قفزت أسعار النفط، أمس، إلى أكثر من 75 دولاراً لأول مرة منذ عامين في ضوء تداعيات الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة وتراجع سعر صرف الدولار ومخزونات النفط الأمريكي. كما ارتفع الخام الجزائري إلى حدود 74 دولاراً مسجلا بذلك أعلى مستوى له منذ عدة أشهر، ما يسمح بخفض عجز الموازنة السنوية إلى مستويات أقل من التوقّعات الحكومية الواردة في قانون المالية التكميلي للعام الحالي.
سجل خام برنت وخام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط مكاسب على مدار الأسابيع الأربعة الفائتة بدعم من تفاؤل حيال وتيرة تطعيمات كوفيد- 19 حول العالم وزيادة متوقعة في السفر في الصيف. وتلقى النفط دعماً من تراجع الدولار الأمريكي، وهو ما يمكن أن يدفع المستثمرين المضاربين إلى شراء الأصول المقومة بالعملة الخضراء مثل السلع الأولية. وبالإضافة إلى ذلك، تلقت أسعار النفط دعماً أيضاً من توقعات بنمو محدود لإنتاج الخام الأمريكي، وهو ما يعطي منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) مزيداً من النفوذ لإدارة السوق في الأجل القصير قبل زيادة قوية محتملة في إنتاج النفط الصخري في 2022.
وارتفع سعر خام صحاري بند الخفيف (الخام الجزائري)، أمس، ليسجل أعلى من 73 دولارا للبرميل الواحد، بالتزامن مع ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية. وسجلت أسعار خام الجزائر الخفيف المصدر 73.48 دولارا للبرميل بارتفاع عن مستويات سابقة، فيما ارتفعت اليوم أسعار النفط العالمية ليبلغ خام برنت 75.15 دولاراً.
وحسب الخبير الاقتصادي محمد حموش، فإن الارتفاع المسجل في أسعار النفط يأتي في ظل توقعات بانتعاش الطلب الاقتصادي على النفط الخام في العالم بعد الرفع التدريجي لقيود السفر، كذلك يدعم أسعار الذهب الأسود شكوك حول إبرام وشيك لاتفاق نووي جديد مع إيران.
وفي وقت سابق حسّن بنك الاستثمار الأمريكي "بنك أوف أمريكا" توقعاته لأسعار النفط في 2021، حيث رفعها من 60 دولارا إلى 68 دولارا للبرميل. كذلك رجح البنك الأمريكي ارتفاع سعر برميل مزيج "برنت" إلى مستوى 100 دولار بحلول العام 2022. كما توقع زيادة كبيرة في استهلاك النفط تصل إلى 5.6 مليون برميل يوميا هذا العام، و3.6 مليون في العام المقبل، وهي أسرع وتيرة منذ السبعينيات على الأقل. وعن الأسباب التي ستدفع إلى نمو أسعار النفط بهذه السرعة، أشار البنك الأمريكي إلى الطلب المؤجل بعد إجراءات الإغلاق التي تم فرضها بسبب أزمة كورونا، وزيادة الطلب على الوقود بسبب زيادة مسافات السفر.

قفزة منتظرة في الإيرادات وتراجع العجز
ويتوقّع الخبير الاقتصادي، أن تعرف الجزائر ارتفاعا في مستوى الإيرادات المحصلة نهاية العام الجاري مقارنة مع التوقعات التي وضعتها الحكومة في إطار قانون المالية التكميلي 2021، حيث تم إعداد الميزانية السنوية على أساس سعر مرجعي للنفط بـ40 دولارا وسعر سوق بـ45 دولارا مقابل متوسط سعر صرف بـ142.20 دينارا للدولار الواحد، بينما توقعت الحكومة في المشروع تحقيق نسبة نمو بنحو 4.2 في المائة.
وبتلك المؤشرات تتوقع تجاوز صادرات المحروقات 23.6 مليار دولار مقابل واردات بنحو 30.4 مليار دولار وعجز ميزان مدفوعات بحوالي 3.6 مليار دولار ونمو ناتج خارج المحروقات بـ3.1 في المائة، فيما يتوقع سعر صرف للدينار مقابل الدولار بـ142 دولارا.
ومع التطورات الايجابية التي عرفتها أسعار المحروقات في الفترة الأخيرة وارتفاعها إلى حدود الضعف مقارنة بالمؤشرات التي وضعتها الحكومة، من المتحمل جدا أن تتجاوز إيرادات الدولة عتبة الـ 35 مليار دولار، ما يسمح بخفض عجز الموازنة، وتحقيق فائض إيجابي في ميزان المدفوعات خاصة مع التراجع الملاحظ في مستوى الواردات.
وقد برزت عدة مؤشرات إيجابية منذ ماي الماضي، حيث سجل عجز الميزان التجاري للجزائر انخفاضا بنسبة 68 بالمائة خلال الأشهر الخمسة (05) الأولى من سنة 2021 حيث انتقل إلى عجز في حدود 1,3 مليار دولار في نهاية ماي 2021 مقابل 3.9 مليار دولار أمريكي في نهاية ماي 2020، بعد تسجيل ارتفاع في نسبة نمو قطاع المحروقات بـ 10 بالمائة بالموازاة مع النمو الملاحظ خارج قطاع الطاقة.
ولاحظت وزارة المالية أن مستوى احتياطيات الصرف "اتخذ خلال شهر ماي 2021 اتجاها تصاعديا"  وهو وضع تعتبره "غير مسبوق" و "لم يتم ملاحظته منذ عدة أشهر". حيث ارتفعت الصادرات من المحروقات بنسبة + 32،7 بالمائة خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة الحالية بينما زادت الصادرات خارج المحروقات بنسبة 81 بالمائة. وعليه فإن سنة 2021 ستشهد عودة تدريجية للنشاط الاقتصادي في الجزائر إلى مستويات تسمح بتعويض الخسائر المسجلة سنة 2020 و الحد من أوجه الخلل في حسابات الدولة، حسب بيان وزارة المالية.      ع سمير

الرجوع إلى الأعلى