يبدو أن الإخفاق الثاني على التوالي للمنتخب المحلي، في التأهل إلى نهائيات «الشان»، قد أعاد إلى الواجهة التساؤل المطروح منذ عدة سنوات، حول أحقية لاعبي البطولة الوطنية في اللعب للمنتخب الأول، خاصة وأن نتائجهم باتت كارثية، لعّل آخرها الهزيمة المذلة التي تعرض لها أشبال لودوفيك باتيلي أمام المنتخب المغربي سهرة أمس الأول بملعب بركان بثلاثية نظيفة، وفي حضور الناخب الوطني جمال بلماضي، الذي كان مُحقا في الاعتماد الكلي على العناصر التي اختارت احتراف الكرة خارج البطولة الوطنية، ومكنته بالمقابل من تسيّد القارة شهر جويلية الماضي بمصر،
بعد التتويج بـ «كان» 2019.
وخلف إقصاء المنتخب المحلي أمام نظيره المغربي بتلك الطريقة، حالة استياء كبيرة لدى الجماهير الجزائرية، التي هاجمت خريجي البطولة الوطنية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدة بأنهم لا يمتلكون المواصفات التي تسمح لهم بالدفاع عن ألوان المنتخب الأول، حتى بعضهم ذهب إلى حد القول «بأنه لحسن حظ الخضر وجود قانون «البهاماس»، الذي كان وراءه رئيس الاتحادية السابق محمد روراوة، وسمح للمنتخب الوطني بالاستفادة من خدمات عديد النجوم التي ساهمت بقسط وافر في الإنجازات المحققة في آخر عشر سنوات، على غرار يبدة ومغني وبن ناصر وغيرهم من اللاعبين الذين تكونوا في المدارس الأوروبية، ومثلوا منتخبات الفئات الصغرى لفرنسا.
وأجمع محبو الخضر بأن قانون «البهاماس» أنقذ الكرة الجزائرية من كوارث حقيقية، كما أكسبها مكانة على المستوى القاري والعالمي، في ظل محدودية لاعبي البطولة الوطنية، العاجزين حتى على فرض منطقهم أمام اللاعبين الناشطين بالقارة السمراء، فما بالك بمحاولة مجاراة النجوم الإفريقية، الناشطة في كبار الأندية الأوروبية.
وعجز المحليون في التأهل إلى «شان» المغرب، بعد الإقصاء أمام المنتخب الليبي سنة 2017، ليتعرضوا لنفس المصير أمس الأول على يد المنتخب المغربي، وهو ما جعل الجماهير الجزائرية تردد عبر مختلف المواقع والمنتديات:» الحمد على نعمة «البهاماس»، كما أننا محظوظون بخريجي المدارس الأوروبية، حيث منحونا لاعبين من طراز رفيع في شاكلة محرز وفغولي وبراهيمي الذين قادونا لإنجازات باهرة في آخر 10 سنوات، ولو استمعنا لمطالب البعض بمنح الفرصة للاعبي بطولتنا الوطنية، لتعرضنا لمهازل في شاكلة ما حدث لنا بالمغرب».
روراوة وراء القرار والخضر أكبر المستفيدين
قانون البهاماس الذي اعتبره الجزائريون بمثابة «نعمة» تمكنت الجزائر بفضله من جلب كل من يبدة ومغني وعبدون قبل نهاية 2009، ليكون بعدها الدور على بودبوز، مبولحي، مجاني وبلعيد ثم مهدي عبيد، فابر، فغولي، بلفوضيل، غلام، براهيمي، تايدر، بن ناصر، بن زية، ديلور ووناس، وكلها أسماء أثرت على نتائج الكرة الجزائرية، ومكنتها من استعادة بريقها المفقود، على اعتبار أننا غائبين على التألق منذ 1990. واستثمر المنتخب الوطني هذا القانون لمصلحته، في ضوء تذبذب أداء لاعبي البطولة المحلية وأزمة تكوين لاعبين مميزين داخل الجزائر قادرين على منح الإضافة المرجوة للمنتخب الوطني، خاصة أمام تزايد عدد اللاعبين الأفارقة المحترفين في أبرز الدوريات الأوروبية، حيث منحوا منتخبات بلادهم قوة أكبر، غير أن استنجاد الفاف بالمغتربين، الذين تلقوا تكوينهم بأفضل المدارس الأوروبية مكن الخضر من تحقيق نتائج باهرة.
واستفادت الكرة الجزائرية بشكل كبير من قانون البهاماس، خاصة وأن المصادقة عليه تزامنت مع وجود عدة لاعبين جزائريين موهوبين كانوا يحلمون بتغيير جنسيتهم الرياضية، ليحققوا حلمهم بعد تزكية الجمعية العمومية لنص المقترح الذي تحول لقانون، ويحقق العشرات من النجوم رغبتهم فيما تقوت تشكيلات الكثير من المنتخبات الإفريقية ومنها الجزائر، التي تمكنت من اقتلاع ورقة التأهل إلى كأس العالم 2010 في جنوب إفريقيا على حساب كل من مصر وزامبيا ورواندا، وهذا بعد غياب 24 سنة، وتحديدا منذ مونديال 1986 بالمكسيك، كما شارك المنتخب الوطني بفضل خريجي المدارس الأوروبية في كأس أمم إفريقيا 2010 بأنغولا، وتمكن من بلوغ الدور قبل النهائي، وهو إنجاز لم يتحقق منذ 20 عاما أي منذ كأس أمم إفريقيا 1990 التي نظمتها بلادنا وفاز بها رفقاء ماجر، كما مكنت هذه النتائج الباهرة المنتخب الوطني من التقدم بنسق جنوني في الترتيب العالمي، ليحتل المرتبة 15 عالميا والأولى إفريقيا ( أكتوبر 2014).
ولم يكتف خريجو المدارس الأوروبية بتلك النتائج الجيدة، بل صنعوا الحدث بقيادتهم الخضر مجددا للتأهل إلى مونديال 2014 بالبرازيل، وهناك خلدت نجومنا المغتربة، في شاكلة فغولي وبراهيمي وماندي ومحرز وتايدر وبن طالب أسماءها بأحرف من ذهب، بعد أن قادت المنتخب للمرور لأول مرة في مشواره للدوري الثاني، لتكتب نفس الأسماء تقريبا فصلا جديدا من تاريخ الكرة الجزائرية في «كان» 2019، حينما توجت باللقب القاري الغائب عن خزائن الخضر لـ29 عاما، وهو الأول من نوعه للكتيبة الوطنية خارج الجزائر.
وصادقت «الفيفا» سنة 2009، بجزر الباهاماس على سن قانون يخول للاعب حامل أكثر من جنسية حرية تغيير المنتخب بشرط عدم اللعب لمنتخب آخر في صنف الأكابر، ولو أن فرنسا تضغط مؤخرا لتعديل هذا القانون، بهدف عدم السماح للاعبين الذين مثلوا منتخب فرنسا للآمال بتمثيل منتخبات أخرى، خاصة وأنها تأثرت بتضييع عديد المواهب، على غرار محرز الذي اختار الخضر وزاها الذي يدافع عن ألوان الفيلة.
مروان. ب

الرجوع إلى الأعلى