جسّدت أشغال الجمعية العامة العادية للفاف، الوضع المتردي الذي تعيش على وقعه المنظومة الكروية الوطنية، وذلك باندلاع صراع «علني»، بين الرئيس الحالي للاتحادية خير الدين زطشي وسابقه محمد روراوة، بلغ الذروة، بنشر الغسيل وتبادل الاتهامات بخصوص الصفقات «المشبوهة»، وتحميل كل طرف للآخر، مسؤولية تدهور وضعية كرة القدم الجزائرية، الأمر الذي جعل هذه الدورة، فضاء مواتيا لمسايرة الوضع الراهن للبلاد، بالحديث عن «الفساد» الرياضي، والإصرار على مواكبة «الحراك» الشعبي، من خلال التغيير الجذري، والمطالبة بفتح تحقيقات تجر المتسببين إلى أروقة العدالة.
وحاول الرئيس السابق للفاف محمد روراوة سرقة الأضواء، من خلال «الخرجات» التي قام بها، عند إقدامه على التحفظ على سير أشغال الدورة في 4 مناسبات ومغادرته القاعة، قبل أن يدلي بتصريحات ساخنة، وجه فيها اتهامات مباشرة لخليفته على رأس الاتحادية خير الدين زطشي، بالعودة إلى قضية الشرعية، والتأكيد على أن المكتب الفيدرالي الحالي، نصبه الوزير الأسبق لقطاع الشباب والرياضة الهادي ولد علي، تنفيذا لتعليمات تلقاها من الجماعة التي أصبحت تسمى «العصابة»، الأمر الذي جعله يلح على ضرورة مسايرة «الحراك» الشعبي، والمطالبة بإضفاء الشرعية على الفاف.
إلى ذلك، فإن روراوة اتهم الطاقم الحالي للاتحادية بإبرام صفقات «مشبوهة»، سيما العقد المتعلق بالعتاد الرياضي مع شركة «أديداس»، والذي اعتبره إهانة للكرة الجزائرية، وأكد بأن القيمة المالية المتداولة فاقت كل التوقعات، إضافة إلى عقود «السبونسور»، والتي ذهب إلى حد التشكيك في مصداقيتها وحقيقة تجديدها، فضلا عن حديثه عن وجود ثغرة مالية في حصيلة الفاف، بقيمة 12 مليار سنتيم.من الجهة المقابلة، فقد أكد الرئيس الحالي للفاف خير الدين زطشي، بأن حديث بعض الأطراف عن «الحراك» الرياضي أمر منطقي، وقد أبدى استعداده لإحالة الوضعية المالية على التحقيقات، لكنه اشترط في سياق متصل تمديد دائرة التحريات إلى الفترات السابقة من التسيير، وتوسيعها حتى إلى كل من له علاقة بالمنظومة الكروية الوطنية، سيما الجماعة التي ما فتئت تنصب نفسها المسؤول الأول، والوحيد عن تسيير «كواليس» الكرة الجزائرية.واعتبر زطشي خرجة روراوة مجرد مناورة فاشلة، وأوضح بالمقابل بأن اللجوء إلى الجهات القضائية، يبقى من بين الخطوات الواجب قطعها، لتحميل كل طرف مسؤوليته في الوضع الراهن للمنظومة الكروية الوطنية، وأكد بأن هذه المناورة جسدت رغبة الجماعة السابقة في العودة إلى عرش الزعامة في مبنى دالي إبراهيم، وأنها لم تتقبل التواجد خارج المنظومة، بعد سنتين من التغيير.هذا، وتبقى قضية 700 مليار سنتيم جوهر «الخلاف» بين زطشي وروراوة، بسبب إلغاء مشروع الفندق الذي تم تسجيله في سنة 2012، وتحويل القيمة المالية لانجاز مراكز للتكوين، وهو الملف الذي تسبب في طفو قبضة حديدية بين الرجلين، بلغت درجة التراشق بالتهم، وتوجيه كل طرف أصابع الاتهام لخصمه، والتأكيد على عدم نجاعة العملية المسجلة بهذه القيمة من ميزانية الفاف.تواصل لعبة القط والفأر بين الرئيس الحالي للاتحادية وسابقه، فتح باب التساؤلات على مصراعيه، مادامت لغة الأرقام قد وضع مبالغ بالملايير مع صراع «علني»، بين آخر مسؤولين على تسيير المنظومة الكروية الوطنية، في الوقت الذي كانت فيه الفرصة مواتية للحديث عن نشاط ما تسمى «العصابة»، وضلوعها في شؤون الكرة الجزائرية بطريقة مباشرة، مما جعل مخطط «الانقلاب» على زطشي يدرس في «الكواليس» قبل موعد أول أمس، سعيا لتمديد «الحراك» الشعبي إلى الهيئات الكروية الوطنية، لكن هذا المخطط تم إبطال مفعوله، غير أنه دفع بالرئيس الحالي للفاف إلى التلميح إلى الرحيل في نهاية عهدته، حجته في ذلك فسح المجال لكفاءات قادرة على تقديم الإضافة، وبالتالي تجسيد مبدأ التداول على السلطة.                 
ص / فرطــاس

الرجوع إلى الأعلى