
قال المشاركون في المؤتمر الوطني للهندسة المدنية و المياه، المنعقد بجامعة 8 ماي 1945 بقالمة، أمس الأربعاء، بأن الجزائر قد تخطت عقبات هندسية و فنية كانت تعترضها، عند بناء محطات التحلية، و تجهيزها و صيانتها، و هي تتجه اليوم بخطى ثابتة نحو مزيد من الاعتماد على إمكاناتها البشرية و المادية، لتحلية مياه البحر، و مواجهة الإجهاد المائي، الناجم عن التغيرات المناخية بمنطقة حوض المتوسط.
و قال البروفيسور مهدي لمطيش، من جامعة البويرة، في افتتاح المؤتمر، الذي نظمته كلية العلوم و التكنولوجيا، بأن الجامعة الجزائرية قد قامت بدور كبير، ضمن جهود التحرر من التبعية للأجانب، في مجال بناء محطات التحلية، و أصبحت اليوم تنجز كل أشغال الهندسة المدنية دون مساعدة أجنبية، و تجلب التجهيزات التكنولوجية المتطورة، مفككة ثم تقوم بتركيبها داخل الوطن، و تجهز بها محطات التحلية، و تخضعها للصيانة الدورية، على يد خبراء جزائريين، تمكنوا من تكنولوجيا محطات التحلية، بعد سنوات طويلة من الهيمنة الأجنبية، على كل مراحل البناء و التجهيز و الصيانة.
و أضاف المتحدث بأن الخبراء الأسبان كانوا مهيمنين على قطاع تحلية مياه البحر بالجزائر، من البناء إلى تجميع المعدات و التركيب و الصيانة، و هذا قبل خمس سنوات، لكن إرادة المهندسين و الباحثين الجزائريين، وضعت حدا لهذه الهيمنة المستنزفة للقدرات المالية للبلاد.
و دعا المشاركون في المؤتمر، إلى مزيد من البحث و العمل الجاد، للوصول إلى صناعة بعض تجهيزات محطات التحلية، التي تعتمد اليوم على التكنولوجيا الأمريكية دون منازع، خاصة في مجال أنابيب الترشيح، و طبقات التصفية الشعيرية الدقيقة، العاملة تحت الضغط الأقصى.
و حسب المتدخلين في المؤتمر، فإن محطات تحلية مياه البحر بالجزائر لم تكن ذات أهمية كبيرة، ثم تحولت الى خيار مهم، قبل أن تصبح اليوم ضرورة ملحة، لمواجهة الإجهاد المائي المتزايد.
و تحصي الجزائر اليوم 21 محطة تحلية عاملة على السواحل الوطنية، و 14 محطة أخرى قيد الإنجاز، و في خضم هذا التحول المذهل نحو البحر، يقول المحاضرون، بات لزاما على الجامعة الجزائرية بذل المزيد من الجهد، للتحكم أكثر في تكنولوجيا معالجة مياه البحر و المحافظة على الحياة البحرية، التي ستواجه تحديات كبيرة في المستقبل، تحت تأثير المواد التي تعيدها المحطات إلى البحر.
و في هذا الإطار وجه المشاركون في المؤتمر نداء للمؤسسات الناشئة الجزائرية، للانخراط بقوة في استغلال منتجات محطات التحلية، لصناعة مواد كيماوية ذات قيمة اقتصادية كبيرة، و المساهمة في جهود حماية الحياة البحرية، من التأثيرات الناجمة عن الأنشطة المكثفة، لمحطات التحلية على طول الساحل الجزائري.
و يناقش المؤتمر على مدى يومين كاملين، عدة مواضيع و قضايا علمية تتعلق بقطاع المياه و قطاع الهندسة المدنية، كجودة و مقاومة مواد البناء، المستعملة بالجزائر، و ميكانيك التربة، و هندسة الهياكل المعدنية، و حماية الثروة المائية، و معالجة مياه البحر و المياه السطحية، و غيرها من المواضيع التي تهم الاقتصاد و البحث العلمي في الجزائر.
فريد.غ