في أول حوار يجريه مع وسيلة إعلامية جزائرية، بعد فوزه بالميدالية الفضية في سباق 800  متر في بطولة العالم للشباب المقامة مؤخرا بكالي بدولة كولومبيا، أعرب البطل هيثم شنيتف عن سعادته البالغة بهذا الإنجاز المحقق، ولو أنه أبدى تأسفه الشديد لتضييع فرصة الظفر بالمعدن النفيس، موجها في معرض تصريحاته الحصرية الإتهام للعداء البولوني الذي تعمد حسبه غلق المنافذ أمامه، لحرمانه من إنهاء السباق في المرتبة الأولى، كما تحدث ابن مدينة حامة بوزيان صاحب 18  ربيعا عن تطلعاته المستقبلية، ونظرته لرياضة ألعاب القوى الجزائرية، وعدة أمور أخرى، تخص مشاركته الأولى في بطولة من هذا الحجم.

* حـــــاوره: سمير. ك

* مرحبا هيثم وشكرا لك على قبول دعوة النصر، رغم أنك لم تخلد بعد للنوم بعد نهائي سباق 800 متر لبطولة العالم للشباب، والذي توّجت خلاله بالميدالية الفضية (الحوار أجري صبيحة الخميس)..
أجل، أنا لم أخلد بعد للنوم، كوني كنت معنيا بالحفل المقيم على شرف المتوجين بالميداليات، ورغم ذلك كنت ملزما بالرد على مكالماتك، بعد أن منحت قبل النهائي وعدا بإجراء حوار، في حال ما حالفني الحظ وحصدت إحدى الميداليات، ولو أنني كنت آمل أن يكون معدنها ذهبيا، ولكن قدر الله ما شاء فعل، وأنا راض على ما حققته، وما هي إلا البداية في مشوار سيكون حافلا بالإنجازات بحول الله.
* أهل الاختصاص تحسروا لتضييعك فرصة التتويج بالذهب، كونك أبنت عن مؤهلات رهيبة خلال الأدوار التصفوية المؤهلة للمحطة النهائية ؟
أنا أيضا حزين لتضييع فرصة التتويج بالذهب في بطولة العالم للشباب، فصدقوني خضت النهائي وأنا أضع المرتبة الأولى نصب عيني، وكانت كل الأمور في صالحي، قبل أن أتفاجأ في عمليات الإحماء التي سبقت النهائي بمراقبة مُريبة لي من طرف العداء البولوني، حيث ظل يتابع أسلوبي رفقة مدربه وهو ما أثار حيرتي، وجعلني أتحدث في الموضوع مع مدربي، الذي طالبني بتغيير المكان، أنا كنت قد لفت إليّ الانتباه في الأدوار التصفوية بطريقتي في إنهاء السباقات، ولذلك وضع لي المنافسون ألف حساب، ومن بينهم هذا العداء البولوني الذي لو لاحظتم السباق تجدون أنه أغلق أمامي الطريق في 200 متر الأخيرة، وهو ما أعاقني على الانسلال، وعطل قيامي بـ" الفينيش" الذي تعودت عليه، أنا مدرك بأن السباقات النهائية تكتيكية، وحضرت لها كما ينبغي تفاديا لأي مفاجأة غير سارة، والحمد لله تداركت الموقف في آخر الأمتار، لأنهي السباق في الصف الثاني، وكنت قادرا على الدخول في المرتبة الأولى، لولا ما حدث لي مع البولوني.
* بصراحة، ألم تخش تضييع الجمل بما حمل، بعد تأخرك في الانسلال من المضايقة ؟
تمركزي في بداية السباق كان جيدا، ولم أكن أهتم لسرعة السباق أو بطئه، رغم أن الجميع يعلم أن عدائي شمال إفريقيا يفضلون أن تكون السباقات بريتم منخفض، كونهم يمتلكون سرعة الإنهاء على عكس بقية المنافسين، وعن نفسي لا تهمني هذه الجزئية كثيرا، بقدر ما أهتم بالتمركز الجيد، وكانت كل المعطيات تصب في صالحي، قبل أن أصدم بخرجة العداء البولوني الذي أغلق علي المنافذ، لأضطر لمضاعفة المجهودات، والبحث عن آخر رواق، من أجل الانسلال والحمد لله تداركت تأخري في الأمتار الأخيرة، ولو كانت المسافة أطول لتخطيت العداء الأثيوبي المتوّج بالذهب، كوني لم أشعر أبدا بالتعب، وأحست بأنني بدأت السباق للتو، على العموم قدر الله ما شاء فعل، وأنا سعيد رغم كل ما حصل معي، بالفضية التي ستكون أولى ثماري على المستوى العالي الذي أتطلع فيه للذهاب بعيدا.


