الإصلاحات التي اقترحها صندوق النقد الدولي على الجزائر أصبحت ضرورية
عدو الاقتصاد الوطني هو الإدارة البيروقراطية
يرى الخبير الاقتصادي البروفيسور  بلميهوب محمد الشريف، أن الإصلاحات التي اقترحها صندوق النقد الدولي على الجزائر أصبحت ضرورية لمواجهة آثار الصدمة البترولية، مبرزا أنه من الأفضل  الشروع في هذه الإصلاحات المقترحة، قبل أن تتحول لتكون إجبارية في المستقبل، موضحا أن الميزانية لا تستطع أن تغطي كل العجز الموجود في الاقتصاد الوطني، وذكر أن تجسيد الإصلاحات الهيكلية سيؤثر من دون شك على المستهلك لكن لا يوجد خيار آخر،  داعيا في هذا الصدد إلى مراجعة سياسة الدعم الحالية، لاسيما فيما يخص المواد الطاقوية وشدد في حوار مع النصر، على ضرورة  تشجيع الاستثمار و فتح المجال أمام الشركات من أجل الاستثمار والإنتاج، معتبرا أن عدو الاقتصاد حاليا هو البيروقراطية الإدارية.
النصر :  صندوق النقد الدولي أبرز أن الجزائر حافظت على صلابة النشاط الاقتصادي، لكنه دعا إلى اعتماد مجموعة من الإصلاحات التدريجية لمواجهة آثار الصدمة البترولية ، ماذا تقولون بشأن هذه الإجراءات ؟
 بلميهوب محمد الشريف: تقريبا هي نفس الإصلاحات التي يقترحها صندوق النقد الدولي على الجزائر بنفس الطريقة منذ سنوات، لكن لم يتم اعتماد هذه الاقتراحات والتوجيهات فيما يخص الإصلاح، لأن أسعار النفط كانت في مستوى عالي ونتمنى أن يتم الشروع في هذه الإصلاحات خلال السنة الجارية ، من جانب آخر فالإصلاحات الهيكلية أصبحت ضرورية اليوم، لأن الميزانية لا تستطع أن تغطي كل العجز الموجود في الاقتصاد الوطني،  سواء فيما يخص المرافق العمومية والسكن وغيرها وبالتالي نضطر للذهاب إلى هذه الإصلاحات الهيكلية والتي ستؤثر من دون شك على المستهلك لكن لا يوجد خيار آخر ، فتقليص حجم الميزانية سيؤثر على المواطن ، ومن بين مقترحات الصندوق  تلك المتعلقة بقيمة الدينار، حيث أنه من المفروض أن ينخفض  أكثر فأكثر ليرجع إلى قيمته الحقيقية، والجانب الثاني يتعلق بالدعم الذي تقدمه الدولة للمستهلكين، فقد أصبح من غير الممكن أن نواصل على نفس الحالة، إذن الإجراءات التي أجلناها في السنوات الماضية كان من الأحسن أن ننطلق فيها من قبل والآن سنضطر إلى أخذ قرارات لها آثار على المواطن.  من جانب آخر من  الضروري خوصصة القطاع العام الذي أصبح عبئا على الدولة، فالشركات العمومية أصبحت تشكل عبئا على ميزانية الدولة والتي تدعم هذه الشركات، وبالتالي  فكل القضايا التي كانت مطروحة منذ أكثر من 10 سنوات ترجع الآن وتفرض نفسها و سيكون تأثيرها  بشكل كبير على المواطن باعتبار أن نسبة التضخم وصلت إلى أكثر من 8 بالمئة والتدعيم سيتقلص بكثرة خاصة في 2018 ، وبخصوص الواردات لم نأخذ هذا الجانب بعين الاعتبار في السنوات الماضية، حيث كانت الأموال متوفرة وكنا نستورد أي شيء واليوم سنقلص في فاتورة الواردات وبالتالي ستكون ندرة في الأسواق ، ستؤدي بذلك إلى زيادة في أسعار كل المنتوجات المستوردة ،  فهذه الأشياء التراكمية لم يتم معالجتها من قبل وسنعالجها في فترة زمنية قصيرة .
النصر:  سياسة الدعم المنتهجة حاليا تؤثر على الميزانية حسب الخبراء، هل ستلجأ الحكومة إلى مراجعة هذه السياسة والعمل  بمقترحات الأفامي فيما يخص هذا الجانب ؟
بلميهوب محمد الشريف : لا يجب انتهاج سياسة الشعبوية علينا بالعقلانية الاقتصادية، وإذا كان  فيه نوع من الذكاء والمسؤولية يجب أن ننطلق الآن في هذه الإصلاحات أحسن من اللجوء إلى تطبيقها بعد سنة بصفة قوية والذكاء هو أن ننتقل في سياسة إصلاحية تدريجية ونبدأ بالأمور التي تخص الطاقة فالتدعيم الأكبر الآن  يذهب إلى المنتوجات البترولية  وهذا غير مقبول، حيث أصبح من الضروري الزيادة في أسعار الكهرباء والوقود في المقابل الإبقاء على دعم بعض المواد الأساسية كالخبز والماء رغم التبذير الكبير الموجود ، وبالتالي يجب  الشروع في هذه الإصلاحات للتقليص من حدة الأزمة ، فكل الخبراء يؤكدون أنه غير ممكن الاستمرار في  سياسة الدعم الحالية وإذا أجلنا الأمر سنة أو سنتين سيتعقد الوضع أكثر.
النصر : تتوفر الجزائر على قدرات نمو ضخمة حسبما أكده البنك الدولي  كيف يمكن التقليل من آثار الأزمة النفطية والاستمرار في تحريك عجلة التنمية و تطوير الاقتصاد؟
بلميهوب محمد الشريف:  سعر النفط هو سعر دولي جيوستراتيجي  ويخضع لعوامل مختلفة البعض منها اقتصادية تتعلق بالعرض والطلب، لكن البعض منها جيوبوليتيكية ويخضع لمتغيرات خاصة  وعليه لا يجب أن نبني إستراتيجيتنا على متغير لا نتحكم فيه ولا يجب أن نبقى ننتظر ارتفاع الأسعار، علينا أن نبني اقتصادا خارج النفط  والجزائر لديها قدرات  كبيرة  ولكن هذه الطاقات للتحول إلى واقع يجب أن تكون هناك سياسات،  ونتمنى أن نشرع في الإصلاحات التي اقترحها صندوق النقد الدولي  قبل أن تتحول لتكون إجبارية في المستقبل، ومن الضروري تدعيم وتشجيع الاستثمار وإعطاء الحرية الكاملة للمؤسسات من أجل الاستثمار والإنتاج وتقليص الدعم، و يبقى عدو الجزائر حاليا هو البيروقراطية، فلكي تخلق شركة تنتظر عدة أشهر في حين يمكن  إنشاء الشركات في دول أخرى في مدة ساعة أو ساعتين ، فعدو الاقتصاد الجزائري هو الإدارة البيروقراطية .
مراد - ح

الرجوع إلى الأعلى