اقتــراح إلــزام الخــواص بتسخيـــر المــوارد لفائــدة المستشفيـــات العموميــــة
 حذر رئيس نقابة الأطباء الاستشفائيين البروفيسور رشيد بلحاج من ارتفاع نسبة الوفيات لدى النساء الحوامل، محملا المسؤولية بالدرجة الأولى إلى القطاع الخاص بسبب عجزه عن التكفل بالحالات المستعصية وتحويلها في آخر لحظة إلى المستشفيات العمومية، التي تعاني بدورها من تراجع فادح في عدد الأخصائيين بعد أن هاجر كثير منهم إلى الخارج.
وأرجع البروفيسور رشيد بلحاج إشكالية وفاة النساء الحوامل عند الولادة، رغم الميزانية الضخمة التي تخصصها الدولة سنويا لقطاع الصحة، إلى الخلل في التكفل الطبي بهذه الشريحة على مستوى العيادات الخاصة، مؤكدا «للنصر» أن عيادات التوليد الخاصة تتجاهل الوضع الصحي المعقد للمرأة الحامل، رغم علم الطبيب المعالج مسبقا باحتمال تعرضها إلى مضاعفات صحية خطيرة، ومع ذلك لا يتم تحويلها إلى المؤسسات الاستشفائية الجامعية إلا حين تصل إلى وضع خطير يتجاوز الإمكانات البشرية والمادية التي تتوفر عليها عيادات التوليد الخاصة، وذكر على سبيل المثال حالة وفاة إمرأة حامل مؤخرا بالعفرون بولاية البليدة بسبب غياب الطبيب المختص على مستوى العيادة الخاصة التي قصدتها.
وتعكس نسبة الوفيات لدى الأطفال حديثي الولادة وكذا النساء الحوامل مستوى أداء المنظومة الصحية في كل بلد، وفق تأكيد رئيس نقابة الأطباء الاستشفائيين، فكلما انخفض العدد كانت المنظومة الصحية ناجحة، موضحا بأن الوفيات لدى النساء الحوامل في الجزائر تقتصر على الولادات الصعبة أو المستعصية، بسبب النقص الفادح في الموارد البشرية على مستوى المناطق الداخلية، خاصة ما تعلق بالمختصين في الإنعاش والتخدير، إلى جانب غياب أطباء النساء والتوليد خلال الفترات الليلية على مستوى العيادات الخاصة، التي تكتفي بتوفير قابلات فقط، فضلا عن عدم توفرها على سيارات إسعاف لتحويل الحالات الخطيرة إلى المستشفيات العمومية وكذا مخزون كافي من الدم، مما يضطر أهل المريضات لتحويلهن إلى القطاع العام، غير أن تعقيد الحالة الصحية لبعضهن يجعل من إنقاذ حياتهن مهمة مستحيلة، نظرا لوصولهن إلى المستشفيات في وضع جد متدهور.
كما أثار البروفيسور بلحاج قضية هجران الأطباء الأخصائيين الاستشفائيين إلى القطاع الخاص أو إلى الخارج، بحثا عن أوضاع مادية ومهنية أفضل، مؤكدا بأن التعويضات المالية التي يتقاضاها الأخصائيون نظير ضمان المداومة بالمؤسسات الاستشفائية الجامعية ما تزال جد ضئيلة، مقارنة بالجهود التي يبذلونها، وذكر على سبيل المثال المختصين في طب النساء والتوليد حيث تقدر منحة المداومة بالمستشفيات العمومية ب 2000 دج  فقط في الليلة الواحدة، في حين يمكن للأخصائي المداوم إجراء أكثر من عملية قيصرية، ويرتفع هذا المبلغ إلى أزيد من 5 ملايين سنتيم في القطاع الخاص.
واقترح المصدر من أجل معالجة هذا الخلل، تحسين الظروف المادية والمهنية للأطباء الأخصائيين، مع الإسراع في إصدار النصوص التطبيقية لقانون الصحة الجديد الذي يفرض على القطاع الخاص تقديم خدمات صحية متكاملة لفائدة المرضى، مع تسخير موارده البشرية التي صرفت الدولة الملايير من أجل تكوينها وتأهيلها، لفائدة القطاع العام في حال دعت الضرورة إلى ذلك، علما أن قانون الصحة الحالي يتضمن حوالي 100 نص تنظيمي لم يصدر بعد، من بينها ما يتضمن التنسيق بين القطاعين العام والخاص في مجال ضمان التغطية الصحية والحفاظ على الصحة العمومية.
وأكد البروفيسور رشيد بلحاج بأن القطاع الخاص يعتمد على الموارد البشرية التابعة للقطاع العام في ضمان تسيير هياكله، من بينهم ممرضون ومختصون في الإنعاش والتخدير وأطباء النساء والتوليد، ويحقق مقابل ذلك أرباحا طائلة، دون المساهمة إلى جانب القطاع العام في ضمان التغطية الصحية الشاملة للحوامل وحديثي الولادة، مما يستوجب وفق المصدر، ضرورة إصدار النصوص التطبيقية لقانون الصحة الجديد، مذكرا بأن الجزائر تسجل سنويا حوالي 50 حالة وفاة من ضمن 100 ألف امرأة حامل.
كما دعا المتحدث وزارة الصحة إلى تبني التجارب الناجحة للدول التي تمكنت من الحفاظ على مواردها البشرية في قطاع الصحة، باستحداث آليات جديدة لتحسين الظروف المهنية  للأطباء الأخصائيين، لتحسين مستوى أداء المنظومة الصحية.    لطيفة/ب

الرجوع إلى الأعلى