الاثنين 28 أفريل 2025 الموافق لـ 29 شوال 1446
Accueil Top Pub

يعتبر الأول من نوعه وطنيا في توفير فئران معدلة وراثيا: مشروع رائد لإنشاء مختبر لإنتاج حيوانات التجارب في قسنطينة

يعكف القائمون على مركز البحث في العلوم الصيدلانية بقسنطينة على إنجاز مشروع رائد لإنشاء مختبر لإنتاج حيوانات التجارب، حيث يعتبر الأول من نوعه بفضل قدرته على توفير فئران وجرذان معدلة وراثيا لإجراء دراسات متخصصة دقيقة ومحاكاة الأمراض البشرية، كما سيعمل على تلبية طلب الباحثين في المركز من أجل إنجاز دراسات على الأدوية، فضلا عن الاستجابة لمتطلبات المؤسسات البحثية والجامعية الأخرى والشركاء الاقتصاديين. ويأتي مشروع مختبر حيوانات التجارب محاطا بمجموعة من المخابر والتجهيزات التي وضعها المركز وتسمح بإجراء تجارب ما قبل سريرية وافتراضية، حيث زودت بتجهيزات متقدمة للكشف، على غرار جهاز سكانير من نوع “سكاي سكان”، بما يجعل مركز البحث في العلوم الصيدلانية ثالث مؤسسة تكتسبه على المستوى الإفريقي والوحيد من نوعه في شمال إفريقيا، كما ستستحدث لجنة تُعنى بأخلاقيات الدراسات التي تشمل استغلال حيوانات التجارب.

