السبت 23 أوت 2025 الموافق لـ 28 صفر 1447
Accueil Top Pub

النصر تلتقي بأفراد من عائلة علي بوالنمر بعد كشف قصته لأول مرة: بوشلوخ.. ملحمة بطولية مازالت حية في الذاكرة العائلية بعد 100 سنة

يكشف لنا أحفاد علي بوالنمر "بوشلوخ"، في هذا الروبوتاج الوجه الثاني من ملحمة الشاب الذي تمرد بمفرده على الاستعمار الفرنسي طيلة سبع سنوات وطوى النسيان حكايته لأكثر من قرن، فبعد التحقيق الذي أزاحت فيه النصر الغبار عن وقائع قصته التي تبدأ من رفض التجنيد في الحرب العالمية الأولى إلى السجن والنفي في أمريكا الجنوبية، يقدم لنا أفراد عائلته رواية الذاكرة الشعبية التي توارثوها ومازالوا يروونها لأبنائهم، بعد أن نسيتها شوارع مدينة قسنطينة وأزقتها ومقاهيها وبيوتها التي كانت يوما تضج بأخبار ومآثر بوشلوخ أو "أحمد الطاير" الذي كان يتنقل ملتحفا كهوف "الريميس" وصخوره ليثبت عجز السلطات الاستعمارية بكل قواتها وعسسها وسجانيها، كما تزور النصر المنزل العائلي الذي كان يتردد عليه البطل بقلب مدينة قسنطينة.

روبورتاج: سامي حبّاطي

بوشلوخ كان يستعمل الحمام الزاجل للتواصل مع عائلته
وبعد نشر التحقيق الذي كشفنا فيه عن الهوية الحقيقية للبطل "بوشلوخ" الذي شهد مالك بن نبي بما تركه فيه من إلهام، استطعنا الوصول إلى أفراد من عائلته في مدينة قسنطينة، حيث التقينا بمراد بوشلوخ البالغ من العمر 56 سنة، حفيد شقيقة علي بوالنمر، الذي ما يزال مقيما بالمنزل نفسه الذي أقامت فيه أسرة البطل بوشلوخ قبل فراره من التجنيد الإجباري في الجيش الاستعماري وتمرده. ورافقنا مراد إلى منزل العائلة الواقع بالمدينة القديمة في نهج مولود بن عميرة "الرصيف قديما"، بمحاذاة العيادة متعددة الخدمات التي تحمل الاسم نفسه ومقابل الزقاق المفضي إلى حمام سوق الغزل، حيث دلفنا إلى المسكن من خلال الممر الرئيسي، لتقابلنا بناية مشيدة على النمط القديم من عمران المدينة العتيقة، بلبنات الآجر الممتلئ التقليدي على أوتاد خشب العرعار المتين.
وفتح مرافقنا بوابة خشبية قديمة مزودة بمقبضين فولاذيين كبيرين ومعززة بمسامير سميكة حول المقبض؛ تتخذ أشكالا هندسية نباتية، حيث دخلنا عبر ممر مغطى قبل الوصول إليها ولاحظنا أن البوابة خشبية بشكل كامل، بما في ذلك القفل القديم المستعمل لإيصادها ومحاور تثبيتها في الجدار الحجري للمنزل، فضلا عن خطاف فولاذي كبير مثبت في الجدار ويستعمل لإحكام إغلاقها. وقال مراد بوشلوخ في حديثه معنا إن تاريخ قدوم عائلته إلى هذا المسكن يعود إلى بدايات القرن التاسع عشر، بعدما انتقلت عائلته من مسكنها القديم في المكان المسمى "ساباط البوشيبي" في السويقة، حيث أخذ محدثنا يرينا تفاصيل من البناية المؤلفة من ثلاثة طوابق، لافتا إلى أن جده علي بوالنمر كان يتردد على المكان خلال فترة فراره من الاستعمار الفرنسي، قبل أن يشير بإصبعه إلى غرفة في الطابق الثاني من البناية، ويؤكد لنا أنها مكان مكوث البطل بوشلوخ خلال تردده على المسكن.
