ثنائية الحضارة والطبيعة تضاعف إقبال السياح على شرشال و ترفع أسعار  كراء الشقق
تعد شرشال ملتقى للتاريخ والحضارة والطبيعة، فالمدينة تجمع بين زرقة البحر واخضرار الطبيعة والمواقع الأثرية والتاريخية الجميلة، وكلها مقومات ضاعفت إقبال السياح عليها من كل ولايات الوطن خلال فصل الاصطياف، بحيث أصبح العثور على شقة للإيجار صيفا أمر أشبه بالمستحيل لأن الحجوزات تنطلق باكرا جدا، وحتى وإن وجدت  فإن سعر الشقة لن يقل عن مليون سنتيم لليلة الواحدة.
اكتسبت هذه المدينة التابعة إقليميا لولاية تيبازة، جمالها من خلال الجمع بين الطبيعة والبحر والمعالم الأثرية، بحيث تحدها من الجهة الجنوبية سلسلة جبلية بمناظر طبيعية ساحرة ، ومن الجهة الشمالية يتواجد البحر بزرقته ورماله الذهبية وميناء الصيد الذي يعد هو الآخر قبلة لمحبي البحر و السمك، وهي عوامل جعلت شرشال تستقطب سنويا آلاف السياح، بين عشاق للبحر و مهتم بالتاريخ والآثار الرومانية والإسلامية وحتى المخلفات الاستعمارية التي تتوفر عليها المدينة بكثرة.
7آلاف إلى 15ألف دج تكلفة كراء شقة ليوم واحد
 تبعد شرشال عن العاصمة بحوالي 90كيلومترا، و تتميز بتوفرها على شريط ساحلي يضم ثمانية شواطئ جميلة وهادئة وعائلية بامتياز، زاد الإقبال عليها في السنوات الأخيرة من طرف العائلات وبالأخص تلك القادمة من الولايات القريبة على غرار البليدة، المدية و عين الدفلى، إلى جانب بعض المناطق بالعاصمة، حيث تعتبر منطقة «الحمدانية» التي تضم 04 مواقع، من أكثر المناطق التي تحظى باهتمام المصطافين بفضل توفرها على خاصيتي النظافة و الهدوء، إذ تعد المقصد الأول لأصحاب الرحلات الولائية العائلية المنظمة، كون شريطها الساحلي يمتاز بسعته ونقائه، إلى جانب المناظر الطبيعية الجميلة التي تحده من الجهة الجنوبية.
تتوفر شرشال أيضا على شاطئ «وادي البلاع»، و هو مركز تخييم صيفي يتسع لحوالي 100شخص، ومجهز بمختلف والمرافق الضرورية للاصطياف.

شاطئ القمة الحمراء بالمخرج الغربي للمدينة يستقطب هو الآخر الباحثين عن الهدوء بالمقابل يعد شاطئ «تينزيرين» المعروف برماله الذهبية، قبلة للعائلات لقربه من وسط المدينة، فالوصول إليه لا يتطلب استعمال سيارة، وهو ما يخفض تكاليف الاصطياف بالنسبة للعائلات التي لا تملك مركبات خاصة والتي تدفع ما يعادل 10 آلاف إلى 15ألف دج مقابل كراء شقة ليوم واحد في وسط المدينة بينما تتراوح أسعار الشقق في الضواحي بين 7آلاف دج الى 10آلاف حسب موقع الشقة و قربها من البحر و عدد الغرف.
آثار رومانية تعانق خضرة الجبال و زرقة المياه
خصوصية المدينة تكمن في تلك المعالم الأثرية التي تعود للعهد الروماني والتي تستوقف السياح للاطلاع على تاريخ هذه المدينة ومحطاتها عبر العصور، ومن أهم المعالم المتحف المركزي الذي يضم تماثيل مختلفة اكتشفت في أفريقيا، كما يوجد في قسمه الجنوبي بعض الآثار الرومانية منها السور الروماني الذي يعد من أكبر الأسوار في التاريخ الإمبراطورية، وهو معلم يبلغ طوله 4620مترا يثير الانتباه والإعجاب كونه بني على شكل مضلع غير منتظم.
 ومن المعالم التاريخية أيضا المدرج الروماني مساحته 4082متر، ويقع على الواجهة البحرية للمدينة وكان يخصص لمنافسات الصيد والمصارعة، ويعد هذا الفضاء هو و المسرح الروماني من أهم المعالم التي تحظى باهتمام الزوار.
أما  الآثار الإسلامية الموجودة في المنطقة، فأهما ضريح الولي الصالح سيدي براهم الغبريني ، إلى جانب الجامع الكبير أو «مسجد المائة عرصة أو عمود» كما يحلو لسكان المنطقة تسميته، وذلك لتوفره على 100عمود في زواياه و وسطه، وقد أنجز وفق نسق هندسي إسلامي جميل زادته إضافات العثمانيين تميزا.
أما ميناء شرشال فيعد القبلة المفضلة للسياح خلال الفترة المسائية، ويتميز بانتشار مطاعم الأسماك و الأطباق البحرية و فضاءات بيع المثلجات، حيث تكتظ هذه المطاعم بروادها في منتصف النهار وفي ساعات الليل، أما الساحة الرئيسية فهي أكبر مكان للتجمعات العائلية في المدينة، ومتنفس المتقاعدين الأشهر.
نقطة عبور سياحي بحاجة لشبكة طرقات جديدة
جمال شرشال ضاعف الإقبال عليها خلال موسم الاصطياف، لدرجة أن 90في المائة من الشقق الموجهة للكراء تؤجر حتى قبل بداية الموسم ومقابل مبالغ مالية معتبرة لا تقل عن تكاليف الإقامة في الفنادق، وقد خلف هذا الاهتمام المتزايد بالسياحة في شرشال، اختنقا مروريا كبيرا على مستوى المدينة و باقي المحاور الجانبية التي تربطها بتيبازة و تنس و المدن الغربية القريبة على غرار الشلف ومستغانم باعتبارها نقطة عبور رئيسية تعرف شبكة طرقاتها ازدحاما منقطعا، أفسد رحلات السياح.
فالعبور نحو البلديات الغربية أو العودة نحو تيبازة والعاصمة يحتم على السائقين اجتياز وسط مدينة شرشال رغم ضيق مسالك أحيائه العتيقة، ما يتطلب الانتظار لساعتين أو أكثر لتجاوز مسافة 4 كيلومتر، وقد يمتد طابور السيارات أحيانا من المدخل الشرقي إلى نقطة نهاية أشغال الطريق السريع بوادي البلاع، وصولا إلى الجهة الغربية على مستوى بلدية سيدي غيلاس، ما اضطر العديد من مستعملي هذا الطريق إلى تغيير مواقيت العبور، و الانطلاق في ساعات الصباح الباكر أو في الساعات المتأخرة من الليل، وهو وضع يتوقع أن ينفرج خلال السنة القادمة، مع إنهاء أشغال شطر الطريق السريع القادم من الجزائر العاصمة والذي يعبر جنوب مدينة شرشال.
نورالدين/ع

الرجوع إلى الأعلى