بومدين  كان يرفض  أن  يعامل كقديس
دعت الشخصيات الوطنية و التاريخية المشاركة في الملتقى التاسع حول حياة الرئيس الراحل هواري بومدين المنعقد بقالمة أمس الأربعاء، إلى ضرورة ترسيخ الذاكرة التاريخية لدى الأجيال الجديدة، و حثها على المحافظة عليها و التمسك بالهوية و الثوابت الوطنية لمواجهة ما وصفوه بالراهن الصعب الذي تمر به الجزائر، في ظل التحولات الداخلية و الإقليمية و الدولية التي تمر بها البلاد بعد أكثر من 55 سنة من الاستقلال.  
و أضاف المتدخلون في اليوم الأول من الملتقى الذي تنظمه جمعية الوئام لترقية الأنشطة الشبانية ببلدية هواري بومدين و ترعاه سلطات ولاية قالمة، بأن الجزائر تتوفر على مرجعية تاريخية قوية تسمح لها بتجاوز المخاطر المحدقة بها على الصعيدين الداخلي و الخارجي، مؤكدين بأن قضية اللغة و الهوية و الانتماء الحضاري و التاريخي للأمة الجزائرية قد تم الحسم فيها ببيان أول نوفمبر 1954 و دعمتها الدساتير الوطنية الصادرة منذ استقلال البلاد.  
و أشاد الحاضرون في الملتقى الذي ينعقد هذه السنة تحت شعار «دور الذاكرة و الهوية في تماسك المجتمع»، و يحضره ضيوف من تونس الشقيقة، بالدور الكبير الذي لعبه الرئيس الراحل في بناء الجزائر المستقلة، و ترسيخ الذاكرة التاريخية لدى الأجيال، و المحافظة على الهوية الوطنية و ثوابت الأمة، و رسم مستقبل العلاقات الجزائرية الدولية و مبادئ الدبلوماسية الوطنية المبنية على احترام سيادة الدول و عدم التدخل في شؤونها الداخلية و فرض سيادة الشعوب على مقدراتها الاقتصادية و مساندة حركات التحرر و دعم القضايا العادلة عبر العالم.  

مختار برشاوي رئيس جمعية الوئام المنظمة للملتقى  
هواري بومدين رمز تاريخي يجسد الذاكرة و الثوابت الوطنية  
قال مختار برشاوي رئيس جمعية الوئام لترقية الأنشطة الشبانية لبلدية هواري بومدين بقالمة التي تنظم متلقى الرئيس الراحل منذ 9 سنوات، بأن تاريخ الشعوب ذاكرة و هوية، و تراكم إبداعي متواصل، تصنعه الشعوب و قادتها البارزين أمثال الرئيس الراحل هواري بومدين الذي وصفه بالرمز التاريخي المجسد لذاكرة الامة و ثوابتها الوطنية و مبادئها الراسخة تجاه القضايا الإقليمية و الدولية.  
و أضاف المتدخل في كلمة افتتاح الملتقى بأن الرئيس الراحل و معه قادة تاريخيين آخرين بينهم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة،  قد وضعوا أسس و مبادئ الدبلوماسية الجزائرية، و رسموا مستقبل الأمة و توجهاتها المستقبلية، و تفاعلها مع التطورات الإقليمية و الدولية التي تحدث باستمرار عبر مختلف مناطق العالم و خاصة بالمنطقة العربية و القارة السمراء.  
و تطرق رئيس جمعية الوئام إلى مواقف هواري بومدين تجاه القضية الفلسطينية و قضية تصفية الاستعمار بالصحراء الغربية، مؤكدا بأن المواقف التاريخية للرجل تركت أثرا خالدا في تاريخ الجزائر، مرددا بعض أقواله المشهورة بينها سيادة الشعب، و نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة.  
و دعا مختار برشاوي الشباب الجزائري إلى قراءة التاريخ و استرجاع الماضي المجيد و النظر إلى المستقبل، و أن يضع رموز الأمة و قادتها محل تقدير و إعجاب، موضحا بأن معركة الجزائر اليوم لا تختلف عن معركة الأمس، و أن الشعب الجزائري عاقد العزم على مواجهة التحديات الداخلية و الخارجية تحت قيادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة رفيق درب الرئيس الراحل و قائد الدبلوماسية الجزائرية، و مهندس المصالحة الوطنية التي وضعت حدا للدماء و الدموع. 

الدكتور محي الدين عميمور  
كان يمقت استعمال لغة المستعمر
وجه الدكتور محي الدين عميمور، في كلمة قصيرة أمام المشاركين في الملتقى، انتقادات حادة لمن وصفهم بمقدسي الرئيس الرحل هواري بومدين، و قال بأن الرجل لم يقل يوما بأنه قديس  
و لم يدع لذلك.  
و دعا المستشار الإعلامي البارز، لثاني رئيس للجزائر المستقلة، إلى الابتعاد عن الطابع التأبيني عند إحياء ذكرى وفاة الرجل، مؤكدا بأن هذه المناسبات التاريخية يجب أن تظل فرصة للتأمل و مراجعة الذات و دراسة المواقف و الإنجازات و ترسيخ الذاكرة لدى الاجيال المتعاقبة.  
و تحدث محي الدين عميمور عن بعض مواقف الرئيس الراحل تجاه اللغة الفرنسية، مؤكدا بأنه و خلافا لما كان يعتقد الكثير، فإن هواري بومدين كان يجيد هذه اللغة كما كان يجيد اللغة العربية، لكنه كان يرفض و يمقت التحدث بلغة المستعمر إلا في مناسبات قليلة فرضت عليه التحدث بهذه اللغة، كما حدث في مقابلة له مع صحيفة فرنسية استمرت 8  ساعات كاملة، لكنه رفض أن تقدم للشعب الجزائري بهذه اللغة و بقي مصرا على ذلك، و أضاف عميمور   «عاتبني عندما حاولت عرض ملخص للمقابلة مدته 52 دقيقة باللغة الفرنسية في وسائل الإعلام الوطنية». و خلص المتحدث إلى القول بأن النسخة الأصلية للمقابلة قد تم إهداؤها للمتحف الوطني للجيش. 

