تحت شعار «تنوّع المحكي في المأثور اللامادّي الجزائريّ»، وبمناسبة إحياء الذكرى الــ61 لمظاهرات 11 ديسمبر1960، نظمت جمعية النبراس الثقافي لبلدية سطيف، المـلتـقى العربي الثاني «جـازية للحـكاية الشعبية»، وهذا يومي 8 و9 ديسمير، الملتقى الّذي اِحتضنت فعالياته دار الثقافة هواري بومدين بسطيف. اُفتُتِحَ بتوزيع جمعية النبراس الثقافي لكِتاب يضم أشغال الملتقى، على الحضور، ليكون مرجعًا للطلبة والباحثين الأكاديميين في الحكاية الشعبية الجزائرية والعربية، بالإضافة إلى عرض شريط وثائقي حول الحكاية الشعبية، أعدته الجمعية مع نخبة من الأساتذة الأكاديميين والشُعراء المُتمرسين في فن إلقاء الشِّعر والحكاية الشعبية. وكان موضوع هذا الشريط «الحكاية الشعبية عند شعوب العالم»، ومكانة الحكاية لدى الشعب الجزائري، وأشهر الحكايات الشعبية المتداولة بين الأسر والمجتمعات، بالإضافة إلى طرح سؤال جوهري في نهاية هذا الفلم الوثائقي ألا وهو: كيفية الحفاظ على التراث الحكائي الجزائري؟

بعدها كرمت وزارة الثقافة وجمعية النبراس أسماءً ثقافية وأدبية ساهمت في ترقية المشهد الثقافي والأدبي وطنيًا وعربيًا على غرار كاتبة السيناريو عبلة بلعمري المتوجة بجائزة الإبداع الفني عن نصها المسرحي «السيف المنتظر» لمؤسسة «سيدة الأرض» الثقافية الفلسطينية سنة 2021، والأستاذ المهتم بالتاريخ والتراث المحلي خثير ذويبي صاحب المؤلفات العديدة حول شهداء وأعلام منطقة سطيف. كما تمّ تكريم أسماء أدبية وعلمية غادرت الدنيا في الأشهر الأخيرة على غرار عضو جمعية النبراس الثقافي فاتح بلكبير، والدكتور أمحمّد عزوي المختص في الأدب الشعبي والّذي أشرف على ضبط وتدقيق كِتاب الملتقى، والشيخ عبد الله الواحدي حامل الموروث الثقافي الشعبي لمنطقة الحامة جنوب سطيف.
التظاهرة شهدت سلسلة من الجلسات العلمية والأكاديمية حول الحكاية الشعبية في الجزائر، والوطن العربي والعالم، وبمحاور ذات صلة بشؤون الحكاية الشعبية. ومن بين عناوين هذه المحاور: أُسس التصنيف التي اعتمدت عليها المصنفات العالمية المتعلقة بالحكاية الشعبيّة. أصناف المحكي في الثقافة العربية والإسلامية. أصناف المحكي في الثقافة الإفريقيّة. أصناف المحكي في ثقافة البحر الأبيض المتوسط. موقف المستشرقين من مسألة تصنيف الحكاية الشعبية. جرد الأعمال البحثية حول الحكاية الشعبية الجزائرية والتعليق عليها أو بيبليوغرافيا الدراسات والمؤلفات التي عالجت الحكاية الشعبية. جرد مجموعات الحكايات التي تناولت مواد المحكي في الأدب الشعبي الجزائري والتعليق عليها. بالإضافة إلى تقديم مجموعة عروض في الفن الحكواتي.
التظاهرة للإشارة، عرفت مشاركة عربية من خلال الباحث محمّد بايزيد من سوريا، والدكتورة هدى البحروني من تونس، والدكتور علي أسبيق جمعة من ليبيا.
الملتقى سعى إلى وضع بعض الأُسس لتصنيف المحكي في المأثور اللامادي الشعبي الجزائري وِفْقَ مقاييس التصنيف العالميّة، بمراعاة خصوصية الثقافة الشعبية الجزائرية وعلاقتها بتاريخ المجتمع الجزائري، المُرتبط بأُطر جغرافية ثقافية معينة، مثل الثقافة العربية والإسلامية وثقافة البلاد المغاربيّة وثقافة حوض البحر الأبيض المتوسط والثقافة الإفريقيّة. كما طمح، أي –الملتقى- إلى المساهمة في وضع الأسس التصنيفية التي يمكن أن تُساعد على وضع قاعدة بيانات شاملة لمادّة الحكايات الشعبية بمختلف أصنافها، يستعين بها العاملون في مجال الأرشفة والبحث ورقمنة المعطى الثقافي. ومن جهةٍ أخرى رمى هذا الملتقى في طبعته الثانية، إلى تقريب وجهات النظر حول المفاهيم المُتعلقة بأجناس الأدب الشعبي والأشكال الأم والفرعية للقصص الشعبي، وبالتالي يُمَكِّنُ من توحيد المصطلحات الدالة على أصناف المحكي ويُسهل عملية الترجمة عن اللغات الأخرى في مجال التأليف المُتعلق بالحكاية.
كما أتاح الفرصة لاِلتقاء الباحثين المُتخصصين في مجال دراسة الأدب الشعبيّ بالفنانين المُمارسين لنشاط الحكي، وتُمثل هذه الممارسة مجالاً فنيّا في طور التخلّق والاِنتشار، وقد عمل الملتقى على تأطيرها وتوجيها من خلال بعض الجلسات.وكان الملتقى فرصة لتحقيق بعض الأهداف من بينها جمع عدد من الباحثين المُتخصصين لمناقشة مسألة تصنيف مادة المحكي في المأثور اللامادي الشعبيّ، بغرض تقريب وجهات نظرهم ومحاولة توحيد مقاييس التصنيف من أجل تطبيقها في عمليات الجمع والأرشفة والبحث والدراسة.          نوّارة لحــرش

الرجوع إلى الأعلى