شرعت مديرية البيئة لولاية قسنطينة في تطبيق القرار التنفيذي رقم 24-61 المؤرخ في 29 جانفي 2024، الذي يهدف إلى تنظيم نشاط جمع النفايات القابلة للرسكلة باعتباره أحد ركائز الاقتصاد الدائري، من خلال تحديد المواد القابلة للاستخراج وكميات النفايات الممكن إعادة تدويرها، إلى جانب تقديم تسهيلات إدارية وامتيازات جبائية لفائدة الأشخاص الطبيعيين الممارسين لهذا النشاط، وفي مقدمتها الإعفاء الكامل من الجباية، بما يكرس نقلة نوعية نحو تنظيم هذا القطاع وتمكين الناشطين فيه قانونيا واقتصاديا.
وفي تصريح خصت به جريدة النصر، أكدت طريفة ليليا، مهندس رئيسي ورئيسة مصلحة البيئة الحضرية بمديرية البيئة لولاية قسنطينة،أنه بات بإمكان كل من يزاول نشاط جمع النفايات القابلة للرسكلة بصفة فردية التقدم بطلب رسمي للحصول على رخصة جمع النفايات، وفقا لما جاء في المادة الرابعة من القرار التنفيذي، مما يتيح له الاستفادة من الإعفاءات والامتيازات القانونية الجديدة.
وأضافتطريفة ليليا، أن المرسوم التنفيذي جاء ليضبط بدقة قائمة المواد القابلة للاسترجاع، ويحدد كيفية تطبيق الإعفاءات والتسهيلات الجبائية الموجهة لفائدة الأشخاص الطبيعيين دون غيرهم من الأشخاص المعنويين، أي أولئك الذين يمارسون النشاط بأسمائهم الشخصية وليس ضمن شركات تجارية. وأبرزت المتحدثة أن هذا التوجه يندرج في إطار تشجيع المبادرات الفردية والمقاولات المصغرة، بهدف الحد من البطالة ودمج النشاط غير المهيكل في الاقتصاد الرسمي.
كما شددت على أن من الشروط الأساسية للاستفادة من الإعفاءات، إبرام اتفاقية مع مؤسسة معتمدة تنشط في مجال رسكلة النفايات، وهو ما يسمح بتتبع المسار الكامل للنفاية، وضمان التعامل مع جهة مختصة تضمن سلامة العملية بيئيا وتنظيميا. واعتبرت أن هذه الآلية الجديدة تشكل فرصة حقيقية للراغبين في ممارسة هذا النشاط بصفة قانونية ومربحة، في ظل توفر دعم إداري وامتيازات جبائية محفزة.
وأضافت المسؤولة أن المديرية سبق وأن نظمت لقاءات مع الناشطين في هذا المجال، وتمت مواكبتهم وتقديم التوضيحات اللازمة، مما أثمر عن منح 15 رخصة جمع نفايات قابلة للرسكلة إلى حد الآن على مستوى ولاية قسنطينة. ودعت بهذه المناسبة جميع الممارسين أو الراغبين في الالتحاق بهذا النشاط، إلى التوجه إلى مصالح المديرية لتقديم ملفاتهم واستخراج رخصهم القانونية المبررة لممارسة الأنشطة المذكورة في المرسوم أعلاه، أمام مصالح الأمن ونقاط المراقبة ومصالح التفتيش مرفوقين بالملف الذي يتكون من طلب خطي، استمارة طلب رخصة جمع النفايات، نسخة من اتفاقية مع متعامل واحد في رسكلة ومعالجة النفايات على الأقل بالإضافة إلى نسخة من بطاقة الهوية ومستخرج من شهادة الميلاد.
ولفتت طريفة ليليا إلى أن رخصة جمع النفايات تمنح لمدة ست سنوات ابتداء من تاريخ توقيعها، ويستفيد صاحبها خلالها من إعفاء جبائي كامل. كما أكدت إمكانية تجديد الرخصة لاحقا، غير أن ميزة الإعفاء الجبائي لا تمدد بعد التجديد. وأضافت أن الأشخاص الذين يملكون رخصا خاصة برسكلة النفايات يمكنهم أيضا التقدم بطلب للحصول على رخصة جمع النفايات، ما يسهم في تكامل الأدوار وتعزيز فعالية سلسلة الفرز وإعادة التدوير.
وأشارت رئيسة المصلحة إلى أن هذه الإجراءات التنظيمية الجديدة تنسجم تماما مع القانون رقم 02-25 المعدل والمتمم للقانون 01-19 المؤرخ في 12 ديسمبر 2001، ويتضمن القانون الذي وقعه رئيس الجمهورية،مؤخرا عدة تدابير أبرزها تأسيس الاستراتيجية الوطنية للتسيير المدمج للنفايات والتأسيس كذلك لنظام رقمنة لتسيير النفايات، بالإضافة إلى إدراج تعاريف جديدة مستمدة من تلك التي كرستها الأمم المتحدة لإدخال المبادئ الأساسية للاقتصاد التدويري للنفايات.
كما بات لكل نوع من النفايات رمز خاص ومعتمد، يسهل تتبعه وتصنيفه وضمان معالجته بطريقة احترافية وبيئية، وفقا للمعايير الدولية. وفي السياق المحلي، ذكرت المتحدثة بأن والي ولاية قسنطينة سبق وأن أصدر قرارا يمنع جمع النفايات بطريقة عشوائية، وهي خطوة كانت تهدف إلى تقنين هذا النشاط وتفادي مظاهره السلبية، على غرار التلوث أو التعدي على الفضاءات العمومية.
ويشكل هذا الإطار القانوني الجديد نقلة نوعية في تنظيم نشاط جمع النفايات القابلة للرسكلة، من خلال إدماجه ضمن مسار رسمي ومؤطر يضمن كرامة الممارسين وحقوقهم، ويمنحهم فرصا حقيقية للاندماج في الاقتصاد الأخضر. وقد وجد القرار صدى إيجابيا لدى الناشطين في هذا المجال، الذين رأوا فيه اعترافا بدورهم الحيوي في الحفاظ على البيئة وتقليل الضغط على مراكز الردم، فضلا عن كونه خطوة عملية نحو بناء منظومة بيئية مستدامة ومندمجة تراعي البعد الاجتماعي والاقتصادي في آن واحد.
رضا حلاس
تسجل العديد من دول العالم ومنها الجزائر، ارتفاعا غير مسبوق في الطلب على الكهرباء منذ بداية شهر جويلية الجاري، في ظل موجة حر كبيرة تشير التنبؤات أنها ما زالت مستمرة، لتبرز الحاجة الملحة لحلول مبتكرة تعمل على تقليص معدل الاستهلاك وتدعم اقتصاديات الدول وتحمي البيئة، يرى خبراء أنها تكمن في رفع كفاءة الطاقة في المباني كأحد الحلول الجوهرية والمستدامة لمواجهة هذا التحدي المتصاعد.
إعداد : إيمان زياري
ووفقا لآخر تقرير للوكالة الدولية للطاقة الصادر في النصف الأول من العام الجاري 2025، فإن الخبراء يتوقعون نموا في الطلب العالمي على الكهرباء بنحو 4 بالمائة سنويا بحلول العام 2027، وأشار التقرير إلى أن مقدار الزيادة من المتوقع أن يفوق إجمالي استهلاك اليابان السنوي من الكهرباء كل عام من الآن وإلى غاية سنة 2027.
طلب عالمي متزايد على الكهرباء
وعلى الرغم من أن التقرير أرجع جزءا كبيرا من هذا النمو لقطاع صناعي عالمي متعطش للكهرباء والتوسع السريع الذي يعتمد بكثافة على الكهرباء لتصنيع الألواح الشمسية والبطاريات والمركبات الكهربائية والمواد المرتبطة بها، إلا أن تقديرات الخبراء لتنامي الطلب خاصة في فصل الحر، يرتبط أيضا باستخدام المكيفات الهوائية إلى جانب مراكز البيانات وشبكات الجيل الخامس.
كما أبدى تقرير الوكالة تفاؤلا بشأن مصادر الطاقة النظيفة منخفضة الإنبعاثات، كالطاقات المتجددة والطاقة النووية، والتي أظهر أنه بإمكانها مواكبة نمو الطلب العالمي مع استمرارها في التقليص من حجم الاعتماد على الفحم كعنصر أساسي في مزيج الطاقة، وأضاف أنه من المتوقع أن تصبح الطاقة الشمسية ثاني أكبر مصدر للطاقة منخفضة الإنبعاثات خلال سنة 2027 بعد الطاقة الكهربائية، على أن يسجل انخفاض في حصة المصادر الملوثة في عملية توليد الطاقة إلى أقل من 33 بالمئة لأول مرة منذ 100 سنة.
استهلاك ضخم للطاقة في المباني
تشير أرقام الوكالة الدولية للطاقة دائما، إلى أن المباني سواء كانت سكنية، خدماتية أو صناعية، تستهلك ما يقارب الـ30 بالمئة من إجمالي استهلاك الطاقة في العالم، بينما يقدر استهلاك الكهرباء بأكثر من 50 بالمائة من الاستهلاك العالمي، في رقم قياسي ترى بأنه مدفوع بالحاجة إلى التكييف والإنارة والتشغيل اليومي للأجهزة المنزلية والتجارية، حيث تشكل الأجهزة الكهربائية 45 بالمائة من إجمالي الطلب على الكهرباء، كما أنها تتسبب في انبعاثات كربونية هائلة قدرت بـ3 مليارات طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. ولمواجهة هذا الاستنزاف في الطاقة العالمي، يبرز مفهوم المباني «صفرية الطاقة» باعتبارها من أهم الطرق المبتكرة في التقليل من هذا الإستهلاك وفي تقليص البصمة الكربونية للمباني بشكل عام، بحيث تستخدم مصادر الطاقة المتجددة في تلبية إحتياجاتها بالكامل، كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، أين تعمل على توليد الطاقة قبل استهلاكها، مما يخلق مبدأ الكفاءة في استهلاك الطاقة، على أن تكون وفقا لتصاميم معمارية متطورة، واعتمادها على تقنية العزل الحراري واستخدام الإضاءة الموفرة للطاقة وكذلك التهوية ذات الكفاءة العالية.
سونلغاز تسجل استهلاكا قياسيا قبل الوقت
من جهتها، أعلنت مؤسسة سونلغاز أمس الأول الإثنين، عن تسجيل ذروة قياسية جديدة في استهلاك الكهرباء عبر الوطن للمرة الثالثة على التوالي خلال شهر جويلية، في ذروة قال خبراء في الطاقة إنها ليست في أوانها، خاصة وأن الذروة كانت تسجل خلال شهر أوت، وذلك تزامنا والارتفاع المحسوس في درجات الحرارة الذي يجتاح دولا من العالم نتيجة للتغيرات المناخية.
وقالت المؤسسة في بيان لها إنها قد سجلت رقما قياسيا جديدا في الطلب على الكهرباء في تمام الساعة الثالثة زوالا، أين بلغ الطلب 19770 ميغاواط، وهو الارتفاع الذي أرجعته إلى الاستعمال المكثف لأجهزة التكييف من أجل مواجهة درجات الحرارة المرتفعة خاصة خلال فترة الظهيرة. وعلى الرغم من أن المؤسسة قد طمأنت المواطنين بصمود الشبكة الكهربائية الوطنية، بتلبية الطلب المحلي دون تسجيل انقطاعات أو اضطرابات كبيرة، واستمرار عملية التصدير نحو دولة تونس، إلا أنها دعتهم للتحلي بروح المسؤولية من خلال ترشيد استهلاك الكهرباء خاصة في أوقات الذروة، وتفادي تشغيل الأجهزة الثقيلة في وقت واحد.
الخبيرة في الطاقات المتجددة الدكتورة كريمة قادة تواتي
كفاءة الطاقة في المباني أهم خطوة لخلق الاستدامة
قالت الخبيرة في الطاقات المتجددة، الدكتورة كريمة قادة تواتي، إن موجات الحر أصبحت واقعا في ظل تغيرات مناخية يزيد تعقدها عاما بعد آخر، داعية للتحلي بالوعي في مواجهة هذا الواقع عبر سياسات حكيمة وبرامج قائمة على الاستدامة، بداية من تنويع مصادر الطاقة النظيفة، ووصولا إلى تبني نمط بناء قائم على كفاءة الطاقة، يكون كفيلا بتقليص الاستهلاك من جهة، وفي خلق مباني تنتج الطاقة التي تستهلكها بمفردها من جهة ثانية، في توجه لا بد من تبنيه في المشاريع السكنية ولو بنسبة 50 بالمائة.
وأوعزت الخبيرة زيادة الطلب على الكهرباء منذ بداية شهر جويلية الجاري، إلى موجة الحر التي تجتاح البلاد، لتسجل ذروة في الطلب كانت قد سجلت خلال السنوات الماضية في شهر أوت، مشيرة إلى أهمية الاعتماد على حلول للتقليل من الأثر البيئي وتقليص استهلاك الطاقة وتحقيق وفرات مع الامتثال للتشريعات وتوفير راحة أفضل للسكان، ترى بأنها كلها أهدافا تتحقق من خلال رفع كفاءة الطاقة في المباني.
حل بيئي ومستدام
وأكدت الدكتورة قادة تواتي على ضرورة التوجه نحو هذه المباني التي تستهلك طاقة أقل، مما يساهم بشكل كبير في تقليص فواتير الطاقة للسكان والمسييرين بالنسبة للمؤسسات، أما من الناحية البيئية، فتلعب الكفاءة البيئية دورا مهما، أين أكدت أنها تقلل من الاستهلاك الطاقوي وبالتالي تقليل الانبعاثات الدفيئة ومنه المساهمة في مكافحة التغيرات المناخية والحفاظ على جودة الهواء.
أما من الناحية الاجتماعية، فتلعب الكفاءة الطاقية في المباني بحسب الخبيرة دورا مهما في تحقيق الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية، بحيث تعزز الكفاءة الطاقية في المباني الصديقة للبيئة، وهذا في إطار التنمية المستدامة، كما تمكن من الامتثال للتشريعات والحوافز، مشيرة إلى العديد من الدول التي لجأت لفرض معايير صارمة فيما يتعلق بالكفاءة الطاقية للمباني، من خلال توفير دعم مادي أو فرض ضرائب، وذلك لتشجيع تنفيذها، فضلا عن أنها تمكن السكان من العيش في راحة ورفاهية، بفضل مباني معزولة جيدا وذات أداء عال يضمن راحة حرارية أفضل، وجودة هواء داخلية محسنة، كما يمكن من تقليل الضوضاء مما يرفع من جودة الحياة وتعزيز القيمة العقارية، لكون المباني الصديقة للبيئة غالبا ما تكون ذات قيمة سوقية أعلى، تجدب المزيد من المشترين أو المستأجرين المهتمين ببصمتهم البيئية.
الطاقة النظيفة والهندسة المعمارية المحلية القديمة مثال للاستدامة
ولعل من أهم التدابير والاستراتيجيات التي من شأنها أن تساهم في خلق مباني مستدامة، تركز الخبيرة على ضرورة تحسين المعدات والتقنيات، وذلك من خلال الاعتماد على أنظمة وتجهيزات أكثر كفاءة، تستهلك طاقة أقل، وهذا ما يوجد في مصابيح «لاد» أو المحركات ذات الكفاءة العالية، مع تبني التقنيات المتطورة وأنظمة التدفئة والتهوئة الحديثة التي تقلص استهلاك الكهرباء.
ولأن الكفاءة تبدأ من العزل الجداري، تشدد الخبيرة على ضرورة الإعتماد على تصاميم تقوم على العزل الحراري للمباني، من خلال تصاميم بيئية والإعتماد على مواد عالية الآداء، للتقليل من الحاجة للتدفئة والتبريد، وهنا تبرز كما تقول العمارة الجزائرية التقليدية القائمة على تصاميم مستدامة، بتقنيات بناء ومواد بناء تساعد على تبريد وتدفئة البيوت دون حاجة لطاقة صناعية، كما تتحدث أيضا عن ترشيد وتحديد العمليات الصناعية والتجارية والسكنية، من أجل التقليل من هدر الطاقة.
الدكتورة قادة تواتي ركزت أيضا على التسيير والإدارة الذكية للطاقة، من خلال الاعتماد على أنظمة التحكم مثل المنزل الذكي وأنظمة المراقبة، وهذا لضبط الاستهلاك بشكل فوري وفقا للاحتياجات، مع ضرورة التحسيس والتوعية بتشجيع الممارسات الأكثر مسؤولية في استهلاك الطاقة، وهذا دور الجمعيات البيئية التي تساهم في نشر الوعي البيئي وسط المواطنين والتي تبدأ من العائلة الصغيرة وصولا إلى المجتمع.
دمج الطاقات المتجددة، أيضا يشكل أحد أهم ركائز رفع الكفاءة في المباني، حيث تقول محدثتنا إن هذه المباني لابد وأن تبنى على نظام قائم على الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية أو طاقة الرياح والكتلة الحيوية، وذلك لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتقليص الأثر البيئي، داعية لاعتماد معايير وشهادات وتنظيمات تهدف لتشجيع الكفاءة الطاقية في جميع القطاعات، مع عدم إهمال الصيانة الوقائية واحترام الفحص المنتظم وصيانة المعدات لضمان آدائها الأمثل وتفادي فقدان الطاقة، معتبرة إياه عاملا مهما جدا في العملية ككل، بحيث تكون وفق برنامج نصف سنوي أو سنوي، معتبرة إياها استراتيجيات بإمكانها أن تحقق وفرات كبيرة في الطاقة وتقليص التكاليف وبشكل خاص تقليص الأثر البيئي وبالتالي تقليص التلوثات البيئية.
المشاريع السكنية فرصة الجزائر لخلق بناءات مستدامة
وعن واقع المباني في الجزائر، شددت الخبيرة الطاقوية على ضرورة دمج الطاقات المتجددة في المشاريع السكنية الهائلة التي يتم إنشاؤها عبر مختلف ولايات الوطن، مؤكدة أنها نقطة تثار في كل توصيات المجلس الإقتصادي، وقالت إن المشاريع السكينة الضخمة التي أنجزت ولا تزال قيد الإنجاز لابد أن تدمج فيها الطاقات المتجددة والاعتماد على هندسة معمارية مستدامة، وكذا الاعتماد على مواد بناء صديقة للبيئة ولو في 50 بالمئة من هذه المباني، منتقدة عدم أخذ هذه التوصيات بعين الاعتبار ما عدا بعض المدارس التي تعتمد على الطاقة الشمسية إلا أن عددها قليل جدا.