وأضاف محدثنا أن بوشلوخ كان يتواصل مع أفراد أسرته من خلال الحمام الزاجل، حيث أشار إلى حافة السقف وقال إن "الحمامات التي كان يرسلها جدي علي كانت تحط على ذلك المكان، ليعرف أهل البيت أنه قادم لزيارتهم". وغادرنا المسكن الذي يضم تفاصيل ضاربة في القدم، على غرار الحجارة الزرقاء التي فرشت على أرضيته وتقسيم المنزل التقليدي، فرغم وضعية البناية، أكد مرافقنا أنه لن يغادرها أبدا إلى مسكن جديد. وسرنا مع مرافقنا عبر المدينة القديمة إلى غاية شارع سيدي بوعنابة، حيث وقفنا بمحاذاة مدرسة بلعابد "أراغو سابقا" للحديث عن المكان الذي ألقي فيه القبض على بوشلوخ، فأكد لنا أنه على علم بذلك، ودائما ما يستذكر هذه الحادثة كلما مر من هذا الموقع.
«أحمد الطاير» الذي نقش اسمه في أحد كهوف الريميس
وقدّم لنا الحديث مع مراد نسخة الذاكرة الشعبية من قصة علي بوالنمر المتمرد على الاستعمار، فرغم أنها نُسيت من ذاكرة أغلب السكان بعد أكثر من قرن، إلا أن العائلة مازالت تحتفظ بها ويتناقلها أفرادها شفويا. ويروي مراد أن جوانب القصة التي مازال يحتفظ بها في ذاكرته إلى اليوم مأخوذة مما كانت ترويه له جدته من جهة والدته، المرحومة أم السعد بوالنمر، شقيقة علي بوالنمر "بوشلوخ"، حيث أوضح لنا أنها توفيت في سنة 1983 بعدما تجاوزت التسعين من العمر، مضيفا أنها كانت مقربة من شقيقها كثيرا منذ طفولتها، فضلا عن أن فارق العمر بينهما لم يكن كبيرا.

ويروي لنا مراد أن علي بوالنمر له شقيقة أخرى تدعى مسعودة وكانت تقيم في حامة بوزيان، حيث قال إن جدته أم السّعد ذكرت له أن سبب تمرد بوشلوخ يعود في البداية إلى رفضه التجنيد في الجيش الاستعماري خلال الحرب العالمية الأولى، مشيرا إلى أن روايات العائلة تقول إنه كان يقيم في كهوف وادي الرمال أسفل المدينة خلال سنوات فراره من السلطات الاستعمارية، مضيفا أنه "يقال إنه نقش اسمه في أحد كهوف "الريميس" بخنجره". وأكد المصدر نفسه أن عائلتا بوالنمر وبوشلوخ عائلة واحدة؛ قسمها الاستعمار الفرنسي بمنح لقبين مختلفين، معتبرا بأن تسمية بوشلوخ التي كان يعرف بها علي بوالنمر متأصلة في لقب العائلة.
وذكر حفيد بوشلوخ أن روايات العائلة تقول إنه كان معروفا بين سكان المدينة بتسمية "أحمد الطاير" (أحمد الطائر)، حيث قال إن هذه التسمية تعود إلى سرعته في الركض في هاوية وادي الرمال بطريقة عجيبة، كما قال إن هناك رواية أخرى نسجت حوله، وتقول إن تسمية الطائر تعود إلى أنه كان يتواصل مع عائلته بالحمام الزاجل، إذ كانت عائلته تحضر له الطعام وتستعد لاستقباله بمجرد مشاهدة قدوم حمامته إلى المنزل.
