، وهو ما جعلني أتحول إلى ممارسة كرة اليد لمدة موسم واحد، و بعدما وصلتني أنباء عن وجود فريق لكرة القدم في قسنطينة، التحقت به، و من ذلك الوقت انطلق مشواري في كرة القدم النسوية مع فريق فتيات وئام قسنطينة، حيث تمكنت من تطوير إمكاناتي بشكل كبير، ما جعلني أحظى بشرف التواجد مع المنتخب الوطني".
وبخصوص معاناتها من مشاكل عائلية وعدم تقبل أسرتها فكرة ممارسة كرة القدم، كان ردها:" لم يكن لدي أي مشكل مع العائلة من أجل ممارسة كرة القدم، بل على العكس هم سعداء و فخورون بي، خاصة بعد أن شاركت في كأس أمم إفريقيا السنة الماضية في ناميبيا، كما أن أفراد عائلتي و كل زميلاتي في نادي فتيات وئام قسنطينة فرحوا لي كثيرا عقب اختياري كأفضل لاعبة في الدورة المغاربية التي أقيمت بمدينة عين الدفلى، أنا لاعبة متميزة، ولا يمكن أن أضيع هذه الفرصة للبصم على مشوار متميز، خاصة مع المنتخب الوطني الذي أطمح للمشاركة معه في نهائيات كأس العالم بفرنسا سنة 2019، وسيكون التواجد  في تظاهرة بهذا الحجم أمرا رائعا، سيما وأنها فرصة مناسبة من أجل تأكيد قدرة المرأة الجزائرية على التألق في جميع المجالات".
وختمت محدثتنا تصريحاتها:" لن أغير فريقي فتيات وئام قسنطينة مدى الحياة، لأني عرفت معه التتويجات في صنف أقل من 20 سنة، كما أني نشطت معه ثلاثة نهائيات مع فريق الأكابر، وأريد أن تبتسم لنا الكأس هذه المرة، وننجح في الظفر بها، ونجلبها إلى قسنطينة، خاصة وأن الوقت قد حان للفوز بالألقاب، سيما في ظل الخبرة التي اكتسبتها الفتيات، سنسعى جاهدات لتحقيق الدوبلي هذا الموسم، خاصة وأننا لا نزال نتنافس على جبهتي البطولة والكأس".

سدراتي حورية
استمتع بممارسة الكرة و فخورة بالدفاع عن الألوان الوطنية
لعبت لعدة نواد وحان وقت التتويج مع فتيات وئام قسنطينة
*كيف كان التحاقك بعالم كرة القدم؟
أولا كرة القدم هوايتي المفضلة، وبدأت ممارستها في الشارع رفقة أبناء الجيران، قبل أن التحق بفريق المدرسة، الذي تألقت فيه بشكل ملفت للانتباه، ما مكنني من الحصول على دعوة المنتخب المدرسي، وفي سنة 2006 قررت الانضمام إلى فتيات وئام قسنطينة الذي تأسس حديثا، ومن ذلك الوقت بدأت مسيرتي مع كرة القدم، أين حملت ألوان عدة نوادي، في صورة فتيات بجاية وفريق فتيات الخروب، قبل أن أعود مجددا إلى الوئام الذي أطمح للتتويج معه بأحد الألقاب، خاصة وأنني ضيعت معه الكأس في أربع مناسبات متتالية.
*بصراحة هل تلقيت تشجيعا من الأسرة؟
طبعا الجميع في عائلتي شجعني على لعب كرة القدم، لأنهم اقتنعوا بأنني لاعبة جيدة و من وقتها لم أجد أي صعوبة في اللعب، يجب أن أقولها وأكررها كان لأسرتي الدور الكبير في التحاقي بالفريق الوطني النسوي، الذي شاركت معه لأول مرة في دورة بإيران، كما أن أبي يحرص دوما على متابعة مبارياتي، وأنا أسعى جاهدة لتشريف عائلتي، وفريق الوئام، والألوان الوطنية.
*ما هي الصعوبات التي تواجه كرة القدم النسوية في الجزائر؟
كرة القدم النسوية في مجتمع عربي ليست من الأولويات، فهي لا تحظى بالاهتمام لا الرسمي ولا الشعبي، ولهذا لا أحد يعطي للفتاة الحق في أن تثبت وجودها، ورغم ذلك تحقق الفتيات الجزائريات نتائج جيدة في آخر السنوات، و يأملن في التألق في قادم المناسبات، ولما لا التأهل إلى نهائيات كأس الأمم الإفريقية المقبلة بالكاميرون، لقد سبق لي المشاركة في "كان" ناميبيا، حيث لم نوفق في تحقيق نتائج جيدة، على أمل أن تتغير الأمور معنا في قادم الاستحقاقات.
روبورتاج: مروان. ب/ بورصاص. ر