ودعت الخبيرة إلى ضرورة اعتماد سياسات عمومية واضحة، مع الأخذ بعين الاعتبار الطاقة الهائلة التي يمكن تقليصها، خاصة في البنايات من خلال اعتماد مواد بناء أكثر استهلاكا للطاقة، خاصة وأنها تساعد على امتصاص الحرارة وعزل البرد، وأشارت إلى الخطوة التي وصفتها بالجيدة للوكالة الوطنية لتطوير استخدام الطاقة، والتي قالت إنها تعمل ومنذ سنوات لترشيد الإستهلاك، وقامت بعدة مبادرات منها مبادرة السخان المائي بالطاقة الشمسية، والذي أعلنت عن منح امتيازات للمهتمين والاستفادة من مساعدة مالية بقيمة 65 ألف دينار جزائري للاقتناء والتركيب، في خطوة لتشجيع المواطنين على مثل هذه السلوكات، وأكدت أن دعم الدولة للمواطنين بالنسبة لاستهلاك الكهرباء والغاز من خلال دفع 30 بالمئة فقط من ثمن الكيلوواط، مؤكدة أنه لو تم فرض دفع الثمن الحقيقي للكيلواط، لكان الجميع قد تحول للطاقة الشمسية
وغيرها. إ.ز
يعمل داخل ورشة بسيطة وبإمكانيات يدوية
حرفي يحول بقايا خشبية إلى تحف بقيمة بيئية
يعيد الحرفي زهير سخري من ولاية ميلة، الحياة إلى بقايا يجمعها من الطبيعة، وداخل ورشته البسيطة وبأدواته اليدوية يبدع في صناعة مجسمات خشبية ولوحات فنية ناطقة بالإبداع والتميز، وحاملة لرسائل توعوية.
إيناس كبير
يدعو الحرفي إلى الاستمتاع بعناصر الطبيعة واستلهام أفكار إبداعية منها والحفاظ على ثرواتها، حيث يمارس فنه في الطبيعة التي يعتبرها موردا أساسيا للمواد الأولية الضرورية لعمله، على غرار الأغصان والقطع الخشبية التي تتخلى عنها الأشجار، فيحملها هو إلى ورشته الصغيرة ليمنحها دورة حياة أخرى بعدما يصنع منها مجسمات لسفن شراعية كبيرة، وحيوانات وطيور، وأسماك وحشرات.
وكل قطعة بالنسبة إليه، مهمة وفريدة لأنها تحكي قصة حب بين البيئة وشخص يرد جميلها و يثمن منافعها و ثرواتها.
أوظف الفن لخلق ثقافة بيئية
يقول الحرفي، إنه يركز على الإبداع لإخراج قطع مميزة أكثر من اهتمامه بالعائد المالي، إذ يستخدم أي شيء يجده في الطبيعة تكريسا منه لفكرة الاسترجاع، ويفضل الفنان أن يصنع من بقايا الخشب تحفا للزينة والديكور على أن يتركها مهملة فيحتمل أن تتحول إلى وقود لحرائق الغابات.وقد قال محدثنا، إن حبه لهذه الهواية جعله يتقنها وينوع في نحت كل قطعة بطريقة تجعلها أكثر واقعية، مانحا لنفسه مساحة للإبداع والتعبير عن مخياله الفني.
أما في جانب الترويج وكسب الزبائن، فأوضح أنه لم يفقد الشغف رغم ضعف الإقبال على منتجه، مشيرا إلى إدراكه لكون ثقافة توظيف التحف الخشبية في الديكور محدودة نوعا ما في المجتمع الجزائري. مضيفا أنه يحاول دائما تقديم أعماله بشكل جذاب، كما يحدد لها أسعارا تلائم القدرة الشرائية للمواطن خصوصا وأن كل من يراها يُعجب بها، وذكر بأن الأغلبية تقبل على المجسمات الصغيرة لذات السبب.
وتحمل كل قطعة يصنعها السيد زهير معنى يعبر عن حرصه على الحفاظ على البيئة وحبه للأشجار لما لها من فضل على الإنسان، مؤكدا على أهمية أن يكون كل فرد مسؤولا عن الاهتمام بها والوعي بأن مستقبل الإنسان مرهون بحمايتها.
ويركز الحرفي، في المعارض التي يحضرها على تمرير رسائله البيئية موضحا، أنه يحاول شرح فكرة كل قطعة من خلال الحديث عن دورة حياة اللوح الخشبي الذي ولدت من رحمه، ويغتنم الفرصة للتوعية بما تزخر به بلادنا من تنوع بيولوجي في جبال البابور وغيرها من المحميات والغابات الواجب حمايتها.كما تحدث الحرفي، عن ممارسة فنه دون إيذاء الأشجار فلا يقوم بقطعها أو كسرها للحصول على المادة الأولية وعلق قائلا : «أجمع البقايا التي أجدها حتى أخفف من حمل الطبيعة، وأبرز أن الجماد أيضا يستطيع أن ينطق فقط يحتاج لمن يعطيه لمسة سحرية»، مردفا «بدل ترك شجرة قديمة مهملة في الطبيعة يمكن استغلالها في عدة صناعات». ويستهدف الحرفي الشباب خصوصا في جانب لفت انتباههم إلى الرسكلة لما لها من فوائد بيئية، وقيمة اقتصادية، لأنها تحول أشياء بسيطة إلى أموال، بالإضافة إلى تحفيزهم على السعي خلف مواهبهم وتنميتها وإخراجها إلى النور. من جهة أخرى، تحدث الحرفي عن الثروة الغابية الموجودة في الجزائر وجودة الخشب، خصوصا أشجار الأرز وكذا الزيتون التي يستخدمها في التحف المميزة واللوحات الفنية ذات التفاصيل الكثيرة.
اكتشفت الرسكلة في طفولتي
اكتشف الحرفي مجال الرسكلة عن طريق الصدفة في طفولته كما قال، وذلك عندما كان يصنع ألعابه من مادة السلك المعدني والتي لم تكن متوفرة سنوات السبعينات والثمانينات، وعبر أنها لطالما كانت مميزة عما يصنعه أقرانه مثل العربات التي تكون أكثر واقعية وواضحة الأجزاء. عندما كبر بات يعمل باستخدام مادة الخشب، قائلا إن أول مجسم خشبي نحته كان لشعار الانتصار متأثرا بالانتفاضة الفلسطينية آنذاك، وقد أُعجب الجميع بالقطعة وطلب منه مقربون الحصول على واحدة.
وبعد سنوات أعاده الحنين إلى هوايته التي مارسها صغيرا وحافظ عليها كبيرا، وقد حدث ذلك بالتحديد أثناء جائحة «كورونا» عندما خصص وقت فراغه لإنشاء ورشة صغيرة يتفنن داخلها في صناعة مجسمات السيارات الصغيرة، وفي كل مرة كان يكتشف قدراته في هذا المجال لذلك اختار الانتقال إلى مستوى آخر، ووقع اختياره على صناعة السفن الشراعية الكبيرة.
وذكر أيضا، بأنه اقتنى مخطط سفينة اللؤلؤة السوداء من فيلم «قراصنة الكاريبي»، وقد أخذ منه التجسيد وقتا وتركيزا لتقليد كل التفاصيل، غير أن الجهد الذي بذله معها لم يذهب سدى فقد أُعجب بها متابعوه على مواقع التواصل الاجتماعي، وتلقى منهم تشجيعا كما أوقد حماسه ثناء فنانين معروفين عليها.
وذكر الحرفي، أنه لم يكن يعرف سابقا أن هذه المجسمات مُصممة وفقا لمخططات، وقد تعلم الكثير عنها بالاستعانة بالشبكة العنكبوتية وهو ما ساعده على تطوير موهبته في النحت على الخشب، كما عرف قيمة المجسمات التي يصنعها، وأوضح أنها تستخدم في السينما العالمية لتصوير الأفلام، أما في الجزائر فيقتصر الأمر على توظيفها في الديكور أو تقديمها في شكل هدايا.
إ.ك
في بحث نشرته مجلة علمية مجرية
حشرات المن تتحوّر وتكتسب مناعة ضد المبيدات التقليدية
توصل باحثون من جامعتي قالمة والطارف ومديرية الفلاحة بقالمة، إلى تحديد 15 نوعا من الحشرات والطفيليات التي تتغذى على حقول القمح بالولاية وتلحق بها أضرارا مؤثرة على الجودة ومعدل الإنتاج، بينها 8 طفيليات أولية و7 طفيليات فائقة المضار، تتحوّر باستمرار وتكتسب المزيد من المناعة تجاه المبيدات الزراعية التقليدية.
نتائج البحث الذي أنجزه كل من أميرة بودربالة، عمر خلادي و عماد فارح ونشرته المجلة العلمية المجرية ( آكجورنالز ) يوم 11 جويلية 2025 أظهرت هيمنة حشرة المن بين الطفيليات الأولية بنسبة 21.74 بالمائة من إجمالي الوفرة وحشرة المن بين الطفيليات الفائقة بنسبة 27.17 بالمائة.
و أظهرت الديناميكية الموسمية ذروة في نشاط الطفيليات الأولية خلال جلسة أخذ عينات الدورة الثالثة في 10 ماي 2022، تلتها انخفاضات حادة تزامنت مع بداية تصلب سنابل القمح بحقل التجربة المتواجد بولاية قالمة، الواقعة بالشمال الشرقي للجزائر.
و قد صاحب هذا التحول زيادة في نشاط الطفيليات الفائقة أو المفرطة، ما أثر على فعالية التنظيم الطبيعي لتكاثر حشرات المن. و وضع الباحثون شبكات غذائية لتصوير التفاعلات بين الأنواع، لتأكيد الدور المحوري لحشرة ( سيتوبيون فراجاريا ) كمضيف رئيسي.
و يثير ارتفاع معدل فشل ظهور الطفيليات بنسبة 58.18 بالمائة، مخاوف بشأن تمثيل النتائج، مما قد يتطلب إجراء المزيد من البحوث. و خلصت المجلة إلى أن هذه النتائج المتوصل إليها، تبرز أهمية دمج ديناميكيات التغذية المتعددة، و التغيرات الفينولوجية للمحاصيل، لتحسين استراتيجيات الإدارة المتكاملة للآفات الزراعية IPM في النظم البيئية الزراعية، للحبوب بالمناطق الشبه قاحلة.
و قال المهندس الزراعي عماد فارح، أحد أعضاء فريق البحث، متحدثا للنصر يوم الأحد، بأن للتغيرات المناخية بمنطقة حوض المتوسط، و الاستعمال غير المدروس للمبيدات الزراعية، و الإخلال بالدورة الزراعية، كلها عوامل مؤدية إلى تطور الأمراض النباتية و ظهور متحورات جديدة من حشرات المن، القادرة على مقاومة المبيدات التقليدية، مما يتطلب استعمال مبيدات جديدة ذات فعالية، و تطبيق الدورات الزراعية المجدية، بحقول القمح بمنطقة قالمة، التي تعد من أهم الأقاليم المنتجة بشمال البلاد.
فريد.غ
يقود لمين بن دراجي وزوجته صوفي لوبلو بروح مبتكرة وحلم ينبض بالطبيعة، مشروعا عائليا رائدا يحمل اسم «ميموزا»، وهو فضاء بيئي تربوي ترفيهي مخصص للأطفال، يجمع بين التعليم البيئي والزراعة المستدامة والذكية واكتشاف عالم الحيوان.
لينة دلول
فكرة المشروع استلهمها لمين خلال فترة إقامته خارج الوطن لسنوات طويلة، أين كان يتردد وأسرته كثيرا على المزارع التربوية الكائنة قرب مسكنه، والتي وجدها مفيدة لتنمية وعي الأطفال وتعزيز علاقتهم بالطبيعة، ما جعله يفكر بمجرد عودته لأرض الوطن، في إنجاز مشروع مماثل، بعد أن لاحظ غياب أماكن مماثلة تلبي احتياجات الأطفال وتقدم لهم تجربة تعليمية حية وسط الطبيعة، مشيرا إلى أنه يرغب في تجسيده في مواقع طبيعية ملائمة قريبة من الحزام الحضري لقسنطينة، مثل غابة جبل الوحش، البعراوية، أو السمارة، لما توفره من طابع طبيعي وتضاريس ملائمة.
هكذا اخترت تسمية «ميموزا»
وأكد صاحب المشروع أن اختيار تسمية ميموزا للمشروع، ليس عشوائيا، بل يحمل حروف من أسماء أطفاله الثلاثة مريم، منى، وزكريا، مردفا بأن رغبة أبنائه واهتمامهم بالحيوانات والنباتات، من الدوافع التي حفزته على بدل كل ما بوسعه لتجسيد الفكرة، كما ساهمت ميولاتهم وطموحهم البيئة في استلهام أفكار ووضع التصور النهائي للمشروع، الذي يعتبره ثمرة حب، وشغف، ورغبة في غرس القيم النبيلة في جيل المستقبل.يعد مشروع «ميموزا»، بحسب صاحبه، فضاء حيا مفتوحا، صمم بحسبه خصيصا ليخدم أهدافا متعددة وهي نشر الثقافة البيئية، تعزيز الوعي الغذائي الصحي، تشجيع الزراعة المستدامة، تحفيز السياحة المحلية، وخلق مناصب شغل، مردفا أن أثر المشروع يمتد كذلك إلى الفئات الخاصة، ويشمل الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، مثل المصابين بالتوحد، ومتلازمة داون، وفرط النشاط أو نقص الانتباه، من خلال جلسات تواصل حسي وعاطفي مع الحيوانات.
الحديقة الحسية لتعميق علاقة الطفل بالطبيعة
وأوضح بن دراجي، أن فلسفة «ميموزا» تقوم على مبدأ «نتعلم ونحن نلعب»، إذ لا يمنح بحسبه الطفل فقط كتابا أو درسا، بل يعيش التجربة بكل حواسه يلمس، يشم، يسمع، يرى، ويشارك لأن التعليم في المزرعة لا يلقن، بل يعاش. ومن بين أبرز الورشات والأنشطة التي تقدمها المزرعة يقول صاحب المشروع، الحديقة الحسية لكونها فضاء مصمما لتنشيط الحواس الخمس عبر روائح الأعشاب «كالنعناع والريحان»، وملمس النباتات، والتمعن في ألوان الأزهار، والاستمتاع بأصوات الطيور، وطعم الفواكه الموسمية، وتهدف إلى تحفيز الإدراك الحسي وتعميق علاقة الطفل بالطبيعة.وأضاف المتحدث، بأنه ستوفر أيضا في المزرعة، ورشة نحل يتعرف من خلالها الأطفال على النظام الاجتماعي للنحل ودور الملكة والعاملات، وأهمية التلقيح البيولوجي، كما يكتشفون الخلية عن قرب وسر إنتاج العسل.
وأضاف المتحدث، بأنه في المزرعة، سيتم أيضا تعليم الأطفال تقنية الأكوابوني وهي زراعة مستدامة تدمج بين تربية الأسماك والنباتات في نظام بيئي دائري، وكذا الهيدروبوني وهي الزراعة في الماء بدون تربة، مع تحكم في العناصر الغذائية، بحيث يتعلم الصغار طرق توظيف العلم لخدمة البيئة وتوفير غذاء صحي بموارد قليلة، كما سيتم تعليم الأطفال مبادئ الزراعة الذكية واحترام التوازن البيئي من خلال استخدام المدرجات، السماد العضوي، حفظ الماء، والتكامل بين النباتات.
وسيتم تخصيص ورشة التسميد العضوي يتم من خلالها تعليم تقنيات تحويل بقايا الطعام إلى سماد طبيعي، فضلا عن ورشة البيت الزجاجي ، والتي تعد من الورشات، حسب محدثنا، التي ستأخذ حيزا من المزرعة، وهي عبارة عن فضاء شفاف ومضاء طبيعيا مخصص لزرع البذور، ومتابعة مراحل نمو النبات، ومهارات التطعيم، كما يتناول موضوع الحفاظ على البذور المحلية.
وأوضح بن دراجي، بأن الطفل ستتاح له فرصة التقرب والتفاعل مع حيوانات والإشراف على إطعامها مثل المعز، النعاج، الدجاج، الإبط، الحجل، السمان، وحتى الطاووس، مع التعرف على فصائل نادرة من الدجاج مثل «Yokohama» و»Lomborghini.
ألعاب من وحي الطبيعة تحفز الخيال
وأكد المتحدث، بأنه لا توجد ألعاب إلكترونية أو مزعجة في «ميموزا»، وإنما توجد ألعاب مصنوعة من الخشب الطبيعي، وآمنة تماما، تحفز الخيال والحركة الذاتية على غرار ترامبولين وسط الطبيعة، زلاقات بالحبال Tyrolienneومسارات تسلق بين الأشجار، وكذا لعبة «الكنز المفقود» بين الأعشاب نشاط «المنقب الصغير» للبحث عن أحجار كريمة في جدول مائي.
كما أوضح بأنه في معظم فضاءات الترفيه، ستقدم للأطفال خدمة الإطعام، بعرض وجبات طبيعية محلية الصنع، وسلال فواكه وخضروات موسمية،و مأكولات ذات مؤشر سكري منخفض، ومشروبات طبيعية مغذية، بحيث سيشرف على المطبخ طاقم محترف مدرب، يراعي صحة الطفل وراحته.
وأكد المتحدث، بأن المزرعة ستفتح أبوابها طيلة الأسبوع للمدارس والمؤسسات التربوية والكشفية، ومراكز الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، كما ستوفر فضاء ترفيهيا عائليا خلال العطل ونهاية الأسبوع، مشيرا في ذات السياق الى تقديم تذاكر بأسعار رمزية «بين 200 و400 دج للطفل» حتى تكون متاحة لأغلب الفئات.
ورغم ترحيب العديد من العائلات وحتى الزوار المرتقبين من ولايات مجاورة بالفكرة، التي تعد، حسبه، الأولى من نوعها على المستوى الوطني، إلا أنه يصادف عراقيل إدارية معقدة، أبرزها غياب قانون ينظم هذا النوع من النشاط الذي يندرج ضمن «الزراعة السياحية التربوية»، وتأخر الاستجابة من الجهات الوصية لمنحه الأرض أو الترخيص الملائم.
ودعا في سياق متصل، إلى ضرورة إدماج هذا النوع من المشاريع ضمن قانون خاص يصنف تحت بند الزراعة السياحية، البيئية، التربوية، باعتبارها مشاريع تعليمية هادفة تخدم التنمية البشرية والبيئة والاقتصاد المحلي.
في إطار الشراكة الجزائرية-الألمانية
انطلاق المرحلة الثانية من مشروع البلديات الخضراء ببجاية
شهدت، ولاية بجاية، أمس، تنظيم ورشة عمل رسمية لإطلاق المرحلة الثانية من مشروع (البلديات الخضراء 02)، وهو برنامج طموح يهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة والممارسات البيئية في المدن الجزائرية، كثمرة للتعاون الوثيق بين الجزائر وألمانيا.
