على المترشحين أن يخصصوا حيزا للذاكرة  ضمن برنامج الحملة الانتخابية
 دعا الباحث في تاريخ الجزائر الدكتور محمد لحسن زغيدي الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات المحلية المقبلة، لإدراج موضوع الذاكرة ضمن برنامج الحملة الانتخابية، وأن يخرجوا عيد اندلاع الثورة من الشعارات إلى التجسيد في الميدان.
استغل الدكتور زغيدي تزامن إحياء ذكرى نوفمبر مع الاستعداد لتنظيم الانتخابات المحلية، ليتساءل عن موقع الذاكرة ضمن البرامج الانتخابية للأحزاب المشاركة في الاستحقاقات، مصرا على أهمية أن يمنح المترشحون مساحة لشهر نوفمبر، وأن يخرجوا هذه المناسبة الخالدة من الشعارات إلى التجسيد على الميدان، وأن يشمل برنامج الحملة الانتخابية خطبا وأحاديث عن نوفمبر، لأنه لا توجد  بلدية لا تحصي شهيدا أو حادثة تاريخية من سنة 1830 تاريخ دخول الاستعمار الفرنسي إلى الجزائر، إلى غاية سنة 1962،  كما حث المشاركين في الاستحقاقات على إبراز الثورة التحريرية ضمن تعهداتهم والتزامهم أمام الشعب.
وبحسب الباحث في التاريخ فإن موضوع الذاكرة لم يأخذ الحيز المناسب ضمن البرامج الانتخابية  للأحزاب السياسية التي دخلت الحملة  على أمل الفوز بمقاعد في المجالس المحلية المنتخبة، في حين أنه على المترشحين أن يتقدموا إلى الناخبين ليعلنوا استعدادهم لتخليد الذاكرة والتعريف بها للجيل الجديد، كما يفترض على المجالس الشعبية الولائية التي تعد برلمان الولاية  والمسير للميزانية، أن تخصص في إطار برامجها حيزا للذاكرة، طالما أن الأحزاب قدمت مرشحيها لشعب نوفمبر.
 وأبدى الدكتور سعيدي تفاؤله بشأن جيل الشباب الذي يتحلى بالروح الوطنية، بدليل أنه حينما هاجر إلى فرنسا ظل يحمل الراية الوطنية  ويرفعها للاحتفال بانتصارات الجزائر، حتى في مجال الرياضة، مقللا من شأن الصور التي نشرتها موقع التواصل لاجتماعي بخصوص الشباب الذين اصطفوا أمام مقر المركز الثقافي الفرنسي لاختبار مستوى اللغة الفرنسية، على اعتبار أن اتفاقيات «إيفيان» الموقعة من قبل الجزائر وفرنسا تنص على إمكانية إنشاء مراكز للتكوين من قبل الدولتين وفي البلدين.
ويرى الدكتور زغيدي أن الجزائر لديها تجربة رائدة في تربية الأجيال الصاعدة، وهي الحركة الوطنية التي نجحت في تنشئة جيل نوفمبر، فهي ربت جيلا لمدة  28 عاما، واستطاعت أن تصل به إلى أكبر معجزة في العالم، وهي تفجير الثورة وانهاء الاستعمار الفرنسي الذي دام أزيد من قرن، لذلك ينبغي وفق المصدر أن نضع في الحسبان ما هي المبادئ التي ينبغي أن نربي عليها الأجيال الصاعدة، وما هي طرق تلقينها، لنجعل الشباب المختص في مجالات عدة مشبعا بمبادئ الذاكرة، مقترحا أيضا وضع منهجية علمية مبنية على الذاكرة وأن تعتمدها المنظومة التربوية في الأطوار التعليمية الثلاثة، إذ تعد هذه المراحل التعليمية القاعدة  الأساسية التي نبني بها الشباب الذي نريد. ويضيف المختص في تاريخ الجزائر أنه بعد الطور التعليمي الثانوي ينقسم الشباب ما بين التسرب المدرسي والتكوين المهني والتدرج في التعليم العالي، لذلك يجب استغلال المراحل التعليمية الثلاثية لترسيخ مبادئ الذاكرة، لتظل تلازم الفرد مدى الحياة، فضلا عن ضرورة انتقاء نوعية النص والصورة المعتمدة في المناهج التاريخية، وكذا طريقة التلقين، وأن يبدأ التكوين بالروضة بتلقين الطفل ألوان الراية الوطنية وخارطة الجزائر ومفهوم الوطن، كما يتوجب على الجهات المسؤولة الاعتناء أكثر بكتب التاريخ في شكلها ومضمونها، وفي انتقاء الصور حتى يحتضنها الشباب ويغوصون في محتواها، إلى جانب حسن انتقاء الأناشيد والرسومات  والمواضيع التي تخلد تاريخ الجزائر، لأن المنظومة التربوية ليست المدرسة فحسب، بل هي تبدأ بالبيت وتشمل كافة الفضاءات التي يترعرع فيها الأفراد وتنتهي عند المدرسة. وقال المتحدث إنه على الدولة أن تضع الذاكرة والتاريخ ضمن الأولويات، فلا نجاح في كافة الميادين  دون أن يتصدر موضوع تكوين الفرد اهتمامات الدولة، وأن ينصب التفكير على صناعة المستقبل، لأن التركيز على الحاضر القريب لا يمكن أن يؤدي إلى بلوغ مستويات الشعوب التي تخطط على مدى قرن أو نصف قرن.            لطيفة/ب

الرجوع إلى الأعلى