روبورتاج: سامي حباطي

وأوضح البروفيسور عبد الحميد جكون، مدير مركز البحث في العلوم الصيدلانية بقسنطينة، في لقاء بالنصر أن مختبر حيوانات التجارب يعتبر ضروريا بالنسبة للمركز، مشيرا إلى أن الأبحاث التي تُجرى بهذه المؤسسة البحثية تستوجب معاينة النشاطات البيولوجية للجزيئات المكتشفة أو المنتجة أو المستخلصة من النباتات من خلال التجارب الكيميائية، لاسيما الدراسات التي تتمحور حول أمراض محددة، مثل السرطانات. وأضاف المصدر نفسه أن التجارب تجرى على الحيوانات وتتبع بروتوكولات محددة من أجل دراسة مفعول الجزيئات على مرض معين، عل غرار الالتهابات أو الحروق أو السكري أو غيرها.
استحداث لجنة لأخلاقيات التجارب على الحيوانات
وشدد البروفيسور جكون بأن المركز يضم في الوقت الحالي مختبرا لحيوانات التجارب، لكنه أوضح أنه يوفر بنية للتدرب على البروتوكولات فقط، بينما نبه بأن حجم إنتاج المختبر الخاص بالحيوانات يتوقف على حجم الطلب بحسب التجارب، حيث شرح لنا أن بعض التجارب قد تتطلب من مئة إلى مئتي عنصر من حيوانات التجارب، سواء كانت فئران أو جرذان أو غيرها من الحيوانات. وأضاف المتحدث أن المختبر الجاري إنشاؤه في المركز سيعمل على تلبية طلب مركز البحث في العلوم الصيدلانية ومتطلبات المؤسسات البحثية والجامعية الأخرى أيضا، بالإضافة إلى إمكانية تأدية نشاطات تجريبية على مستوى المركز لفائدة مؤسسات بحثية وجامعية أخرى، إلى جانب الشركاء الاقتصاديين أيضا.
ويتواجد مشروع مختبر حيوانات التجارب بمركز البحث في العلوم الصيدلانية بين مجموعة من المخابر الأخرى المرتبطة بنشاطاته في المركز، مثلما شرح البروفيسور جكون، حيث تسمح بتطبيق فحوص مخبرية مختلفة على حيوان التجارب في المركز، منبها بأن مشروع المختبر يرتبط بمجموعة من الأدوات والوحدات المخبرية الأخرى، على غرار السكانير ومختبر التحاليل الكيميائية الحيوية والبيولوجية والهرمونية. ولفت المتحدث إلى أن المعمول به في التجارب المخبرية على الحيوانات بحسب المواثيق الدولية لأخلاقيات التجارب على الحيوان، يستوجب استهلاك الحد الأدنى من الحيوانات المخبرية في التجارب ما قبل السريرية، حيث أوضح أن المركز وضع بنية مرافقة لإجراء التجارب السريرية الافتراضية In silico من خلال استغلال بنوك المعطيات وبرمجيات تتيح التأكد من المفعول البيولوجي للجزيئات، إذ تتوفر على مستوى وحدة الدراسات السّريريّة الافتراضية.
واعتبر المتحدث أن الدراسات المنجزة على مستوى مركز البحث في العلوم الصيدلانية لا يمكن أن تحقق تقدما كبيرا دون وجود مختبر حيوانات التجارب، رغم تأكيده على أن المختبر الموجود حاليا في المركز حاليا يقوم بتربية هذه الحيوانات وينتجها، فضلا عن ضمان تغذيتها، مشيرا إلى أنه يلبي الطلب في الوقت الحالي، فضلا عن أنها مكنت الباحثين في المركز من اكتساب خبرة في التعامل معها. وأضاف البروفيسور جكون أن المركز يقتني الأغذية الخاصة بحيوانات التجارب، لكنه نبه أن العمل جارٍ من أجل اقتناء تجهيزات لصنعها على مستوى المركز، بالإضافة إلى إنتاج النشارة الخاصة بها، «حتى يكون عمل المختبر منظما ومقسما بين الموقع الخاص بالتربية والمساحات الخاصة بالتجارب». وتبلغ التقديرات المالية التي وجهها المركز للوزارة الوصية من أجل طلب تمويل اقتناء التجهيزات الخاصة بمختبر حيوانات التجارب 45 مليار سنتيم.
ويتوازى نشاط إنشاء مختبر حيوانات التجارب على مستوى المركز مع العمل على استحداث لجنة الأخلاقيات الخاصة بالعمل على حيوانات التجارب، حيث أوضح مدير مركز البحث في العلوم الصيدلانية بأنها تضمن المصادقة على البروتوكول المتبع في الدراسات التجريبية، كما أشار إلى أنها ستحدد بروتوكولات معتمدة دوليا في مجتمع البحث، مع إمكانية إضافة قواعد أخلاقية خاصة بالمركز.
الكشف من خلال جهاز “سكاي سكان” الثالث من نوعه في إفريقيا
وتصادف وجودنا في المركز مع زيارة خبير أجنبي للمكان من أجل تقديم تكوين للباحثين حول استخدام جهاز “سكاي سكانر” SKYSCAN الذي اقتناه المركز مؤخرا من أجل تعميق الفحوص والتجارب التي تجرى على الحيوانات المخبرية وغيرها، حيث أوضحت الباحثة في المركز، الدكتورة أميرة بن عطا الله أنه يعتبر قطعة فريدة على المستوى الوطني، فضلا عن أن هذا الجهاز لا يتوفر إلا على مستوى دولتين إفريقيتين، بينما يعتبر الجهاز الذي اقتناه مركز البحث في العلوم الصيدلانية الثالث على المستوى الإفريقي والوحيد في شمال إفريقيا. وأضاف البروفيسور جكون أن الجهاز المذكور سيسمح بإجراء دراسات معمقة حول عدة أمراض، على غرار التهاب المفاصل والأورام، مشيرا إلى أن باحثين في المركز أجروا مؤخرا دراسة حول أحد الأدوية من أجل معاينة إمكانية تسببه في ظهور أكياس مائية لدى الأشخاص الذين يستخدمونه في العلاج، أين سبب الباحثون ظهورها لدى حيوانات تجارب، ثم كشفوا عنا من خلال جهاز «سكاي سكان»، بالإضافة إلى الكشف عنها من خلال جهاز التصوير بالأمواج فوق الصوتية لدى أطباء بياطرة.
ونبه المصدر نفسه أن المركز سيعمل أيضا على اكتساب جهاز للتصوير بالصدى من أجل توفير مسار مكتمل للدراسات التجريبية، بما سيسمح مستقبلا بدراسة الجزيئات الدوائية الجديدة أو دراسة التأثير الضار المحتمل لجزيئات دوائية وانعكاساتها على الصحة. وتحدث المصدر نفسه أيضا عن دراسة أجريت مؤخرا في المركز، وشملت التسبب في تليف رئوي لدى فئران التجارب، وذلك من أجل فحص مدى مفعول أحد الجزيئات الدوائية في التخفيف من التليف الرئوي، حيث نبه أن العملية التجريبية تتطلب التسبب في التليف الرئوي لدى الحيوان، ليؤكد بأن «هذه الخطوة فقط تستغرق 6 أشهر». وفي رد على سؤالنا حول مصدر هذه الجزيئات الدوائية المدروسة من قبل الباحثين في المركز، أوضح البروفيسور جكون أن بعضها عبارة عن أدوية معروضة في السوق، بينما تُدرس الأخرى على مستوى المركز فقط من أجل معاينة مفعولها على بعض الأمراض.