ويأتي هذا المشروع، حسب ما تم تأكيده خلال ورشة العمل، من تنفيذ الوكالة الألمانية للتعاون الدولي، استكمالا للنجاح الذي حققته المرحلة الأولى، وسعيا لتوسيع نطاق المبادرات الخضراء لتشمل عددا أكبر من البلديات النموذجية في مختلف أنحاء الوطن.
وخلال ورشة الإطلاق، تم استعراض الأهداف الرئيسية للمشروع، حيث يضع نصب عينيه تحقيق خفض كبير في انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، وبحسب المؤشرات المعلنة، فإن من أبرز أهدافه خفض إجمالي قدره 09 ألاف طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، على مدار مدة المشروع في 30 بلدية نموذجية، و لتحقيق هذا المسعى، سيتم التركيز على محورين أساسيين، هما ترشيد استهلاك الطاقة في المباني والبنى التحتية العامة، وتطبيق حلول الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وقالت مصالح ولاية بجاية أن هذا المشروع منظم في إطار برنامج التعاون بين وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية والوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)، الرامي إلى تعزيز الفعالية الطاقوية على المستوى المحلي والمساهمة في التحول الطاقوي الوطني. وقد تم اختيار خمس بلديات من ولاية بجاية لتنفيذه، وهي بجاية، توجة، أقبو، أوقاس و تالة حمزة، للاستفادة من هذا المشروع النموذجي والمرافقة التقنية التي يوفرها، والتي ستمكنها من تعزيز قدراتها في مجال ترشيد استهلاك الطاقة وتوسيع استعمال الطاقات المتجددة، انسجاما مع الأهداف الوطنية لحماية البيئة ومكافحة التغيرات المناخية.
وأشارت ذات المصالح إلى أن التحديات المناخية، تتطلب تعبئة شاملة لكل الجهود، بما فيها تلك التي تبذلها الجماعات المحلية، فضمن التزامات الجزائر الدولية في إطار المفاوضات المناخية، تم الانطلاق في تنفيذ برنامج وطني طموح يهدف إلى تقليص انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة تتراوح بين 7 و20 بالمائة في أفق سنة 2030.
ويأتي مشروع “البلديات الخضراء 2” ليمنح دعما، ليس فقط على الصعيد التقني، بل في مجالات التخطيط الاستراتيجي، تطوير أدوات التسيير، وتعبئة التمويل اللازم لتنفيذ وتتبع خطط العمل الطاقوية المحلية. وتظهر الخرائط التوضيحية التي عرضت خلال الورشة أن المرحلة الثانية ستشمل 30 بلدية موزعة على ست ولايات نموذجية، وهي بجاية، تلمسان، سيدي بلعباس، قالمة، باتنة، وبسكرة.
وفي ولاية بجاية التي استضافت الحدث، أكدت مصالحها على اختيار البلديات المذكورة للانخراط في المشروع، مشيرة إلى أن هذا الاختيار ترجمة لالتزام السلطات المحلية بدعم التحول البيئي والمشاركة الفعالة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، كما أن المشروب يمثل تحولا استراتيجيا هاما في مسار بناء مدن قادرة على مواجهة التحديات المناخية وتحسين نوعية حياة مواطنيها، فضلا عن تعزيز وتدعيم سبل الشراكة مع ألمانيا في مجال حماية البيئة والطاقات المتجددة.
ع/ بوعبدالله
درجة حرارة المياه تسجل رقما قياسيا عالميا جديدا
«غليــــان البحر المتوســط».. ظاهرة غير مسبوقـة تنــذر بكـــوارث
يشهد البحر الأبيض المتوسط موجة حر بحرية غير مسبوقة، صنفت الأعلى عالميا، ببلوغ درجة حرارة المياه السطحية مستويات قياسية، متجاوزة عتبة الـ29 درجة مئوية، فيما تجاوزت ببعض المناطق الـ31 درجة، معلنة عن تهديد شامل للنظم البيئية البحرية وزيادة في وطأة الظروف المناخية على اليابسة.
إعداد : إيمان زياري
تشير بيانات الأٌقمار الصناعية، إلى تسجيل معدلات حرارة أعلى من المتوسط بالنسبة لمياه البحر الأبيض المتوسط بنحو 3 درجات مئوية، حيث قدر متوسط درجة الحرارة الحالية بحوالي 26 درجة مئوية، مقارنة بـ23 درجة لنفس الفترة من السنة الماضية، وتظهر صورة الأٌقمار خارطة ملتهبة باللون الأحمر المتوهج، خاصة على مستوى المناطق الواقعة غرب حوض المتوسط، بالقرب من سواحل إسبانيا، فرنسا وإيطاليا.
نقطة ساخنة للمناخ
وحذر خبراء بيئيون دوليون مما وصفوه بالظاهرة البحرية المستحيلة، اذ قالت المستشارة العلمية في المركز الألماني لأبحاث المحيطات، «كورينا فون شوكمان» أن المحيط يعد نظام الإنذار المبكر لتغير المناخ، وأن المحيطات تعمل على امتصاص 90 بالمائة من الطاقة الزائدة الناتجة عن الإنبعاثات الغازية، بينما وصف الخبير الدولي في علم المناخ البحري «جيف بيرارديللي» الظاهرة بأنها موجة حرارة بحرية مستحيلة وبأنها تعتبر غير مسبوقة بالنظر إلى شدتها في هذه الفترة من الصيف.ويصنف البحر الأبيض المتوسط كأحد أكثر المناطق عرضة لتغير المناخ، بسبب طبيعته شبه المغلقة وموقعه الجغرافي، كما يعد مولدا هاما للرطوبة ومصدرا رئيسيا للغيوم الماطرة، مما يجعله أهم المؤشرات المناخية المتحكمة بطقس المنطقة، وقد وصفه تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ بأنه «نقطة ساخنة» مناخيا.
وتشير الدراسات الأخيرة إلى أن موجات الحرارة البحرية في المتوسط أصبحت أكثر شدة وطولا وتكرارا خلال العقد الماضي، ففي العادة، تبلغ حرارة مياه المتوسط ذروتها في منتصف أوت وتبلغ حوالي 26 درجة مئوية، إلا أنها وصلت هذا العام وفي بداية شهر جويلية فقط إلى هذا المستوى وأكثر منه وذلك قبل وقت الذروة بأكثر من شهر كامل.
وسجلت درجات حرارة قياسية في بعض المواقع، مثل جزيرة «مايوركا» الإسبانية، أين بلغت حرارة المياه 31 درجة مئوية، بينما وصلت إلى 30 درجة قبالة سواحل إيطاليا، وتحديدا قرب «البندقية» و»سانريمو»، في حين صنفت مناطق بحرية بأكملها مثل بحر «ألبوران» و»خليج ليون» تحت تصنيف «موجة حرارة بحرية قصوى»، وهو المستوى الرابع من أصل خمسة في مقياس الشدة.
إنذار بعواصف شديدة محتملة
من جهته حذر المركز العربي للمناخ في تقرير خاص من تواصل تسجيل إرتفاعات حادة في درجة حرارة سطح مياه البحر الأبيض المتوسط للعام الخامس على التوالي، في ظاهرة وصفها بالمقلقة وتشير إلى تغيرات مناخية متسارعة وغير مسبوقة، وذلك بناء على بيانات الرصد المعتمدة على أرشيف يمتد من عام 1982 إلى غاية اليوم، إلا أن وتيرة الإحترار تتصاعد عاما بعد الآخر، مما يؤدي إلى تحطيم أرقام قياسية بشكل متكرر.
واعتبر رئيس المركز، المهندس أحمد العربيد، أن هذا الإرتفاع المستمر والخطير في درجة حرارة المياه، ليس مجرد رقم في سلسلة بيانات مناخية فحسب، بل يعد مؤشرا واضحا على ازدياد إحتمال نشوء عواصف جوية شديدة خلال الفترة القادمة، مرجعا ذلك للطاقة الحرارية المخزنة في البحر، والتي تعتبر حسبه من أبرز محفزات الإضطرابات الجوية، مشيرا في ذلك إلى عاصفة «دانيال» في البحر المتوسط سنة 2023 والتي تسببت في كارثة إنسانية كبيرة بدرنة الليبية، أين قام المركز العربي للمناخ بإصدار تحذيرات مسبقة قبل نحو شهر من وقوعها.
موجات حر طويلة تمتد زمنيا وجغرافيا
تفاقم موجات الحر الشديد، أيضا من بين التأثيرات المباشرة للبحر الدافئ، والذي يساهم بحسب محدثتنا في رفع حرارة الهواء فوق السواحل، مما يؤدي لتسجيل درجة حرارة قياسية متكررة وطول موجات الحر وتوسعها زمنيا وجغرافيا، فضلا عن تأثيرها المباشر على الفئات الضعيفة من الأطفال، المرضى وكبار السن، كما أشارت إلى أنها تسبب أيضا في اضطراب في الأنظمة الجوية المتوسطية، بحيث يؤثر ارتفاع درجة حرارة البحر على توزيع الضغط الجوي، وبالتالي عواصف رعدية محلية قد تكون عنيفة بحسب ما أشار إليه خبراء المناخ، وأمطار طوفانية خلال ساعات قليلة، وشدة الأعاصير المتوسطية المصغرة.
وحذر المركز العربي للمناخ من خطر الإستهانة بالمؤشرات الحالية، وأكد على ضرورة الإستعداد المبكر بالنسبة للدول المطلة والقريبة من البحر الأبيض المتوسط، وذلك من خلال تعزيز منظومة الرصد والإنذار المبكر، تحسبا لأي تطورات مناخية محتملة خلال الأشهر القادمة، خاصة مع اقتراب فصل الخريف وبداية زيادة الكتل الهوائية الباردة للمنطقة، محذرا في الوقت ذاته من احتمال استمرار إرتفاع مؤشر خطر العواصف الشديدة والأمطار الغزيرة خلال فصل الشتاء المقبل في حال استمرار الإحترار بهذا الشكل.
* الخبيرة البيئية صليحة زردوم
الاحترار القياسي للمتوسط خطر لا يجب الاستهانة به
حذرت المهندسة البيئية والمفتشة المحلية المختصة في التنمية المستدامة، صليحة زردوم، من خطر الإستهانة بالمعطيات المسجلة بالنسبة لدرجة حرارة مياه البحر الأبيض المتوسط، معتبرة إياها ناقوس خطر يستوجب التعامل معه بوعي علمي صحيح، يشكل أقوى سلاح لمواجهة الكوارث البيئية المقبلة. وقالت الخبيرة البيئية أن العالم بأكمله يتابع وبترقب شديد جملة التغيرات الحاصلة على مستوى درجات حرارة مياه المتوسط، والتي بلغت ذروتها مع بداية الشهر الجاري، متجاوزة المعدلات الطبيعية بشكل لافت حسب بيانات مركز كوبرنيكوس الأوروبي للمناخ، أين تجاوزت الحرارة في مناطق معدلاتها الفصلية بـ3 إلى 5 درجات مئوية.
التنوع البيولوجي في خطر
واعتبرت الأستاذة زردوم الأرقام ليست مجرد معطيات علمية فحسب، بل وصفتها بناقوس خطر حقيقي، موضحة أن الإحترار البحري يؤثر بشكل مباشر على السواحل، الصيد، التنوع البيولوجي وكذا المحلي وحتى على نمط حياة الإنسان في دول شمال إفريقيا ودول جنوب أوروبا، كما أشارت الخبيرة إلى التغيرات المناخية التي تشهدها الجزائر خلال الفترة الأخيرة، مثل الأمطار التي هطلت بولاية خنشلة قبل أيام بالرغم من أنها معروفة بصيفها الحار والجاف وشتائها البارد، معتبرة إياها ظاهرة نادرة بالولاية، وهي أجواء تشبه تلك الأجواء التي عاشتها ولايتا سطيف وباتنة، هذه الأخيرة التي سجلت تساقط حبات برد، في حين تعاني المدن الساحلية من ارتفاع كبير في نسبة الرطوبة.
إجهاد حراري وهجرة للكائنات البحرية
وعن تأثير ما بات يشبه الظاهرة بحوض البحر الأبيض المتوسط، تحدثت الخبيرة عن الرياح العاتية والحرائق التي تجتاح تركيا، والبراكين النشطة التي عادت للواجهة بإيطاليا، كما يقول العلماء أن مثل هذه الظواهر غير المسبوقة من حيث درجات الحرارة والملوحة وتغير التيارات، تتسبب وبشكل مباشر في هجرة الكائنات البحرية نحو مناطق أبرد وأكثر ملائمة، مما يحدث خللا في النظام البيئي البحري ويمس بالثروة السمكية والغذاء البشري.
وأضافت الأستادة زردوم أن تدهور النظام البيئي البحري قد يشمل أيضا نفوق الكائنات البحرية بسبب نقص الأوكسجين وانتشار أنواع دخيلة مثل قناديل البحر السامة وأسماك غير مألوفة، فضلا عن تناقص التنوع البيولوجي وتراجع السلسلة الغذائية البحرية، وكذا تدمير الشعب المرجانية، كما أن ارتفاع درجة الحرارة يؤدي إلى تبييض المرجان وموت المروج البحرية مما يؤثر على نقاء المياه، حماية السواحل ومناطق تكاثر الأسماك.
الظواهر المتطرفة واقع لا بد من التعامل معه بوعي علمي
من جهة أخرى أشارت المتحدثة إلى تأثير ذلك على البشر، وذلك بناء على تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية التي حذرت من موجات حر بحرية وارتباطها بالظواهر المناخية القصوى، متوقعة تعرض نصف سكان أوروبا للإجهاد الحراري المتزايد بحلول سنة 2050 في حال لم يتم اتخاذ تدابير عاجلة، كما تحدثت الخبيرة عن مبادرة المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بشأن أفضل الممارسات لمواجهة العواصف بما فيها الرملية والغبارية، وتم توفير أدوات الإنذار المبكر لتمكين المواطنين والدول من الاستعداد.
ودعت الخبيرة البيئية إلى محاربة ما أسمته بـ «الجهل المناخي»، مشيرة في ذلك إلى فئة قالت أنها تؤمن بنظرية المؤامرة، وتشكك في التغير المناخي وتربطه بمشاريع معينة، كما تزعم أن الدول الكبرى تصنع الجفاف وتستهدف إفريقيا لتحقيق أرباح تجارية، مؤكدة أن ما يشهده العالم اليوم بشكل عام والبحر الأبيض المتوسط بشكل خاص من تطورات، هو ناتج عن تراكم علمي وإنذارات بيئية وصفتها بالحقيقية، مشيرة في ذلك إلى الولايات المتحدة وعلى الرغم من قوتها التكنولوجية، إلا أنها غرقت في السيول والفيضانات مثلما حدث بتيكساس مؤخرا، مؤكدة بأن لا دولة في معزل أو محصنة من آثار التغير المناخي، داعية للتحلي بالوعي العلمي الصحيح الذي ترى بأنه أقوى سلاح لمواجهة الكوارث البيئية المقبلة.
إ.ز
تشهد العديد من دول العالم خلال السنوات الأخيرة تصاعدا غير مسبوق في عدد وشدة الحرائق، انطلاقا من أستراليا وكندا إلى دول البحر الأبيض المتوسط، في ظاهرة تتكرر سنويا وتزداد سوءا، وسط تحذيرات من ارتباطها بتغيرات مناخية أحدثت خللا يصفه الخبراء بالخطير في الأنظمة البيئية والمناخية ويدعون لضرورة الاعتماد على تقنيات متطورة قصد التحكم بها والتقليل من آثارها.
إعداد : إيمان زياري
تظهر الأبحاث أن التغيرات المناخية التي يشهدها الكوكب خلال الفترة الأخيرة، تؤدي إلى ظروف أكثر دفئا وجفافا، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة ورطوبة التربة ووجود الأشجار والشجيرات وغيرها من مصادر الوقود المحتملة، مما يساهم في ازدياد موسم الجفاف وطول موسم الحرائق وبالتالي زيادة مخاطر حرائق الغابات.
ارتفاع درجات الحرارة.. وقود الحرائق
ويتوقع الخبراء أن يساهم ارتفاع درجات الحرارة العالمية في ازدياد حجم وتواتر وشدة حرائق الغابات خلال السنوات المقبلة، بحيث يشيرون إلى التأثير المباشر لتغير المناخ الذي يؤكدون على أنه يجعل من الغابات أكثر عرضة للحرائق، وذلك من خلال جفاف الأشجار والشجيرات والعشب وتحويل أوراق الشجر والفروع المتساقطة إلى حطب قابل للاشتعال، بينما تصبح الأشجار التي تعاني من نقص المياه أثناء فترات الجفاف، أكثر عرضة للحشرات والأمراض التي يمكن أن تضعفها وتقتلها، مما يخلق المزيد من الوقود للحرائق. ووفقا لمفوضية الإتحاد الأوروبي، فقد كان موسم حرائق الغابات لعامي 2022 و2023 من بين أسوأ خمسة مواسم مسجلة، مفصحة عن أن عام 2024 وحده، ولدت حرائق الغابات والنباتات العالمية فيه حوالي 1940 ميغا طن من أول أكسيد الكربون، بينما تسبب في وفاة عدد كبير من الأشخاص عبر العديد من دول العالم، بحيث أودت الحرائق في التشيلي بحياة 137 شخصا، وأطلقت حرائق الغابات الكندية خلال 5 أشهر فقط كمية من الكربون تفوق ما أطلقته روسيا واليابان من الوقود الأحفوري في عام 2022، بينما تحولت حرائق الغابات بالولايات المتحدة الأمريكية من أكثر الحرائق تدميرا وتكلفة في تاريخ الدولة على الرغم من وقوعها خارج موسم حرائق الغابات المعتاد.
