العلاقـات الجزائـرية- السعودية ستبقى متينة مهما مرت بمراحل خلاف أو فتـور
يرى الدكتور بوحنية قوي أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة قاصدي مرباح بورقلة أن العلاقات الجزائرية- الخليجية بصورة عامة، والجزائرية- السعودية بصورة خاصة ستبقى متينة مهما مرت بمراحل خلاف أوفتور، ولن تتأثر ببعض الظروف العابرة لأسباب تاريخية ومحددات عديدة.
وتحدث الدكتور بوحنية في تصريح للنصر، أمس الأربعاء، عن أن العلاقات الجزائرية السعودية خاصة، مرتبطة بمجموعة من المحددات على مر التاريخ، منها الموقف السعودي الايجابي من الجزائر كدولة منذ عقود، وعدم تدخلها في الشؤون الداخلية للجزائر، والعكس صحيح أيضا، والعلاقة بين البلدين كانت دائما قائمة على التعاون الثنائي بشأن العديد من القضايا العربية والإسلامية، سواء داخل الجامعة العربية أو داخل منظمة المؤتمر الإسلامي.
وعبر التاريخ - يضيف المتحدث- لم يوجد ما يدعو للتوتر واختلاف في الرؤى بالشكل الذي يعيق التعاون بين البلدين، فخلال الحرب العربية الإسرائيلية الأولى سنة 1967 كان هناك تعاون كبير بينهما ، ثم استمر هذا التعاون داخل مختلف التجمعات الإقليمية والإسلامية مثل الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي بعد ذلك، بخصوص نصرة قضية فلسطين والصراع العربي الإسرائيلي، وحل النزاعات العربية والإسلامية التي كانت مطروحة على الساحة.
وظل هذا التعاون قائما إلى غاية سنة 1990 خلال حرب الخليج الأولى حيث وقع هناك نوع من التباين في الرؤى لأن الجزائر رفضت المشاركة بقوات عسكرية كما فعلت العديد من الدول العربية لإخراج العراق من الكويت، وهذا الموقف نابع طبعا من عقيدة عسكرية وسياسية جزائرية قديمة قائمة على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. وفي نفس السياق يواصل الدكتور بوحنية ليقول أننا سجلنا في المدة الأخيرة تباينا آخر في الرؤى بين الجزائر والمملكة العربية السعودية، فيما تعلق بما سمي التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب، حيث رفضت الجزائر الانخراط فيه لعدة أسباب، منها عدم وضوح الرؤية بشأنه وعدم وضوح أهدافه أيضا، وثانيا فإن الجزائر ترى في نفسها طرفا لحل الأزمات المشتعلة في المنطقة العربية والإسلامية وتذليلها، وليس طرفا في تأجيجها، كما هي الحال في اليمن وسوريا وغيرها. وبتعبير آخر، فإن الجزائر تعتبر أنها عانت كثيرا خلال العشرية السوداء وكافحت وحدها إرهابا همجيا تدميريا كلف البلاد ثمنا باهظا، ولم يساعدها في ذلك أحد، وهي من هذا المنطلق لا تريد الدخول في حروب وتحالفات غير واضحة. الحالة الأخرى التي تباينت فيها مواقف الجزائر و المملكة العربية السعودية كانت عندما أدرج حزب الله اللبناني على قائمة المنظمات الإرهابية، فلم تتبن الجزائر هذا التصور على الرغم من أن الحزب غرق في الوحل السوري، وهي لا ترى فيه مجرد جناح عسكري فقط بل جناحا سياسيا أيضا يمثل قسما من الشعب اللبناني. لكن رغم كل نقاط التباين والخلاف في المواقف بين الدولتين إلا أن ذلك لم يؤد إلى الفتور في العلاقات، كما لم تعمد الجزائر إلى قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران التي تعتبر اليوم خصما لدول الخليج.
ومن هذا المنطلق يعتقد الدكتور بوحنية قوي، أن العلاقات الجزائرية الخليجية عموما والجزائرية السعودية بوجه خاص علاقات قوية و متينة مبنية على التعاون في جميع المجالات، وعلى التعاون الأمني وتبادل المعلومات خاصة مع دول الإمارات العربية المتحدة وقطر وغيرها، وتبادل للزيارات بين القادة العسكريين لهذه الدول والجزائر أحسن دليل على ذلك، صحيح هناك نقاط تباين وخلاف تجاه بعض الملفات المطروحة لكنها لن تؤثر في عمق وطبيعة العلاقات القائمة بين الطرفين.
م- عدنان

الرجوع إلى الأعلى