روايات شعبية وأساطير حول جنية ذهبية كانت تحمي بوشلوخ
ويلاحظ على الرواية الشعبية التي قدمها لنا الحفيد مراد أن الكثير من حكايات الخوارق والأساطير نُسجت حول شخصية بوشلوخ، حيث أوضح لنا أن جدته كانت تتحدث عن الجنية التي كانت تحميه، مضيفا بالقول "كانت جدتي تقول إنها تراها في البيت، وتقول إنها جنية ذهبية بالكامل وكانت تسمع قدومها بجلجلة الحلي... كما كانت تشاهد شيخا"، مشيرا إلى أن الرواية الشعبية كانت دائما تنسب له وقائع خارقة منذ طفولته، مثلما ينقل عن جدته، فحتى عندما كان يعاقب بسبب مشاكسات الطفولة ويحجزونه في غرفته، يجدون لديه طعاما وماء.
وتتداخل الوقائع الموثقة من خلال الصحافة الاستعمارية التي اطلعنا عليها حول قصة بوشلوخ مع الروايات الخارقة التي كانت تتداول بين سكان المدينة، حيث ذكر لنا حفيده أن جدته كانت تتحدث عن وقوف سجانيه في حالة عجز أمام ما كان يحدث معه في الزنزانة، إذ قال "وحتى حارسه في السجن الاستعماري أصيب بالخوف عندما لم يجده في الزنزانة رغم أنه كان مكبلا بالسلاسل وكان يجد لديه الطعام وكل ما يحتاج إليه"، في حين تبدو هذه الرواية قريبة من التفاصيل الحقيقية لمحاولة فراره الأخيرة من السجن المدني بقسنطينة قبل أسبوع من محاكمته بإحداث ثقب في السقف، رغم الحراسة المشددة التي كانت مفروضة عليه، ما ترك السلطات الاستعمارية في حالة حيرة واستغراب بشهادة الصحافة الاستعمارية.
ويؤكد محدثنا أن الأحداث التي عايشتها الجدة أم السعد خلال فترة تمرد جده بوشلوخ على السلطات الاستعمارية أورثتها خوفا كبيرا ظل يرافقها إلى غاية وفاتها، حيث أوضح أن عائلته تعرضت لمضايقات كبيرة خلال تلك الفترة، بالإضافة إلى ما عايشته خلال الثورة التحريرية. وأضاف المتحدث أن والد بوشلوخ كان يستدعى بشكل يومي تقريبا من قبل الشرطة الاستعمارية لمضايقته واستجوابه حول ابنه، في حين روى لنا أن جدته حدثته عن القوة الجسدية الكبيرة التي كان يتمتع بها والد بوشلوخ أيضا، حتى "أنه ضغط يوما على يد عون شرطة استعماري خلال مصافحته وتركها تقطر بالدماء من قوة قبضته للتعبير عن غضبه وحتى لا يستدعيه مجددا"، مثلما قال.
الجدة أحرقت كل الأغراض والوثائق الخاصة ببوشلوخ

وتقدّم الرواية العائلية حول سيرة بوشلوخ أحداثا تستند جميعها إلى قصص متوارثة بين أفرادها شفويا، حيث أوضح مراد أن الروايات تقول إن شخصا أوروبيا التقط صورة لوالد بوشلوخ وهو يرفع بغلين اثنين عن الأرض بذراعيه بالقرب من باب الجابية في الجهة السفلى من السويقة، لكنه يعود للتأكيد على أن "لا أحد رأى هذه الصورة". وأكد المصدر نفسه عدم وجود أي وثائق أو أغراض تخص علي بوالنمر لدى العائلة، حيث قال إن جدته أحرقت كل ما يخصه، بما في ذلك الرسائل التي كان يرسلها إليها وصورته ووثائقه الشخصية، وذلك انطلاقا من خوفها على باقي أفراد العائلة من التّعرّض للمُلاحقات أو السَّجن من قبل السلطات الاستعمارية.
