20 بالمئة من الشباب  في الجزائر مدمنون على الفايسبوك
تتحدث أستاذة علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر3 الدكتورة صونية عبديش، المهتمة بتكنولوجيا الاتصال و المعلومة و وسائط الاتصال الجديدة و مؤلفة كتاب «الشباب والفايسبوك... بين فرص الاستخدام و معضلة الإدمان» في هذا الحوار الذي خصت به النصر عن محتويات كتابها، إلى جانب واقع استخدام الشباب للفايسبوك، ومدى إدمانهم عليه، مؤكدة بأن  20 بالمئة من الشباب الجزائريين المستخدمين للفايسبوك وصلوا إلى درجة الإدمان، و ذلك بنسبة استخدام تزيد عن 05 ساعات في اليوم، في حين أبدت الأستاذة تفاؤلا من خلال الدراسة الميدانية التي قامت بها، و التي أوصلتها إلى نتائج تبين بأن نسبة كبيرة من المستخدمين لهذا الفضاء الأزرق يستخدمونه في جوانب إيجابية، خاصة الطلبة الجامعيين،  و قد استطاع الشباب من خلال استخدامهم الإيجابي  للفايسبوك، المساهمة بشكل كبير في الحفاظ على الاستقرار السياسي للبلاد .
نورالدين عراب
النصر: بداية حدثينا عن مضمون كتابك «الشباب و الفايسبوك» و النتائج التي توصلت إليها من خلال هذه الدراسة الميدانية ؟
ـ صونية عبديش:  الكتاب هو في الأصل أطروحة حول واقع استخدام الفايسبوك لدى الشباب الجزائري، حيث أن الدراسات التي وجدتها حول هذا الموضوع قليلة جدا، وكل الدراسات التي اطلعت عليها كانت تتعلق بدراسة جزء فقط من أجزاء هذا الاستخدام، كالإشباعات والرغبات، والدوافع التي تدفع الشباب لاستخدام الفايسبوك، أو تأثير هذا الاستخدام على التحصيل الدراسي أو العلاقات الاجتماعية وغيرها، في حين من خلال الدراسة التي قمت بها، حاولت جمع كل هذه العناصر في هذا الكتاب، بطرح إشكالية حول واقع استخدام الشباب للفايسبوك، وفككت الإشكالية إلى تساؤلات، وحولتها في ما بعد إلى فصول ومحاور لدراستي. كما أوضح لك بأن هذا الكتاب عبارة عن دراسة ميدانية استخدمت فيها استمارة الاستبيان، لسبر آراء عينة من طلبة  جامعة الجزائر 1و 2و 3، بغرض الإلمام بمختلف محاور الدراسة التي جاءت محددة في أربعة فصول رئيسية، حيث جاء الفصل الأول بعنوان «استخدامات الطلبة الجامعيين الجزائريين للفايسبوك»، فيما تناول الفصل الثاني «طبيعة العلاقات الاجتماعية الافتراضية التي يبنيها الطلبة الجامعيون الجزائريون عبر الفايسبوك»، أما الفصل الثالث فتناول «أهم مجالات استخدام الطلبة الجامعيين للفايسبوك»، فيما ركز الفصل الرابع والأخير على محاور أكثر دقة وتفصيلا، تمثلت في رأي الطلبة الجامعيين الجزائريين في بعض القضايا المطروحة حول الفايسبوك، كمسألة إفشاء الذات والخصوصية عبر الفايسبوك، إلى جانب الهوية الافتراضية و الهويات المستعارة و دوافع التستر خلفها.
واختتمت الدراسة برؤية استشرافية حول مستقبل العلاقات الاجتماعية على الإنترنيت، كما ركزت خلال هذه الدراسة ، خاصة في الفصل الأول، على استخدامات الشباب للفايسبوك، وفي نفس الوقت جمعت معلومات حول الموقع، كما عرفت به و قدمت نبذة تاريخية عنه، وفي نفس الوقت جمعت إحصائيات حول الفايسبوك كانت قليلة جدا، ونادرا من نجد إحصائيات موثقة حول هذا الموقع ،خاصة في الجزائر، وقد استقيت معلوماتي من مواقع مشهورة عالميا حول هذا الموضوع، و تحدثت أيضا عن تطبيقات الفايسبوك وخصائصه العامة، و لغة الدردشة التي يستخدمها الشباب، كما بحثت أيضا إذا كان استخدام الفايسبوك يتحول إلى إدمان وانعكاساته على المستخدمين.
. ماهي النتائج التي توصلت إليها فيما يتعلق باستخدام الشباب للفايسبوك من خلال هذه الدراسة الميدانية؟
ـ توصلت من خلال هذه الدراسة إلى أن نسبة20 بالمئة من الشباب مدمنون على الفايسبوك، أي يستخدمونه 05ساعات في اليوم وحوالي38 ساعة في الأسبوع، وقياس نسبة الإدمان على الفايسبوك، اعتمدت فيها على دراسة أمريكية أعدت في سنة 1994 حول الإدمان على الإنترنت والتي توصلت إلى أن الذي يستخدم الانترنت أكثر من 05 ساعات في اليوم، يتحول إلى مدمن، و بذلك اعتمدت على هذه الدراسة في قياس نسبة الإدمان على الفايسبوك
. ما هي أعراض هذا الإدمان؟
ـ أعراضه تتمثل في تراجع التحصيل الدراسي، التوتر والقلق عند انقطاع الإنترنت، النشوة والسعادة عند عودتها، الإصابة بالأرق في الليل، إلى جانب تدني المشاركة في المناسبات العائلية و الأسرية، تأثيره السلبي على التواصل الاجتماعي بين أفراد العائلة والعلاقات الاجتماعية التقليدية، وتراجع نسبة تأثير الأولياء على مستخدمي هذا الفضاء، لكن في نفس الوقت هناك من يري بأن الفايسبوك له إيجابيات كبيرة، حيث أنه يجمع بين جميع أفراد المعمورة، كما يجمع بين أصدقاء قدماء، وفي نفس الوقت الشخص الخجول أو المنطوي يستطيع أن يعبر عن طريق هذا الفضاء عن آرائه وأفكاره بكل حرية.
