ثمّن نواب الأغلبية البرلمانية ما جاء به مشروع قانون المالية و الميزانية لسنة 2019 الذي شرعوا أمس في مناقشته وبخاصة منه حفاظه على الطابع الاجتماعي للدولة وتخصيص نسبة مهمة للتحويلات الاجتماعية، أما بعض نواب المعارضة فقد انتقدوا بشدة سياسية التقشف المتبعة منذ أربع سنوات وقالوا إن  محتوى المشروع لا يستجيب لتطلعات فئات عريضة من المواطنين في هذه المرحلة.
شرع نواب المجلس الشعبي الوطني أمس في مناقشة مشروع قانون المالية والميزانية لسنة 2019 مباشرة بعد عرضه من طرف وزير المالية عبد الرحمان راوية، بحضور عدد من أعضاء الحكومة، و قد ثمّن نواب الأغلبية خاصة من حزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي التدابير التي جاء بها القانون عموما.
 وتوقف العديد من النواب المتدخلين في جلسة أمس عند الجانب الاجتماعي من القانون حيث لم يفرض رسوما جديدة، و حافظ على الطابع الاجتماعي للدولة وخصص نسبة معتبرة تقدر بـ 8.2 بالمائة من الناتج الداخلي الخام للتحويلات الاجتماعية، وقال النائب عن الآفلان حكيم بري إن الدعم العمومي لابد أن يكون أكثر عدالة وأكثر شفافية.
 من جانبه ثمن النائب عبد الحميد سي عفيف عن ذات الحزب المؤشرات الواردة في القانون وتقيده بتعليمات رئيس الجمهورية في الحفاظ على البعد الاجتماعي للدولة وعلى مكاسب المواطنين، كما عبر المتحدث عن ارتياحه لمواصلة الدولة تمويل المشاريع العمومية ورفع التجميد عن بعضها وتخصيص 100 مليار دينار لتنمية البلديات، وطالب بضرورة مرافقة هذه التخصيصات بترشيد أكبر للموارد وإصلاح شامل للجباية المحلية.
كما دعا سي عفيف الحكومة إلى ضرورة إيجاد مداخيل أخرى لتعويض العمل بالتمويل غير التقليدي بداية من 2019 وقال إنه ما عليها سوى الالتزام بتعليمات رئيس الجمهورية في هذا الجانب.
أما النائب محمد قيجي عن التجمع الوطني الديمقراطي فبعد أن ثمن هو الآخر تحمل الدولة وزر الأزمة الاقتصادية مقابل الحفاظ على الطابع الاجتماعي وتكريسه، انتقد واقع الاستثمار حاليا، وقال إن الدولة ورغم تقديم تسهيلات كبيرة للاستثمار الخاص إلا أننا لا نكاد نجد له أي أثر اجتماعي واقتصادي، بالمقابل ثمن حجم الاستثمار العمومي الذي تقوم به الدولة.
 وفي نفس السياق ذهب زميله في الحزب محمد العيد بيبي إلى انتقاد بعضا من أنواع الاستثمارات خاصة منها تركيب السيارات التي تبقى دون المستوى المطلوب خاصة فيما يتعلق بنسبة الإدماج، وتساءل عن تراجع إنتاج الاسمنت وفوضى منح التراخيص وفتح باب للاستيراد العشوائي من جديد، وتساءل هل للحكومة القدرة على مراقبة تضخيم الفواتير؟، وطالبت فتيحة موسلي عن الأرندي أيضا بتحويل الأموال المخصصة لكرة القدم إلى الرياضات الجماعية فقط.
 ودعا عبد القادر عبد اللاوي إلى ضرورة تنويع الصادرات الجزائرية وحمايتها في السوق العالمية وتكثيف الاستكشافات البترولية، أما النائب عبد الباقي طواهرية ملياني عن الآفلان أيضا فقد نوه بالأهمية التي توليها الدولة للجانب الاجتماعي ودعا إلى رفع التجميد عن المزيد من المشاريع الإستراتيجية، لكنه انتقد مناخ الأعمال وقال إنه لا يزال يعرف بعض العراقيل.
  من جهة المعارضة انتقد رمضان تعزيبت عن حزب العمال المشروع وقال إنه لا يستجيب بصورة عامة لتطلعات المواطنين في هذا الظرف بالذات لأن سياسة التقشف نتج عنها توسع رقعة الفقر بسبب تجميد التوظيف والمشاريع ولو تم رفع هذا التجميد عن المشاريع بصفة جزئية.
 و بحسب المتحدث فإن المشروع لا يصحح الانعكاسات السلبية لقوانين المالية السابقة وهو يقترح فقط 18 ألف منصب شغل جديد لسنة 2019 في حين أن الطلبات تقدر بمئات الآلاف، فضلا عن انهيار القدرة الشرائية بسبب تراجع قيمة الدينار بـ 57 من المئة، والتهاب الأسعار وتجميد الرواتب، لذلك يقترح الحزب رفع الأجر الوطني الأدنى المضمون لاسترجاع ما فقد في تراجع القدرة الشرائية.
كما انتقد تعزيبت أيضا لجوء الحكومة إلى الصندوق الوطني للاستثمار لتعويض العجز في الصندوق الوطني للتقاعد وقال إنه كان لابد أن يعوض من الخزينة العمومية لأن سياسة التشغيل هي السبب في هذا العجز.
نفس الاتجاه ذهبت فيه زميلته في الحزب نادية شويتم التي قالت بأنه من المستحيل فرض رسوم جديدة على المواطنين بعد أربع سنوات من التقشف التي أدت- حسبها- إلى انزلاق ملايين العائلات نحو الفقر، وتساءلت هل تعي الحكومة ما معنى سياسة التقشف؟ ثم استعرضت بعضا من نتائج هذه السياسة -حسب تفسيرها- منها انهيار الخدمة العمومية و بقاء مئات آلاف المرضى دون علاج، وموت حوامل بسبب عدم وجود القابلات في العديد من المستشفيات، ونقص الأدوية والمعدات الطبية، وأضافت أن هذا الوضع بصدد تحول نوعي قد يؤدي مستقبلا إلى تهديد الاستقرار والوحدة الوطنية.
وبرأيها فإن الحل في رفع التجميد عن المشاريع وتوظيف العدد المطلوب في كل قطاع وتعويض الموظفين الذين يذهبون إلى التقاعد حتى لا يذهب نظام الضمان الاجتماعي نحو الزوال، واعتبرت البطالة قنبلة موقوتة تهدد الجميع.
نشير فقط أن المداخلات تضمنت أيضا انشغالات محلية، وجدد نواب الموالاة فيها دعمهم خيار الاستمرارية، وشهدت جلسة اليوم الأول من مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2019 مقاطعة العديد من نواب المعارضة على غرار نواب الارسيدي، والأفافاس و الاتحاد من أجل النهضة العدالة والبناء، ولم يحضرها سوى بعض نواب العمال وحركة مجتمع السلم.
و يبلغ عدد المتدخلين المسجلين 200 نائب وستتواصل المناقشة اليوم على أن يرد الوزير في الختام على كل تساؤلات النواب.
إلياس -ب

الرجوع إلى الأعلى