مهاجمة المنتخب الوطني براهيمي ريان
كرة القدم النسوية في تطور ملحوظ و"الفاف" سخرت لنا كل الإمكانات
*من هي ريان براهيمي؟
براهيمي ريان أبلغ من العمر 23 سنة من مدينة قسنطينة، لاعبة فريق فتيات وئام قسنطينة، والمنتخب الوطني لكرة القدم سيدات، وطالبة بالمعهد العالي لتكوين إطارات الشبيبة والرياضة.
*لماذا اخترت كرة القدم دون رياضات أخرى؟
لقد لعبت كرة اليد لمدة سنة، ولكنني توقفت واتجهت لممارسة كرة القدم، لأنني أحبها و كنت ألعبها في صغري مع أخي وجيراني.
كرة القدم ليست حكرا على الرجال وهذه نصيحتي لمن يمتلكن الرغبة
*متى كانت بدايتك الحقيقية؟
بدايتي مع كرة القدم كانت سنة 2005 في فريق مدرسي يضم لاعبات من مختلف المتوسطات والثانويات، أتذكر أننا شاركنا في عدة دورات ولائية، وتوجنا بالألقاب، وكنا نلعب بشكل جيد، ما جعلنا نبحث عن الالتحاق بأحد الفرق.
*ماذا عن بداياتك مع فتيات وئام قسنطينة؟
في سنة 2006 وصلتني أخبار عن وجود فريق فتيات وئام قسنطينة لكرة قدم إناث، فسجلت في صفوفه، وكان عمري 12 سنة، ومنذ ذلك الحين وأنا ألعب مع كبريات الفريق، لقد مارست كرة القدم لمدة 10سنوات، وأنا فخورة بمشواري، على أمل تحقيق كافة أحلامي.
*متى تلقيت أول دعوة للالتحاق بصفوف المنتخب؟
أول استدعاء للالتحاق بالمنتخب الوطني كان سنة 2007 لصنف أقل من 17 سنة، وفي موسم 2008/ 2009 تلقيت دعوة للانضمام لصنف أقل من 20 سنة، ثم في موسم 2013/ 2014 شاركت في تصفيات كأس أمم إفريقيا مع الكبريات أمام تونس، غير أنني لم أحظ بفرصة المشاركة في "الكان"، في انتظار أن يتحقق حلمي بالتأهل إلى كأسي إفريقيا 2016 و2018، نحن نتواجد في الأدوار التصفوية الأخيرة، وأتمنى أن ننجح في الظفر بتأشيرة التأهل إلى العرس الإفريقي المقبل.
* كيف ترين مستوى اللعبة لدى الإناث في الجزائر؟
أرى أن كرة القدم النسائية بالجزائر في تطور ملحوظ، و إن شاء الله بالعمل والاجتهاد سنصل إلى مستوى أكبر سواء قاريا أو عالميا، نملك القدرة على التألق في القارة السمراء، كما نملك طموحات التأهل إلى مونديال فرنسا 2019، خاصة في ظل الاهتمام الذي نحظى به من قبل "الفاف" التي سخرت لنا إمكانات كبيرة، وتحاول وضعنا في أحسن الظروف، نحن نملك الآن منتخبا لا بأس به، ومدعم حتى باللاعبات المحترفات.
*كلمة حول الرياضة النسائية في الجزائر؟
أشجع النساء على ممارسة الرياضة في ظل توفر شروط تساعدهن وتحترم خصوصياتهن، خاصة وأن الأمور تغيرت في السنوات الأخيرة، وأصبحت المرأة تحظى بالاحترام والمساندة، وبصفتي لاعبة كرة قدم استغل الفرصة من أجل تشجيع النساء الجزائريات على ممارسة الرياضة، ولا يولين أهمية لما يقال هنا وهناك، اعتقد بأن كرة القدم لم تعد حكرا على الرجال، بدليل أن هناك لاعبات عالميات أفضل حتى من عدة لاعبين ينشطون بفرق محترمة.
حلمي المشاركة في كأسي إفريقيا 2016 و2018 والتأهل إلى مونديال فرنسا 2019
*ما هي طموحاتك وتطلعاتك المستقبلية بخصوص مشوارك الكروي؟
أطمح لمواصلة مشواري مع فريق فتيات وئام قسنطينة، ولما لا تحقيق لقب وطني على الأقل، خاصة وأن الكأس تعاندنا منذ أربع سنوات، كما أن هدفي المستقبلي هو الإشراف على تدريب صنف من أصناف الصغريات في الفريق.
*رسالتك للرياضيات الجزائريات بمناسبة عيد المرأة؟
عيد سعيد لكل ممارسات الرياضة في الجزائر عموما وللاعبات كرة القدم خصوصا، وأعني بالذكر كل صديقاتي في نادي الوئام ورئيسة الفريق والمدربة، كما أتمنى أن تتحقق كل طموحاتي، والبداية بأن أكون دائما حاضرة في الاستحقاقات الدولية مع الخضر، كما أوجه تحية لكل الرياضيات كونهن استطعن أن يفرضن أنفسهن في مجتمع ذكوري لا يبالي بالرياضة النسائية على العموم وكرة القدم بوجه خاص.