ويبدو من خلال الرواية المتداولة بين أفراد العائلة حول بوشلوخ أن مذكرات مالك بن نبي "شاهد على القرن" وجدت طريقها أيضا إلى التداول ضمن رواية الذاكرة الشعبية لسيرة بوالنمر، حيث قال مراد بوشلوخ إن "مكتبة مالك بن نبي قد تحتوي على مزيد من المعلومات حوله"، مستندا فيما ذهب إليه بأن ابن نبي "عرف قصة بوشلوخ من خلال الوثائق التي تركها شخص مجهول بجانبه في المسجد"، في حين يمثل هذا التفصيل استعادة لحادثة خيالية اختارها مالك بن نبي في مقدمة مذكراته، إذ يروي فيها سيرته الشخصية على لسان شخصية متخيلة يدعى "الصديق" وينطلق من كونه وجد وقائعها في مخطوط وضعه شخص مجهول بجواره خلال أدائه صلاة العصر في مسجد حسن باي بقلب مدينة قسنطينة، ثم غادر دون أن يلتقي به.
وظلت عائلة بوشلوخ تتوارث المقولة الشهيرة التي أطلقها علي بوالنمر في وجه هيئة المحكمة التي حكمت عليه بالسجن المؤبد، حيث قال مراد حفيده إنه قال "إنكم لا تحكمون علي وإنما تحكمون على مقعد فارغ"، مضيفا إليها شقا آخر بالقول "لكنه قال للقاضي إن أحباب الله حكموا علي بخمس سنوات"، ليؤكد أن بوشلوخ فر من السجن المؤبد بعد خمس سنوات تحديدا. وتؤكد هذه النسخة أن العائلة ظلت تتابع أخبار ابنها علي بوالنمر حتى بعد منفاه، حيث تمكن من الفرار من غويانا بعد سبع سنوات بحسب ما اطلعنا عليه، وهو ما يقترب من رواية حفيده، رغم أن الأخير قال "إنه فر من سجن الكدية بعد خمس سنوات عند تمام منتصف الليل"، مضيفا إليها تفاصيل خارقة أكد لنا أنها رويت له من قبل جدته بكون "باب الزنزانة فُتح تلقائيا، فخرج بوشلوخ وصعد فوق سور السجن، ليرى شيخا يمر بالقرب من السجن، فقفز ووقع فوق ظهره. سار خطوات ثم استدار ليعتذر منه، ليجده قد اختفى".
ولفت محدثنا إلى أن جدته تعتبر المصدر الأساسي لجميع القصص التي توارثتها العائلة إلى غاية اليوم حول شقيقها، مشيرا إلى أنها كانت تبتئس للظروف الصعبة التي كان يعيشها في مرحلة فراره من السلطات الاستعمارية، إلا أن بوشلوخ كان يصر على رفضه التجنيد في الجيش الاستعماري. ويذكر المصدر نفسه أن جده كان يتحدى الاستعمار ويقول "إذا قبضوا علي فليفعلوا بي ما يشاؤون، لكن بما أن الدماء تسري في جسدي فلن أتوقف ولن أسلم نفسي لهم". وذكر محدثنا أن جدته وصفت بوشلوخ بأنه لم يكن ضخم البنية مثل والده، لكنه كان كتوما جدا وقليل الكلام، حتى أنه "لا يتكلم إلا إذا سألته"، مضيفا أن هناك قصصا لم يروها لأحد، ولا حتى لعائلته لتجنبيهم المضايقات الاستعمارية.
انتفاضة من سكان السويقة خلال القبض على بوشلوخ
وسألنا مراد عن الأماكن التي كان يقيم فيها بوشلوخ ويتردد عليها، فقال: "لا أحد يعلم على وجه التحديد"، مضيفا أنه كان يبيت ليلة واحدة عندما يتردد على المنزل العائلي ثم يغادر، كما أنه كان يتردد أحيانا على منزل شقيقته المسماة مسعودة في حامة بوزيان، في حين أوضح أن المتداول أنه كان يقضي أغلب الوقت مختبئا في كهوف هاوية وادي الرمال "الريميس"، ليضيف محدثنا: "كان في الغالب يتنقل ليلا مع الجنية التي كانت ترافقه مثلما كانوا يقولون". وتتقاطع رواية الحفيد حول تردد بوشلوخ على منزل شقيقته في حامة بوزيان مع حادثة إطلاقه النار على الحارس الريفي في مدينة الحامة في 1919، بعدما رصده الأخير وحاول اعتقاله لكن بوشلوخ تمكن من الفرار.