* كيف حضرت لهذه المنافسة العالمية ؟
سأصدمكم إن قلت لكم بأنني اكتفيت بالتحضير في المنزل، على اعتبار أن مدربي من عين مليلة، بينما أنحدر أنا من بلدية حامة بوزيان بقسنطينة، ولذلك كان يكتفي بمنحي برامج التدريب عبر الهاتف فقط، على أن أحاول بمجهود فردي فقط التدرب تارة بالمنزل، وتارة أخرى ببعض الأماكن المجاورة لمسقط رأسي (الغابات)، على العموم التحضيرات يمكن وصفها بالمنعدمة، عكس بقية المنافسين، فعلى سبيل المثال المتوج بالذهب البطل الأثيوبي شارك في آخر بطولة للعالم لصنف الأكابر، وبالتالي يمتلك خبرة مثل هكذا مواعيد وحتى البطل الكيني الذي أنهى السباق في المرتبة الأخيرة دخل المنافسة برقم مخيف (1 د و44 ثا)، صدقوني لم يرشحني أحد للمنافسة، خاصة وأنني غبت عن كل الملتقيات والتظاهرات، في ظل عدم حصولي على تأشيرة دخول الأراضي الأوروبية، ولكنني أحدثت المفاجأة من أول ظهور لي، بعدما أنهيت سباق الدور ربع النهائي في المرتبة الأولى، لأخطف كل الأنظار في الدور نصف النهائي الذي جعل الجميع يتحدث عني وعن إمكانية اعتلائي منصة التتويج في بطولة العالم المقامة بكولومبيا.
* صنعت الحدث لدى الجزائريين أياما قليلة بعد تألق الثنائي سجاتي ومولى، ما تعليقك ؟
تابعت تفاعل الجزائريين معي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما منحني دافعا أكبر للتألق في النهائي، ولم لا تكرار سيناريو زميلي جمال سجاتي نائب بطل العالم في هذا الاختصاص أيضا، صدقوني الكل شجعني، سواء الجماهير أو حتى زملائي العدائين، فعلى سبيل المثال سجاتي ومولى وحتحات وعبد النوز وقواند تحدثوا معي ومنحوني عدة نصائح للعمل بها في النهائي، والحمد لله استفدت من ذلك كثيرا، وسعادتي لا توصف لأننا أصبحنا نمتلك جيلا ذهبيا في سباقات 800 متر، بإمكانه أن يهدي الكثير للجزائر خاصة في الألعاب الأولمبية.
* تلقيت تهاني المسؤولين أم ليس بعد ؟
لم يتصل بي أحد لحد الآن، فلم يمر على النهائي سوى سويعات قليلة، وأنتم أول من حدثني من الجزائر، بعد عائلتي وأصدقائي بطبيعة الحال، أنا لا أركز كثيرا على التكريمات، لأنني مدرك بأن الدولة مرافقة للأبطال، ولن تبخل علي بشيء لو يرى المسؤولون في شخصي مواصفات البطل الكبير القادر على تشريف الراية الوطنية، لقد أثبتت المواعيد الأخيرة أن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون ساهر شخصيا على مساعدة الرياضيين، وبحول الله سأحصل على نصيبي من التشجيع، خاصة وأن لدي العديد من الأهداف المستقبلية، وأنا الذي أضع التتويج في الألعاب الأولمبية نصب عيني.
* الجزائر أصبحت تمتلك جيلا ذهبيا في سباق 800 متر سيجعل المنافسة على أشدها بين العدائين، من أجل التأهل للألعاب الأولمبية المقبلة، أليس كذلك ؟
أجل، هناك خمسة عدائين على الأقل بإمكانهم المنافسة على التأهل للألعاب الأولمبية، يتقدمهم نائب بطل العالم جمال سجاتي، وإن كان البقية لديهم الإمكانيات للمنافسة، في صورة سليمان مولى الذي صنع الحدث في أوريغون، دون نسيان ياسين حتحات، صاحب الخبرة الكبيرة، ورمزي عبد النوز الذي يمتلك رقما رائعا، ناهيك عن صديقي نائب بطل العالم للشباب سابقا قواند، وعن نفسي لدي كل المؤهلات لتحسين أرقامي أكثر، ولا تنقصني سوى التحضيرات الجيدة.
* حققت رقما شخصيا في بطولة العالم للشباب، ما رأيك ؟
رغم كل تلك المضايقات التي تعرضت لها في النهائي، إلا أنني حققت رقما شخصيا، وصدقوني لو لم يعترض العداء البولوني طريقي كنت قادر على البصم على رقم يخص صنف الأكابر (1د و44 ثا)، ولكن قدر الله ما شاء فعل، وعلي أن أواصل التحضيرات بذات القوة، من أجل كتابة اسمي بأحرف من ذهب في سجلات ألعاب القوى الجزائرية، التي غابت عن المحافل الكبرى مؤخرا.