رئيسة النادي نادية براهيمي
فريقنا محترف وسعداء بتقديم لاعبات للخضر  في كافة الأصناف   
كسرت كل الطابوهات، تحدت كل العادات وساهمت بقسط وافر وفعال في ترسيخ ثقافة الكرة النسوية في قسنطينة، إنها رئيسة فريق فتيات وئام قسنطينة نادية براهيمي، التي أكدت فخرها بالمساهمة في تطوير الكرة النسوية في مدينة الجسور المعلقة، خصوصا وأن هذه اللعبة كانت حكرا على العاصميات فقط، مشيرة بأن طموحها أكبر في المستقبل، شريطة الحصول على الدعم.
وأضافت محدثتنا بدعوة الفتيات المهووسات بهذه اللعبة للالتحاق بفريقها، مؤكدة بأن كرة القدم لم تعد حكرا على الرجال، و مخطئ من يظن بأنها تفقد البنت أنوثتها.
كرة القدم النسوية تشهد تطورا كبيرا ونركز على التكوين في قسنطينة
*كيف نجحت في إقناع الفتيات بلعب كرة القدم؟
كنا من أوائل اللائي أدخلن فكرة كرة القدم النسوية إلى مدينة قسنطينة، نحن فخورات بالنجاحات التي نبصم عليها الآن، حيث تحول فريقنا إلى أحد أهم النوادي على المستوى الوطني، لقد أقنعنا الفتيات بأن كرة القدم لم تعد حكرا على الرجال، كما نجحنا في إقناعهن بأن ممارستها لن تفقدهن أنوثتهن، ما جعلهن يقبلن عليها بشكل كبير، خاصة في السنوات الأخيرة.
*ليس سهلا إقناع الأولياء بالسماح لبناتهم لعب كرة القدم، أليس كذلك؟
أستغرب من الذين يقفون أمام رغبة الفتاة في ممارسة كرة القدم، بحجة أن ذلك سيجعلها تفقد أنوثتها وتصبح شبيهة للرجل في الكثير من المواصفات والتصرفات، هذا الكلام عار من الصحة، والدليل وجود فتيات مقبلات على الزواج في فريقي، اللاعبات يعشن حياة طبيعية، وكرة القدم لم ولن تؤثر على حياة أي فتاة، سواء في المجال الدراسي أو المهني أو الشخصي، وإن أردتم  التأكد فاسألوا لاعبات فريقي اللائي يحظين بعناية كبيرة، كما أود أن أضيف شيء.
*تفضلي...
ليس سهلا إقناع الآباء بالسماح لبناتهم بممارسة كرة القدم، خصوصا في مدينة قسنطينة المعروفة بتحفظها الكبير، لقد تمكنا بفضل المجهودات الجبارة المبذولة من قبلي، ومن قبل المدربة فرتول من النجاح في هذا المجال، لقد أصبحت الفتيات يقبلن بشكل كبير على ممارسة كرة القدم، وأنا جد فخورة بأنني واحدة من اللائي لعبن دورا فعالا في إدخال هذه الفكرة إلى قسنطينة، نحن نصر على الأخلاق قبل كل شيء، وهو ما مكننا من الحصول على ثقة الأولياء الذين تأكدوا بأننا فريق محترم، ويسير بطريقة محترفة، ولا خوف على بناتهم.
*نجحتن في ظرف وجيز في تطوير اللعبة بقسنطينة، كيف كان ذلك؟
أجل لقد نجحنا في جعل نادي فتيات وئام قسنطينة من فرق النخبة في الجزائر، حيث أصبح ينافس نوادي قوية في شاكلة فريق آفاق غليزان، الذي كان يحتكر الألقاب لسنوات طويلة، لقد أنشأنا فريقنا في سنة 2004، وقمنا بمجهودات جبارة من أجل الوصول إلى مكانتنا الحالية، لقد نجحنا في جعله فريقا محترفا ينافس على الألقاب والتتويجات، نحن لم نحصد شيء لحد الآن، ولكن يكفينا فخرا أننا تواجدنا لأربع مرات متتالية في نهائي كأس الجمهورية، لقد حان الوقت للفوز بالألقاب، ونحن نتطلع لحصد أول تاج هذا الموسم سواء في البطولة أو الكأس، أين لا نزال ننافس على اللقبين، ونملك الإمكانات لتخطي عقبة أي منافس.
*تقدمون عديد اللاعبات للمنتخب الوطني، أليس كذلك ؟
أجل لقد تحول فريقنا إلى خزان حقيقي للمنتخبات الوطنية في جميع الأصناف، حيث نملك الآن ثلاث لاعبات في فريق الكبريات الذي خاض مباراة إثيوبيا لحساب التصفيات المؤهلة إلى "كان" الكاميرون 2016، كما نملك خمسة عناصر في فئة أقل من 20 سنة، نحن نعد من أهم النوادي التي تركز عليها الفاف من أجل تدعيم الخضر بفتيات متميزات، صدقوني نحن نحظى بإشادة كبيرة كوننا نجحنا في مجال التكوين، على اعتبار أن غالبية تعداد الكبريات في فريقنا مشكل من الفتيات اللائي تدرجن في مختلف الأصناف، لقد ربطنا علاقات مع المدارس و الثانويات في قسنطينة، ونجحن في الحصول على كل فتاة ترغب بممارسة كرة القدم.
الفتاة لا تفقد أنوثتها بممارسة الكرة وهناك من هن مقبلات على الزواج  في فريقي
*هل تحظون بدعم السلطات المحلية ؟
تمكننا من الحصول على الدعم اللازم من قبل السلطات الولائية، يكفينا فخرا أننا تمكننا من إعطاء صورة جيدة عن مدينة الجسور المعلقة، التي لا بد أن تصبح رائدة في كل المجالات، على اعتبار أنها تعد واحدة من أعرق الولايات في الجزائر، وليس هذا فحسب بل أننا سنواصل شق طريقنا في هذا المجال، ونتمنى من الجميع أن يقدموا للفتيات الدعم ولو معنويا، كما استغل الفرصة من أجل توجيه عبارات الشكر للسيد الوالي الذي يخصنا بعناية مميزة، كما أشكر رئيس المجلس الشعبي البلدي الأسبق، كونه وضعنا في أحسن الظروف، ولم يبخل علينا بشيء.
*هل من كلمة أخيرة؟
استغل الفرصة وأطلب من جديد المساعدة، خصوصا وأن هدفنا هو إعطاء صورة جيدة عن مدينة الجسور المعلقة التي يجب أن تكون رائدة في جميع المجالات، لا سيما أن الجميع يعلم أنها مدينة العلم والعلماء وتحتاج إلى مثل هذه الثقافات.
روبورتاج: مروان. ب/ بورصاص. ر

مبدعات جزائريات يتحدثن عن تجربتهن


الإبــــداع النسوي في مواجهــــة مجتمع ذكــــوري

تسعى المرأة الجزائرية للتعبير عن نفسها من خلال الكتابة والإبداع لكنها تصطدم بجدار المجتمع العالي الذي يكبحهن من خلال بعض الإكراهات و الحتميات التي تحد من صدى أصواتهن، فالمجتمع  الذي يغلب عليه التفكير الذكوري المتجذر في الموروث الحضاري لمنطقتنا، لم يتغير و بقي يرى في المرأة وعاء جنسيا أو حريما لدى السلطان. وتغلب على الكتابات الجزائرية النسوية موجة الغضب و نقد المجتمع الذكوري، حيث يرى بعض النقاد بأن المرأة لم تتخلص بعد من عقدة الصراع   الجنسي و لا تزال تتخبط في نفس المستنقع، رغم تجاوز هذه القضية في مجتمعات أخرى.تتفق الكاتبات والمبدعات بأن الكتابة متنفس لهن، يجعلهن يعشن حياة أخرى، بعيدة عن ظلم الواقع وحيفه، فيقمن بتزيينها كما يردن.  هذه النوعية من الكتابة جعلت أصابع الاتهام تتوجه إليهن، باعتبارهن مناضلات محدودات، لم يناضلن من أجل رفع الظلم عن الإنسان، وإنما نضالهن من أجل صراع بين الجنسين.

