بعد مرور أزيد من مئة يوم على انطلاق الحراك الشعبي
إصرار على رحيل رموز النظام  ورفض الحوار معها
لم تمنع حرارة الطقس وأجواء عيد الفطر المواطنين من الخروج إلى الشارع في مسيرات كبيرة بشرق البلاد، أمس، في الجمعة رقم 16 على التوالي، مصرّين على تحقيق مطلب رحيل رموز النظام السابق قبل الدخول في أي حوار.
خرج المتظاهرون بولاية قسنطينة مثلما جرت عليه العادة مند 22 فيفري الماضي، إلى وسط المدينة رافعين شعارات تدعو لرحيل كافة رموز النظام السابق، مؤكدين أن القطيعة مع نظام الحكم السابق وحدها الكفيلة بموافقة الشعب على الانطلاق في مرحلة بناء جمهورية ثانية على أسس ديمقراطية.
ولم يمر خطاب رئيس الدولة عبد القادر بن صالح مساء الخميس، مرور الكرام على المتظاهرين بقسنطينة بل ردّدوا هتافات ترفض مواصلته لمهامه، مطالبين برحيله شأنه في ذلك شأن الوزير الأول نور الدين بدوي وكامل الطاقم الوزاري، مع تجديدهم مطلب أن تكون الدولة القادمة دولة مدنية ذات أسس ديمقراطية متينة، وبالمقابل رأى جزء من المتظاهرين أن مرحلة الحوار قد حانت ويجب الانخراط في هذا المسعى مع تحميل النخبة مسؤوليتها تجاه الشعب، ومطالبتها بالنزول إلى الشارع من أجل طرح أفكار ومحاولة إقناع المواطنين بمقترحاتها، مع رفض الدخول في مرحلة انتقالية وما يمكن أن يترتب على البلاد من مخاطر خصوصا في مرحلة حساسة مثل الذي تمرّ به منطقة من مشاكل سياسية، معتبرين أن الحل الأنسب هو انتخاب رئيس للجمهورية يعمل على إقامة أسس ديمقراطية خلال عهدة رئاسية وحيدة تكون بمثابة مرحلة انتقالية.
وتحت درجة حرارة اقتربت من الأربعين خرج المئات من سكان ولاية قالمة في مظاهرة سلمية حاشدة انطلقت من ساحة الولاية وبالقرب من مقر المجلس الشعبي الولائي ونصب الرئيس الراحل هواري بومدين باتجاه شارع سويداني بوجمعة بقلب المدينة القديمة. ورفع المتظاهرون شعارات مطالبة بتغيير ما تبقى من رموز النظام وتجسيد استقلالية العدالة عن مراكز القرار والتوجه نحو جزائر جديدة تسودها العدالة والديموقراطية والرخاء. وجدّد سكان قالمة عزمهم على مواصلة التظاهر حتى تحقيق كل مطالب الحراك.
«تيفو» قصر الشعب يحجب للمرة الثانية
خلافا للمسيرات السابقة، عرفت مسيرة الأمس بولاية برج بوعريريج، تشتتا في صفوفها، وهو ما برز في تشكل مجموعات منعزلة عن بعضها البعض، بمطالب وشعارات ورايات متفرقة، فماعدا المطالب التقليدية المنادية برحيل رموز النظام بمن فيهم رئيس الدولة عبد القادر بن صالح و حكومة بدوي، والتأكيد على سلمية المسيرة، برزت إلى العلن صراعات وانقسامات في مطالب أخرى، كما تسللت إلى مسيرة هذه الجمعة مطالب اجتماعية.
و أكد أغلب المتظاهرين دعمهم للمؤسسة العسكرية بترديد شعارات «الجيش الشعب خاوة خاوة» و رفع لافتات كتب عليها أن الجيش خط أحمر، فيما خالفتهم مجموعات أخرى طالبت بمحاسبة الجميع، ما خلف انقساما وصراعات بين المتظاهرين، وفيما يتعلق بنداء رئيس الدولة إلى فتح الحوار، والإسراع في تنظيم الانتخابات الرئاسية، برزت استجابة وسط المتظاهرين شريطة رحيل رموز النظام، فيما وصفها البعض الأخر باللاحدث رافضين الحوار مع السلطة الحالية، ومطالبين بالتغيير الشامل. كما تجدر الاشارة، إلى إلغاء فكرة «التيفو» للأسبوع الثاني أين شكلت رسائله الحلقة الأبرز لمطالب الحراك قبل أن تتحول إلى مصدر خلاف وصراعات، ما جعل منظميها يحجبونها للمرة الثانية، تجنبا لأية انزلاقات أو صراعات بين المتظاهرين بحسبهم، التي تزايدت في الأسابيع القليلة الأخيرة، بعد تحقيق عديد المطالب برحيل بعض رموز النظام وتفعيل دور العدالة، ليظهر بعدها تشتت في المطالب، برز بوضوح في محاولة تخوين القائمين على الفكرة واتهامهم بمحاولة كسر الحراك.
كما خرج العنابيون في الجمعة 16 ليِؤكدوا رفضهم التفاوض والحوار مع رموز النظام السابق ممثلين في رئيس الدولة والوزير الأول نور الذين بدوي، معتبرين خطاب بن صالح أول أمس، باللاحدث ولم يأت بالجديد. واعتبر المتظاهرون من خلال هتافاتهم وشعاراتهم بأن الشعب هو السيد رافضين املاءات ومقترحات السلطة في الذهاب إلى انتخابات رئاسية دون ضمانات لتكون شفافة. داعين إلى رحيل الباءات وكل المسؤولين في نظام بوتفليقة كشرط أساسي للحوار، مطالبين بدولة مدنية، وفي نفس الوقت متمسكين بشعار «جيش الشعب خاوة خاوة» كما رددوا طويلا الأناشيد الوطنية والثورية.