أما عن حادثة القبض على بوشلوخ في سيدي بوعنابة، فقد تبيّن لنا وجود تشابه كبير في الوقائع التي نقلها لنا الحفيد مراد مع التفاصيل الموثقة التي اطلعنا عليها، حيث ذكر العثور على "قطعتين حديديتين مشحوذتين لاستعمالهما كسكين"، وهو ما يبدو أن جريدة الدعاية الاستعمارية "لاديباش دو كونستونتين" أشارت إليه بـ"العثور بحوزته على مبردين". وأضاف مصدرنا أن أفراد الشرطة الاستعمارية الذين قبضوا عليه أصابوه في ساقه ما تسبب في وقوعه أرضا ليتمكنوا من توقيفه، منبها بأنهم جردوه من مسدس كان يحمله معه، لكنهم لم يتفطنوا لوجود مسدس ثان مخبأ في حزامه، ليتمكن بوشلوخ من استخراجه واستعماله في إصابة عون الشرطة في فخذه، ما أدى إلى وفاته بعد أيام، مثلما نقل لنا عن رواية جدته.وذكر محدثنا أيضا أن جدته روت له أيضا أن أعوان الشرطة الاستعمارية جلبوا عربة لنقل الشرطي المصاب إلى المستشفى، لكنهم أخذوا يجرون بوشلوخ على الأرض، إلا أن الجزائريين من سكان سيدي بوعنابة، وعلى رأسهم أفراد عائلة ابن جلول، تجمعوا للاحتجاج على طريقة معاملتهم له، إذ قال أحدهم مهددا بحزم: "اليوم تَخْلَى وَلّا تَعمُر". وذكر محدثنا أن جدته أكدت أن سكان المدينة من الجزائريين كانوا يمدون يد العون له خلال مرحلة فراره.
حديث عن استقراره في البرازيل وتأسيسه عائلة بعد الفرار من غويانا
ولم تكن عائلة بوشلوخ تتواصل معه خلال فترة حبسه بعد القبض عليه في 1923 إلا من خلال الرسائل، حيث أكد حفيده أن السلطات الاستعمارية منعت عنه الزيارات العائلية، في حين أوضح أن جدته ذكرت أنه فر من الأسر في غويانا رفقة أربعة أو خمسة منفيين آخرين، ولم ينج منهم إلا اثنان، فضلا عن أن طريقة فراره من هناك غير معروفة لدى الجدة، لكن محدثنا أكد أنه ظل يتواصل مع جدته بالرسائل، بينما قال إن جدته كانت تؤكد أنه فر إلى البرازيل. وأبرز المصدر نفسه أن آخرين من العائلة يقولون إنه اتجه إلى الإكوادور أو دول أخرى في أمريكا الجنوبية، بينما ذكر أن "آخر خبر عنه تلقته العائلة في السبعينيات أو الثمانينيات، حيث قدم إلى منزلنا شخص يبحث عن والدي وأخبره أنه التقى ببوشلوخ، فطلب منه والدي علامة تثبت أنه هو، ليؤكد له أنه يعرج بساقه عند المشي".واعتبر محدثنا أن علامة ساقه العرجاء تعود إلى الرصاصة التي تلقاها في ساقه، حيث أضاف أن الزائر أخبر والده "أنه بخير ويعيش في سويسرا في وضع جيد، فضلا عن أنه يملك محلا لبيع المجوهرات ومحلا ثانيا لبيع المواد الغذائية، كما أنه تزوج وأنجب أربعة أطفال، فيما طلب من العائلة ألا تبحث عنه وأكد أنه سيزورها عندما يجد فرصة لذلك". وتتداول الرواية العائلية أخبارا مختلفة عن بوشلوخ ومكان استقراره بعد فراره من جحيم الأسر والمنفى في غويانا، حيث يخبرنا الحفيد أنه يقال إن علي بوالنمر أطلق اسم "أم السعد" على ابنته، استعادة لاسم شقيقته، في حين أكد أن جميع أفراد العائلة لديهم علم بالقصة رغم بعض التناقضات والاختلافات في الرواية، فضلا عن أن سكان مدينة قسنطينة القدماء كانوا يعرفونها أيضا ويروونها.
