أخفق مجلس الأمن الدولي، الخميس، في تمرير مشروع القرار الذي تقدمت به الجزائر، باسم المجموعة العربية, والذي يوصي الجمعية العامة بتمكين دولة فلسطين من الحصول على عضويتها الكاملة بهيئة الأمم المتحدة. وصوت 12 عضوا لصالح مشروع القرار, مقابل امتناع دولتين (بريطانيا و سويسرا)  و استخدام الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض «الفيتو».
أفشلت الولايات المتحدة الأمريكية، تبنّي مجلس الأمن الدولي في نيويورك مشروع قرار جزائري يوصي بقبول فلسطين كدولة ذات عضوية كاملة في الأمم المتحدة. وحصل مشروع القرار على تأييد 12 دولة وامتناع كل من المملكة المتحدة وسويسرا عن التصويت واستخدام الولايات المتحدة حق النقض التي سعت منذ البداية إلى عرقلة مشروع القرار الذي قدّمته الجزائر بدعم عربي، من خلال الضغط على بقية الدول الـ15، إما للتصويت ضده أو الامتناع عن التصويت.
وكان ممثل الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة, السفير عمار بن جامع حث في كلمة قبل عملية التصويت, أعضاء مجلس الأمن على قبول دولة فلسطين عضوا دائما في الأمم المتحدة, مؤكدا أن «هذا أضعف الإيمان لنسد الدين الذي علينا تجاه شعب فلسطين وعلى أنه يجب معالجة الظلم التاريخي و يجب إعادة التوازن إلى ميزان العدالة».
وقال بن جامع في كلمة خلال عرضه المشروع الجزائري لقرار مجلس الأمن الذي يوصي بقبول عضوية فلسطين في الأمم المتحدة, «باسم بلدي الجزائر, والمجموعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وحركة عدم الانحياز وعدد لا يحصى من البلدان الأخرى المحبة للسلام, أقف أمام أعلى جهاز مكلف بصون السلم والأمن الدوليين, لأعرض مشروع القرار المتعلق بقبول دولة فلسطين في الأمم المتحدة».
وأكد على أن الاعتراف بدولة فلسطين عضو دائم  بالأمم المتحدة «يعزز حل الدولتين الذي يتعرض باستمرار للتهديد من قبل أولئك الذين يسعون إلى محو الهوية والتطلعات الفلسطينية». كما اعتبر قبول فلسطين «استثمارا في السلام وحجر الزاوية لحل عادل ودائم يستند إلى القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة». مضيفا بأن «هذه العضوية ستكرس بشكل قاطع حل الدولتين الذي تواصل سلطات الاحتلال الوقوف ضده علنا, وتشكل رفضا لمحاولاتها محو الشعب الفلسطيني وتدمير الدولة الفلسطينية وكل آفاق السلام».
واستطرد في السياق: «نقولها بصوت عال, إن المجتمع الدولي يقف معكم يا فلسطين, لا نزال ثابتين في التزامنا بإقامة دولة فلسطينية مسالمة وذات سيادة ومستقلة, ويجب معالجة الظلم التاريخي و يجب إعادة التوازن إلى ميزان العدالة». وأكد السيد بن جامع على أن فلسطين تفي بجميع معايير العضوية في الأمم المتحدة, على النحو الذي حدده الآباء المؤسسون في الميثاق, حاثا كل عضو بالمجلس على دعم مشروع القرار.
بالمقابل, اعتبر السيد بن جامع «عدم القيام بذلك (...) إنكارا لهذا المجلس ذاته لمسؤوليته», مضيفا أن «عدم التصرف هو خطأ جسيم لا يغتفر وأن عدم الاستيقاظ اليوم, هو رخصة لاستمرار الظلم والإفلات من العقاب». وأختم بما قاله رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون: «لقد آن الأوان لفلسطين أن تصبح عضوا كامل العضوية في الأمم المتحدة, على الرغم من أن أراضيها لا تزال محتلة. لن نتخلى عن هذه القضية, ولن نرتاح حتى يتحقق هذا الهدف».ورغم الفيتو الأميركي، فإن «الدعم الساحق من أعضاء المجلس يبعث رسالة واضحة جدا مفادها أن دولة فلسطين تستحق مكانها» في الأمم المتحدة، وهو ما اكده مندوب الجزائر السفير عمار بن جامع، واعدا باسم المجموعة العربية بأن يتقدم مجددا بهذا الطلب في وقت لاحق، ومضيفا «نعم، سنعود أقوى».
و قال بن جامع في كلمة بعد الفيتو الأمريكي :»سنعود أقوى وأكثر صخبا بدعم من شرعية الجمعية العامة والدعم الأوسع من أعضاء الأمم المتحدة, فإن هذه ليست سوى خطوة أخرى في الرحلة نحو العضوية الكاملة لفلسطين».و دعا السفير بن جامع «أولئك الذين لم يتمكنوا من دعم قبول دولة فلسطين اليوم، أن يفعلوا ذلك في المرة القادمة», معتبرا «التأييد الساحق لتطبيق دولة فلسطين يبعث برسالة واضحة وضوح الشمس بأن دولة فلسطين تستحق مكانها الصحيح بين أعضاء الأمم المتحدة».
