المشـروع صحـّح اخـتـلالات و سيـسمـح للـدولـة بتـوفــير شـروط استـقرار الاقـتصـاد الكلــي
* الزيادات في الرسم على القيمة المضافة لا تمس المواد  ذات الاستهلاك الواسع
صوّت نواب المجلس الشعبي الوطني بالأغلبية المطلقة، على مشروع قانون المالية لسنة 2017، و عارضه نواب حزب العمال، وقاطع نواب جبهة القوى الاشتراكية، و تكتل الجزائر الخضراء، وجبهة العدالة والتنمية جلسة التصويت، بينما جدّد  وزير المالية حاجي بابا عمي من جهته التأكيد على أن المشروع يسمح للدولة ضمن نظرة استشرافية على مدى ثلاث سنوات بتوفير شروط استقرار الاقتصاد الكلي، و أن الزيادات في الرسم على القيمة المضافة لا تمس المواد ذات الاستهلاك الواسع.
لم تمر جلسة التصويت على مشروع قانون المالية للسنة المقبلة أمس، في نفس الهدوء الذي مرت فيه جلسات المناقشة قبل أسبوع، حيث عاد نواب المعارضة إلى الاحتجاج ضد المشروع الذي وصفوه بغير الاجتماعي و غير المتوازن، لكن ليس بنفس الحدة التي عرفتها جلسة التصويت على قانون المالية لسنة 2016 العام الماضي، وقبل بداية جلسة التصويت صباحا نظم نواب تكتل الجزائر الخضراء، وجبهة العدالة والتنمية وحزب العمال وقفة احتجاجية رمزية داخل بهو المجلس حملوا خلالها لافتات كتب عليها « لا للتقشف»،   « لا للمساس بالطابع الاجتماعي للدولة» وغيرها من الشعارات المناهضة للقانون، ثم لحق بهم نواب الأفافاس، مؤكدين في تصريحات عديدة ومتقاطعة  رفضهم لمشروع القانون، لأنه غير اجتماعي، وضد المواطن البسيط، ويمس بقدرته الشرائية، بينما لا يمس أصحاب المال، على حد تعبيرهم.
وفي الوقت الذي فضل فيه نواب جبهة القوى الاشتراكية و جبهة العدالة والتنمية مقاطعة الجلسة بالكامل، التي حضرها 271 نائبا فضلا عن 34 وكالة، اختار نواب تكتل الجزائر الخضراء الدفاع عن مقترحات التعديل داخل  قاعة الجلسات، وبعدها غادروا هم أيضا جلسة التصويت، أما نواب حزب العمال فقد دافعوا عن التعديلات  الـ 27 التي اقترحوها إلى آخر لحظة وبعدها صوتوا ضد المشروع.
 وقد وقف نواب الموالاة الممثلين في حزب جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي وتجمع أمل الجزائر والأحرار بشكل قوي مع المشروع، ما سمح للحكومة بتمريره كما أرادت ودون أي تعديلات جوهرية، غير تلك التي اقترحتها لجنة المالية والميزانية في تقريرها التكميلي،  وهي التعديلات التي تخص  رسم الطابع على إصدار جواز السفر من 24 ورقة بقيمة 25 ألف دينار، وجواز السفر من 48 ورقة حسب الإجراء السريع بـ 60 ألف دينار بدلا من 45 ألف دينار، ورفع الرسم على التبغ الاسود إلى 1240 دج للكيلوغرام، وعدم تغيير معدل الرسم الداخلي للاستهلاك بالنسبة لمادة البن، ورفع الرسم على المشروبات الكحولية بنسبة 10 بالمئة، والترخيص باستيراد الأجهزة ذات الأصناف أ.ب.ج مع تحديد رسم الفعالية الطاقوية لهذه الاصناف، والتنصيص على أن يطبق رسم الفعالية الطاقوية بنسبة 25 بالمئة على الأجهزة المستوردة بداية من الفاتح جانفي المقبل، ويطبق على الأجهزة المصنوعة محليا بداية من الفاتح جانفي 2018.
ومن بين التعديلات الأخرى التي ادخلتها لجنة المالية على المشروع  والتي صودق عليها فيما بعد، تعديل المادة 107 بتحديد الرسم على الأطر المطاطية المستوردة بـ 750 دج بالنسبة للسيارات الثقيلة، و 450 دج بالنسبة للسيارات الخفيفة، مع توزيع حاصل الرسم لصالح البلديات بنسبة 35 من المئة، و35 من المئة لصالح ميزانية الدولة و30 من المئة لصالح الصندوق الخاص للتضامن الوطني، وكذا تعديل المادة 108 بالتنصيص على أن تكون تسوية البنايات المزودة برخصة البناء التي تم انجازها أو التي هي قيد الانجاز غير المطابقة لتعليمات رخصة البناء المسلمة، مقابل دفع غرامة تتراوح بين 10 إلى 25 بالمئة  من قيمة العقار، وحسب طبيعة المخالفة، على أن يسري مفعول هذا الحكم بداية من أول جانفي 2018، ورفضت لجنة المالية كل التعديلات التي جاءت من المعارضة.
 وجدد وزير المالية حاجي بابا عمي التأكيد بعد المصادقة على المشروع في تصريح هامشي مقتضب له بأن هذا الأخير جاء «لتصحيح بعض الاختلالات في الاقتصاد الوطني»، و أن الزيادة في الرسم على القيمة المضافة بنقطتين لن يمس المواد الاساسية واسعة الاستهلاك، وفي كلمته داخل المجلس بعد المصادقة قال الوزير أن الحكومة تتفق مع مضمون الكثير من المقترحات، والتي وردت على لسان النواب خلال المناقشة، لكن  الظرف قد يحتم التعامل مع الوضع من زاوية الخصوصية، إلى جانب ضرورة مواصلة العمل التدريجي من أجل اقتصاد أكثر انتاجية وتنوعا في إطار نظرة استشرافية  متكاملة من شأنها أن تكفل التحديات المستقبلية.
 و أضاف أن المشروع يسمح بتعزيز ميزانية الدولة ضمن نظرة على مدى ثلاث سنوات، وهو ما يوفر شروط الاستقرار للاقتصاد الكلي، والشروط الملائمة لاقتصاد يستجيب لمتطلبات المرحلة الثانية من النموذج الاقتصادي الجديد المنتظر إطلاقها بداية من سنة 2020، ما يسمح لبلادنا من الانتقال إلى مصاف الدول الناشئة.

  إلياس بوملطة

الرجوع إلى الأعلى