ويمثل جهاز SKYSCAN 1276 CMOS Edition الذي اقتناه المركز نظام تصوير مقطعي دقيق ثلاثي الأبعاد بالأشعة السينية (Micro-CT) من تطوير شركة «بروكر»، حيث صمم خصيصا لتوفير حلول تصوير عالية الدقة للكائنات الحية الصغيرة والعينات البيولوجية والمعدنية. ويتميز هذا الجهاز بقدرته على إنتاج صور ثلاثية الأبعاد بتفاصيل دقيقة تصل إلى 6 ميكرومتر، ما يجعله مثاليا لدراسة العظام والأسنان والقلب والرئة والأورام داخل الأعضاء المختلفة، سواء أثناء الحياة In vivo أو بعد استخراج العينات Ex vivo، كما يتيح الجهاز المذكور تحليل مكونات الجسم والتغيرات الديناميكية مثل حركة التنفس ونبض القلب. ويشير الكتيب الخاص بالتعريف بالجهاز إلى أنه ذو تصميم مكتبي مدمج وسهل الاستخدام، فضلا عن توفر برمجيات متطورة لتحليل الصور ثلاثية الأبعاد ومعالجة البيانات بسرعة وكفاءة، إذ يعتبر الجهاز أداة بحثية متقدمة في مجالات الطب الحيوي والبيولوجيا وعلم المواد وتطوير الأدوية.
نحو تطوير نماذج حيوانية معدلة وراثيا لمحاكاة الأمراض البشرية
وزرنا موقع مشروع مختبر حيوانات التجارب في مركز البحث في العلوم الصيدلانية بالمقاطعة الإدارية علي منجلي، حيث رافقنا الباحثان الدكتور توفيق نعيجة والدكتور محمد الشريف بن عاشور إلى الموقع، أين كان عدد من العمال يقومون بغرس أداة لسبر الأرضية المخصصة لبناء المختبر، في حين أوضح لنا رئيس مصلحة الوسائل العامة في المركز، محمد بوشرير، المكلف بمتابعة المشروع، أن ميزانية بناء المختبر تتجاوز 18 مليار سنتيم، مؤكدا أن الدراسة استكملت بنسبة 99 بالمئة، كما أشار إلى أن دراسة الأرضية تمثل المرحلة الأخيرة وستبلغ نتائجها في غضون بضعة أيام. وأضاف المصدر نفسه أن مقاولة الإنجاز المستفيدة من الصفقة قد حددت، حيث ستنطلق الأشغال بمجرد إتمام الدراسة بشكل تام، في حين ضُبط أجل الإنجاز بـ13 شهرا. وأفاد محدثنا أيضا بأن المشروع يتربع على مساحة تصل إلى 650 مترا مربعا.
وتحدثنا إلى الدكتور محمد بدر الدين مختاري، المشرف على الجانب العلمي والتقني للمشروع، حيث أوضح لنا أن مشروع مختبر حيوانات التجارب الجاري إنجازه على مستوى مركز البحث في العلوم الصيدلانية بقسنطينة يعتبر الأول من نوعه في الجزائر. وشرح محدثنا أسبقية المختبر بالتأكيد على أن المختبر المماثل الوحيد حاليا يوجد في معهد باستور الجزائر، لكنه لا يوفر إلا الحيوانات التقليدية من الدرجة الأولى، بينما سيضمن مختبر مركز البحث في العلوم الصيدلانية توفير حيوانات التجارب التقليدية إلى جانب الحيوانات المصنفة في الدرجة الثالثة، أي الحيوانات المخبرية المعدلة وراثيا أو المصابة بكتيريا أو فيروسات، وشرح لنا أنها ستسمح بإجراء تجارب أكثر فعالية ودقة بفضل الصفات الجينية المحددة التي تكون متوفرة فيها، ما يجعل النتائج البحثية أكثر رصانة وقابلية للإسقاط على الإنسان.
ونبه المتحدث بأن المختبر سيضم الأصناف الحيوانية من نوع الفئران والجرذان فقط، مشيرا إلى أنه مصمم وفق بنية ذات حماية أمنية عالية من خلال نظام معالجة الهواء الذي يتوفر عليه، وأنظمة العزل للحيوانات التي ستوضع داخل أقفاص معزولة ذات تهوية منفردة، فضلا عن التصميم الهيكلي الذي يوفر ممرات آمنة ذات اتجاه أحادي، بحيث تسمح بالدخول من جهة واحدة والخروج من جهة أخرى فقط، بعد المرور بالتعقيم المناسب. ونبه المتحدث أيضا بأن عدد الحيوانات المخبرية الضرورية لإجراء الدراسات يرتبط بعدد العينات المراد دراسة تأثيرها، حيث يتم تقسيمها إلى مجموعات تضم 6 حيوانات عموما، وغالبا ما تتطلب الدراسة الواحدة بين 20 إلى 30 فأر أو جرذ، مشيرا إلى أنه يمكن أن يصل إلى عدد كبير في بعض الدراسات، في حين أوضح أن تكلفة الفأر المعدل وراثيا قد تصل إلى 2000 أورو أو أكثر.
وذكر المصدر نفسه أن قدرة الإنتاج الشهرية في المختبر تصل إلى غاية 1700 حيوان تجارب من النوع التقليدي بينما تفوق قدرة الاستيعاب الألف، كما أوضح أنه سيتوفر على وحدة مخصصة لإنتاج الأغذية الخاصة بها. وأكد الباحث على أهمية هذه الوحدة، حيث أشار إلى أن الأغذية المتوفرة في السوق حاليا ليست معدة خصيصا لحيوانات التجارب، في حين سيسمح إنتاج الأغذية على مستوى المختبر بالتحكم في طبيعة الغذاء والعناصر الموجودة فيه، بما سيمنح للباحثين نتائج أكثر دقة وتوافقا مع أهداف الدراسات التي يجرونها، كما أكد أن المركز يسعى إلى تطوير نماذج حيوانية معدلة وراثيا لتحاكي الأمراض البشرية.
س.ح

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com