رصدها: حمزة دايلي

الروائية أمل بوشارب
المثقف الجزائري مسكون بالأفكار السلطوية البدائية
لا أرى أن المقاربة القائمة على التمييز على أساس الجنس، هي الأكثر إلحاحا لطرح القضايا الإشكالية المتعلقة بالساحة الأدبية في الجزائر، كون مشاكل انعدام المهنية في تعاملات دور النشر مثلا، و ضعف شبكات توزيع الكتاب، وغياب الملحقات الأدبية و هزال الجمعيات الثقافية، ورداءة الملتقيات، أمور يعاني من تبعاتها الكتاب من الجنسين، لكن إن أردنا الحديث عن أثر المجتمع الذكوري على العملية الإبداعية، فأعتقد أن المسألة تستدعي دراسة نقدية لتجربة كل كاتب أو كاتبة على حدة، لأن التجارب الإبداعية لا تحتمل الأحكام التعميمية. وعن نفسي لا أرى بأنني مسكونة بهاجس سلطة الرجل على نحو خاص، بقدر ما يؤرقني هاجس التسلط بالمطلق بمختلف تجلياته. أما إذا ما تناولنا ذات المقاربة للحديث عن تجربة القارئ (باعتباره عنصرا لا تكتمل بدونه الدورة الإبداعية) وعن مدى اعتماده على معايير ذكورية لدى تعامله مع النص الأدبي، فباعتقادي القارئ الجزائري لا يمارس تمييزا قائما على الجنس لدى تقييم جودة العمل الذي يكون إزاءه أو قياس مدى استمتاعه بمضمونه، والأمر منطقي بما فيه الكفاية كون المرء الذي يثق بالأساس بمبضع جراحة، ومذكرة محامية، أو محاضرة أستاذة لن يشكك في موهبة كاتبة لمجرد أنها امرأة. وأما عن الأحكام التي يطلقها المثقفون أنفسهم على الكاتبات و مدى ذكوريتها، فالواقع هو أن المبدعين الرجال هم أول ضحايا عقدهم الذكورية، ذلك أن "المثقف" المسكون بالأفكار السلطوية البدائية لا يعمد لتقزيم انجازات الكاتبات الناجحات فحسب، لكنه يعمل باستمرار على محاولة إلغاء أي منافس أدبي (بغض النظر عن جنسه) يرى فيه مصدر تهديد لأحلامه الغريزية في تبوأ عرش وهمي ما، كأن يتصور بأنه سيد الأدب، وملك الرواية، وأمير الشعراء، وما إلى ذلك من أفكار تجعله يعيش حالات سعار متواصلة، يحاول من خلالها إثبات سطوته "الأدبية". وما نشاهده من حالات هستيرية تصيب بعض الكتاب من حين لآخر، لإثبات هزال منافسيهم في الحقل الأدبي (رجالا كانوا أم نساء) لا يخرج عن إطار الصراعات الذكورية على الزعامة.  و إلى حين تصالح المبدع الجزائري مع الكروموزوم "إكس" الخاص به أولا، والذي من شأنه مساعدته على تمثّل قيم السلم و العيش الودي والمشاركة والتقاسم وقبول الآخر. سنبقى نعاني ككتاب نساء و رجالا من إفرازات أمراض الزعامة الأدبية التي تسيطر على الكثيرين و الاستعراضات التهريجية المرافقة لها والتي لا يسعني إلا أن أشعر بالشفقة على المنخرطين بها، ممن لم يدرك بعد كنه الأدب الذي أؤمن بأنه أداة تحررية يفترض أن يتخلى فيها الكاتب عن سلطة تأويل النص.

الروائية منى بشلم
نكتب لمجتمع ذكوري يربط النص بحياة صاحبته
في عيد المرأة الاحتفاليات التي تقام – على قلتها-  ينشط أغلبها رجال ، فإن كانت أدبية يستضاف فيها شاعر، و إن كانت فنية فمغن، فهل أدل من هذه العلامة على تهميش الصوت الأنثوي، حتى حين يتعلق الأمر بمناسبة نسائية خالصة؟  لا تملك المبدعة حيال هذا الوضع، غير أن تلوذ بالصمت و هي ترسل للهامش، بل تختاره طواعية أحيانا، هروبا من مواجهة مع وسط ثقافي الهيمنة فيه "للذكر" بكل ما للكلمة من سلطوية و هيمنة. هيمنة أساسها غالبا العلاقات لا المستوى الإبداعي. ما يبعد المبدعة عن هذا الوسط تماما، كما يبعدها عن الفئات المجتمعية الأخرى التي لا تشاركها الاهتمامات الثقافية و الإبداعية.  إن مجتمعنا للأسف، لا يزال شغله الأول السعي وراء المكاسب المادية، أما الثقافية، فلا يزال ينظر إليها بوصفها كماليات، فأنّ لصوت الإبداع الأنثوي المرهف أن يرتفع و الحال هذه، و كيف للمبدعة أن تبرز أو يكون لها الحظوة في ظل مجتمع نادر  فيه الاهتمام بالثقافة ككل؟
على العكس تماما، نجد الفكر الذكوري المهيمن على المجتمع، يسير بها في الاتجاه العكسي، و هو ينظر إليها بشيء من الإدانة، و الاتهام، هذه النظرة القديمة التي تربط النص بحياة صاحبته، و ترى فيه سيرة ذاتية لها، تحاكمها أخلاقيا بأفعال شخصياتها، لم تختف بعد من مجتمعنا، بل و حتى من أوساطنا الثقافية أحيانا، رغم الانفتاح الذي يشهده المجتمع ككل في مجالات أخرى.  لا يبقى من منصف لإبداع الأنثى غير  القارئ الناقد، و القارئ العادي الذي يقرؤها بموضوعية، و يقيم جماليات فنها، مبتعدا عن الأحكام المسبقة، و عن النميمة التي غزت العلاقات الثقافية، متجردا إلا من متابعة النص، هذه الفئة هي التي تدعم وجود الإبداع الأنثوي و تشجعه ، لمزيد من العطاء، إثراء لثقافتنا.