حلقة مفرغة
يصف الخبراء العلاقة بين تغير المناخ وحرائق الغابات وتلوث الهواء بالحلقة المفرغة التي تهدد الإنسان والحيوان والكوكب، وذلك بسبب ما ينتج عن حرق الأشجار من كربون وجسيمات دقيقة، تؤدي إلى تدهور الهواء بشكل كبير، إذ تصنف حرائق الغابات على أنها أحد أكبر مصادر الكربون الأسود الذي يوصف بالملوث الهائل ويفاقم موجات الحر، كما يغير أنماط الطقس، ويسرع ذوبان الجليد والثلوج، مما يديم دورة تغير المناخ وحرائق الغابات الشديدة، التي يعد تكرارها وكثافتها نتيجة ثانوية لتغير المناخ، بينما تتسبب أيضا في تفاقم المزيد من الحرائق، مما يؤدي إلى إدامة حلقة مفرغة. وتلحق حرائق الغابات ضررا بالغا بالصحة العامة، نتيجة لإطلاقها مجموعة من الملوثات في الغلاف الجوي، بما فيها الكربون الأسود وأول أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين والجسيمات الدقيقة، وقد تتحد هذه الملوثات مع تلوث الهواء، مما يزيد من الآثار الضارة للدخان على صحة الإنسان والطبيعة، وقد قال الرئيس التنفيذي لصندوق الهواء النظيف، جين بورستون، أن «الملوثات الخطيرة، بما فيها الكربون الأسود المنبعث من حرائق الغابات، مجتمعة في نصف ظاهرة الاحتباس الحراري حتى الآن، وتسهم في 8 ملايين حالة وفاة مبكرة سنويا بسبب تلوث الهواء، ويبرز الدخان الكثيف الناتج عن حرائق الغابات التهديد الخطير الذي تشكله الجسيمات المحمولة جوا». إ.ز
المدير الفرعي لحماية الأملاك الغابية بالمديرية العامة للغابات فريطس السعيد
انخفاض بنسبة 91 بالمائة في حصيلة حرائق الغابات بالجزائر
أكد المدير الفرعي لحماية الأملاك الغابية بالمديرية العامة للغابات، السيد فريطس السعيد، أن حصيلة حرائق الغابات بالجزائر قد عرفت إنخفاضا كبيرا مقارنة بالسنوات الأخيرة، أين شهدت سنة 2024 أدنى حصيلة، بنسبة تفوق 91 بالمائة، بينما انخفض عدد الحرائق إلى 73 بالمائة مقارنة بالسنوات الـ10 الماضية، متحدثا عن مقاربة وطنية شاملة من أجل التصدي للحرائق والعمل على احتوائها وتقليل الخسائر.
النصر : ما هي حصيلة حرائق الغابات التي سجلتموها خلال سنة 2024 وكيف تقيمونها؟
شهدت الجزائر خلال سنة 2024 أدنى حصيلة حرائق غابات منذ سنوات، ما يعد إنجازا غير مسبوق ضمن المسار الوطني للوقاية من هذه الظاهرة، حيث قدرت المساحة الإجمالية التي مستها الحرائق بـ3.490.58 هكتارا فقط، في حين أن المعدل السنوي خلال السنوات الـ10 الأخيرة كان يقارب 40.000 هكتار، أي أن الانخفاض بلغ 91 بالمائة، وكذلك الأمر بالنسبة لعدد الحرائق المسجلة والتي بلغ عددها 740 بؤرة فقط، مقابل معدل سنوي خلال نفس الفترة وصل إلى 2800 حريق، أي بانخفاض قدره 73 بالمائة.
ما الذي ساهم في تحقيق هذا التراجع برأيك؟
تحقيق هذه النتائج يعكس نجاح الإستراتيجية الوطنية التي ارتكزت على التدخل السريع، التكامل المؤسسي واعتماد التكنولوجيا الحديثة.
ما هي إستراتيجية الجزائر للتصدي للحرائق والعمل على احتوائها؟
تعتمد الإستراتيجية المتبعة من طرف الدولة الجزائرية على مقاربة وطنية شاملة، تقوم على الإستباق والجاهزية الميدانية والتنسيق المؤسساتي والتكنولوجيا الحديثة، وقد تم تجسيد الإستراتيجية من خلال جملة من التدابير التنظيمية والتقنية والعملياتية، ففي الجانب التنظيمي، أصدرت مراسيم تنفيذية على غرار المرسوم رقم 245/24 المؤرخ في 23 جويلية 2024، والذي يحدد كيفيات تنظيم وتنسيق أعمال الوقاية من حرائق الغابات ومكافحتها، كما تم تنصيب اللجنة الوطنية لحماية الغابات وتفعيل اللجان الولائية والمحلية على مستوى 40 ولاية معنية، بهدف ضمان التكامل بين مختلف الفاعلين.
وماذا عن المستوى العملياتي؟
على المستوى العملياتي، تم تعزيز الجهاز العملياتي لقطاع الغابات بموارد بشرية ومادية تعمل بتناغم مع الأجهزة العملياتية للقطاعات المنوطة بمكافحة الحرائق، سواء كانت برية أو جوية، وفي هذا المجال، فإن الجهاز العملياتي لقطاع الغابات مكون من 5683 عامل غابات، و3245 عاملا موسميا، إلى جانب 544 فرقة تدخل أولى، و364 سيارة إطفاء «س س س آف آف آل» و493 برج مراقبة و2799 نقطة مياه، فضلا عن تجهيزات إضافية مثل الخيم الميدانية وحقائب الظهر المائية.
وعلى الصعيد الوقائي؟
على الصعيد الوقائي تم تنفيذ مجموعة من الأشغال الحراجية الهامة في إطار شبكة الدفاع عن الغابات «دي آف سي إي»، والتي شملت فتح وتهيئة أكثر من 49000 كلم من المسالك الغابية، وإنجاز 29539 هكتارا من الخنادق المضادة للنيران، وتهيئة وتنقية أكثر من 15000 هكتار من المساحات الغابية خلال سنة 2024 وحدها، مع برمجة مساحات إضافية لسنة 2025، كما تم تنفيذ أعمال مشتركة مع مختلف القطاعات منها الأشغال العمومية، سونلغاز، البلديات، السكك الحديدية والاتصالات، وذلك من أجل تنقية حواف الطرق والشبكات المرورية لمنع امتداد النيران.
وترافق هذه الجهود بحملات توعية وتحسيس واسعة النطاق، تشمل وسائل الإعلام والمساجد والمجتمع المدني، وهذه الإستراتيجية متكاملة تشمل ثلاثة أهداف رئيسية هي تحسين المعارف حول مسببات الحرائق والآثار التي يمكن أن تنجم عنها من خلال إشراك دور المواطن وتفعيل دور المجتمع المدني، ثانيا التقليل من عدد بؤر اندلاع الحرائق وثالثا تحسين فعالية التدخل ضد حرائق الغابات خاصة الحرائق الناشئة.
أي دور للتكنولوجيا في الوقاية من الحرائق؟
فعلا، التكنولوجيا تساعد كثيرا في رصد الوضع الميداني، بحيث نعتمد اليوم على استخدام طائرات بدون طيار «درون» بعدد 15 وحدة درون، إضافة إلى 20 طائرة درون أخرى لسنة 2025، مع تكوين 85 إطارا في تشغيلها، وكاميرات مراقبة وخرائط رقمية لتحديد أماكن الخطر، كما يتم تحليل صور الأقمار الصناعية لمعرفة تطور الغطاء النباتي والاستعداد المسبق للتدخل عند الضرورة، إلى جانب ربط شراكات مع مراكز بحث علمي لتطوير أنظمة إنذار مبكر وحلول رقمية ميدانية.
هل تعتمدون على تقنيات الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بالحرائق؟
نعم، هناك مشاريع قيد الاستعمال تعتمد على تحليل المعطيات مثل الرطوبة والرياح ونوع النباتات لتحديد الأماكن المعرضة للحرائق، مثل هذه المعلومات تستخدم لتوزيع الوسائل بشكل أفضل وتحديد أولويات التدخل.
يشهد العالم تزايدا ملفتا في عدد حرائق الغابات خلال السنوات الأخيرة، كيف تساهم التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة في ذلك؟
هذا السؤال يطرح اليوم وبإلحاح على المستوى الدولي، فالمعطيات المناخية الحديثة تشير إلى أن التغيرات في المناخ تعد من الأسباب الرئيسية وراء الارتفاع المقلق في عدد وشدة حرائق الغابات حول العالم خلال السنوات الأخيرة، وذلك بفعل تأثير ارتفاع درجات الحرارة، توالي موجات الجفاف وتراجع الرطوبة، وكلها عوامل تسرع من قابلية اشتعال الغطاء النباتي، كما تسجل تغيرات حادة في أنماط التساقطات المطرية، خاصة في مناخ البحر الأبيض المتوسط، مما يؤدي إلى نمو سريع للنباتات والأعشاب، ثم تجف هذه الكتلة النباتية في الصيف.
وماذا عن الجانب البشري؟
إلى جانب العوامل المناخية، فإن النشاط البشري غير المسؤول يعتبر العامل الأول لاندلاع الحرائق، ثم تتدخل بعد ذلك العوامل المناخية التي تزيد من حدة هذه الحرائق، فكل 9 حرائق من أصل 10 مسجلة في مناخ البحر الأبيض المتوسط يعود سببها للعامل البشري، من خلال التصرفات الخاطئة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، عن قصد أو عن غير قصد، مثل التعدي على الغابات، التوسع العمراني العشوائي، سوء استعمال النار في الفضاءات الغابية وما جاورها، إضافة إلى مختلف مسببات حرائق الغابات، وكل هذا يساهم في خلق بيئة محفوفة بالمخاطر، وبالتالي يرى الخبراء أن هذه الظاهرة ليست نتيجة لعامل واحد، بل نتيجة تراكمات بيئية ومناخية وسلوكية.
ومن هنا، فإن التصدي لتزايد الحرائق يتطلب إستراتيجيات مزدوجة، من خلال الحد من آثار التغيرات المناخية عالميا بخفض الإنبعاثات الكربونية، ومن جهة أخرى تبني خطط تشاركية للوقاية والتدخل السريع، وهو ما شرعت فيه الجزائر كجزء من جهودها الإستباقية.
حاورته: إيمان زياري
في دراسة أعدها خبير البيئة و الاقتصاد الدائري كريم ومان
النفايات.. من الفرز إلى القيمة المضافة
يعتمد الاقتصاد الدائري المستدام على استرجاع النفايات و إعادة استعمالها وفق نظم تقنية و اقتصادية و بيئية محددة، لا يمكن التغاضي عنها لتحقيق الهدف الاجتماعي و الاقتصادي من العملية، و يرى خبير البيئة و الاقتصاد الدائري، كريم ومان، بأن العمل الميداني الجاد، و المدعوم بالمعرفة و البيانات الواقعية هو الطريق الصحيح إلى الاقتصاد الدائري المستهلك للنفايات القابلة للاسترجاع و إعادة الاستعمال من جديد دون الإضرار بالنظم البيئية و الصحية.
فريد.غ
و قد أعد كريم ومان، الذي كان يدير الوكالة الوطنية للنفايات، مديرا عاما لها، دراسة واقعية وافية تتعلق بعملية توصيف النفايات وبعدها التقني، و اعتبرها رافعة إستراتيجية أساسية لتعزيز القيمة الاقتصادية والاجتماعية للإقليم.
و قد حصلت الصفحة الخضراء بجريدة النصر على نص الدراسة، التي تكتسي أهمية كبيرة للجماعات المحلية، و الاقتصاد الوطني، المتوجه نحو التنوع وتحقيق الاستدامة
يقول خبير البيئة الجزائري كريم ومان بأن المؤشرات الناتجة عن عملية التوصيف ليست مجرد إحصائيات، بل تُعد أدوات حقيقية لمساعدة صناع القرار لدى الجماعات المحلية والمستثمرين والفاعلين الاقتصاديين، موضحا بان الفرز الانتقائي للنفايات المنزلية يتطلب أولاً وقبل كل شيء معرفة دقيقة بكميات التدفقات المختلفة وتقلباتها الموسمية، حيث يُعد تحديد الكميات الدقيقة لمختلف التدفقات المكونة للنفايات المنزلية عملاً شاقاً ويتطلب خبرة مؤكدة في هذا الميدان.
في الواقع، يضيف المتحدث في تقريره، فإن تقدير كمية صنف معين من النفايات يعني حساب إجمالي كمية هذا التدفق، و ضرب مثالا على ذلك بالقارورات البلاستيكية المصنوعة من مادة ال (بي.يو.تي) المنتجة في نطاق جغرافي معين قد يكون بلدية على سبيل المثال، و ذلك خلال سنة واحدة. ولتحقيق ذلك، يتم اعتماد منهجية التوصيف.
توصيف النفايات.. إجراء علمي دقيق
حسب كريم ومان فإن توصيف النفايات هو إجراء علمي ومنهجي يهدف إلى تحديد التركيبة الكمية (بالوزن أو الحجم) والنوعية (النوع) للنفايات المنتجة من طرف السكان في منطقة محددة. و تعد هذه المنهجية أداة لا غنى عنها لاتخاذ القرار من أجل إدارة عصرية وفعالة للنفايات. تنقسم المنهجية إلى ثلاث مراحل رئيسية هي أخذ العينات، الفرز و الوزن، و الاستقراء على كامل الإقليم المستهدف.
مرحلة أخذ العينات
تُعد هذه المرحلة الأكثر حساسية، إذ تعتمد مصداقية الدراسة بأكملها على جودة العينة المختارة، و الهدف هو جمع كمية من النفايات تعكس بشكل دقيق عادات جميع سكان المنطقة المدروسة.
و يعتمد اختيار عينة ممثلة على أساليب إحصائية دقيقة لضمان أن تعكس العينة تنوع الإقليم المستهدف بالدراسة.و حسب الباحث فإنه و لتحديد هذه العينة، يتم اختيار عدة مئات من الأسر النموذجية، مع مراعاة معايير متعددة، أهمها نوع السكن، و من الضروري أيضا احترام نسبة المنازل الفردية والسكنات الجماعية، لضمان تمثيل خصائص كل نوع من أنواع السكن.
و هناك معيار أخر ذو أهمية و هو المستوى الاجتماعي والاقتصادي للساكنة، إذ يمكن أن تختلف أنماط الاستهلاك بشكل كبير، حسب دخل الأسر، لذلك من الضروري إشراك أسر من أحياء مختلفة، لتمثيل هذا التنوع الاقتصادي و الاجتماعي.
و عادة ما تمتد عملية الجمع على أسبوع كامل لكل فصل من السنة، بهدف التقاط دورة استهلاك عادية، و تسمح هذه المقاربة بالحصول على بيانات دقيقة وتمثيلية للعادات الحقيقية لاستهلاك و إنتاج النفايات لدى الأسر المختارة.
مرحلة الفرز والوزن
بعد جمع عينة النفايات، يتم نقلها إلى منطقة فرز لتحليلها يدوياً، و تبدأ العملية بوزن العينة ككل، ثم تُفرش النفايات على طاولة فرز حيث يقوم العمال بفرزها إلى فئات محددة مسبقاً تُسمى “تدفقات”.
تشمل هذه التدفقات عادةً النفايات العضوية (القابلة للتحلل)، مثل بقايا الطعام، الورق والكرتون، الزجاج، المعادن، المنسوجات، البلاستيك وغيرها. يتم وزن كل تدفق على حدة، ثم تحسب النسبة المئوية لكل فئة مقارنة بالوزن الإجمالي للعينة. على سبيل المثال، بالنسبة لفئة البلاستيك، يتم فرز نفايات تغليف PET إلى فئات فرعية منفصلة، لأنها لا تملك نفس القيمة ولا نفس الاستخدامات الممكنة. تشمل هذه الفئات الفرعية الPET الشفاف، و «البيوتي» الملون، و «البيوتي» المعتم. ويتم وزن كل فئة فرعية بشكل منفصل، ما يسمح بتقديم صورة دقيقة جداً عن جودة وتركيبة كمية «البيوتي».
استقراء النتائج
المرحلة الأخيرة لتحليل تركيبة النفايات تتمثل في استقراء النتائج المتحصل عليها من العينة لتقدير الكميات السنوية لكل تدفق على مستوى كامل الإقليم البلدي، و تعتمد هذه العملية على مبدأ التناسب البسيط.
تُطبق النسب المئوية الناتجة عن الفرز اليدوي للعينة، على إجمالي كمية النفايات المنتجة من طرف إقليم البلدية خلال سنة واحدة.
كيفية حساب الكمية السنوية لتدفق معين الكمية السنوية للتدفق (طن)=
(وزن التدفق في العينة / الوزن الكلي للعينة) × الإنتاج السنوي للنفايات بالطن، و تسمح هذه المقاربة بتحويل البيانات المستخلصة من العينة إلى تقديرات دقيقة للكميات السنوية لكل نوع من النفايات على مستوى البلدية.
و باختصار، يتم تحليل عينة ممثلة من أكياس القمامة بالتفصيل لاستنتاج محتوى جميع نفايات البلدية خلال سنة واحدة.
و قدم خبير البيئة كريم ومان حالة عملية تتمثل في تقييم الكمية السنوية لنفايات تغليف البلاستيك PET لبلدية تعدادها 100,000 نسمة.
كإطار بلدي، كُلفت بمهمة تقدير الكمية السنوية لقارورات البلاستيك PET في بلديتي التي يبلغ عدد سكانها 100,000 نسمة. لإنجاز هذه المهمة، يجب أن أنظم العمل على مدار سنة كاملة لتغطية الفصول الأربعة.
المعطيات الأولية، إجمالي عدد السكان 100,000 نسمة، متوسط حجم الأسرة 5 أفراد، العدد الإجمالي للأسر 20,000 أسرة.
و تعتمد المنهجية أربع حملات توصيف موسمية على عينة ثابتة من 500 أسرة، كل حملة تدوم أسبوعاً.
نتائج توصيف النفايات الموسمية
قام فريق التقييم بفرز ووزن نفايات تغليف البلاستيك PET للعينة وكانت النتائج كما يلي:
حملة الربيع: 160 كلغ
حملة الصيف: 190 كلغ
حملة الخريف: 150 كلغ
حملة الشتاء: 140 كلغ
للحصول على قياس موثوق، تم حساب متوسط الحملات الأربع:
(160 + 190 + 150 + 140)/4 = 160 كلغ.
هذا يدل على أن عينة 500 أسرة تنتج في المتوسط 160 كلغ من نفايات قارورات البلاستيك PET أسبوعياً.
الإسقاط على كامل الإقليم البلدي
حساب النسبة لكل أسرة:
متوسط الإنتاج لكل أسرة في الأسبوع: 160 كلغ ÷ 500 أسرة = 0.32 كلغ/أسرة/أسبوع.
تعميم هذا المعدل على 20,000 أسرة:
0.32 كلغ/أسرة × 20,000 أسرة = 6,400 كلغ/أسبوع (6.4 طن).
الكمية السنوية:
6.4 طن/أسبوع × 52 أسبوع = 333 طن سنوياً.
النتيجة
استناداً إلى حملة توصيف شملت الفصول الأربعة، تم تقدير الكمية السنوية لنفايات تغليف البلاستيك PET في بلديتي ذات 100,000 نسمة بحوالي 333 طنا.
إبراز المؤشرات الرئيسية
الكمية السنوية المقدرة بـ 333 طنا من PET ليست مجرد رقم، بل تتيح استخلاص مؤشرات إستراتيجية عديدة، هذه البعض منها
العدد الإجمالي للقارورات سنوياً 10.1 مليون (333,000,000 غرام / 33 غراما لكل زجاجة).
الإنتاج لكل فرد 101 قارورة/فرد/سنة (أي حوالي قارورتين لكل فرد أسبوعياً).
التدفق اليومي البلدي: 27,650 قارورة تُنتج يومياً (تمثل 9 كلم من القارورات المصطفة يومياً).
