احتياطات الصرف غير قادرة على مقاومة الصدمة إذا استمر تراجع سعر البترول
حذّر محافظ بنك الجزائر محمد لكصاصي من أن احتياطات الصرف التي تتوفر عليها البلاد في الوقت الحالي لن يكون بمقدورها مقاومة الصدمة وقد تتآكل بسرعة في حال استمرار تهاوي أسعار النفط لمدة طويلة، وكشف أن عائدات الجزائر من المحروقات في السداسي الأول من السنة الجارية انخفضت بنسبة 1.37 % مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، بينما ارتفعت الواردات من السلع لتصل إلى 29.83 مليار دولار في السداسي الأول من السنة الجارية مقابل 29.22 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي.
استعمل محافظ بنك الجزائر محمد لكصاصي لغة واقعية خلال عرضه أمس التقرير السنوي حول «التطورات الاقتصادية والنقدية لسنة 2013 والتوجهات المالية للسداسي الأول من السنة الجارية» أمام نواب الغرفة السفلى للبرلمان، و قال أن مستوى احتياطات الصرف الذي تتوفر عليها الدولة في الوقت الحالي والمقدرة حتى  نهاية جوان الماضي بـ193.269 مليار دولار يبقى ملائما ليسمح للجزائر بمواجهة الصدمة على ميزان المدفوعات الخارجية على المدى القصير، لكن هذه القدرة على مقاومة الصدمات قد تتآكل بسرعة لو استمرت أسعار البترول في مستويات منخفضة لمدة طويلة.
و تطرق لكصاصي في مداخلته أمام النواب للوضع المالي والاقتصادي الدولي وتهاوي أسعار البترول في الوقت الحالي، وقال أن الوضعية الحالية ليست مقلقة لكن استمرار انخفاض سعر البترول لمدة طويلة قد يهدد التوازن المالي للبلاد، وأمام هذه الوضعية  تبرز أهمية التسيير الحذر لاحتياطات الصرف من طرف بنك الجزائر  والتركيز أيضا على تنمية الاستثمارات، وأوضح أن السداسي الأول من السنة الجارية شهد تراجعا في مداخيل المحروقات حيث قدرت بـ 31.83 مليار دولار مقابل 32.27 مليار دولار في نفس الفترة من السنة الماضية، وبالموازاة مع ذلك استمرت واردات السلع في الارتفاع لتصل إلى 29.83 مليار دولار مقابل 29.22 مليار دولار في نفس الفترة من سنة 2013.
و تحدث محافظ بنك  الجزائر عن تراجع طفيف لاحتياطات الصرف والتي تقدر حاليا بـ 193.269 مليار دولار إلى نهاية جوان من العام الجاري مقابل 194 مليار دولار في نفس الفترة من السنة الماضية، وقال أنه رغم ذلك تبقى وضعيتها قوية تفوق 35 شهرا من استيراد السلع والخدمات، وبالمقابل ارتفعت الصادرات خارج المحروقات في السداسي الأول من السنة الجارية إلى 757 مليون دولار مقابل 620 مليون دولار في نفس الفترة من 2013.
ودائما فيما تعلق بالتوجهات المالية للسداسي الأول من السنة الجارية سجل إجمالي ميزان المدفوعات الخارجية عجزا يقدر بـ1.32 مليار دولار مقابل فائض يقدر بـ0.88 مليار دولار في الفترة نفسها من السنة الفارطة، كما أدى الارتفاع في الواردات من السلع المترافق مع تراجع صادرات السلع إلى تقلص الفائض التجاري لميزان المدفوعات إذ انتقل من 3.667 مليار دولار خلال السداسي الأول من السنة الماضية الى2.756 مليار دولار في نفس الفترة من هذا العام.
وقال محمد لكصاصي أن التقلبات التي عرفتها أسواق الصرف العالمية في ماي وجوان من عام 2013 وجانفي من العام الجاري انعكست سلبا على عملات عدة بلدان ناشئة، وفيما يخص الدينار  عرف متوسط سعره في السداسي الأول من هذا العام ارتفاعا يقدر بـ2.31 % مقابل الدولار الأمريكي مقارنة بالسداسي الأول من سنة 2013 لكن بالموازاة انخفض متوسط سعر صرف الدينار مقابل اليورو بـ 4.32 % ، وهو انخفاض طفيف مقارنة بالانخفاضات في عملات دول ناشئة أخرى، ويضيف المتحدث انه على الرغم من العجز  المسجل في ميزان المدفوعات الخارجية في السداسي الأول من 2014 يبقى مستوى سعر الصرف الحقيقي الفعلي للدينار مرتفعا مقارنة بمستواه التوازني المحدد وفق أساسيات الاقتصاد.
لكن ورغم لغة التحذير التي تبناها محافظ بنك الجزائر إلا انه أوضح ان العديد من المؤشرات الاقتصادية والمالية تتحسن مثل التضخم الذي استمر في التراجع في الستة أشهر الأولى من هذه السنة، حيث انتقل الارتفاع في المتوسط السنوي لمؤشر الأسعار عند الاستهلاك من1.98 % في مارس 2014 إلى 1.51 % في جوان بعدما كان في حدود 3.26 % في ديسمبر من عام 2013، فيما بلغ المتوسط السنوي للتضخم الأساسي خارج المنتجات الغذائية الطازجة 1.74 % في جوان 2014 مقابل 3.03 % في ديسمبر 2013،وفي إطار الحفاظ على الاستقرار النقدي يقوم بنك الجزائر بامتصاص وبصفة فعالة فائض السيولة بالسوق النقدية ويساهم في التحكم في التضخم بواسطة أدوات السياسة النقدية الملائمة-يضيف لكصاصي.
أما النواب فقد تطرقوا في مداخلاتهم وألحوا على رفع منحة السفر، وفتح مكاتب لصرف العملة لمحاربة السوق الموازية في هذا الجانب وكذا استبدال الأوراق النقدية الحالية، وتطرق البعض منهم لاختلاف الأرقام المقدمة من طرف بنك الجزائر والحكومة و البنك العالمي حول الوضعية الاقتصادية والمالية للبلاد، بينما تساءل آخرون عن حجم الإعفاءات الضريبية  والامتيازات التي حصل عليها القطاع الخاص منذ سنة 2008، وطالبوا بتشديد الرقابة على المال العام خاصة في مجال مكافحة تهريب العملة إلى الخارج بداعي الاستيراد.

محمد عدنان

الرجوع إلى الأعلى