الشاعرة حليمة قطاي
لازلنا نناقش موضوع المرأة و العالم تجاوز ذلك بعقود
عشت في مجتمع محافظ؛ يتقن وضع الخطوط الفاصلة بين الجنسين. و يحترم خصوصية المرأة لذلك لقيت كل السند في الآخر الذي احترم أيضا خصوصيتي ككاتبة ومبدعة؛ الحقيقة أني عشت أصلا في وسط أسري يضج بالإبداع و التصميم.
وعلى ذلك أيضا رغم الحرية التي تسلم للمرأة، فإن هذا لا يمنحها إلا احتراما للآخر، وضبطا لقوانينها الخاصة تقديسا لخصوصيات كل جنس. تنقلت في ما بعد إلى بيت يحترم أيضا الكتابة، بل ويشجع عليها؛ فالزوج كاتب. ما يثير السخرية أنه يصفني بالعجز والتهاون إذا ما تقاعست عن الكتابة والنشاط الإبداعي أو العلمي. لكن هذا لا يمنع أننا لا نزال في قرن التفاعل وما بعد الحداثات نلمس الأبوية والتسلط الذكوري في مواقع عدة حتى العلمية و الإبداعية. لقد تجاوز غيرنا شغله بحقوق المرأة وما لها وما عليها، بالانشغال بأنساق أكثر جدلا في العلم و المعرفة والفلسفة، و لازلنا نحن في مجتمعاتنا نراها عورة و نتساءل عن حدود حريتها. لازالت لا تلق حقها من التعليم ولا تتمكن من فرض رأيها في الجماعة، بل في بعض المناطق التي جبتها لا تمتلك وثيقة تعريف و شهادة هوية، لا يزال البعض يستخدمها كحاجز ماء في فدانته ويمنعها التعليم لأنها لا تعيبه في ما بعد .وليس علينا أن نعيب مجتمعاتنا وحدها، فهذا اليوم اكبر برهان على تخبط البشرية في عقدة التجنيس وعنصرية الفصل للمغاير دائما و الإقرار بحتمية التفاوت والطبقية بين المركزي والتخوم، فحتى كبار الفلاسفة أصابهم هوس التجنيس و التصغير هاهو نيتشه يلتقي عجوزه في محاورات زراداشته فيطلب العصا لتقويم الأنثى.
حتى في نصوصي لا أتحدث عن الأنا الأنثى، وبإمكانك أن تقرأ مجموعتين ولن تفصل في جنس صاحبها، ذلك أني أرى هواجس الإنسان واحدة و تشغلني همومه ومخاوفه و قلقه وما تحدثت باسم الأنثى، إلا رفقا وحاجة للاكتمال بالآخر،لكني أرى بعين التفاؤل الأنثى الجمال والحب والإبداع في أجمل صوره؛ التي تحسن الإدارة والتسيير إن وثق بها. لقد تقلدت مناصب في كل ما يمكن تصوره وبسبب الثقة التي منحت لي أعتقد أنني حققت نجاحا كبيرا.
يكمن التغير من نواة البدء، يكمن أيضا في التراحم والتكافل، فأنا حين أكتب الشعر أحاول أن أعطيه بعدا إنسانيا، حيث سيلاحظ القارئ بأن  داخل القصائد  رسائل تواد ورحمة و مودة بين الأنا والآخر، أقصد الأنا في مرآته: مجتمعا ورجلا وامرأة طفلا وشيخا وعقيدة وعوالم أخرى، فمن خلال الانتباه للإنسانية والمودة، لأنهما السبيل الوحيد للسلام، يمكننا فهم أنفسنا أكثر بعيدا عن الصراع.

الشاعرة صليحة نعيجة
مـا زلـنا في عـصـر الـرجـل الـذكـر الـذي يـحـن لـزمن الـحـريـم
عندما تكتب المرأة عموما، فهذا لحد ذاته إما إجرام أو عمل بطولي في أوطاننا العربية، فرغم أن مجتمعاتنا التقليدية تغيرت مناخاتها، إلا أن المجتمع الذكوري لا يزال قائما بكل سلطته الأبوية، و يعزز حضوره في تلفيق كل أساليب التشويه للمرأة المبدعة.  إذ أنها توثق لنفسها من خلال الإبداع بكثير من الشفافية، لكنها تعاني من نظرة سيئة و لا يتم الاعتراف بمساهماتها، فالرجل بمجتمعاتنا لا يؤمن بها، مهما أوتيت من ذكاء و مخيال و سخاء معرفي و لغوي، لأنه بمعجمه الذكورى يراها كائن للفراش ولدت لتكون زوجة  أو خادمة في البيت.. المبدعة الواثقة قد تنعت بأبشع النعوت، الجرأة ليست عيبا، و ليست في متناول الكثيرات و لم تكن الجرأة إلا مرادفا لقوة .. فهل كل المبدعات قويات الطرح و قويات الحضور بالمشهد الأدبي الجزائري و العربي؟  أعتقد أن الحيف الذي تلاقيه المرأة المبدعة من نظرة استعلاء و دونية الرجل بمجتمعها، و حتى من رفقاء الحرف هو الذي جعل أسماء كثيرة لا تظهر،  وأخرى تختفي حفاظا على كرامة الحرف.
 المرأة حضارة بإبداعاتها، لكن في ظل الظروف الحالية تضطر إلى  الانتماء لتكتل ما، يمنحها سلطة الكلام، و المثقف لا يراها من زاوية هي سطرتها لنفسها من البداية لأحلامها الأدبية لا تعنيه لأنه يقارنها بأخته بالبيت و زميلته بالعمل، لهذا فعقلية الحريم لا تفارقه و معاملته لها لن تصل إلى التواصلية و التوافقية أو المشاركاتية مهما بذلت من جهد. هناك سماوات أخرى للإبداع و أراض أخرى تستوعب أحلام المبدعات و تتفهم نزقهن و أمزجتهن، أما هنا فالرجل يتعامل مع المرأة المبدعة على أنها كائن مهمل للعديد من الواجبات، أهمها المنزل و له سلطة التدخل في حياتها الشخصية.حضور المرأة بالملتقيات و الإصرار عليها، هو ديكور ضروري لتزيين المشهد و التبجح بنتاجها و إدعاء التفتح، أما بداخل كل مبدع و مثقف جزائري فهناك " سى السيد " و الأخ الديكتاتور الذي يأمر و ينهى ... أنا أرى أن أي علاقة معطوبة جدا للأنثى داخل أسرتها و محيطها بشكل عام، تنعكس على كتاباتها، فنلاحظ الانكسار و النكوص. كل امرأة بحاجة إلى بوح، هي امرأة مكسورة قهرها المجتمع الذكوري بشكل أو بآخر .. ليس شرطا أن يكون القمع بالأسرة، فقد تكون محظوظة بعائلتها، لكن مهزومة و منكسرة مع رئيسها بالعمل..أو زميلها الذي لا يفهم و لا يعي  معنى أن تكون شاعرة و جدوى ما تكتب و ماذا ستضيف..كل شيء بداخل الأنثى هش و قابل للانكسار في أي لحظة، مهما أوتيت من دلال و ثقة بالنفس، إلا أنها تواجه دوما صعوبات في استيعاب الآخر لها ..و هي تكتب " بوعي و دون وعي "، تفعل ذلك لتنتقم من المجتمع الذكوري و تقول ها "أنا".