الآثار التشغيلية و الاستراتيجية
إن التصور الواقعي لـ 333 طنا سنوياً، أي ما يعادل 10 ملايين قارورة سنوياً (حوالي 28,000 وحدة يومياً)، يعزز بشكل كبير الأبعاد التشغيلية و الاستراتيجية.
هذا التوضيح الكمي يلعب دوراً محورياً في تعبئة المنتخبين والمصالح التقنية للبلدية، إذ يبرر استثمارات كبيرة في أنظمة جمع وفرز واسترجاع فعالة، ضرورية لإدارة مثل هذا التدفق بكفاءة.
وأخيراً، فإن هذه الكمية البالغة 10 ملايين قارورة سنوياً تشكل حجة تجارية قوية وملموسة أمام المستثمرين المحتملين.
مؤشر الاستهلاك
إن كمية نفايات البلاستيك PET المنتجة لكل فرد في بلديتي ليست مجرد مؤشر بيئي، بل هي أيضاً أداة تحليل اقتصادي لمصالح التجارة وللفاعلين في قطاع المشروبات. إن 101 قارورة نفايات بلاستيكية PET لكل فرد في السنة هو مؤشر يعكس الاستهلاك المحلي ويمكن استخدامه من قبل منتجي السلع الاستهلاكية لتقييم سوق المشروبات في بلديتي.
كما يمكن الاستنتاج أن كل فرد في بلديتي ينفق ما بين 3,000 و15,000 دينار جزائري سنوياً على شراء المشروبات، ما يمثل سوقاً إجمالية تتراوح بين 30 مليون دينار و1.5 مليار دينار جزائري لإقليم البلدية بأكمله.
خلاصة الدراسة
تفرض عملية توصيف النفايات نفسها اليوم، إلى جانب بعدها التقني، كرافعة إستراتيجية لتعزيز القيمة الاقتصادية والاجتماعية للإقليم، فالمؤشرات الناتجة عن هذه العملية مثل الكمية السنوية المقدرة بـ 333 طنا من PET، عدد الزجاجات المنتجة أو معدل الاستهلاك الفردي ليست مجرد إحصائيات بسيطة، بل تُعد أدوات حقيقية لمساعدة صناع القرار لدى الجماعات المحلية و المستثمرين و الفاعلين الاقتصاديين.
تثمين هذه المؤشرات يعني أولاً تحقيق إدارة أكثر فاعلية لتدفقات النفايات، عبر استباق احتياجات الجمع و الفرز و إعادة التدوير.
كما تتيح الدراسة قراءة واقعية لإمكانيات السوق المحلي، قادرة على جذب المستثمرين في قطاع التدوير، و تحفيز عملية إنشاء فرص العمل، و تشجيع الابتكار في الاقتصاد الدائري.
و أخيراً، يقول الباحث و خبير البيئة الجزائري كريم ومان، فإن نشر هذه البيانات لدى الجمهور العام، وأصحاب المصلحة، يساهم في تعزيز الوعي الجماعي حول القضايا البيئية، ودفع التغيير نحو سلوكيات مستدامة.
وباختصار، فإن تثمين المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية لإدارة النفايات يحول القضية البيئية إلى محرك حقيقي للتنمية و إبراز جاذبية الإقليم لصالح الجماعات المحلية.
تسقط البيئة عن العناوين الرئيسية للأخبار، رغم التقارير الأممية حول قصف منشآت نووية في الشرق الأوسط، و لا ينتبه العالم للتبعات الوخيمة التي سيتحملها الكوكب بفعل الحروب الدائرة، التي خلفت وتخلف موتى بالآلاف وأطنانا من الأنقاض، ودمارا يخترق عمق التربة وهواء ملوثا بالسموم، وبصمة كربونية عالمية تعادل بصمة أكثر من 100 دولة مجتمعة.
البصمة الكربونية للحرب تعادل بصمة 100 دولة مجتمعة
وقد كشفت دراسة بحثية جديدة نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية، أن البصمة الكربونية للأشهر 15 الأولى من الحرب الإسرائيلية على غزة تتجاوز البصمة الكربونية للانبعاثات السنوية المسببة للاحتباس الحراري لأكثر من 100 دولة، مما يهدد كوكب الأرض بشكل أكبر ويؤدي إلى تفاقم حالة الطوارئ المناخية العالمية، إلى جانب ما خلفه العدوان من قتلى مدنيين. كما أوضح التقرير أن 50 بالمائة من هذه الانبعاثات الكربونية نتجت عن توريد واستخدام الأسلحة والدبابات.
وتوصلت الدراسة إلى أن أكثر من 99 بالمائة من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، المقدر أنها تولدت خلال الفترة الممتدة بين 7 أكتوبر 2023 ووقف إطلاق النار المؤقت في جانفي 2025، ناتجة عن القصف الجوي الإسرائيلي والغزو البري لقطاع غزة.
وجاءت حوالي 30 بالمائة من غازات الاحتباس الحراري المنبعثة في نفس الفترة، من عمليات إمداد الولايات المتحدة الأمريكية للكيان بحوالي 50 ألف طن من الأسلحة.
أما ما نسبته 20 بالمائة من الانبعاثات فناتجة عن عمليات الاستطلاع والقصف الجوية الإسرائيلية، والدبابات ووقود المركبات العسكرية الأخرى، بالإضافة إلى ثاني أكسيد الكربون الناجم عن تصنيع وتفجير القنابل والمدفعية.
ويقدر الباحثون أن التكلفة المناخية للعدوان على غزة واليمن وإيران ولبنان، ستكون طويلة الأمد وتعادل شحن 2.6 مليار هاتف ذكي، أو تشغيل 84 محطة طاقة تعمل بالغاز لمدة سنة كاملة، ويشمل هذا الرقم ما يقدر بـ557.359 طنا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.
من جهتها، قالت أستريد بونتس، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحق الإنسان في بيئة نظيفة وصحية مستدامة : «إن ما نواجهه يؤثر بشدة على جميع أشكال الحياة في غزة، ويهدد أيضا حقوق الإنسان في المنطقة، بل وحتى في العالم بسبب تفاقم تغير المناخ».
إعادة الإعمار.. التكلفة الأكبر بيئيا
وغير بعيد عن الآثار البيئية للحرب على غزة وفي المنطقة عموما، تسلط الدراسة الضوء على التكلفة المناخية التي تعتبرها أكثر أهمية، وتأتي من إعادة بناء غزة التي اختزلها الكيان الصهيوني فيما يقدر بنحو 60 مليون طن من الأنقاض السامة، وخلصت الدراسة إلى ضرورة نقل الأنقاض بالشاحنات، ثم إعادة بناء 436 ألف مسكن، و700 مدرسة ومسجد ومستشفى ومكاتب حكومية ومباني أخرى، إضافة إلى كيلومترات من طرق غزة، ما سيكلف حوالي 29.4 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يعادل إجمالي انبعاثات أفغانستان لعام 2023.
واعتبر محللون سياسيون، هذا التقرير بمثابة تذكير صادم ومحزن بالتكلفة البيئية والبيولوجية لحملة الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على القطاع وشعبه المحاصر، محملين الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة المسؤولية أيضا في ذلك، من خلال توفيرها لموارد عسكرية لا حدود لها من أجل تمكين إسرائيل من تدمير أكثر بقاع العالم كثافة سكانيا.
من جانب آخر، أشارت الدراسة إلى مخلفات الحرب الإقليمية بانضمام اليمن، بحيث أطلق الحوثيون ما يقدر بـ400 صاروخ على إسرائيل بين أكتوبر 2023 وجانفي 2025، مما أدى إلى توليد قرابة 55 طنا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، بينما ولد رد الفعل الإسرائيلي ما يقارب 50 ضعفا من غازات الاحتباس الحراري.
وعن التصعيد بين إسرائيل وإيران، أشارت تقديرات أخرى إلى أن العملية تجاوزت 5 آلاف طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، علما أن إسرائيل قد تسببت في أكثر من 80 بالمائة منها.
وفي لبنان، فإن أكثر من 90 بالمائة من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المقدرة بـ3747 طنا، نتجت عن تبادلات متقطعة، جاءت من قنابل جيش الدفاع الإسرائيلي، بينما 8 بالمائة منها فقط مرتبطة بصواريخ حزب الله.
تهديم البرنامج النووي الإيراني.. تهديم للكوكب
حذرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد اندلاع الحرب بين إيران وإسرائيل في 13 من جوان الجاري، من تداعيات الضربات العسكرية ضد المنشآت النووية وقالت:»...يجب عدم مهاجمة المنشآت النووية أبدا، بغض النظر عن السياق أو الظروف، إذ قد يلحق ذلك الضرر بالناس والبيئة». وبتوسيع الأهداف وسعت إسرائيل من نطاق المخاطر البيئية المحتملة، وأكدت الوكالة الدولية توثيق هجمات على نطنز الإيرانية التي تضم محطتين نشطتين لتخصيب اليورانيوم، بالإضافة إلى منشأة ثالثة قيد الإنشاء.
وأكدت الوكالة، أن أضرارا لحقت بمحطة تخصيب الوقود التجريبية وأضرار محتملة على منشأة تخصيب الوقود تحت الأرض، معتقدة أن هناك تلوثا إشعاعيا وكيميائيا في كلا الموقعين.
وموضحة، أن أجهزة الطرد المستخدمة لتخصيب اليورانيوم تستخدم سداسي فلوريد وهو شديد التفاعل، وإذا تم إطلاق اليورانيوم من الخزان أو أجهزة الطرد المركزي، سيتحول عند ملامسته للرطوبة في الهواء إلى فلوريد الهيدروجين وغاز فلوريد اليورانيوم.
وأوضحت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن اليورانيوم 235 يصدر إشعاعات ألف بشكل أساسي، وحتى مع إمكانية حجبها عن طريق الجلد، فإنها خطيرة عند استنشاقها، بينما حددت الخطر النووي الأساسي الناجم عن نطنز، في تسرب فلوريد اليورانيوم المكون من يورانيوم عالي التخصيب.مضيفة، أن الآثار البيئية للهجمات على المواقع العسكرية تتباين تباينا كبيرا وتعتمد على المواد والأنشطة الموجودة في كل موقع، وتتمثل هذه الأخطار في الملوثات النموذجية لهذه المواقع، والزيوت، ومواد التشحيم والمعادن الثقيلة، والمواد النشطة، ومركبات الحرائق، والديوكسينات والفورانات.
إيران المتضرر البيئي الأكبر
تشير الإحصائيات التي نشرتها مختلف الهيئات الدولية المتخصصة في المناخ والبيئة ودراسة النزاعات، إلى أن إيران تواجه بصمة بيئية أكبر جراء الحرب مقارنة بإسرائيل، مع أن حوادث بيئية ذات صلة قد وقعت في الكيان أيضا، ففي جوان أصابت صواريخ مجمع مصفاة بازان للنفط قرب حيفا، مما تسبب في اندلاع حرائق وأضرار بخطوط الأنابيب.
كما تبرز التقارير أن كل ذلك يمكن أن يلحق أضرارا بالمناطق الحضرية، بما فيها المباني التجارية والسكنية، جراء مخاطر استنشاق مواد البناء المسحوقة ومنتجات الاحتراق.ويمثل الأسبستوس الذي حظرت إسرائيل استخدامه في عام 2011، مشكلة في أجزاء كبيرة من المنطقة، ولا يزال يثير قلقا بالغا في غزة خاصة وأن إسرائيل تحتفظ بأكثر من 100 مليون متر مربع من ألواح الإسمنت الأسبستي.ولعل من أبرز المخاوف التي أشارت إليها وكالة الطاقة، هي مخاطر التلوث المرتبطة بمنشآت الصواريخ المتضررة، إذ تمتلك إيران مجموعة متنوعة من الصواريخ الباليستية التي تعمل بالوقود الصلب والسائل، والعديد من أنواع وقود الصواريخ السائلة شديدة السمية، مثل بعض صواريخ إيران قصيرة المدى التي تعتمد على تصاميم سكود السوفيتية، والتي تستخدم كوقود ثنائي ميثل هيدرازين غير متماثل، وكمؤكسد حمض النتريك الأحمر المدخن المثبط.وقد ثبت أن إدارة هذه الأنواع وغيرها من وقود الصواريخ السائل والتخلص منه أمر بالغ الصعوبة في بيئات مثل أفغانستان وليبيا وأوكرانيا.وبحسب ما أشار إليه تقرير خاص لمرصد النزاعات والبيئة، فإن الصواريخ الباليستية متوسطة المدى، تشكل تهديدا للغلاف الجوي العلوي، بحيث تعتبر طبقات الستراتوسفير والميزوسفير حساستين بشكل خاص لحقن الملوثات، إذ تكون عمليات إزالتها بطيئة جزئيا بسبب عدم هطول الأمطار.
ويمكن للتلوث أن يغير التركيب الكيميائي ودرجة الحرارة وأنماط دوران المواد، ويعتمد ذلك على حجم التأثير الدقيق المسجل على تركيبة الوقود أو المواد، والارتفاع الذي تطلق فيه.
إعداد: إيمان زياري
الخبيرة البيئية فاتن الليثي
غزة نقطة ساخنة وسيناريو المنشآت النووية ينذر بكارثة عظمى
وصفت الخبيرة البيئية والبروفيسور بكلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة باتنة، البروفيسور فاتن الليثي، العدوان على غزة بالنقطة الساخنة، واعتبرت أن الأخيرة تعاني وبكل المقاييس من مخاطر بيئية متعددة الأبعاد.
وأوضحت، أنها تجمع بين أوجه التلوث بمستوياته القاتلة وتراكم النفايات بأحجام مهولة، إلى جانب فقدان التنوع البيولوجي بكافة أشكاله ومظاهره برا وبحرا، إضافة لما تدفع به العمليات الحربية المكثفة وآلاف أطنان الذخائر والقنابل من آثار سلبية على الاحترار وتغير المناخ.
واعتبرت الليثي، أن الحروب من بين العوامل الرئيسية المسؤولة عن تدمير البيئة، إذ تسبب تلوثا مباشرا وغير مباشر وتدهورا في التنوع البيولوجي وتغيرا في المناخ.وبحسبها، تشمل الأضرار البيئية للحروب، تلوث الهواء والماء والتربة بالمواد السامة، وتدمير الغابات والأراضي الزراعية، وفقدان الأراضي الصالحة للزراعة، كما أن استخدام الأسلحة وتحركات القوات وتدميرها أعمال تزيد من تدهور البيئة والتلوث سريع الانتشار والعابر للحدود.وأضافت الخبيرة البيئية، أن الحروب تتسبب كذلك في آثار سلبية أخرى على البيئة مثل تدمير الموائل الطبيعية، وزيادة انبعاثات الغازات الدفيئة، مما يفاقم مشكلة تغير المناخ، مضيفة أن تأثيرها يمتد لاقتصاديات الدول والقدرة على التعافي البيئي بعد توقف الحروب.وبشأن الأضرار البيئية التي لحقت بغزة جراء الحرب واسعة النطاق، أوضحت أنها أفرزت مزيجا من تدمير الأراضي الزراعية، وتهجير السكان والقصف والحصار الإسرائيلي الشامل، مما أدى أيضا إلى معاناة القطاع من المجاعة.مشيرة إلى أن الكيان الصهيوني وبحلول مارس 2024، كان قد دمر ما يقرب نصف الغطاء النباتي «أشجار» والأراضي الزراعية بواسطة الجرافات والقنابل.كما تتحدث من جانب آخر، عن الخطر الكبير الذي يتهدد المياه في غزة وأوضحت أن النزاع أدى إلى إغلاق محطات معالجة مياه الصرف الصحي، مما تسبب في تلويث الشواطئ والمياه الساحلية والتربة والمياه المعدنية.
نحو تكرار سيناريو «فوكوشيما» و»تشرنوبل»
وبالنسبة للحرب على إيران، وصفت الخبيرة الأمر بالخطير، خاصة في حال تضمن سيناريوهات تشمل ضرب بقية المنشآت النووية، فكل واحدة منها تخدم وظائف مختلفة في البرنامج النووي كتخصيب اليورانيوم والبحوث العلمية، وتوليد الطاقة، وتحدد طبيعة هذه المنشآت نوع وكمية المواد المشعة المخزنة بها، مما يفرز عواقب بيئية.وتحذر الليثي، من الآثار الوخيمة لضرب المحطات النووية الإيرانية ، مؤكدة أنه سيؤدي إلى كوارث بيئية تشبه ما حدث في «تشرنوبل» سنة 1986 و»فوكوشيما» 2011.
موضحة، أنه يمكن للانفجار الفوري الناتج عن ضرب المحطة أن يدمر البيئة التحتية التي تقع ضمن 1 إلى 5 كيلومترات حولها، مع مستويات إشعاعية عالية جدا وتأثيرات حرارية تؤدي إلى حرائق بحسب قوة الضربة. وتشير الخبيرة، إلى احتمال أن تكون هذه المنطقة قاتلة على الفور لأي شخص، ومن المرجح أيضا حسبها إنشاء منطقة استبعاد كبرى، وستكون هذه المنطقة ملوثة بشدة الغبار المشبع مع مرور الوقت، مما يجعلها غير صالحة للسكن على مدى عقود من الزمن، في ظل تلويث التربة ومصادر المياه، والنباتات، وكل إمدادات الغذاء، مما يؤدي حسبها إلى تدهور بيئي طويل الأمد يمتد تأثيره إلى أجزاء واسعة من المنطقة.
إ.ز
زين العابدين هبول مطور أنظمة دفع خاصة بالأقمار الصناعية
الأقمار الصناعية فعالة جدا في حماية البيئة والتنبؤ بالكوارث
أكد الباحث الجزائري المتخصص في تطوير أنظمة الدفع الخاصة بالأقمار الصناعية، من جامعة "بيهانغ" بالصين، زين العابدين هبول، على أهمية الأقمار الصناعية التي تعد حاليا واحدة من أهم التقنيات التي توفر بيانات ومعلومات تساعد في حماية البيئة والتنبؤ بالكوارث الطبيعية قبل حدوثها، كما تحدث عن مجهودات الجزائر في هذا المجال، موضحا أنها لم تصل بعد إلى المعدلات التي تحقق الاكتفاء الذاتي.
وحتى توفر الجزائر عددا كافيا من الأقمار الصناعية تغطي مساحتها الشاسعة، يرى الباحث أن الحل يمكن في الأقمار صغيرة الحجم التي يتوجه نحوها كل العالم اليوم لخصائصها التقنية والاقتصادية غير المكلفة كما تطرق في حديثه للنصر، إلى اقتراحات وحلول تنهض ببلادنا في مجال التطبيقات الفضائية المتخصصة في الأمن البيئي.
تقدم معلومات استباقية للوقاية والتدخل السريع
وأوضح الباحث، أن الدول تسعى لتطوير بناها التقنية والمعلوماتية في ميدان الأقمار الصناعية نظرا لأهميتها في حماية البيئة من الأخطار سواء حرائق، أو القطع الجائر لأشجار الغابات خصوصا الكبيرة منها وكذا مواجهة التلوث باختلاف أوجهه.