و أعاد السيد بن جامع بالمناسبة, التذكير بما قاله رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, بأن «جهود الجزائر لن تتوقف حتى تصبح دولة فلسطين عضوا كامل العضوية في الأمم المتحدة». و أعرب الدبلوماسي الجزائري, في كلمته, عن امتنانه «العميق» باسم المجموعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وحركة عدم الانحياز إلى جميع الذين صوتوا لصالح القرار الذي قدمته الجزائر.
 خيبة أمل وإنتقاد فلسطيني للفيتو الأمريكي
وقال سفير فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور بعد التصويت، متحدثا إلى الدول الأعضاء في المجلس: «لم يكن يوما حقنا في تقرير المصير خاضعا للمساومة أو التفاوض. إنه حق طبيعي وقانوني للعيش في وطننا فلسطين كدولة مستقلة حرة ذات سيادة وهو غير قابل للتصرف ولا يرتبط بزمن أو توقيت، ولا يخضع لأي تحكم من قبل إسرائيل، الدولة القائمة بالاحتلال، بالتطهير العرقي والإبادة الجماعية والمنهمكة في طرد شعبنا عن أرضه». وأضاف «لقد بقي الشعب الفلسطيني العظيم على أرضه رغم الاحتلال والقهر والاستعباد والمحاصرة والمطاردة والتشريد والتهجير واللجوء»، مشدداً على أن عدم تبني القرار لن يهزم عزيمة الفلسطينيين بالتوجه مجددا في المستقبل بطلب جديد للحصول على عضوية كاملة».وانفجر سفير فلسطين بالبكاء وهو يقول في ختام مداخلته أمام مجلس الأمناء: «شعبنا الفلسطيني الآن يبحث عن بقايا الحياة ولن تجدوا من هو أكثر طوقا لعيش الحياة العادية كشعبنا في غزة، غزة العزة غزة العظيمة... بل إن شعبنا الفلسطيني في كل أماكن وجوده يريد الحياة ويتشبث بها كسائر شعوب الأرض؛ شعب يطوق للحرية والحياة الكريمة... لن يختفي ولن يندثر.. إما أن تنصفوه أو تنصفوه». 
كما أدانت الرئاسة الفلسطينية، مساء الخميس، وبأشد العبارات، استخدام الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض “الفيتو” في مجلس الأمن الدولي لمنع دولة فلسطين من الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة. وأكدت الرئاسة الفلسطينية، أن “الفيتو” الأمريكي غير نزيه وغير أخلاقي وغير مبرر، ويتحدى إرادة المجتمع الدولي الذي يؤيد بقوة حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، حيث تعترف أغلبية دول العالم بدولة فلسطينية وذلك منذ عام 2012 عندما صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة على رفع مكانة فلسطين في الأمم المتحدة إلى وضع الدولة المراقب.
وشددت الرئاسة على أن هذه السياسة الأمريكية العدوانية تجاه فلسطين وشعبها وحقوقها المشروعة تمثل عدواناً صارخاً على القانون الدولي، وتشجّع استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية ضد شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، وتزيد في دفع المنطقة إلى شفا الهاوية، في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين ومواصلة سياسات العدوان وجرائم الحرب التي تتم برعاية ودعم الولايات المتحدة الأميركية التي دأبت على استخدام “الفيتو” ضد حقوق الشعب الفلسطيني. دوليا، صرح مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا بأن واشنطن أظهرت موقفها الحقيقي تجاه الفلسطينيين بعد تصويتها في مجلس الأمن الدولي ضد قبول بلادهم في عضوية الأمم المتحدة، وقال المندوب الروسي، انه باستخدام حق النقض للمرة الخامسة منذ بداية تفاقم الوضع في غزة، أظهروا مرة أخرى موقفهم الحقيقي تجاه الفلسطينيين».
وأشار نيبينزيا إلى أن الأمر يتعلق بمسألة ما إذا كان الفلسطينيون يستحقون أن يكونوا جزءا من الأسرة العالمية وأن يشاركوا في القرارات في الحياة الدولية. وأضاف: «بالنسبة للولايات المتحدة فإن فلسطين لا تستحق أن تكون لها دولتها الخاصة، بل هي مجرد عائق أمام تحقيق المصالح الإسرائيلية».
كما عبر وزير خارجية أيرلندا مايكل مارتن عن شعوره بخيبة الأمل من نتيجة التصويت، وقال إن بلاده تدعم عضوية فلسطين في الأمم المتحدة وإن الوقت حان كي تأخذ مكانها الصحيح بين دول العالم. من جانبه قال السفير الصيني لدى الأمم المتحدة فو كونغ إنه «يوم حزين»، معربا عن «خيبة أمله» من الفيتو الأميركي، ومضيفا «لقد تحطم حلم الشعب الفلسطيني».
أما روبرت وود نائب السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة فقال إن «هذا التصويت لا يعكس معارضة للدولة الفلسطينية، بل هو اعتراف بأنه لا يُمكن لها أن تنشأ إلا عبر مفاوضات مباشرة بين الطرفين» المعنيَّيْن، على حد قوله.
                           ع سمير

الرجوع إلى الأعلى