الدكتورة و الناقدة  وسيلة سناني  من جامعة جيجل
الكاتبة لم تتخلص بعد من عقدة الصراع و تكتب عن الجنس للظهور
يمكن للمرأة أن تكون مبدعة مثلها مثل الرجل، لكن هناك شوائب كثيرة تحيط بهذا الإبداع اليوم، وعلى مر تاريخ الإبداع العربي النسوي، و لو أني لا أحب هذا التقسيم الذي يفصل إبداع المرأة عن إبداع الرجل، إذ أن هناك أشياء لا يمكن استساغتها و يجب القفز عليها على الفور، وإلا بقيت المرأة إشكالا أمام نفسها أولا، وأمام الرجل ثانيا. فأن تبقى المرأة تندب حظها الذي خلقته لها الطبيعة والتاريخ أيضا عبر النصوص الإبداعية، فتلك هي المشكلة أمام دور الإبداع النسوي. فهل ستظل المرأة تستعمل الإبداع لمدة أخرى دفاعا عن وجودها أمام وجود الرجل؟ نتساءل اليوم لماذا على المرأة أن تبرر عبر الإبداع كالكتابة مثلا، أنها فعّالة وأنها على مقدرة، و تعبر بالكثير من الإنشاء لتقول أن الرجل مخطئ في تقديرها في بعض المجتمعات، أو لتبين عبر سيلان من اللغة أنها على قدر كبير من الأنوثة التي تجعلها تتحكم في الرجل. أو أن الكتابة عن الجنس لدى البعض منهن، هي المزية الكبرى لإثبات مقدرتها على كسر الطابوهات، في حين أن طرق الجنس في الرواية مثلا، هو لمقتضيات محاكاة موضوع الرواية للواقع و تفاصيله، أما أن يصبح الغرض من الرواية هو طرق الجنس دون مبرر موضوعاتي، فهذه عقدة أخرى. فصارت كل من تملك جرأة هي مبدعة بالضرورة.      و أعتقد أن هذه الفكرة، قد أخذت مرحلتها في الفترة الأولى لإبداعات المرأة في العصر الحديث مثل: مي زيادة، غادة السمان، نوال السعداوي، سعاد الصباح وغيرهن.. و القطيعة مع هذا النوع من المواضيع كان يجب أن تحدث مع رواية سحر خليفة: "لم نعد جواري لك"، الصادرة سنة 1974.     فهل على المرأة اليوم أن تُبرر عبر نص إبداعي أنها تُحب مثلاً، أو أن تبين أن الرجل ظالم لها؟ بكل صراحة صرت عندما أقرأ بعض القصائد أو بعض الروايات لكاتبات، أتخيّل أمامي من خلال تلك النصوص أنثى تتغنج في جلستها في هدوء خبيث و توزع نظرات ممزوجة بين الخبث والاستعطاف للمارين أمامها. حتى بعض الكتابات النسائية في تطرقها لمواضيع تاريخية، نلاحظ أن الهدف من وراء ذلك هو إظهار موضوع المرأة تاريخيا و كيف كانت محل إعجاب، ومركزا لبعض القوة الأنثوية. هذا ما نراه لدى بعض الكاتبات الروائيات من جيل الشباب، فرغم أنهن حققن شهرة في هذا المجال، إلا أن المقدرة الروائية لهن جد ناقصة، مقارنة بما يجب أن يكون. و أعتقد أن الفراغ في هذا المجال يجعل من مجرد محبّة لنساء بلدها، أو قارئة لتاريخ مدينتها كاتبة. في حين تحتاج الكتابة إلى وعي كبير، كما يحتاج فنّها إلى جديّة كبيرة، لأنها ليست مجرد حكايات مع صديق في مقهى، تجعلنا ننسى أنه من المستحسن أن نبدأ جملتنا السردية في اللغة العربية بالفعل، مادامت تحتوي على فعل، و أن لا نجعل القارئ يلاحقه إلى نهاية الفقرة و هو يبحث معنى الجمل.       رغم ذلك تبقى هناك استثناءات قوية في مجال الكتابة لدى المرأة اليوم، وهي تلك الكتابات التي تجعلك و أنت تقرأ، لا تشعر بأنك تقرأ لفيض أنثوي لا تبرير له، بل تقرأ لإنسان بالغ الوعي بقضية ما أو اتجاه موضوع معين، وهذا ما تحتاجه المرأة الكاتبة بحق. ومن هؤلاء الكاتبات على سبيل المثال و ليس الحصر نجد مايا أبو الحيات من فلسطين، فعلى مستوى إبداعاتها الروائية، فهي قد تجاوزت عقد الأنوثة التي لا طائلة من ورائها، بطرحها لمواضيع قوية تنافس الكتابة الذكورية، إن صحّ هذا التعبير. كما نجد الروائية هاجر قويدري من الجزائر التي طرقت باب الرواية التاريخية بوعي وعمل جاد، على مستوى الشكل الفني للرواية. أما في مجال الشعر، فأنا معجبة جدا بالهامش الذي تفتحه الشاعرة الجزائرية آمال رقايق.
       الرجل في هذا السياق، لن يجلب بالسلاسل ليعترف بمصداقية الإبداع عند المرأة و بسلطته، فهو يمارس تفكيره، وفق الصيغ والسياقات الموجودة أمامه فقط. و فاعلية المرأة لا تتم إلاَّ بتجاهل بعض الممارسات الذكورية و خوض الأهم، بالموازاة مع ما يفعله الرجل أيضا، لأن الإنسان إجمالا مع الخطاب الواثق الفعال أي مع سلطة الفعل.      أما مناسبة عيد المرأة، وإن كانت تعود إلى سياق بعينه، فإنها كرّست على مدار كل هذه الاحتفاليات به أن المرأة لا تزال على الهامش و باعتراف منها، وهذا ما يعيدنا أعواما إلى الوراء. فالهدف من هذا العيد، جعل المرأة في دوامة الهامش،حيث أن هذا سيجعلها تقيم جهودا أخرى لتبرير وجودها. وهذا العيد بالنسبة لي هو ككل الطرق العالمية الجديدة في إسكات الهامش بكل أنواعه، عن طريق الاحتفال به وفتح الأبواب عن آخرها لسماع احتجاجاته، دون نتيجة تذكر. أما النتائج المرضية، فهي لأصحاب القوة الذين يشكلون المركز أو الذين يستطيعون تشكيله، عدا ذلك فكل شيء عبارة عن إنشاء لا فائدة منه.       أنا أجزم في هذا الباب أن المرأة كانت ولا تزال موضوعا، مقابل ذات الرجل المركز في كل الفلسفات و في كل الأديان على مرّ التاريخ إلى اليوم. وحتى وإن كان الأمر بتقييمها وإدراجها وفق مدرجات معينة، فهذا يؤكد التعامل معها كموضوع لم يحسم أمره بعد، في مجال الإدراك الذكوري على أنه إنسان يجالس الرجل في مركزه أيضا. فإذا كان نيتشه أب الفلسفة المعاصرة قد رحل و لم يحسم أمره معها، فماذا ننتظر من البقية؟
      و حتى في مجال الكتابة الإبداعية لدى الرجل، فهناك من أكّد أنها موضوعا، حتى و هو يكتب عنها بدعوى الحداثة و تحرر المرأة، فاتخذها مطية لتبرير تواجده الحداثي على مستوى الإبداع، ليفهمنا بأنه مع المرأة و أن المرأة تشكل لديه هاجسا وأنها معادل موضوعي للوطن والغربة ..و..و.. عندما أسمع مثل هذا الكلام أصدع حقيقة. و هو نفس المنحى الذي اتخذته أشعار نزار قباني في تناولها للمرأة.

