الثلاثاء 6 ماي 2025 الموافق لـ 8 ذو القعدة 1446
Accueil Top Pub

فيما أتاح للركاب مشاهد جديدة للمعالم التاريخية لقسنطينة: التيليفريك يبعث الحركية التجارية بوسط المدينة بعد سنوات من التراجع


بعثت عودة المصاعد الهوائية بقسنطينة النشاط التجاري بعدة شوارع من المدينة القديمة ومحيط محطات “التيليفريك”، حيث دبت حركية المارة في عدة أنهج وأزقة بعدما سجلت تراجعا كبيرا خلال السنوات الماضية التي توقفت فيها هذه الوسيلة، في وقت سلطت فيه المصاعد الضوء على وجه مختلف من المدينة لدى المواطنين وزوارها من داخل الوطن وخارجه، فقد كشفت عن مشاهد جديدة لعدة معالم ومواقع سياحية تعرف إقبالا كبيرا وتعتبر من الملامح المميزة لقسنطينة.

روبورتاج: سامي حباطي

وبدأنا جولتنا الاستطلاعية من نقطة الدوران بحي الزيادية، التي يمثل محورا مفصليا يربط مجموعة من أحياء الجهة الشمالية الشرقية للمدينة بعضها ببعض. ولاحظنا في المكان أن الحركة المرورية استعادت سيولتها المعهودة منذ عدة أشهر، فقد أعيد فتح المسلك الجانبي المحاذي لنفق الزيادية يوم السبت الماضي بعد أشهر من الغلق، وذلك بعد أيام قليلة من عودة المصاعد الهوائية، ما خلق أريحية للسائقين الذين يمرون عبر نقطة الدوران المذكورة من أجل الوصول إلى وسط المدينة من خلال جسر صالح باي أو أحياء سيدي مبروك عبر المنصورة وغيرها. وكان السائقون يضطرون خلال الأشهر الماضية إلى المرور عبر مسالك ضيقة بحي الأمير عبد القادر، من بينها بعض الطرق غير المهيأة، مواجهين الازدحام المروري، في وقت كان يعاني المواطنون من نقص سيارات الأجرة التي تنشط على خط الزيادية نحو وسط المدينة نتيجة استغراق سائقي الأجرة وقتا طويلا للذهاب والإياب عبر الخط.
ووجدنا عند محيط نقطة الدوران مجموعة من سيارات الأجرة المتوفرة لنقل المواطنين إلى وسط المدينة، في حين كان عدد كبير من المارة يتجهون إلى محطة الأمير عبد القادر القريبة من المكان نفسه من أجل ركوب المصاعد الهوائية. ولاحظنا بمجرد دخول المحطة أن نسبة كبيرة من الوافدين على “التيليفريك” يسعون لاختبار تجربة المصاعد الهوائية، حيث أخبرتنا مجموعة من سبع مراهقات أنهن سيجربن ركوبها لأول مرة، في حين أوضح لنا شاب يبدو في الثلاثينيات أنه اعتاد استعمال المصاعد الهوائية قبل ما يقارب ثمان سنوات من توقفها، ليعود إليها اليوم على إثر تشغيلها مجددا لأنها تسهل وصوله لمكان عمله خلال وقت قصير.
التيليفريك ينهي مشكلة نقص وسائل النقل من الزيادية إلى وسط المدينة
واشترينا تذكرة مقابل ثلاثين دينارا، حيث لاحظنا أنها تحمل ترقيما قريبا من 16 ألف، في حين ركب معنا مراهقان وشخص مع ابنته، إذ استخرج جميع مرافقينا هواتفهم لالتقاط الصور بمجرد انطلاق التيليفريك نحو وسط المدينة. وقد أكد لنا مرافقونا أنها المرة الأولى التي يستعملون فيها هذه الوسيلة منذ إعادة افتتاحها، بينما لاحظنا على امتداد الجزء الأول لخط المصاعد الهوائية من الأمير عبد القادر إلى غاية محطة المستشفى الجامعي ابن باديس قد سلط الضوء على عدة أحياء متفرعة من الشوارع الرئيسية، إذ لم تكن جلية للركاب من قبل عبر المسارات المعهودة التي تسلكها وسائل النقل الأخرى، مثل الحافلات وسيارات الأجرة، فضلا عن أن المتجهين نحو وسط المدينة أصبح بإمكانهم رؤية عدة معالم تاريخية عبر الجزء الأول من الخط.
ويلاحظ أن الركاب بوسعهم مشاهدة المسالك والأنهج الفرعية لحيي محمد لوصيف الذي كان معروفا بتسمية “حي غايار” وحي الإخوة بوشامة وأجزاء من حي باب القنطرة، على غرار شارع بيار وماري كوري ومتقن الإخوة بسكري المشيد على النمط العمراني للقرن التاسع عشر، إلى جانب الأسقف المختلفة للبنايات المشيدة بنمط عمراني قديم، بالإضافة إلى الجهة الواقعة أسفل المستشفى الجامعي ابن باديس وامتدادها إلى حديقة بورصاص التي خضعت لعملية إعادة تأهيل مؤخرا، وأصبحت تستقطب المواطنين إليها، إلى جانب أجزاء من شوارع باب القنطرة على غرار شارع بلعايب محمد.
