حققت الجزائر، انتصارا دبلوماسيا جديدا، يضاف إلى سلسلة النجاحات الدبلوماسية، التي توالت خلال الفترة الأخيرة، و ذلك بعد انتخابها ، أمس الثلاثاء بنيويورك، و بالأغلبية الساحقة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، للعضوية غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي، خلال الفترة 2024 - 2025، على إثر تصويت 193 دولة عضو في الأمم المتحدة، و هو النجاح الذي يعكس القبول الذي تحظى به الجزائر دوليا من خلال منحها هذا التفويض للعمل على إحلال السلم و الأمن في العالم.

وستبدأ الجزائر ولايتها في 1 جانفي 2024 و إلى غاية 31 ديسمبر 2025،    و إضافة إلى الجزائر، تم انتخاب كذلك كل من سيراليون وكوريا الجنوبية و غويانا و سلوفينيا. و يذكر أنها المرة الرابعة التي تفوز بها الجزائر في تاريخها بمقعد غير دائم في مجلس الأمن، بعد عهدات 1968-1969 و 1988-1989 و 2004-2005.
و عملت الجزائر منذ أن أعلنت عن ترشحها للعضوية غير الدائمة بمجلس الأمن للفترة المقبلة، على الترويج لهذا الترشح، فقد صرح رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون خلال كلمته في مؤتمر السفراء، يوم 8 نوفمبر 2021، أنه « يبقى من الضروري اتخاذ إجراءات استباقية، من أجل ترسيخ دور الجزائر كفاعل مؤثر، يساهم بجدية في مواجهة التحديات الدولية، وذلك من خلال طرح الأفكار والمبادرات، التي من شأنها تعزيز العمل متعدد الأطراف، وفي إطار ما سبق، ينبغي إعطاء الأولوية لعضوية الجزائر المقبلة، في مجلس الأمن للأمم المتحدة، للمساهمة في الجهود الرامية للحفاظ على السلم والأمن الدوليين».
و تمكنت الجزائر بفضل دبلوماسيتها الناجحة، من افتكاك موافقة الاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية وكذا منظمة التعاون الاسلامي، و العديد من الدول الصديقة حول العالم، من أجل عضوية غير دائمة لمجلس الأمن الدولي ، و ذلك من خلال استعراض أهم الأولويات والالتزامات التي تطمح و تسعى إلى تحقيقها، كعضو منتخب في مجلس الأمن.
و لم تفوت الجزائر أي مناسبة للتأكيد على أنها لن تدخر أي جهد من أجل العمل بالتعاون الوثيق مع كافة الأطراف، على المساهمة في القيام بحفظ السلم والأمن الدوليين. كما أبرزت الجزائر عبر دبلوماسيتها، خبرتها في التعامل مع الأوضاع على أرض الواقع وكذا تجربتها كعضو بعديد الهيئات التي تعنى بالسلم والأمن على الصعيدين الإقليمي والقاري، مؤكدة استعدادها لتقاسم تقييماتها وتحاليلها واقتراحاتها البناءة في كل عملية استشارية واتخاذ القرار، بالتنسيق و بالتعاون مع أعضاء مجلس الأمن.
و أكدت الجزائر دوما على التسوية السلمية للنزاعات وترقية دور المنظمات الإقليمية لاسيما الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية، و تعهدت على أنها ستكون في طليعة الدفاع عن تعدد الأطراف والقانون الدولي، و أنها ستعمل على تصحيح مظاهر الظلم التي تواجهها الشعوب المضطهدة .
كما دعت الجزائر مرارا إلى ضرورة بذل جهود موحدة من أجل مقاربة شاملة ومتكاملة، بخصوص مكافحة آفة الإرهاب، مذكرة بتجربتها المعروفة والفريدة من نوعها، التي خاضتها في هذا المجال، مؤكدة استعدادها الدائم لمشاركة تجربتها الخاصة في هذا المجال.