تصف الجزائر بالبلد المتحضر و تؤكد تعلّقها بالمدينة
ديـلفــينا آخـر  راهـبـات قـسنـطيـنـة
«ابنة قسنطينة المتبناة»، هكذا ارتأت الراهبة الإسبانية ديلفينا، 63 عاما، أن تعرّف بنفسها، فقد وصلت إلى المدينة قبل 16 عاما، قادمة من ريف إسبانيا، في إطار نشاط تطوعي، حاملة في جعبتها الكثير من الحب و الإنسانية، فعملت كمربية و ممرضة و كأستاذة لغة اسبانية و مرشدة، تعيش على ذكريات مجد غابر لـ"أخوات" أقمن بقسنطينة منذ عام 1885 و ارتبطن بتاريخها، قبل أن يتراجع دورهن و تتنكر لهن المدينة، التي أفنين شبابهن في خدمتها.
تعرف أزقة المدينة أفضل من أبنائها
استقبلتنا الراهبة الاسبانية ديلفينا بكل ود في منزلها الكائن بحي القصبة العتيق،أين تقيم رفقة أربع راهبات أخريات، من أصل تسع راهبات متواجدات على مستوى قسنطينة، أوروبيات و إفريقيات، و خلافا لما كنا نتوقعه ،لم تبدُ  ديلفينا مختلفة كثيرا عن أي امرأة أخرى، فزيها عادي بسيط و  لم تكن ترتدي زي الراهبة المحتشم الأسود و الأبيض الذي اعتدنا أن نتصوره لدى الحديث عنهن، روت لنا قصتها الشخصية مع هذه المدينة التي قالت بأنها تعشقها و التي حطت بها الرحال سنة 1999.
 قالت محدثتنا، بأنها واحدة من بين آخر فوج للراهبات اللائي وصلن إلى قسنطينة في أواخر التسعينيات، استكمالا لمسيرة العطاء التي باشرتها أخريات، تركن بصمتهن عميقا في المجتمع المحلي، بفضل طبيعة نشاطهن الإنساني، الذي انحصر في التمريض و التعليم و رعاية اليتامى و محاربة الأمية و تلقين الفتيات أصول الخياطة و الطرز، و قد كان أول احتكاك لها بالسكان، دافعا قويا من أجل البقاء و اكتشاف خبايا هذا المجتمع، و تكريس التعايش الديني و التبادل الثقافي، و تتذكر حادثة عاشتها بعد أيام قليلة من وصولها، قائلة: «التقيت بفتاة بمقر البريد ساعدتني على تخطي عقبة اللغة، ثم فوجئت بها يوما تدعوني لزفافها و هي لا تعرف عني سوى اسمي يومها، أدركت بأنني أتعامل مع مجتمع مغاير للصورة التي لطالما روجها عنه الإعلام، وهي حقيقة تأكدت منها بمضي الأشهر و السنوات، بفضل مستوى التعايش و درجة الاحترام التي يكنها لي و لغيري من «الأخوات» سكان هذه المدينة».
أضافت:» منذ الوهلة الأولى سحرتني  المدينة الجميلة، أغرمت بأزقتها و صخورها و جسورها، و قد قرأت الكثير عن تاريخها، يوميا أتنقل بين شوارعها، لا أستعمل وسائل النقل باستثناء دراجتي الهوائية، و كثيرا ما أقصد حي سيدي مبروك مشيا على الأقدام، لأتأمل إبداع و قدرة الخالق في جمالها. أما يومياتي فلا تختلف عن يوميات أي مواطن جزائري، أختار سوق العاصر للتسوق، أعيش ببساطة و شعبية و أتفاعل مع محيطي بكل ود، و أحترم قوة و صبر المرأة الجزائرية و أعتبرها نموذجا فريدا في العالم،، أحب سماع كلمة أختي و أمي من الجزائريين، لأنها تشعرني بالامتنان، في رمضان أحترم صيام جيراني و في الأعياد أقاسمهم فرحهم».   
تشتكي البطالة و تستذكر أمجاد  زمن غابر