وتوفر هذه التقنية معلومات تسمح بعقد مبادرات عالمية لحماية البيئة والمسطحات المائية، والحفاظ على الغابات الكبرى، مشيرا إلى بعض الأنواع كالأقمار الصناعية المزودة بكاميرات، أو الكاميرات متعددة الأطياف، والأقمار المزودة بالرادارات.
وتحدث المتخصص في تطوير أنظمة الدفع الخاصة بالأقمار الصناعية، من جامعة "بيهانغ" الصينية، عن البرامج المتخصصة في حماية البيئة التي تشترك فيها عدة دول، وتسمح بتوفير معلومات عبر "الساتل" مثل برنامج "غروب اون إيرث أوبسيرفيشن"، الذي تشترك فيه أكثر من 100 دولة ممثلة في شركات، ومجتمع مدني، وجمعيات، حيث تعمل هذه المؤسسات مع بعضها كما أوضح، على توفير معلومات ميدانية لمواجهة التغيرات المناخية.
كما يوجد البرنامج الأوروبي "كوبرنيكوس" مفتوح المصدر الذي يوفر البيانات من خلال الأقمار الصناعية "سانتينال 1" و"سانتينال2" راصدا تغيرات الغطاء الأخضر، وجودة التربة، وذوبان الجليد في القطبين، وكذا قياس حرارة سطح الأرض ومقارنتها بما كانت عليه في سنوات سابقة، بالإضافة إلى برامج أخرى تابعة لوكالة "ناسا"، وبرامج للأمم المتحدة.
وأوضح في هذا الصدد، أن الدول لا تستطيع العمل لوحدها في هذا الجانب مما يسبب نقصا في المعلومات، فالأقمار الصناعية التابعة لدولة معينة وفقا له، عندما تدور حول الأرض تستطيع استشعار اندلاع حريق في منطقة تكون فوقها ومن ثمة تعلم تلك الدولة بما يحصل فوق أراضيها.
الذكاء الاصطناعي طور عمل الأقمار الصناعية
وعرج هبول، إلى تطور عمل الأقمار الصناعية بعد تزويدها بتقنيات الذكاء الاصطناعي، التي ساعدت على تجاوز بعض التحديات السابقة من بينها الدراسات النظرية والتطبيقية التي تعتمد على عدد كبير من الباحثين ليحللوا بيانات ضخمة، ناهيك عن توفر ما يُعرف حاليا بدمج البيانات عن طريق الذكاء الاصطناعي، وقد ساعد في ذلك تزود الأقمار الصناعية بمجسات البطارية، كاميرات، كاميرات حرارية، ورادارات.
كما أشار الباحث، إلى استخدام تقنيات أخرى مساعدة مثل التعليم العميق لتصنيف الغطاء النباتي واكتشاف التغيرات الطارئة عليه من خلال نماذج الذكاء الاصطناعي المطورة.
ومن التحديات التي ذكرها أيضا، صعوبة التقاط القمر الصناعي لما يجري داخل بعض الغابات بسبب كثافة الغيوم، وذكر على سبيل المثال غابة الأمازون.
وتحدث بالمقابل، عن برمجيات حديثة مثل "جان"، وتقنيات نزع الضباب والتشويش في الصورة، فضلا عن قدرتها على التعرف على ما يحصل والتنبؤ بالحرائق حسب طبيعة المناطق، إذا كانت جافة أو حرارتها مرتفعة، وقال هبول إن هذا التطور أسهم في منح الوقت للدول حتى تستعد لمواجهة التهديدات القادمة.
هكذا تحقق الجزائر التصنيع الذاتي للأقمار الصناعية
وبحسب الباحث المتخصص في تطوير أنظمة الدفع الخاصة بالأقمار الصناعية، من جامعة "بيهانغ" بالصين، زين العابدين هبول، فإن وكالة الفضاء الجزائرية كانت تملك عدة أقمار صناعية مخصصة للاستشعار ذكر منها "آلسات 1"، "آلسات 1 بي"، "آلسات 2 آ"، "ألسات 2 بي"مردفا، أنها كانت موجهة لمراقبة استخدام الغطاء النباتي، وأخرى لرصد الحرائق في الغابات وقد شاركت في مهمات عديدة.
مضيفا، أن المتصفح يستطيع الولوج إلى موقع وكالة الفضاء الجزائرية ليشاهد صورا عديدة التقطتها أقمار صناعية لاندلاع حرائق في دقائقها الأولى، واعتبر أن التنبؤ المبكر يساعد على التدخل في وقت أسرع ويحصر انتشار اللهب.
وتحتاج الجزائر وفقا للمتحدث، إلى توسيع استخدام هذه التقنية نظرا لشساعة مساحتها وما تحتاجه عملية مراقبة كل الغطاء النباتي، ناهيك عن توظيفها في المجال الزراعي، وكذا حماية المسطحات المائية.
ويرى، أن الأقمار الصناعية صغيرة الحجم مثل "ميكرو سات"، "نانو سات"، "كيوب سات"، تعد حلا أنسب لأن تصنيعها وإرسالها إلى الفضاء غير مكلف فضلا عن أن العالم كله يتوجه حاليا نحوها.
واعتبر الباحث، أن مشروع الانطلاق في إنتاج الأقمار الصناعية ليس بتلك السهولة كونه يحتاج إلى قاعدة صناعية جيدة وتكنولوجيات جد متقدمة في الإلكترونيات، والطاقة، والإرسال، ومشوار الجزائر في هذا المجال ما يزال طويلا حتى تستطيع الوصول إلى صناعة ذاتية.
ومن جملة الحلول والاقتراحات التي طرحها ويرى أنها ستحقق الفائدة، لفت إلى التوجه نحو الخوصصة لأن عددا كبيرا من شركات الأقمار الصناعية في العالم هي شركات خاصة حسبه.
وذكر، أن المعدل العالمي حاليا يشير إلى أن 50 بالمائة من الأقمار الصناعية تنتجها شركات خاصة تبيع البيانات، والصور والمعلومات والجزائر بدورها تستطيع الاستثمار في فتح المشاريع للشركات الناشئة أو شركات خاصة صغيرة.
مضيفا، أن البلد في حاجة إلى التطور في جانب المعلومة المحينة وتوفيرها، وذكر مثلا الرغبة في التعرف على التغيرات الطارئة في الغابات والتي تحتاج إلى توفر معلومات محينة حول الغطاء النباتي، كذلك الأمر فيما يخص نسب التلوث، ورمي الأوساخ، والقطع الجائر، والتخلص من النفايات المنزلية، وقال إن توفرها يسمح بمواجهة المشكلة سواء بتقنيات الأقمار الصناعية أو أخرى عادية.
كما تحدث الباحث أيضا، عن الاستعانة بشركات تقدم أبحاثا لتقنيات برامج مفتوحة المصدر، تحتوي على صور ملتقطة بأقمار صناعية يمكن أن يلج إليها أشخاص عاديون و يضيفون معلومات جديدة حول المشاكل البيئية فضلا عن رفع صور وإرسالها بالهاتف، وهكذا يستطيع المسؤولون على البرنامج الكشف عن المشكلة مباشرة، مثل إنذارات الحرائق.
واعتبر، أن هذه التقنيات أصبحت تشكل حجر الأساس سواء في حماية البيئة، أو التصدي للكوارث الطبيعية في كل أنحاء العالم.
إيناس كبير
صممه متربصان بمعهد التكوين المهني بتبسة
مبتكر يحول النفايات إلى غاز حيوي صديق للبيئة
عرض مؤخرا، متربصان بالمعهد الوطني المتخصص في التكوين المهني بن طبال سليمان في مدينة تبسة، مشروعا في مجال الاقتصاد الدائري يحمل اسم Bio Gaz، وهو نظام متكامل لتحويل النفايات العضوية “الزراعية، الحيوانية، والمنزلية” إلى غاز حيوي صديق للبيئة، مما يقدّم حلا مستداما للتحديات البيئية والطاقوية.
وحسب المدير الولائي للتكوين المهني بالولاية لزهر بوذراع، فإن هذا الإنجاز ثمرة جهود المتربصين إسلام طالب وياسين طاهري، تخصص تقني سامي في الكيمياء الصناعية، وقد أشرفت عليه كوادر المعهد، حيث يلعب دورا مهما في تعزيز الطاقة المتجددة، وتحقيق الاستدامة البيئية، وتمكين الاقتصاد المحلي، فضلا عن تقديم حلول عملية لإدارة النفايات.
من جهتهما، أوضح المتربصان للنصر، أن آلة إنتاج الغاز من النفايات العضوية هي عبارة عن برميل توضع فيه النفايات، مكون من صمام بغطاء لإدخالها وآخر لخروج الغاز، زيادة على نقطة لخروج العصارة، وصمام أمان كبير.
ويمكن بفضل المبتكر، إنتاج 1متر مكعب من الغاز الحيوي ، من 10 كلغ من النفايات العضوية، مما يسمح بإنتاج الغاز للتدفئة والطهي، ويعود بالفائدة على سكان مناطق الظل على وجه الخصوص.
كما تكمن أهمية المشروع حسب المتربصين الاثنين، في الاستغلال الاقتصادي للنفايات وتثمينها من خلال استخلاص الطاقة منها، إلى جانب المحافظة على البيئة والمحيط، ويمكن الاستفادة من البيوغاز المستخرج، في إنتاج الطاقة الكهربائية وكذا استخدامه كوقود للسيارات.
وقد أكد مدير القطاع، أن مؤسساته تشتغل على فكرة الاستثمار في كفاءات الشباب كأساس للتنمية المستدامة، والمشروع يعكس قدرات المتربصين على تقديم حلول مبتكرة للتحديات البيئية.
ع.نصيب
حققت مراكز التخييم للتدخل داخل المناطق الغابية بقسنطينة، نتائج جيدة وساعدت على خفض معدل الكوارث جراء الحرائق التي عانت منها الغابات في سنوات سابقة.
إيناس كبير
ووفقا لمسؤول الإعلام والاتصال على مستوى محافظة الغابات بالولاية علي زقرور، فإن الغطاء النباتي استعاد أنفاسه بفضل تجنيد المورد البشري وتدريبه على التدخل السريع حماية للأمن البيئي والغذائي.
تتمركز هذه المخيمات في مناطق غابية رئيسية بولاية قسنطينة، يسهر أعوان من محافظة الغابات والحماية المدنية على مراقبة وحماية المحيط من التجاوزات والتصرفات الخاطئة الصادرة من مواطنين، إذ يتجندون على مدار 24 ساعة لتفعيل التدخل الفوري والسريع في حالة تسجيل أي اتصال وحتى صعود دخان ينذر باندلاع حريق.
والواضح أن هناك تحسنا ملحوظا في حالة المحيط الغابي بفضل هذا الإجراء، وهي مؤشرات رصدها مواطنون عبروا عن استحسانهم لفكرة المخيمات التي تعتبر حلا سريعا لمنع اشتعال الحرائق وانتشار النيران في حالة وجود شرارة، بدليل أن شهر ماي كاملا و النصف الأول من جوان لم يسجلا حوادث حرائق، ما كان له تأثير إيجابي على حرارة الجو.
مخيمات خاضعة لمعايير علمية
وقال مسؤول الإعلام والاتصال على مستوى محافظة الغابات بولاية قسنطينة، إن تجربة مراكز التخييم انطلقت السنة الماضية واختيرت من طرف لجنة علمية ولائية لتبدأ عملها منذ الفاتح ماي إلى غاية 31 أكتوبر.
وقد تمركزت في ست غابات رئيسية في الولاية، وذكر زقرور ثلاثة مراكز بالشراكة مع الحماية المدنية، وهي مركز شطابة للتخييم ببلدية عين سمارة، المنطقة التي عرفت كذلك دعما من طرف الولاية لاستصلاح البيت الغابي، إضافة إلى مركز بني يعقوب ببلدية ابن باديس في مركز الحرس البلدي سابقا، ومركز التخييم الشقرف ببلدية الخروب.
وأشار إلى ثلاثة أخرى تابعة لمحافظة الغابات، منها مركز المراقبة للغابات «الكنتور» ببلدية زيغود يوسف، ومركز المراقبة بالجباس بالإضافة إلى فرق التدخل على مستوى كل من المحمية البيولوجية جبل الوحش، وغابة المريج وفرقة الدعم والتدخل على مستوى المحافظة.
وأوضح، المتحدث أن هذه المناطق اختيرت لأنها تضم غطاء نباتيا كبيرا يحتاج إلى تدخل سريع، أيضا لقربها من منابع الماء وتوفرها على الكهرباء، بالإضافة إلى شبكات الهاتف والاتصالات اللاسلكية.
مراكز التخييم حققت نتائج إيجابية
وأكد المتحدث، أن نقاط التخييم داخل المناطق الغابية حققت نتائج فعالة منذ تثبيتها، بالرغم من تسجيل المحافظة حوالي 400 تدخل إلا أن الكوارث الناتجة عنها غائبة تماما.
وعن الأجهزة والمعدات المزودة بها، ذكر أن كل مخيم مدعم بوسائل متحركة، وسيارتي تدخل، وكذلك بالنسبة للمورد البشري المكون من ستة أعوان وعونين موسميين، بالإضافة إلى فرق الحماية المدنية الجاهزة والمتاحة طوال 24 ساعة صيفا وشتاء.
كما قال، إن الأعوان والضباط خاضعون للتدريب، خصوصا في جانب التعامل مع تقنيات التكنولوجيا الحديثة مثل استخدام الكاميرات المسيرة «درون» صغيرة وكبيرة الحجم، المتوفرة في المخيمات والتي تغطي حتى 40 كلم.
تجريب تقنيات مبتكرة أخرى بالتعاون مع معاهد وجامعات
وتحدث، عن تجريب تقنيات مبتكرة أخرى بالتعاون مع معاهد وجامعات لتدعيم عمل الأعوان، مثل الكاميرات الحساسة التي تُركب في أبراج المراقبة والمباني داخل الغابات وهو مشروع مبتكر من جامعة تيزي وزو.
وقدم زقرور، نماذج عن حالات التدخل، مشيرا مثلا إلى تلقي اتصال بخصوص اشتعال حقل قمح في منطقة معينة، فكان التدخل سريعا من طرف أعوان الحماية المدنية ومحافظة الغابات، وتم إطفاء الحريق في حينه دون تسجيل أي كوارث إلا تضرر حوالي 200 متر من الحشائش.
وأردف مسؤول الإعلام والاتصال، أن مخيمات التدخل سهلت العمل مقارنة بما كان عليه الوضع سابقا، خصوصا في المناطق الغابية الكبيرة أين يكون التدخل من المركز الإداري بطيئا في العادة، ما يؤدي إلى احتراق مساحات واسعة، بينما أصبح الأمر ممكنا وسريعا وفوريا حاليا بفضل المخيمات، خصوصا وأنها تسهر على مهمة الرقابة أيضا.
وذكر محدثنا، بعض التدخلات السريعة التي قاموا بها، قائلا إن اتصالا وصلهم من أشخاص حول اندلاع دخان بالقرب من منطقة ذراع الناقة، سمح بالسيطرة على النيران في وقت وجيز جدا دون تسجيل أي كوارث، مثمنا هذه الاستراتيجية التي يرى بأنها مهمة خصوصا في فصل الصيف. وأضاف، أن عدة ولايات أصبحت تعتمدها عليها على غرار باتنة، معسكر، سطيف، مع اقتراح تعميمها في كل القطر الجزائري.
وتعمل مراكز التخييم للتدخل داخل المناطق الغابية، في جانب التحسيس وخلق الوعي البيئي لدى المواطنين أيضا، حيث انطلقت قافلة تحسيسية وفقا لمحدثنا، شهر ماي المنصرم لتجوب مختلف بلديات قسنطينة بالإضافة إلى تعاون مواطنين مع أعوان محافظة الغابات في هذا الجانب من خلال الرقم الأخضر 1070 لحماية الأمن البيئي والغذائي في الوطن.
وفقا لنظام كوبرنيكوس لمراقبة تغير المناخ
شهر ماي 2025 ثاني أكثر الأشهر حرارة في العالم
قال علماء في مجال التغيرات المناخية بنظام كوبرنيكوس التابع للإتحاد الأوروبي، إن شهر ماي 2025، كان ثاني أكثر الأشهر دفئا على مستوى العالم منذ بدء تسجيل درجات حرارة قياسية على مستوى كوكب الأرض، في وقت سجلت درجات حرارة عالية جدا بغرينلاند نتيجة لتأثير التغيرات المناخية.
وأوضحت خدمة كوبرنيكوس في نشرتها الشهرية، أن متوسط درجات حرارة الأرض خلال شهر ماي، كان أعلى بمقدار 1.4 درجة مئوية عن ما سجل في فترة ما قبل الصناعة 1850/1900.
وأضاف الباحثون، أن الشهر الماضي كان ثاني أعلى درجة حرارة بعد ماي 2024، والذي صنف هو الآخر كثاني أدفأ ربيع في نصف الكرة الشمالي، حيث انخفض المعدل هذه السنة بمقدار 1.12 درجة مئوية فقط عن الرقم القياسي لشهر ماي 202.
وبحسب خبراء البرنامج، فإن درجات الحرارة العالمية المتوسطة قد ارتفعت بمقدار 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة في 21 من الأشهر 22 الماضية، وقال مدير خدمة كوبرنيكوس، كارلو بونتيمبو «قد يمنح هذا الانخفاض المؤقت الكوكب بعض الراحة، ولكن من المرجح أن نشهد خرقا آخر لعتبة 1.5 درجة مئوبة في المستقبل القريب بسبب استمرار ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي».
من جانب آخر، أشارت دراسة أصدرتها مجموعة «وورلد واذر آتريبيوشن غروب» أن تغير المناخ الناتج عن الإنسان قد تسبب في موجة حر غير عادية في أيسلاندا وغرينلاند، خلال شهر ماي الماضي، حيث ارتفعت درجات الحرارة بنحو 3 درجات مئوية فوق المعدل الطبيعي الأمر الذي أدى إلى تسريع ذوبان الغطاء الجليدي في غرينلاند.
إ.زياري
في إطار حملة مكافحة حرائق الغابات: منابر المساجد للتحسيس ورفع درجة الوعي البيئي
أطلقت محافظة الغابات لولاية الجزائر، حملتها لمكافحة حرائق الغابات لموسم 2025، مستعينة بمنابر المساجد لرفع درجة الوعي لدى المواطنين خاصة في المناطق المجاورة للغابات، فيما انطلقت حملة وطنية واسعة جندت لأجلها كافة الإمكانيات البشرية والمادية المتطورة.