إلى جانب ذلك، أكدت الجزائر أنها ستلتزم بالمساهمة في الجهود، داخل وخارج إطار مجلس الأمن، من أجل جعله أكثر مصداقية ومسؤولية وتوافق وشمولية وشفافية، مبرزة كذلك التزامها بالموقف الإفريقي المشترك في سعيه الشرعي لتصحيح الظلم التاريخي ضد إفريقيا، وهذا عن طريق توسيع تمثيل القارة في فئات العضوية الدائمة وغير الدائمة في هذه الهيئة.
و كانت الجزائر قد كثفت مؤخرا من مساعيها الرامية إلى ضمان حجز مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي، و تجسد ذلك من خلال المهمة التي قام بها وزير الشؤون الخارجية و الجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف، إلى مقر الأمم المتحدة بنيويورك بتكليف من رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أين التقى بعدة مسؤولين في الهيئة الأممية، على رأسهم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الذي جمعته به جلسة عمل، كما التقى العديد من نظرائه، من بينهم وزراء خارجية الدول المرشحة للمقاعد غير الدائمة بمجلس الأمن.
و تعتبر الجزائر، عبر أعلى سلطة ممثلة في رئاسة الجمهورية، أن انتخابها عضوًا غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يعد تقديراً لدورها المحوري في منطقتها، كما يعد مكسبا ثمينا يضاف إلى رصيد السياسة الخارجية لبلادنا، و يعكس كذلك التقدير والاحترام الذي يحظى به رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، من قبل المجتمع الدولي، وعرفانه لمساهمته في إحلال السلم والأمن الدوليين.
و قد عززت الجزائر حضورها خلال السنوات القليلة الماضية في أهم المنظمات الدولية والإقليمية والهيئات القارية، و ذلك اعترافا من المجتمع الدولي بدورها البارز كقوة فاعلة في إرساء دعائم الأمن والاستقرار في العالم، و هو ما تحقق بفضل النشاط الدبلوماسي الكبير الذي تعرفه الجزائر منذ اعتلاء رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، سدة الحكم.
فخلال السنة الماضية تم انتخاب الجزائر بجدارة واستحقاق كعضو في مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة للفترة 2023-2025، كما فاز السفير الجزائري، العربي جاكتا، بجدارة و استحقاق، شهر نوفمبر الفارط، برئاسة لجنة الخدمة المدنية الدولية التابعة للأمم المتحدة وهذا للمرة الثانية على التوالي، بعد هزيمة منافسه المغربي ب121 صوتا مقابل 64.
ومن ثمار العودة القوية للدبلوماسية الجزائرية، انتخاب الجزائر بالتزكية لعهدة مدتها أربع سنوات في كل من لجنة المنظمات غير الحكومية ولجنة العلم والتكنولوجيا للتنمية التابعتين للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة. أما على الصعيدين القاري والإقليمي، فقد تم، باقتراح من رئيس الجمهورية، انتخاب مرشح الجزائر شريف رحماني، بالإجماع، عضوا في مجموعة الشخصيات البارزة بالآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء، وقبلها، تم انتخاب عضو مجلس الأمة، عبد المجيد عز الدين، رئيسا للمجموعة الجيوسياسية لشمال إفريقيا بالبرلمان الإفريقي، وزميله بمجلس الأمة، عبد الكريم قريشي، رئيسا للجنة الشؤون الخارجية والسياسية والأمن القومي بالبرلمان العربي.
ونجحت الجزائر أيضا في الفوز برئاسة هيئة مكافحة الجراد المهاجر بالمنطقة الغربية لإفريقيا لسنتي 2023 و2024، وهذا بعد انتخابها بالإجماع نظير مجهوداتها في التصدي لهذه الآفة الخطيرة. كما تم انتخاب الأمين العام للمجلس الشعبي الوطني، عز الدين خنوف، عضوا في اللجنة التنفيذية لجمعية الأمناء العامين للبرلمانات العربية.
وبعد أن نجحت، أمس، في ضمان مقعد غير دائم في مجلس الأمن للفترة 2024-2025 ستعمل الجزائر في قادم المواعيد على الانضمام لمجموعة «بريكس» وفق التوجه الاستراتيجي الذي تعمل عليه السلطات العليا للبلاد و الذي أكد عليه رئيس الجمهورية في عدة مناسبات.
عبد الرزاق.م

الرجوع إلى الأعلى