 أخبرتنا محدثتنا بأنها و بعد وصولها مباشرة، صدمت بطبيعة المجتمع و مستوى وعيه و انفتاحه، و قد تساءلت للوهلة الأولى ماذا تفعل الراهبات هنا؟ مؤكدة بأنها لم تلمس فرقا كبيرا بين المجتمع الأوروبي و الجزائري، و ذلك خلافا لما كانت تتوقعه، فالجزائر  بلد متحضر، رغم كل ما يشاع عنه إعلاميا، كما عبرت، مضيفة بأنها و منذ التحاقها بالكنيسة في سن العشرين، تلقت دورات تكوينية في التمريض، قالت بأنها ساعدتها على خدمة المجتمع، خصوصا خلال السنوات الأخيرة  للإرهاب، حيث كانت تحاول في كل مرة مساعدة كبار السن و بعض المرضى على أخذ علاجهم و تحمل معاناتهم النفسية، لأنها، حسب تعبيرها، لم تكن تصنف نفسها في خانة بعيدة عن معاناة الشعب، بل كانت تقاسم الخائف خوفه و المفجوع فاجعته.
 ذكرت بأنها كثيرا ما كانت ترتدي معطفها ليلا، و تتوجه نحو منازل الجيران لتلبية طلبات المحتاجين، حالها كحال راهبات قسنطينة اللائي عملت غالبيتهن كممرضات بالمستشفى العسكري السابق بحي القصبة الذي تحول حاليا إلى ثكنة عسكرية. علما بأن المستشفى كان أول محطة لهن و سببا في قدومهن إلى الجزائر، بعد ذلك انتقلن إلى المستشفى الجامعي بن باديس، وعيادة التوليد بحي المنظر الجميل، كما كان نشاطهن  يشمل أيضا التعليم و محاربة الأمية، فكانت غالبيتهن مدرسات، سمحت لهن الإدارة الجزائرية بالبقاء و التدريس، وفق عقود قانونية. بعد الاستقلال، فتحت لهن نفس العقود، المجال لإدارة روضات للأطفال و ملاجئ للأيتام على مستوى حي القصبة و دار الرعي الصالح، بمحاذاة كلية الطب  بحي الصنوبر. بالمقابل كانت بعض الراهبات تدرن ورشات مصغرة لتعليم الخياطة و الطرز، عبر عدد من أحياء و شوارع المدينة.  في نهاية الثمانينات و بداية التسعينات، تغير الوضع، كما قالت محدثتنا، فالإدارة الجزائرية أوقفت عقود العمل القديمة و أصبح الأجانب مطالبون بالحصول على تراخيص مسبقة من وزارة الشؤون الخارجية لمزاولة أي نشاط، مضيفة: «هذا الواقع صعب مهمتنا و أحالنا على التقاعد المسبق، فمعظم الأخوات المتواجدات بقسنطينة حاليا و بناحية الشرق عموما، لا تقمن بنشاطاتهن السابقة و تواجهن كغيرهم من الجزائريين مشكل البطالة، و تتكفل الكنيسة بدفع نفقات إقامتنا، عن نفسي أقول ما أقوم به الآن هو تعليم الإسبانية مجانا في المكتبات، و كذا التطوع في العمل الجمعوي أحيانا».
بين أمل العودة إلى الوطن و ألم  فراق قسنطينة
   محدثتنا قالت بأنها تعشق أعراس الجزائريين و تستمتع بموسيقى المالوف، و تحفظ أسماء شيوخها.و بعد ربع قرن من التواجد في قسنطينة أكدت ديلفينا بأنها تجد صعوبة في تقبل فكرة مغادرة المدينة بشكل نهائي، رغم أنها تزور إسبانيا كل سنتين، لتبقى هناك لفترة قبل أن تجدد ترخيص إقامتها و مزاولة حياتها اليومية،  لكن فكرة توديع الصخر العتيق الذي حفظت أبسط تفاصيله تبقى مؤلمة، حتى وإن كانت تدرك بأن رحيلها و رحيل باقي الراهبات لم يعد سوى قضية وقت، قبل أن ينتهي وجودهن من المدينة و يتحولن الى مجرد ذكرى جميلة ترتبط بتاريخها.    
 نور الهدى طابي

 

 

 

الرجوع إلى الأعلى