المبادرة وبحسب المكلفة بالإعلام والاتصال على مستوى محافظة الغابات للجزائر العاصمة، السيدة هجيرة حلاس، تأتي بالتنسيق بين مديرية الغابات والحزام الأخضر، ومديرية الشؤون الدينية والأوقاف حيث تم بعد جلسة عمل إعداد قائمة بأسماء المساجد المعنية بالخطاب التحسيسي أيام الجمعات.واستنادا إلى ذات المصدر، فإن مديرية الغابات للعاصمة مقسمة إلى 3 مقاطعات، هي مقاطعة الشراقة، مقاطعة باينام، ومقاطعة بير خادم، بحيث يتم انتقاء مسجد في كل مقاطعة يوم جمعة، أين يشرف تقنيون من المديرية على تقديم دروس توعوية للمصلين قبل خطبة الجمعة.
ويحرص تقنيو الغابات من خلال هذا الدرس على تحسيس المصلين وتوعيتهم، مع تقديم الأسباب الردعية والنصوص القانونية التي تعاقب على المخالفات التي قد تصل إلى الجناية، فضلا عن الطرق الوقائية من انتشار الحرائق، خاصة بالنسبة للأحياء المجاورة للغابات كغابة بوشاوي وغابة باينام، من أجل إشراكهم في عملية حماية الغابات والتبليغ السريع عن الحرائق قصد السيطرة السريعة والفعالة على النيران.وأضافت السيدة حلاس، أن هذه الحملة انطلقت قبل عيد الأضحى، على أن تستمر طيلة فصل الصيف بمعدل خطبة في كل مقاطعة كل يوم جمعة، علما أن المبادرة بدأت الصيف الفارط بطريقة محتشمة، لتشمل هذه المرة نقاطا أوسع بهدف رفع درجة الوعي لدى المواطنين وإشراكهم في عملية حماية الغابات ونشر ثقافة التبليغ.يذكر أن كافة مديريات الغابات الولائية قد باشرت حملة الوقاية ومكافحة حرائق الغابات 2025، من خلال تنظيم دوريات لمنع جلسات الشواء وتنظيف الغابات من القمامة، وكذا إطلاق طائرات الدرون في عديد الولايات، للإطلاع على حالة الغابات بشكل أسرع وفي المناطق التي يصعب الوصول إليها وتسهيل عملية التدخل في حال تسجيل حرائق.
إ.زياري
مدير وحدة البحث في النباتات الطبية بولاية الأغواط: نطور بحوثا لزيادة خصوبة التربة ومقاومة المحاصيل للجفاف
يقود مدير وحدة البحث في النباتات الطبية بولاية الأغواط، البروفيسور فتحي بن رابح، جهودا علمية دقيقة تهدف إلى فهم العلاقة المعقدة بين النباتات والبكتيريا النافعة، كما يشتغل على جينات محورية تتحكم في المناعة النباتية خاصة في العقيدات الجذرية، ويعمل على استثمار نتائجه في تطوير محاصيل زراعية أكثر مقاومة للجفاف ونقص المغذيات، وعلى رأسها نبات الفصفصاء الغني بالبروتينات.
لينة دلول
كما يتحدث الباحث للنصر، عن مشواره العملي وكيف اختار تخصصه البحثي، ليقدم نموذجا ناجحا يقتدي به الطلبة الباحثون في الجامعات الجزائرية، معرجا لوصف طبيعة الأبحاث التي يشتغل عليها و فعالياتها البيئية و الاقتصادية، خصوصا وأنها تفتح آفاقا مهمة للزراعة المستدامة في البيئات الجافة وشبه الجافة.
هكذا نحسن استجابات مناعية للنباتات
وأكد المدير بمركز البحث في البيوتكنولوجيا بقسنطينة «CRBt»، والمدير العلمي للوحدة البحثية حول النباتات الطبية بالأغواط التابعة للمركز ذاته، البروفيسور فتحي بن رابح، أن الجينين MtPR10 وMtGRF8 ، يمثلان عنصرين أساسيين في منظومة مناعة العقيدات الجذرية لدى النباتات.
لأنهما كما أوضح، ينتجان بروتينات وظيفية تلعب دورا بالغ الأهمية في تنظيم التفاعلات الخلوية التي ترافق عملية التعايش بين النباتات و البكتيريا، وبشكل خاص بين البقوليات وبكتيريا الريزوبيا، وتعتبر هذه التفاعلات حاسمة في تكوين العقيدات الجذرية، وهي البنى التي يتم من خلالها تثبيت النيتروجين الجوي داخل التربة، ما يساهم في خصوبتها.
وأضاف بن رابح، أن هذه البروتينات تعمل على تثبيط بعض آليات المناعة الطبيعية لدى النبات، بما يسمح بحدوث التعايش السلمي مع البكتيريا المفيدة، دون أن يتم التعرف عليها كعوامل ممرضة، وهذا التوازن الدقيق بين المناعة والتسامح يعد مفتاحا لفهم آليات التكافل الحيوي في البيئة الزراعية، وله تطبيقات واعدة في تحسين مردودية المحاصيل الزراعية، لا سيما في البيئات الجافة وشبه الجافة.
وفيما يخص اختياره التخصص في هذا المجال الدقيق من البحث، والمتمثل في مناعة العقيدات الجذرية، بدلا من التوجه إلى مسارات أخرى أكثر شهرة في علوم النبات، أوضح البروفيسور أن الأمر لم يكن وليد الصدفة، بل هو نتيجة مسار أكاديمي وتراكمي طويل بدأ من الجزائر.
وقال في هذا الصدد :»كنت طالبا جامعيا في الجزائر، ثم انتقلت إلى فرنسا لمواصلة دراستي الجامعية، حيث تحصلت على ليسانس، ثم ماستر، ثم دكتوراه في تخصص البيولوجيا.
وذكر، أنه في بداية مشواره العلمي كان مهتما أكثر بـالمناعة الحيوانية، لما تتمتع به من وفرة في المعلومات الجينية وتشعب في آليات الدفاع، غير أن اهتمامه أخذ منحى آخر عندما أدرك أن النباتات على عكس الحيوانات، لا تملك القدرة على الهروب أو الحركة عند تعرضها للخطر بل تطور استراتيجيات دفاعية معقدة وثابتة في مكانها. هذا الإدراك العلمي كما أضاف، كان نقطة التحول التي دفعته إلى التركيز على المناعة النباتية، والتي وصفها بأنها مجال غني جدا علميا لكنه أقل استكشافا مقارنة بالمناعة الحيوانية. ومن هنا بدأ تعميق اهتمامه بالعلاقة التفاعلية بين النبات والبكتيريا المفيدة، وخاصة تلك التي تدخل في تكافل مع البقوليات.
التكوين في الجزائر نقلني إلى مخابر دولية مرموقة
وأوضح بن رابح، أن هذا الاختيار قد مكنه من العمل في مخابر دولية مرموقة، على غرار المركز الوطني للبحث العلمي بفرنسا «CNRS»، بالإضافة إلى مساهمته في أبحاث جماعية داخل فرق بحث مختصة في الجينات النباتية ومناعة الجذور، وهو ما أتاح له اكتساب خبرة عميقة عززت موقعه كباحث في علم الجينات النباتية، ومكنته لاحقا من الإشراف على وحدة بحثية متخصصة في الجزائر.
وشدد البروفيسور، على الأهمية البالغة لفهم وظيفة العقيدات الجذرية في سياق العلاقة التكافلية بين النبات والبكتيريا المثبتة للنيتروجين، مبرزا أن هذا التوازن الدقيق يعد أساسيا لضمان نجاح التفاعل الحيوي الذي يغني التربة ويعزز نمو النبات.
وأوضح، أن فشل النبات في تنظيم الاستجابة المناعية بشكل دقيق قد يؤدي إلى تدمير البكتيريا النافعة بشكل سريع، مما يفقدها القدرة على الاستفادة من الدور الحيوي الذي تقوم به في تثبيت النيتروجين وتحويله إلى شكل قابل للاستغلال داخل الخلايا النباتية.
وأضاف قائلا :» إذا لم يتم التحكم الجيد في المناعة، فإن البكتيريا قد تعامل كعنصر ممرض، ما يؤدي إلى القضاء عليها قبل أن تنجز وظيفتها.»
وصرح المتحدث، بأن من أهداف هذا النوع من الأبحاث، هو تطوير نباتات ذات استجابات مناعية أقل حدة تجاه البكتيريا النافعة، ما يطيل من عمر هذه الأخيرة داخل العقيدات، ويحسن من قدرتها على تحويل النيتروجين الجوي إلى مركبات مفيدة للنبات وبذلك، يتحقق هدف مزدوج رفع مستوى النمو النباتي وتعزيز تركيز النيتروجين العضوي في الأنسجة النباتية.
وفيما يخص المنهجية المعتمدة، أشار البروفيسور إلى أن الدراسة انطلقت من تحديد مجموعة من الجينات الرئيسية عبر تقنيات حديثة تصنف ضمن ما يعرف بـعلوم الأوميكس، وبشكل خاص تقنيات الترانسكريبتوميكس والبروتيوميكس، التي تمكن من دراسة البروتينات المنتجة في ظروف معينة.
أبحاث تتطلب صبرا طويلا و نظرة استراتيجية
وأضاف، أنه بعد هذه المرحلة العامة، يتم التعمق في دراسة الجينات المرشحة الأكثر أهمية، وهنا تُستخدم تقنيات دقيقة مثل الاستنساخ الجيني والتحليل الجزيئي وهي أدوات تتيح فهم الوظيفة الدقيقة لتلك الجينات ودورها في التفاعل المناعي والتكافلي داخل العقيدات.
ولم يخف بن رابح، التحديات الكبيرة التي واجهها فريقه خلال دراسة الجينات المرتبطة بمناعة العقيدات الجذرية، مشيرا إلى أن العمل في نظام بيولوجي معقد مثل العلاقة التفاعلية بين النبات والبكتيريا، يطرح صعوبات علمية ومنهجية دائمة.
وأكد، أن هذا النوع من الأبحاث يتطلب صبرا طويلا ونظرة استراتيجية، إذ أن ما يقارب 70 بالمئة من النتائج التجريبية يتم استبعادها، بينما تستثمر فقط 30 بالمئة منها في الوصول إلى استنتاجات دقيقة، لأن مسار البحث مفتوح على احتمالات غير متوقعة، ولا يمكن التحكم مسبقا في مخرجاته.
ومن بين أبرز التحديات التي واجهها الفريق الذي يشرف عليه، صعوبة تحديد الجينات ذات الصلة الدقيقة بالتفاعل المناعي، فضلا عن التعقيدات التي تواجههم عند محاولة فهم العلاقات الوظيفية والتشابك بين هذه الجينات.
وقال البروفيسور، بأنه وخلال مراحل البحث ظهرت نتائج غير متوقعة تماما، منها التعرف على مجموعة أخرى من الجينات التي يبدو أنها تلعب دورا في التفاعل المناعي، إلا أن دورها الدقيق لا يزال غير مكتشف، ولا تزال العلاقة التي تربطها مع الجينين الأساسيين قيد الدراسة.
نتائج فتحت أفاقا بحثية واعدة
وأشار البروفيسور، إلى أن هذه النتائج فتحت آفاقا بحثية واعدة، حيث يسعى في المراحل المقبلة إلى تعميق البحث حول هذه الجينات الجديدة، وفهم تأثيرها وآليات تدخلها في شبكات الدفاع النباتي، بما قد يقود مستقبلا إلى تحسين قدرة النباتات على التكيف والتعايش مع البيئات المختلفة.
كما أكد، أن نتائج البحث الذي يشرف عليه لا تظل حبيسة المخابر، بل تهدف أساسا إلى تطوير محاصيل زراعية أكثر مقاومة للضغوط البيئية، مثل الجفاف ونقص المغذيات، وذلك من خلال تحسين القدرة التعايشية للنباتات مع البكتيريا المثبتة للنيتروجين.
وأكد، أن هذه النتائج توظف خصوصا مع نبات الفصفصاء أو الألفالفا لما له من أهمية اقتصادية وغذائية كبيرة، كونه نبات غني بالبروتينات التي تشتق في جزء كبير منها من النيتروجين.
وأوضح أن تعزيز قدرة الفصفصاء على تثبيت النيتروجين بطريقة أكثر كفاءة سيؤدي إلى إنتاج أكبر من البروتينات في نفس المساحة الزراعية، وهو ما يسمح حسبه بتحقيق مكاسب مزدوجة، منها تقليل الحاجة إلى الري والمساحات المزروعة، وفي الوقت نفسه تحسين نوعية النبات وقيمته الغذائية، مما يفتح آفاقا مهمة للزراعة المستدامة في البيئات الجافة وشبه الجافة.
وفيما يخص الجانب التطبيقي، كشف المتحدث أن الجزائر انطلقت بالفعل في برامج ومشاريع بحثية لنقل هذه المعارف المخبرية إلى الميدان الزراعي، مؤكدا أن فريقه يعمل ضمن مشروع ممول من طرف الدولة تحت مظلة البرنامج الوطني للبحث (PNR).
وعن واقع البحث العلمي في الجزائر، أشار بن رابح إلى أن البلاد تمتلك كفاءات بشرية وقدرات تكنولوجية عالية في مجال البيولوجيا الجزيئية، ما يجعلها قادرة على دخول غمار المنافسة العلمية العالمية.
و شدّد في المقابل على أن العقبة الكبرى التي ما تزال تعرقل التقدم، تتعلق بـصعوبة استيراد المواد الكيميائية والمستلزمات المخبرية الضرورية.
مضيفا بالقول، أن تسهيل الإجراءات الإدارية وتحديث أنظمة الاستيراد وتوفير المرونة في تسيير التجهيزات والمشتريات العلمية، تمثل أولى خطوات اللحاق الفعلي بالركب العلمي العالمي.
حاز فريق من الباحثين الشباب بمركز البحث في البيئة لولاية عنابة، التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي بقيادة الباحثة ريميتة فريال، على براءة اختراع من المعهد الوطني الجزائري للملكية الفكرية، في أول اختراع لتنقية المياه المستعملة في مجال المحروقات بتقنية النانو الخضراء.
إيمان زياري
وتمكن الفريق مؤخرا، من نيل براءة اختراع لمشروعه الرائد وطنيا، بعدما كان قد قدم ملفا حوله سنة 2023، وهو بحث يعتمد على استعمال تقنية النانو الخضراء الفريدة من نوعها تكنولوجيا، لمعالجة النفايات السائلة.
بدأ المشروع من فكرة للباحثة والدكتورة في البيولوجيا فريال ريمية خريجة جامعة باجي مختار عنابة، حيث التحقت بمركز البحث في البيئة وباشرت نشاطها رفقة الباحثين هناك حول تثمين ورقمنة النفايات والطاقات المتجددة، وكذا مشروع محطة تصفية المياه الملوثة بالمحروقات، إلى جانب مشروع تربية المائيات.
نبتة سامة تحيي مياها ملوثة وتنقذ البيئة
أوضحت صاحبة الفكرة للنصر، أن أولى مراحل مشروع محطة التصفية انطلقت منذ نحو 3 سنوات، عندما دخلت الدكتورة ريمية في شراكة مع المركز، للعمل على بحوث جادة حول التحكم أولا في تقنية النانو الخضراء، ومن ثم استخلاص جسيمات النانو من بعض النباتات، على غرار نبتة «لايلونت» السامة، التي كانت قد صنفت ضمن خانة الخطر من قبل مصالح الغابات.
وقالت، إن ذات المصالح تقدمت في وقت سابق إلى المركز من أجل طلب المساهمة في التخلص من هذه النبتة بطريقة لا تلحق أضرارا بالبيئة، وهكذا أخضعت جسيماتها للتجارب على الفئران أين تم تحديد مستوى التسمم، ومن ثم التأكد من طبيعتها السامة. انتقلت التجارب بعد ذلك إلى المياه وبشكل خاص المياه الملوثة بالمحروقات والمعادن الثقيلة وتم التأكيد بأنها غير سامة.
من أجل اقتصاد دائري
لم تكن انطلاقة فريق الباحثين الذي نجح في تجاربه الأولى حول هذه الجسيمات اعتباطية، حيث أكدت الدكتورة ريمية، أن استراتيجية مركز البحث بعنابة تمركزت دائما حول التوجهات الوطنية والاحتياجات الراهنة.مضيفة، أن المركز يعتمد جملة من الركائز في مقدمتها العمل من أجل تحقيق وإرساء الاقتصاد الدائري، وذلك من خلال التخلص من الأشياء السلبية عبر إعادة استغلالها لأغراض بيئية مفيدة.وأوضحت الباحثة، أن العمل كان عن طريق التخلص من النبتة السامة في الطبيعة عبر نزعها، ثم استغلاها لاستخلاص جسيمات مفيدة خاصة في مجال معالجة وتنقية المياه، وهو موضوع تصنفه في خانة المواضيع الأكثر أهمية في ظل الكثير من المشاكل التي تواجه العالم وليس الجزائر فحسب، بسبب تزايد مخاطر تلوث المياه وشحها، والجفاف الذي يتهدد العديد من المناطق.وقد نجح فريق البحث المكون من 8 أفراد كما أشارت إليه، في إطلاق أول مشروع مصغر بقيادتها، بينما يتولى باقي الفريق مهامه كلا وفق تخصصه، علما أن المجموعة تضم أيضا مهندسا في البيولوجيا ومهندسة في التقنيات وغيرهم.
فعالية حتى في تحلية مياه البحر
ولأن المشروع يرتكز على تنقية المياه الملوثة ومعالجتها، فقد أكدت الباحثة أن التقنية التي يعتمدها فريق العمل من خلال محطة التصفية، لا تقتصر فقط على تصفية المياه الملوثة بالمحروقات أو المعادن، وإنما تمتد فاعليتها إلى عملية تحلية مياه البحر.
وأوضحت أن مياه البحر الواجب تحليتها يجب أن تخضع للمعالجة أولا باعتبارها مياها ملوثة، وهذا هو الدور الذي تقوم به محطة التصفية التي تمكنت من تقديم إضافة ملموسة.
ويشكل المشروع بكل ما يقدمه من فوائد وخدمات لإعادة استعمال المياه الملوثة وتنقيتها، استجابة للقوانين والالتزامات الدولية التي تفرضها الوحدة العالمية للموانئ، والتي تفرض عقوبات على الدول التي تطرح مياها ملوثة في البحار، مما يجعل هذه المحطة نقطة إيجابية في مسار برنامج تنقية المياه على المستوى الوطني.
من الموانئ إلى المؤسسات الصناعية
وكشفت الباحثة فريال ريمية، أنه من المنتظر أن تباشر وحدة تصفية المياه المتنقلة عملها بشكل رسمي على مستوى ميناء سكيكدة، وذلك في إطار تنسيق مشترك مع المركز.