مطالب بدولة القانون بسطيف وجيجل
بسطيف شارك المواطنون في المسيرة بأعداد كبيرة، وبالمكان المعتاد، رغم الحرارة الشديدة التي ميزت عاصمة الهضاب العليا، وقد ردد المتظاهرون العديد من الشعارات المنددة بالخطابات الجوفاء حسبهم، رافضين الانتخابات إلى غاية رحيل العصابة والباءات، كما رافعوا لصالح الدولة المدنية وحرية التعبير والصحافة، ومن بين الشعارات المرفوعة «لا للخونة والانتهازيين»، «جزائر حرة ديمقراطية»، «ارحلوا جميعا ونريد دولة القانون»، «لا تمديد لا تجديد الرحيل يا رموز الفساد»، تبقى الإشارة في الأخير، أن الحرارة الشديدة، تسببت في تفرق الحشود.
كما خرج، أمس، متظاهرون في مسيرة عبر شوارع عاصمة الكورنيش الجيجلي، مطالبين برحيل الباءات الثلاثة، ورفض الحوار مع أوجه النظام السابقين. ودعا المتظاهرون خلال المسيرة، بن صالح إلى الرحيل، رفقة بدوي و حكومته، و التي تعني حسبهم، حكومة النظام السابق، مؤكدين بأن مطالب الشعب واضحة و صريحة، و التي لن تقبل التفاوض مع أوجه النظام الحالي، مشيرين بأن لغة الحوار قائمة ومفهومة لدى الجميع، والتي تتطلب الحوار مع أوجه سياسية نزيهة وتفهم مطالب الشعب، رافضين خطاب بن صالح، والذي لم يأت بالجديد حسب المتحدثين،  كما طالب المشاركون من المؤسسة العسكرية، الاستجابة لمطالب الشعب ومواصلة الضغط برحيل أوجه النظام الفاسد، مطالبين بمحاسبة ومحاكمة كل المتورطين في خيانة الشعب و طموحته، و الشروع في محاسبة كل المسؤولين عبر مختلف المستويات، و إجراء تحقيقات عاجلة. وشهدت ساحة عباس لغرور بوسط مدينة خنشلة بعد ظهر أمس تنظيم تجمع حاشد ، حيث عبّر المتظاهرون عن رفضهم للنظام الحالي ولأفراد العصابة، مطالبين بذهاب الباءات المتبقية والعمل على بناء دولة مدنية قوية تستمد قوتها من قوة الشعب الرافض لكل مظاهر الظلم والحقرة وتعمل على بناء دولة عصرية قوامها العدالة الاجتماعية والمساواة بين كل أفراد الشعب. المتظاهرون حملوا لافتات ورايات وطنية كعادتهم في كل جمعة، تتضمن شعارات ومطالب الحراك ووقوفه مع الجيش الوطني الشعبي وتعلن وقوفها معه ضد كل مساس بالجيش الوطني الشعبي وبقيادته التي تعمل على تطهير البلاد من الخونة والفاسدين واسترجاع خيراتها المنهوبة من طرف أفراد العصابة. ومن أعلى مبنى قاعة سينماتيك أطلق شبان «تيفو» كبير يختصر مطالب وتصورات القاعدة النضالية بخنشلة التي تتجسد أساسا في بناء دولة مدنية بمرجعية نوفمبرية متشبعة بقيم الروح الوطنية.
مسيرات تحت حرارة تجاوزت 40  درجة
كما خرج المواطنون عصرا بالوادي تحت درجة حرارة تفوق 40 في الظل، مرددين الشعارات نفسها التي أطلقها شباب الحراك من أول الجمعات ورافضين أي حوار في ظل الوجوه القديمة وعلى رأسها ما تبقى من الباءات في مقدمتها عبد القادر بن صالح ونور الدين بدوي، والتي تمثل رمز التزوير والفساد ولا يمكن أن يشرف على حوار أو انتخابات أشخاص كانوا ضمن لعبة نظام أسقطه الحراك، كما رفع الشباب شعارات جانبية تطالب بوقف تلويث الخزان الكبير في باطن الأرض من مياه جوفية. و بتبسة لم تشذ المسيرة عن سابقاتها، سواء من حيث التنظيم أو الشعارات أو الهتافات، وجدد المشاركون فيها إصرارهم على رحيل عدد من وجوه النظام، وفي مقدمتهم بن صالح وبدوي، وتوسعت المطالب إلى رحيل بعض المسؤولين وبرلمانيين وعدد من الوجوه السياسية، كما دعوا إلى إسناد تسيير المرحلة الانتقالية لعدد من الشخصيات الوطنية، والانسياق نحو المشروع الباديسي، مع العلم أن مسيرة امس انطلقت من وسط مدينة تبسة، إلى مقر الولاية ثم العودة إلى ساحة النصر، وقد كان الحضور أقل في مسيرة أمس، وقد ربطها البعض بالحرارة، وآخرون بعاملي العيد والاستعداد لامتحانات شهادة التعليم المتوسط التي ستنطلق غدا.      مراسلون

الرجوع إلى الأعلى