وقال ركاب للمصاعد الهوائية الذين تحدثنا إليهم إن الرؤية من التيليفريك تمنحهم تصورا جديدا ومختلفا عن المدينة وأحيائها، خصوصا في الجزء الثاني من محطة المستشفى الجامعي ابن باديس إلى غاية محطة طاطاش بلقاسم، فقُمرة المصعد، بمجرد انطلاقها، تمر فوق صوامع تخزين الحبوب القديمة بباب القنطرة، لتعبر بعد ذلك هاوية وادي الرمال الشهيرة، فتتيح إطلالة مختلفة على حديقة سوسة والجسور الطبيعية لهاوية الرمال، التي يطلق عليها سكان المدينة تسمية “الريميس” نسبة إلى المهندس فرديريك ريماس الذي صمم درب السياح نهاية القرن التاسع عشر، فضلا عن أنها تسمح بمشاهدة جسر باب القنطرة وجسر سيدي مسيد المعلق على الجهة الأخرى والنسيج العمراني للمدينة القديمة انطلاقا من حي الشارع إلى غاية القصبة وطريق جديدة وأجزاء من رحبة الصوف.وينعكس انبهار المواطنين والزوار بالمشاهد الجديدة التي سمح التيليفريك بالتقاطها للمدينة في المئات من المقاطع والصور المنشورة حول المدينة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، على غرار ما لاحظناه على منصة “تيكتوك” التي تداول فيها المستخدمون عبر صفحاتهم الشخصية والمهنية خبر عودة الاستغلال التجاري للمصاعد الهوائية، فضلا عن مقاطع الفيديو المختلفة المصورة انطلاقا من المصاعد، كما شارك بعض المستخدمين تجربتهم المتميزة في ركوب “التيليفريك” وحققت مشاهدات عالية جدا، مثلما يبدو من إحصائيات التفاعل معها.
المحلات تعود للنشاط بمحيط محطة التيليفريك بشارع ديدوش مراد
ويتوافد على المصاعد الهوائية عددٌ كبير من زوار المدينة من الولايات الأخرى، حيث رافقنا اثنان من ولاية مجاورة عندما قمنا بتغيير القُمرة عند محطة المستشفى الجامعي، ليسألاننا عن كيفية الوصول إلى جسر صالح باي وجامع الأمير عبد القادر بعدما استطاعوا مشاهدته من الجهة الواقعة فوق باب القنطرة. وقد لاحظنا أن جزءا كبيرا من المدينة انطلاقا من باب القنطرة إلى شارع زعموش يظهر من التليفريك عند المرور فوق مسجد التقوى، فضلا عن امتدادات قسنطينة في الجهة المفضية إلى زواغي وحي الصنوبر، في حين يمكن مشاهدة الجزء الشمالي الشرقي المعروف بتسمية “محجرة قنص” أيضا من الموقع نفسه تقريبا.أما على مستوى وسط المدينة، فقد بعثت عودة المصاعد الهوائية الحركية التجارية في المدينة القديمة، حيث غادرنا محطة طاطاش بلقاسم عبر الجهة العليا أولا من النهج المؤدي إلى شارع ديدوش مراد، أين عادت طاولات البائعين إلى المكان بعد سنوات من توقفها، على غرار طاولات بيع الأطعمة والحلويات وبعض الأغراض التذكارية. وتوقفنا في المكان لمعاينة حركية المواطنين الوافدين على المكان، فوجدنا أن أكثر من 20 شخصا خرجوا من المحطة في دقيقة واحدة، في حين امتدت الحركية التجارية إلى الجزء السفلي من شارع ديدوش مراد الذي سجل من قبل ركودا نسبيا مقارنة بما كان عليه سابقا، كما وجدنا شابين يقومان بنصب طاولة لبيع العطور عند أحد زوايا الشارع، غير بعيد عن محطة التيليفريك.وذكر لنا تجار في شارع ديدوش مراد أن عدد الزبائن المتوافدين على محلاتهم تزايد مقارنة بما كان يسجل قبل إعادة تشغيل المصاعد الهوائية، في حين لاحظنا عددا من المحلات التي أصبح أصحابها يعرضونها للكراء في هذا الشارع أيضا. وامتد أثر عودة المصاعد الهوائية أيضا إلى الجهة السفلى من المحطة، حيث أوضح لنا تجار بنهج عوسات محمد أنهم لاحظوا عودة لحركية المارة عبر هذا المسار المفضي إلى رحبة الصوف، ثم منها إلى أجزاء أخرى من المدينة القديمة مقارنة بما كانت عليه في أوقات سابقة، فرغم أنها ظلت دائما القلب النابض للمدينة القديمة، إلا أن التجار فيها يؤكدون تراجعا محسوسا في السنوات الماضية؛ يعزونه لتوقف التيليفريك بالدرجة الأولى ومنافسة الأقطاب الجديدة للتسوق، في وقت يعبرون فيه اليوم عن تفاؤلهم بإعادة تشغيله.
س.ح

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com