وقالت، إن النتائج الكبيرة التي قدمتها أسالت لعاب العديد من الشركات الصناعية الخاصة، وذلك من أجل الاستفادة من خدماتها في مجال تنقية المياه الملوثة الناتجة عن التصنيع، في إطار سياسة وزارة البيئة التي تفرض على الصناعيين تنقية المياه التي ترمى في السدود أو الوديان كذلك، ومعاقبة كل من يتجاوز ذلك بعقوبات صارمة تصل إلى درجة الغلق النهائي.وأوضحت الباحثة، أن التجارب العملية للوحدة بدأت على مستوى مينائي سكيكدة وعنابة قبل نحو سنة، وكان يفترض تشغيل أول محطة بميناء عنابة، إلا أن بعض العراقيل حالت دون ذلك، فتم التواصل مباشرة مع ميناء سكيكدة. وبعد التجارب جرى تبني المشروع وتقرر وضع وحدة التنقية خلال أجل أقصاه شهر، وبسعة 5 أمتار مكعبة في الساعة.مضيفة، أن سعة الوحدة يحددها الزبون، علما أنها وصلت إلى معالجة 40 مترا مكعبا في الساعة، ما يعني أن الوحدة تتناسب مع حجم المياه الملوثة المراد معالجتها.
ابتكار وصناعة جزائرية خالصة
كما تمكن فريق العمل الذي نجح في صناعة وحدة تنقية المياه الملوثة بالمحروقات أو المعادن الثقيلة، من تقديم منتج جزائري 100 بالمائة، بحيث قالت رئيسة الفريق فريال برتيمة، إن كل ما تم الاعتماد عليه في المشروع جزائري، بداية بالفكرة، والفريق، والكفاءات التي عملت عليه وصولا إلى المواد التي دخلت في عملية الإنجاز، بما في ذلك التجهيزات التي وفرت بالتعاون مع المؤسسة الوطنية للهياكل المعدنية والنحاسية.
ودعت الباحثة، الشباب من خريجي الجامعات إلى المضي قدما في مجال البحث والابتكار، مؤكدة على ضرورة الإيمان بأن الفكرة يمكن جدا أن تتحول إلى حقيقة. لتثني على المراحل المتقدمة التي بلغتها الجزائر في هذا الميدان بفضل فتح الباب أمام المبدعين والشغوفين بخدمة البلاد وتقديم تسهيلات ومساعدات ساهمت في الكشف عن خزان هائل من الكفاءات الشبانية.
ابتكره ابن مدينة الوادي محمد عبد النور دادي
نظام زراعي صديق للبيئة يدمج تربية المائيات في عملية الزراعة
قدم متربص بالمعهد الوطني المتخصص في التكوين المهني بحساني عبد الكريم بالوادي، مشروع تخرج يتمثل في نظام زراعي مبتكر صديق للبيئة، يدمج بين تربية الأسماك والإنتاج الزراعي في دارة مغلقة مزودة بأداة لتصفية المياه الزائدة، ولوحة طاقة شمسية لتشغيلها وقت الحاجة.وقال دادي محمد عبد النور، وهو متربص مستفيد من تكوين تأهيلي موجه للمستفيدين من منحة البطالة، أن مشروع تخرجه عبارة عن تصميم نظام زراعي في دارة مغلقة، تتكون من 04 أنظمة منها حوض لتربية الأسماك، وجهاز لترشيح المياه وتصفيتها، والأحواض المخصصة لاستنبات الشتلات والبذور وتعمل كلها بالطاقة الشمسية.
وذكر صاحب المشروع، أن الحوض المائي المخصص لتربية الأسماك يستغل ما تنتجه هذه الكائنات الصغيرة من نفايات غنية بالعناصر الغذائية للنبات، ويعيد معالجتها لتصبح آمنة للاستعمال عبر أداة مدمجة بمضختين، واحدة تعمل على سحب مياه الحوض وتحويلها إلى نظام الترشيح الذي يزيل الفلتر الميكانيكي للنفايات الصلبة، ومضخة ثانية تدفع المياه المصفاة من أسفل الحوض الغنية بالأسمدة الطبيعية نحو أحواض الزراعة.
وأضاف محمد عبد النور، أن نظام النباتات تمتص العناصر الغذائية المتحللة في المياه وذلك على شكل عناصر غذائية، حيث تتم العملية عن طريق الجذور التي تعتبر مهمة في استمرار دورة المياه أيضا، بداية من صندوق الأسماك، و مرورا بأداة الترشيح التي توظف لأجل تصفية الماء بشكل جيد عن طريق إزالة النترات الزائدة من المياه، ونقلها عبر الجاذبية أو الأنابيب إلى حوض الأسماك.كما تم تخصيص جهاز لتوليد الكهرباء يعمل حسب ذات المتربص، عن طريق الطاقة الشمسية النظيفة والمتجددة، لتشغيل المضخات المثبتة على النظام الزراعي المبتكر في صندوق مياه تربية المائيات، وتدوير جهاز ترشيح المياه المستعملة فيه كذلك، بالإضافة إلى تشغيل جهاز تزويد الأسماك بالأوكسجين في المياه، مؤكدا حرصه على استغلال كل ما هو صديق للبيئة، التزاما بتوصيات الأستاذ المشرف على مشروع.
وأشار المتربص، إلى خاصية نظامه الزراعي الذي يعتمد بالأساس على دورة المياه المستدامة ويقلل من استخدام هذه الثروة بشكل مفرط في الزراعة، ناهيك عما تكلفه من حاجة للطاقة كهربائية وأسمدة كيميائية للزراعة، حيث يسمح بإنتاج الخضروات الطبيعية والأسماك بطريقة مثالية، تضمن الحصول على غذاء صديق للبيئة صالح في المناطق الحضرية والنائية.
ويمكن استغلال المشروع حسب المتحدث، في زراعة المساحات الصغيرة على غرار المشاتل الخاصة باستنبات شجيرات مختلف المزروعات من خضر وفواكه، وذلك في بيئة آمنة بعيدا عن الأمراض التي تتسبب فيها الزراعة في المساحات العادية، وهو ما يؤهله لأن يكون مشروعا يدر على صاحبه أموالا بما يوفره من شتلات للمزارعين.كما يسهل تجسيد هذا النوع من المشاريع في الزراعة على الأسطح، وداخل الأفنية في المنازل لاستزراع نباتات الزينة وحتى الخضروات وبعض الفواكه، التي يمكن أن تنتج في البيوت دون الحاجة لزراعتها بالطريقة الكلاسيكية التي قد تتأثر بالأعشاب الضارة ومختلف عوامل البيئة الأخرى.
ويأمل المتربص مستقبلا في تطوير مشروعه أكثر، بعد الأخذ بعدد من توصيات الأساتذة المشرفين عليه في المعهد، وإدخال بعض التعديلات الأخرى التي تتطلب تثبيت أجهزة ذكية في نظامه الزراعي كأجهزة قياس دراجات الحرارة، والرطوبة، و قوة الرياح، والتي تعزز من قوة المشروع ونجاحه ضمن الأنظمة المثالية كحل مستقبلي للأمن الغذائي المستدام و إدارة موارده. منصر البشير
فرصة الجزائر لتحقيق التحول الطاقوي والاستدامة
الاستثمارات الخضراء تثري الاقتصاد وتقلص البصمة الكربونية
تبرز العلاقة الوثيقة بين التحول الطاقوي والاستثمار الأخضر، كأحد أبرز محاور التحول العالمي نحو تحقيق تنمية مستدامة، في ظل تصاعد التحديات المناخية وتزايد الحاجة الملحة إلى حلول جذرية للحد من الانبعاثات الكربونية، ويرى خبراء أن هذه العلاقة تشكل فرصة ذهبية أمام الجزائر لتنويع اقتصادها وتقليص بصمتها الكربونية، نظرا لتوفر إمكانيات طبيعية هائلة وإرادة سياسية تعترف بحتمية تنويع الاقتصاد الوطني.
إعداد : إيمان زياري
يمثل دمج الطاقة المتجددة قضية حاسمة في السعي لتحقيق التنمية المستدامة على نطاق عالمي، ويشكل جزءا أساسيا في الاقتصاد الأخضر. ومع تزايد المخاوف بشأن تغير المناخ ونضوب الموارد الأحفورية، تقدم الطاقات المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهربائية والطاقة الحرارية الأرضية، استجابة فعالة للتحديات البيئية المعاصرة، بحيث لا يقتصر هذا الاستخدام المتزايد لمصادر الطاقة المتجددة على تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري فحسب، بل يعزز أيضا الانتقال إلى أنظمة طاقة أكثر مرونة واستدامة.
وقد صنفت تركيزات غازات الاحتباس الحراري بحسب تقرير صادر عن هيئة المناخ التابعة للأمم المتحدة في العام 2021، كواحدة من أربعة مؤشرات رئيسية لتغير المناخ التي يفرض علاجها التوقف عن الاعتماد على الطاقة المنتجة من الوقود الأحفوري، الذي يعد السبب الرئيسي لتغير المناخ.
وبحسب تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، فإن هذا الوضع يوجب تسريع التحول إلى الطاقة المتجددة من خلال الاعتماد على تكنولوجيات الطاقة المتجددة وتحسين الوصول إلى المكونات والمواد الخام على مستوى العالم، إلى جانب تحقيق تكافؤ الفرص في مجال تقنيات الطاقات المتجددة، وإعادة توجيه دعم الطاقة من الوقود الأحفوري إلى مصادر متجددة. مع ضرورة توفير استثمارات ثلاثية في الطاقات المتجددة لا يجب أن تقل عن 4 تريليون دولار أمريكي سنويا بما في ذلك الاستثمارات في التكنولوجيا والبنية الأساسية، لتحقيق هدف الانبعاثات الصفرية الصافية بحلول عام 2050.
خفض انبعاثات الكربون.. تحدي الاقتصاد الأخضر
وبينما يعبر التحول الطاقوي عن التوجه نحو استخدام مصادر طاقة نظيفة ومتجددة، يمثل الاستثمار الأخضر الآلية المالية والاقتصادية التي تدعم هذا التحول وتسرع من وتيرته، إذ يمثل خفض انبعاثات الكربون تحديا رئيسيا للتنمية المستدامة، وتلعب الطاقة المتجددة دورا محوريا في هذا المسعى، فمن خلال استبدال الوقود الأحفوري ببدائل متجددة مثل الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة الكهرومائية، يمكن خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بشكل كبير.
ووفقا لوكالة الطاقة الدولية، فإن التحول الكبير إلى هذه الأنواع من الطاقة، يمكن أن يقلل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية بنسبة تصل إلى 70 بالمائة بحلول سنة 2050، مما يسهم في الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ.
وعلى عكس محطات الطاقة التي تعمل بالفحم أو الغاز، والتي تصدر كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون لدى حرق الوقود الأحفوري، تولد محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، الكهرباء دون أي عملية ملوثة، فضلا عن أن استخدام تقنيات وأنظمة إدارة طاقة أكثر كفاءة يزيد من كفاءة الطاقة الإجمالية، مما يحد من الطلب على الوقود الأحفوري وعواقبه البيئية.
* الخبيرة في الطاقات المتجددة الدكتورة كريمة قادة تواتي
فرصنا كبيرة لتنويع اقتصادنا في ميدان ما يزال فتيا
قالت الخبيرة في مجال الطاقات المتجددة، وعضو المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الدكتورة كريمة قادة تواتي، إن الجزائر تمتلك قدرات هائلة في ميدان الطاقة المتجددة، وفرصا كبيرة لتنويع اقتصادها في إطار ما يصطلح عليه بالاستثمارات الخضراء، خاصة في ميدان الطاقات المتجددة الذي ما يزال فتيا جدا في الجزائر، ويمكنه أن يفتح باب التصنيع وبطاقات هائلة بدلا من اللجوء للاستيراد.
وترى الخبيرة، أن استمرار الاعتماد بشكل كبير على عائدات صادرات النفط والغاز، يجعل من اقتصاديات الدول هشة أمام تقلبات أسعار السوق العالمية، ويقيد نمو قطاعات أخرى، وهنا تبرز الاستثمارات الخضراء كخيار إستراتيجي لا غنى عنه لتأمين مستقبل اقتصادي ومراع للبيئة. معتبرة، هذا التحول أكثر من ضروري وقدمت قراءات إيجابية حول مستقبله في ظل امتلاك الجزائر لإمكانيات طبيعية ضخمة في مجالي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وقالت، إنها مزايا طبيعية تجعل الاستثمارات الخضراء ممكنة و ذات كفاءة في إنتاج الطاقات المتجددة، والإدارة المستدامة للموارد والحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، فهي لا تتيح حسبها، تنويع مصادر الطاقة وتقليص الاعتماد على المحروقات فحسب، بل تسهم أيضا في تنويع الاقتصاد الجزائري ككل، كما تعزز الأمن الطاقوي للبلاد عبر الحد من التبعية لتقلبات أسواق الوقود الأحفوري.
موارد طبيعية هائلة وتشريعات ملائمة
كما تؤكد الدكتورة قادة تواتي، على أن هذا الواقع يجعل من التحول الطاقوي مشروعا وطنيا واعدا، تتصدره الطاقات المتجددة وكفاءة استخدام الطاقة، إلا أنها تعترف بصعوبة تحقيق ذلك دون جهود منسقة واستثمارات كبيرة، وتهيئة بيئة مشجعة.
ويشمل السعي، تحديث البنية التحتية أولا لتكون أكثر ذكاء ومتانة مع تكييف الشبكة الكهربائية وتطوير حلول التخزين، كما يحتاج الأمر حسبها لاستثمارات كبرى في الطاقات المتجددة التي تعتبر فرعا في الاقتصاد الأخضر، مدعومة بإطار تنظيمي مستقر وجذاب يعزز الاستثمار وتطوير المشاريع، ويسهل استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية والشركات التكنولوجية.ويتطلب إنجاح هذا التحول كما تضيف المختصة في الطاقات المتجددة، جهودا ضخمة على مستوى التشريعات، وذلك من خلال إنشاء بيئة تشريعية مستقرة وجاذبة للاستثمار، من أجل تشجيع المشاريع الخضراء واستقطاب الشركاء الدوليين والتمويلات الخارجية، خاصة في ظل المنافسة الإقليمية المتزايدة في مجال الانتقال الطاقوي.
محاور إستراتيجية للتحول
ومن بين أهم المحاور التي يجب التركيز عليها، ذكرت الخبيرة، تشجيع الكفاءة الطاقوية خاصة في قطاعات البناء والصناعة، من خلال التوجه نحو مبان ذات طاقة إيجابية قادرة على إنتاج جزء من حاجياتها عبر الطاقة الشمسية، إلى جانب توسيع استخدام الشبكات الذكية المحلية التي تعتمد على مصادر متجددة وأنظمة تخزين متطورة، ما يمنح المجتمعات المحلية استقلالية طاقوية أكبر.
كما تركز على الاستثمار في مواد تخزين مبتكرة مثل البطاريات عالية الكثافة وطويلة العمر لتلبية الطلب المتزايد، مع الحرص على بناء اقتصاد دائري شامل قائم على إعادة التدوير وإعادة استخدام المكونات الطاقوية، في سبيل تقليص الهدر وتعزيز الاستدامة.
كما يطلب هذا التحول من جانب آخر بحسب المتحدثة، إرادة سياسية حقيقية تتجسد في استراتيجية وطنية واضحة، واستثمارات موجهة وشراكة فاعلة بين الدولة والقطاع الخاص، كما تبرز الحاجة إلى تعبئة التمويل الأخضر والشراكات الدولية وتكوين كفاءات وطنية قادرة على قيادة هذا التحول البيئي الاقتصادي.
وأكدت الخبيرة في الطاقات المتجددة كريمة قادة تواتي، أن وزارة الطاقة والطاقات المتجددة كانت قد وضعت برنامجا خاصا خلال سنة 2011، يتضمن إنتاج 22 ألف ميغا واط بحلول عام 2030، تندرج ضمنه الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة الكهرومائية. وقد أعيد تجسيده سنة 2015، بعد دراسة لتقييم السياسات العمومية في الانتقال الطاقوي، خاصة وأن المشروع لم يتحقق أو يجسد بالمستوى المطلوب ولم يحقق سوى 4 بالمائة من التطلعات.
مستقبل واعد لتصنيع الألواح الشمسية وتجهيزات الطاقة المتجددة
وترى الدكتورة قادة تواتي، أنه في ظل توفر إرادة الدولة وحرص الرئيس على تنويع الاقتصاد خارج المحروقات، فإن ما أنجز إلى غاية الآن يعتبر مقبولا، لكنه يفرض استغلال الإمكانيات الهائلة للجزائر بشكل أكبر خاصة في ميدان الطاقة الشمسية، لأننا نمتلك أكبر حقل شمسي، مما يشجع التوجه نحو الاستثمار في كل سلاسل الإنتاج بداية من الألواح الشمسية، ووصولا إلى كل التجهيزات التي تدخل في عملية إنتاج الطاقة الشمسية.
وتحدثت الخبيرة أيضا، عن غنى الجزائر من حيث المعادن خاصة السيليسيوم، وهو ما يجعل النجاح في إنتاج ألواح الطاقة الشمسية مشروعا واعدا، و الاستثمار في كل التجهيزات حتى الأسلاك الكهربائية التي يمكن تصنيعها ضروريا.مؤكدة، أنه وعلى الرغم من أن الجزائر حققت إنتاج طاقة من مصدر الشمس والرياح لم يتعد 4 بالمائة، إلا أنها تمتلك من القدرات ما يسمح بتجاوز هذا الحد، في ظل وجود فرص كبيرة لتحقيق تنوع اقتصادي في حقيقي وتحول آمن وناجح نحو الطاقات المتجددة والاستثمار الأخضر التي تعتبره فتيا ولم يخضع للتطوير اللازم.وقد أرجعت السبب، إلى حجم البرنامج الضخم والمقدر بإنتاج 15 ألف ميغا واط فقط في الطاقة الشمسية، مما يجعل النجاح في فتح مصانع لإنتاج الألواح الشمسية مثلا أمرا ناجحا 100 بالمائة.وبحسب برنامج وزارة الطاقة، فإن تطبيق هذا البرنامج الوطني لكفاءة الطاقة على أرض الواقع، سيؤدي إلى خفض نمو الطلب على الطاقة بشكل تدريجي، وبالتالي سيبلغ إجمالي موفور الطاقة المحققة حوالي 93 مليون طن مكافئ نفطي. منها 63 مليون طن مكافئ نفطي بحلول عام 2030 والباقي يأتي بعد ذلك.
وهذا ما يوضح كما أوضحت الباحثة، أهمية البرنامج المذكور لتوفير الطاقة، والذي يتطلب تنفيذ مجموعة من التدابير بما في ذلك إشراك الأطراف المعنية في القطاعين العام والخاص، وتكييف الإطار القانوني الذي يحكم كفاءة الطاقة.