وأنبه في هذا الإطار، إلى أمر آخر وهو أن استخدام الفايسبوك لأكثر من 05 ساعات لا يكون بالضرورة في الجانب السلبي، ولا يعكس دائما الإدمان، بل يكون في الكثير من الحالات استخداما إيجابيا، خاصة لدى الطلبة الجامعيين والأساتذة الذين يستخدمونه في مجال البحث العلمي، و كذا إنشاء مجموعات علمية وثقافية ، يستفيد منها الطلبة في إطار التبادل والتواصل في ما بينهم، وهنا يكون استخدام الفايسبوك إيجابي أكثر منه سلبي، لهذا يجب ترشيد استخدامه، و لابد من وجود مرشدين يستخدمون الفايسبوك ويتابعون ما ينشر الشباب فيه من أجل إرشادهم وتوجيههم، كما أن هناك فرق بين من يستخدم ويستعمل الفايسبوك، لأن كل مستخدم للفايسبوك، يجب أن يكون نشطا وعنصرا فعالا، في حين المستعمل هو من يملك حسابا على الفايسبوك ، لكنه غير نشيط.
. ما هي المجالات التي يستخدم فيها الشباب الفايسبوك؟
ـ توصلت من خلال هذه الدراسة، إلى أن أغلبية الشباب يستخدمونه في الإطار الإيجابي، إما لربط علاقات الصداقة في المجال الاجتماعي، أو الطلبة في ما بينهم، ووضعت في كتابي فقرة تحمل العبارة التالية « لا يكاد طالب يغادر مقاعد الجامعة في المساء، إلا وتسمعه يضرب موعدا لزميله أو زميلته في فضاء اجتماعي آخر، قائلا موعدنا مساء على الفايسبوك»، كما أن نسبة 90 بالمئة من الشباب يستخدمون الفايسبوك، في حين الذين لا يستخدمونه لا يسايرون التكنولوجيا.
. ماذا عن استخدام المراهقين للفايسبوك؟
ـ في غالب الأحيان يستخدمه المراهقون من أجل الصداقة و العلاقات العاطفية، لكن لا يخفي علينا ذلك الجوانب الإيجابية الكبيرة لاستخداماته، خاصة في الجانب العلمي، كما أن استخدام المراهق أو الشاب للفايسبوك لا يعني أنه منحرف، بل على العكس من ذلك، الشباب واع بأهمية استقرار الوطن، كما يساهم الشباب بشكل كبير عبر الفايسبوك في المجالات السياسية من أجل استقرار البلاد، وهناك عدة أمثلة لحوادث عرفتها البلاد، وكيف أن الشباب عن طريق الفايسبوك عبروا عن مواقفهم تجاه هذه الأحداث، لذلك فأي حالات سلبية لاستخدام الفايسبوك تعد استثناء، ولا يمكن تعميمها على الظاهرة ككل.
. كيف تنظرين لظهور ما يسمى بالإعلام الجديد أو صحافة المواطن؟ وما هو مستقبل الصحافة التقليدية في ظل هذا الواقع الجديد؟
ـ إن استخدام الفايسبوك في المجال الإعلامي  مهم جدا، ومنافسة مواقع التواصل الاجتماعي لوسائل الإعلام التقليدية أصبح جليا، و في نفس الوقت وسائل الإعلام لم تتأخر عن هذه المنافسة، من خلال تكيفها مع التكنولوجيات الحديثة، حيث أن كل القنوات الإذاعية والتلفزيونية والصحف، فتحت حسابات لها عبر الفايسبوك كونها أصبحت ملزمة بذلك. و قد تحدثت في كتابي عن منافسة الصحافة الإلكترونية للصحافة التقليدية الورقية، وفي هذا السياق تنبأ الكثير من الخبراء في مجال المستقبليات بأن 50 بالمئة من الإنتاج الصحفي، سيتم بواسطة المواطنين بحلول 2021، و ذلك نتيجة تمدد دور وسائل التواصل الاجتماعي و تأثيرها، و قد يقلل من رصيد وسائل الإعلام التقليدية و الأرضية التي تقف عليها.
ونعود بك هنا إلى وسائل الإعلام التقليدية في ظل الفايسبوك في الجزائر، حيث وجدت أن الشباب يتقاسمون معلومات قيمة، سواء مقالات أو كتب و  أخبار و فيديوهات و صور، ولاحظت بأن بعض القنوات الإعلامية تستقي معلوماتها و أخبارها من الفايسبوك، كما أن صحافة المواطن تمتاز بالآنية، ولاحظنا كيف تمكن بعض الهواة من التقاط فيديوهات و صور لحوادث الاستقرار ال مختلفة و نشرها عبر الفايسبوك في الحين، و في الكثير من الحالات تعتمد  القنوات التليفزيونية في أخبارها على هذه الصور والفيديوهات، قبل أن يتنقل الصحفيون إلى عين المكان و تغطية الحدث بالتفاصيل، ونؤكد بأن وسائل الإعلام التقليدية، يجب عليها أن تطور نفسها وتساير التكنولوجيا، و تقبل هذا الواقع الجديد، كون هذه الوسائل التكنولوجية العصرية وفرت للمواطن إمكانية إنتاج المحتويات و بثها.
ن -ع

الرجوع إلى الأعلى