شدد المجلس الوطني لحقوق الإنسان على ضرورة تسطير استراتيجية شاملة، للتكفل بالأشخاص المصابين بطيف التوحد، داعيا إلى إعدادها بمساهمة كل القطاعات المعنية واقتراح أن تتضمن، آلية تنسيق فعال ودائم ما بين مختلف الفاعلين في هذا المجال بغية التوعية الواسعة والتشخيص وفق ضوابط أرضية وطنية توحد مختلف مراحل التشخيص.
وأكد المجلس في بيان تسلمت النصر نسخة منه، أصدره بمناسبة، إحياء اليوم العالمي للتحسيس بطيف التوحد الموافق لـ 2 أفريل، على ضرورة أن تتضمن هذه الآلية التي أبرز أهمية استحداثها، "متابعة مسار الشخص المصاب بطيف التوحد، مما يسمح بالكشف المبكر والقيام بالعمل الضروري بإدماجه في المجتمع".
وفي سياق ذي صلة اقترح استكمال هذه الجهود بوضع بطاقية وطنية خاصة بهذه الفئة، تسمح بتوزيع علمي ودقيق للأخصائيين في مجال الطب العقلي للأطفال، جغرافيا وحسب المعطيات العلمية الدقيقة، وذلك لتحقيق مزيد من فعالية هذا الجهد الوقائي مع التأكيد أيضا على ضرورة التكفل بالمصاب منذ التشخيص الأولي خلال فترة الطفولة والمحافظة على ملفه الطبي خلال كل حياته لمتابعته والكشف على التقدم المحرز في علاجه والصعوبات التي تعترض نموه العصبي. ومن أجل "توسيع مستوى الوعي والتحسيس وتربية المجتمع على خصوصيات كل الفئات من حاملي طيف التوحد"، قال المجلس إنه يضم صوته لأصوات المختصين للمطالبة بوضع برنامج تكوين وطني متكيف مع التطورات العلمية الحديثة، لفائدة كل المتدخلين في مجال التوحد وبالتنسيق مع القطاعات المعنية ومختلف المتدخلين ذاتهم، مقترحا أن يشمل  كل التخصصات ذات الصلة بالاضطراب الخاصة بطيف التوحد، ابتداء من الخدمات الطبية وعلم النفس والأرطوفونيا ومختلف التخصصات ذات الصلة.
 كما دعا في ذات السياق إلى استكمال هذا البرنامج، ميدانيا، من خلال العمل بكل الإمكانيات المتاحة لمرافقة أولياء المصابين، خاصة، من أجل إعمال طرق التكفل الصحيحة لإدماجهم بدورهم ضمن دائرتي الوقاية المبكرة والبرامج العلاجية وبالطرق العلمية.
من جهة أخرى و "من أجل إدراج الخطط والمناهج السابقة الذكر في إطار قانوني دقيق يسمح بتطبيقها بفعالية لتعود بالفائدة على المعنيين والمجتمع على حد سواء"، جدد المجلس الوطني لحقوق الإنسان، دعوة كل الأطراف المعنية للعمل على إيجاد إطار قانوني شامل لمطابقة القانون 2/09 المؤرخ في 08 ماي 2002 المتعلق بحماية الأشخاص المعوقين وترقيتهم مع الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة المعتمدة من طرف الأمم المتحدة في الـ 13 ديسمبر 2006، المصادق عليها من طرف الجزائر بموجب المرسوم الرئاسي رقم 09-188 المؤرخ في 12 ماي 2009.
وأبرز المجلس أهمية إيجاد إطار قانوني شامل لمطابقة القانون المشار إليه، لتكييف أحكام القانون المذكور مع أحدث التطورات والاكتشافات الطبية والعلمية التي تم التوصل إليها في مجال طرق الوقاية من طيف التوحد وعلاجه ومعالجة مشاكله لتكفل حقيقي بالمصابين به وإدماجهم السلس في المجتمع، بما في ذلك إدماجهم في الوسط التربوي في مختلف مراحله، ولاحقا في الوسط المهني، بتطبيق المادة 27 من القانون 2/9 سابق الذكر، بالنسبة المحددة فيها، وهو مطلب ثابت وملح بالنسبة لكل ذوي الإعاقة و هدف لابد من السعي لتحقيقه كاملا، لفتح الطريق أمامهم للمساهمة في بناء المجتمع. وأثناء تطرقه للحديث عن طيف التوحد، في ديباجة بيانه، أشار المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى أن هذه الإعاقة لا تعتبر في نظر المتخصصين في هذا المجال مرضا، بقدر ما توصف مظاهرها بكونها لا تعدو أن تكون اضطرابا في النمو العصبي، تترتب عنه سلوكات متنوعة غير سوية لدى الإنسان. وأضاف بأنه " نتيجة لهذه الاضطرابات، يتجلى التوحد أساسا في ضعف التفاعل الاجتماعي لدى المصاب مع محيطه الخارجي، إذ يبدو الأشخاص المعنيون به وكأنهم في عزلة في عالمهم الداخلي، كما تظهر اضطرابات طيف التوحد وما ينتج عنها من تشوهات سلوكية أيضا في وقت مبكر من الطفولة وتستمر حتى مرحلة البلوغ".
وانطلاقا من معاينة هذه الخاصيات التي تميز طيف التوحد، وما يترتب عنها، أبرز المجلس – حسب ذات المصدر -  ضرورة إيلاء كل الأهمية التي تستحقها الوقاية المبكرة منه للحد من آثاره السلبية.
وبعد أن ثمن المجهودات المبذولة الرامية لاندماج سلس للمصابين به في محيطهم الاجتماعي، وذلك في الإطار العام لسياسة الدولة التي تهدف للتكفل بالفئات الاجتماعية الهشة، التي تتطلب عناية خاصة، يرى المجلس – يضيف البيان - أنه من الملائم والمستعجل هنا بذل مزيد من الجهود المستهدفة خاصة الوقاية المبكرة من طيف التوحد والتكفل بالمشكلات التي يطرحها وذلك من خلال عمل منهجي.
عبد الحكيم أسابع

الرجوع إلى الأعلى