* تنحدر من بلدية حامة بوزيان التي قدمت لنا البطل السابق سياف، هل تتواصل معه ؟
قسنطينة وحامة بوزيان بالتحديد معروفة بإعداد الأبطال المتميزين، ومن بينهم البطل السابق سياف الذي التقيته في بعض المناسبات، ولم يبخل علي بالنصائح، كما أنه شجعني كثيرا، كونه رأى في شخصي بعض الميزات لأكون بطلا عالميا.
* كيف اخترت ممارسة رياضة ألعاب القوى ولم تتوجه لكرة القدم التي تعد القبلة المفضلة لجُل الجزائريين ؟
سأفاجئكم إن قلت لكم بأن اختياري هذه الرياضة جاء صدفة، ففي إحدى المرات تعمدت تتبع بعض زملائي في الدراسة، عندما كانوا في طريقهم نحو ملعب حامة بوزيان لإجراء تدريبات كرة القدم، وعند وصولي كان لي حديث مع مدربهم وأنا الذي أصغرهم سنا، حيث راهنني إن فزت في سباقي مع أحد رياضييه سيسمح لي بالتدرب معهم، ورغم أنني كنت أرتدي حذاء غير رياضي، إلا أنني فزت وأبهرت ذلك المدرب الذي نصحني بالتوجه إلى العدو، كوني أمتلك ميزة قوية تتمثل في السرعة، ومن ذلك اليوم شرعت في التدريبات، وانتقلت للعمل في لكرابس، أين قضيت أربع سنوات كاملة هناك، قبل أن اضطر للتوقف بسبب جائحة كورونا، وهناك أعتقد الجميع أن مسيرتي انتهت في المهد، ولكن بفضل العزيمة التي كانت تحدوني، نجحت في رفع التحدي من أول مناسبة أتيحت لي.
* إلى ماذا تتطلع مستقبلا ؟
لدي أحلام كبيرة، وأرى نفسي قادرا أن أكون بطلا عالميا وأولمبيا في نفس الوقت، وكل هذا مرتبط بإدارتي الجيدة لمسيرتي الرياضية، فلحد الآن أنا في مستهل المشوار فقط، ولم أحقق أي شيء ويتوجب علي وضع الأقدام على الأرض إن أردت أن أصل إلى كل ما أصبو إليه، ولو أن كل شيء مرتبط بطبيعة الحال بالإمكانيات المتوفرة، وهو ما لا أراه حاجزا، في ظل الوعود المقدمة من طرف الدولة لمرافقة كل الأبطال المتألقين، أنا أطمح للذهاب بعيدا في مشواري الرياضي، خاصة وأنني ضحيت كثيرا لحد الآن، ومستعد للتضحية أكثر في سبيل أن أكتب اسمي بأحرف من ذهب في سجلات ألعاب القوى الجزائرية.
* أبطال في شاكلتك وشاكلة سجاتي ومولى منحونا الأمل في رؤية مرسلي جديد، ماذا تقول ؟
أنتم تتحدثون عن أسطورة يصعب لأي كان السير على خطاها (مرسلي)، وإن كنا نمتلك كل المؤهلات لكتابة تاريخ خاص بنا وإعادة الاعتبار بالمرة لرياضية ألعاب القوى الجزائرية الغائبة عن منصات التتويج في آخر السنوات، أنا لدي أحلام كبيرة في سباقات 800 متر، كما سأنتقل إلى اختصاص 1500 متر أيضا، كوني أجمع خاصيتين مهمتين تتعلقان بالقدرة على التحمل والسرعة في الإنهاء.
* متى ستعود إلى أرض الوطن ؟
سنشد الرحال من مدينة كالي صبيحة الإثنين (يقصد أمس) صوب كوكوطا، على أن نقلع صوب العاصمة الإيطالية روما، ثم نكمل المسار نحو الجزائر العاصمة التي سأرتاح فيها بعض الشيء، قبل الحلول بمسقط رأسي بمدينة قسنطينة، أين سيكون أبناء منطقتي في انتظاري من أجل الاحتفاء بالإنجاز الذي حققته من رحم المعاناة.
* بماذا تريد ختم الحوار ؟
هناك اهتمام غير مسبوق بالرياضات الفردية، منذ نهاية الألعاب المتوسطية ولذلك علينا الاستثمار في هذه الجزئية، من أجل تطوير مؤهلاتنا والمنافسة على المراكز الأولى في كبرى التظاهرات العالمية في سبيل إسعاد الجماهير الجزائرية المتفاعلة معنا بشكل رائع في الفترة الأخيرة، وعن نفسي رسائل التهاني، تصلني بغزارة منذ انطلاق فعاليات بطولة العالم للشباب وتضاعفت بشكل أكبر بعد التتويج.

الرجوع إلى الأعلى