مصيره بعد غويانا مجهول إلى اليوم

وتحدثنا إلى السيدة نادية بوشلوخ، حفيدة مسعودة شقيقة علي بوالنمر أيضا، حيث سعينا من خلالها إلى توطيد النسخة العائلية من سيرة بوشلوخ، إذ ذكرت لنا أن جدتها كانت تروي لها أيضا هذه القصة وبطولات هذا الجد، في حين ذكرت لنا أن جدتها تلقت رسالة من بوشلوخ في 1945 بحسب ما يقال، وأخبرها فيها أنه "بخير ويقيم في بلاد يتحدث أهلها بلغة لا يعرفها". وذكرت محدثتنا أن جدتها أحرقت الرسالة من شدة خوفها من العثور عليها من قبل السلطات الاستعمارية، فيما ذكر مراد، ابن عم السيدة نادية، أن جدته كانت تمزق الأغراض الخاصة ببوشلوخ وتحرقها ثم تدفن الرماد المتبقي منها في قبو المنزل.
وذكرت محدثتنا أنها تفاجأت قبل أكثر من 15 سنة بشخص من سكان مدينة قسنطينة يتحدث عن مآثر جدها بوشلوخ من خلال الإذاعة المحلية بقسنطينة، حيث قال إن بوشلوخ كان صديق والده، في حين توجهت محدثتنا إلى الإذاعة حينها والتقت بالمعني وشاركته عدد البرنامج للحديث عن جدها أيضا. وأضافت محدثتنا أن الأخير ذكر لها بأن والده كان صديقا للبطل بوشلوخ، مشيرة إلى أن بوشلوخ لم يكن يتخذ إلا عددا محدودا من الأصدقاء، فضلا عن أنه لم يكن يختلط كثيرا بالناس ولا يثق في أي كان تجنبا للقبض عليه من قبل السلطات الاستعمارية التي كانت تلاحقه، في حين تقاطعت القصص الأخرى التي روتها حوله مع ما حدثنا به ابن عمها، لاسيما قصة الحمام الزاجل الذي كان يستعمله للتواصل وحمله لسلاحين دائما وغيرها من المآثر التي توارثها أهل مدينة قسنطينة. وبالعودة إلى مراد، سألناه عن كيفية استقباله لقصة جده خلال طفولته، حيث أوضح لنا أنه يتذكر أن بعض أصدقائه كانوا يصدقون القصة البطولية لبوشلوخ عندما يرويها لهم، إذ يرددون أن أولياءهم كانوا يروونها لهم، لكنه قال إن بعض الأشخاص لم يعرفوا عنها لكون أحداثها قديمة جدا، إذ تتجاوز ليوم المئة سنة. وأكد محدثنا أن جده بوشلوخ لم يتزوج ولم ينجب أطفالا في الجزائر، خصوصا أنه عاش فترة شبابه فارا من الاستعمار الفرنسي، كما أكد أنه لم يسبق له أن استخرج الوثائق الخاصة به بعد الاستقلال، لكنه أوضح أنه ما يزال يحلم بلقاء أفراد من عائلته التي بلغهم أنه أسسها بعد فراره من الأسر في غويانا. وذكر المصدر نفسه أنه لم يكن على علم بالكثير من التفاصيل التي اطلع عليها في تحقيق النصر المنشور في 8 ماي 1925 حول بوشلوخ، في حين شدد على أن رغبته ستظل قائمة في معرفة المزيد حول جده الذي يفتخر بكونه من أحفاده. س.ح

آخر الأخبار

Articles Side Pub-new
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com