الدكتور صالح بلعيد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية   
علينا توظيف الماضي من أجل بناء المستقبل
في مداخلة مطولة أمام الحاضرين في الملتقى حذر الدكتور صالح بلعيد من خطورة التجاذبات القائمة حول قضية اللغة في الجزائر، مؤكدا بأنه يجب الإدراك و الوعي بأن مسألة اللغة خطيرة و قد تدخلنا في أزمة هوية في نهاية المطاف، داعيا الشباب إلى تفجير الطاقات الكامنة و تحريك دوافعهم الداخلية و الاعتزاز بالمواطنة اللغوية.  
و قال صالح بلعيد بأن اللغة هي التي تجرنا إلى تأكيد و تأصيل الهوية، و في ذات الوقت قد تؤدي إلى تعليق الانتماء، و نبقى نعيش شذر مذر، في دوامة من الأزمات الفكرية، و نبقى نتساءل من نكون.   
و على هذا الأساس يضيف المتدخل نريد من شبابنا استلهام فعل الاجداد في صيرورتهم و سيرورتهم التاريخية، التي تجسدت في ثورة نوفمبر الخالدة التي عملت على تمتين الوحدة الوطنية في أبهى و أبقى صور الانصهار، عندما كان المجاهد ينتصر لبلده دون أن يسأل عن دواره و لغته.    
«إن الذاكرة تعني الماضي و التاريخ»، يقول صالح بلعيد، «فنحن في هويتنا اللغوية لا نتنكر لفعل السلف الصالح الذين أرسوا  قواعد التبادل المصلحي بين العربية و الأمازيغية، فهم الذين أعلو العربية و ابدعوا فيها و تواصلوا بها عبر الزمان، بواقع مشترك مبني طواعية على الهوية المشتركة ، وهو الواقع نفسه الذي أدى الى الانتماء للهوية العربية و تجذرت معالم هذا الواقع عبر السنين من خلال التعايش بين البربر و العرب ، وما كان ذلك مشكلة بتاتا».
ودعا المتحدث الى سد كل الفجوات قبل اتساع الرتق و الهوة بسبب مشكل اللغة، و هذا بتعميق الانتماء و تأصيل الهوية ومواجهة التحديات، مؤكدا بأنه بات من الضروري الجمع بين الاسلام و العروبة و الامازيغية، وتوظيف الماضي من أجل الحاضر و المستقبل أيضا، لأن الذاكرة لا تنسى و هي ترتبط ارتباطا وثيقا بالمشاعر و الاحاسيس و تسهم في خلق جو من الفخر و الاعتزاز، وكذلك التكريم و التمجيد و تحث الأجيال اللاحقة على تقدير جهود الاجيال السابقة، و ذلك بعقد مزيد من الملتقيات و الندوات و تصوير الافلام و المسلسلات و تدريس البطولات و دفع المؤرخين الى تدوين المفاخر و مآثر  الأبطال على مر التاريخ.               
فريد.غ    

فيما تم تدشين طريق بني عدي
الشروع  في  إنجاز  متحف  بالمنزل  الريفي  للرئيس  الراحل
دشنت سلطات ولاية قالمة أمس الأربعاء طريقا جبليا جديدا، يؤدي إلى المنزل الريفي لعائلة الرئيس الراحل هواري بومدين بمنطقة بني عدي الواقعة ببلدية مجاز عمار غربي قالمة.  
و يمتد الطريق الجديد على مسافة 5 كلم تقريبا، و يبدأ من الطريق الولائي 126 قرب قرية بن طابوش، إلى غاية الحدود المشتركة مع بلديتي حمام دباغ و الفجوج.  
و قد أنهى المسلك الجديد عزلة خانقة ظلت تعاني منها المشاتي الواقعة شمال بلدية مجاز عمار، أين تتواجد محيطات فلاحية و أعداد كبيرة من السكان الذين ينشطون في مجال الزراعة و تربية المواشي لتأمين مصادر العيش بواحدة من أفقر الأقاليم الجبلية بقالمة.    
و يستعمل هذا الطريق، الذي انتهت به الاشغال مؤخرا، من قبل زوار المنزل الريفي للرئيس الراحل، و يتوقع أن يتزايد عدد الوافدين على المكان خلال السنوات القادمة بعد إصلاح الطريق، و وضع إشارات اتجاه ترشد السياح و الطلبة و الباحثين الذين يقصدون المكان باستمرار منذ تحسن الأوضاع الأمنية و عودة الاستقرار إلى المنطقة الجبلية الوعرة التي شهدت ميلاد محمد بوخروبة ثاني رئيس للجزائر المستقلة.  
كما وضعت سلطات قالمة أيضا حجر الأساس لبناء متحف صغير بساحة المنزل الريفي الذي عاش فيه هواري بومدين قبل بداية مسيرته مع العلم و النضال و الجهاد و قيادة البلاد.
فريد.غ

الرجوع إلى الأعلى