الجائحة فرضت على اللغة العربية بدائل رقمية
أكد أمس مشاركون في الملتقى الدولي «اللغة العربية من التعليم الورقي إلى التعليم الإلكتروني، الواقع و التحديات و الآفاق»، الذي احتضنه مجمع 500 مقعد بجامعة الإخوة منتوري بقسنطينة، أن التعليم الإلكتروني فرض نفسه في مناهج التعليم عبر العالم، سواء في المدارس أو الجامعات، من خلال منصات رقمية و تقنيات إلكترونية، تستخدم في نقل المعلومة و تعليم المناهج عن بعد، بعدما فرضت جائحة كورونا تغيير أنماط التعليم، و جعلت من التعليم عن بعد إلزامية و حتمية، أكثر من أي وقت آخر، و فرضت هذه الآلية نفسها بإلحاح على مستخدمي اللغة العربية، خاصة في الجامعات و المؤسسات التربوية، و دفعتهم إلى الإلمام بكل التقنيات الإلكترونية لإجادة لغة الكمبيوتر، و اللحاق بركب التطور الهائل في التكنولوجيا الرقمية، التي تعرف تجددا متسارعا و منقطع النظير، و قدرة كبيرة على الانتشار،  ستساعد اللغة العربية على التوسع أكثر عبر العالم.

في مداخلة عنوانها "تحديات تعليم و تعلم اللغة العربية باستخدام التعليم الإلكتروني في ضوء جائحة كورونا بماليزيا"، تحدث الدكتور عاصم شحادة صالح علي،  من الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا، خلال هذا الملتقى الدولي، عن تجربة بلاده، مؤكدا أن  الجامعات في ماليزيا كانت خلال الجائحة ملزمة بالبحث عن بديل للتعليم الحضوري، فكان التعليم عن بعد هو البديل الحقيقي، بعد أن  كان في وقت مضى اختياريا، كما سجل تحسنا ملحوظا في أداء المتعلمين خلال الجائحة، خلافا لما كانوا عليه داخل القاعات، مشيرا إلى أن هذه النتائج غير مثبتة بدراسات ميدانية حسب الدكتور شحادة صالح علي.
  و أضاف أن هناك جملة من العراقيل في  تعليم اللغة العربية في ماليزيا، منها الحاجة الماسة للإنترنت، خاصة في القرى، بالنسبة للطلبة الذين يقطنون خارج العاصمة،  المشاكل المالية و عدم قدرة كل الطلبة على اقتناء التجهيزات اللازمة و تسديد حقوق الإنترنت، افتقار التعليم عن بعد للاحتكاك المباشر بين المتعلم و المعلم، الذي له أثر بالغ في تعلم أبجديات العربية، دون إغفال عدم تركيز الطلبة عند الدراسة عن بعد، و ما يسببه مشكل انقطاع الانترنت في الدراسة لساعات متواصلة، رغم ذلك فإن تعليم اللغة العربية عن بعد في ماليزيا، أصبح واقعا و حتمية تتماشى معها الجامعات هناك ، مع محاولة تصحيح الأخطاء و تدارك النقائص الموجودة، و الحفاظ على نسبة من التعليم المباشر و الحضوري الذي تبقى له أهمية كبيرة في تلقين اللغة .
و أكدت من جهتها الدكتورة سعاد بسناسي من جامعة أحمد بن بلة في وهران، خلال مداخلتها بتقنية الزوم التي تحمل عنوان "ضرورة التحول من التعليم الثابت إلى المتنقل"، أن التعليم بالاعتماد على الوسائط الإلكترونية و جهاز الكمبيوتر، ليس حديثا، بل يعود إلى سنوات ماضية، تحديدا في أوروبا، حيث  يتم استخدام الكمبيوتر و الأقراص المضغوطة و المعاجم  و تطبيقات تصحيح الأخطاء، سواء في المدارس أو الجامعات، غير أنه في فترة الجائحة، أصبح البحث منصبا على نوع جديد من التعليم و المستقبل التفاعلي بين المعلم و المتعلم، سواء تعلق الأمر بإنسان أو برنامج، فكان الحل الذي فرض نفسه بقوة، هو التعليم الافتراضي لإيصال العلم عن طريق الحواسيب باستخدام الإنترنت، فتخطى التعليم الإلكتروني حدود المدرسة، و أصبح تعليما متجولا، متحررا من قيد الزمان و المكان ، و اختصر الجهد و الوقت.
و قالت المتحدثة  إن الفروقات الفردية لا تبرز من خلال التعليم الإلكتروني، و هذا من إيجابياته، حسبها، كما أنه ممتع بالنسبة للكثير من المتعلمين، خاصة الأطفال الذين يتقنون  استخدام التكنولوجيا الرقمية، فهذا النمط التعليمي، حسب الدكتورة بسناسي، سيساعد اللغة العربية على الانتشار أكثر، خاصة في ظل الوسائط الرقمية المتاحة للجميع من المعاجم و الكتب الرقمية و الدروس الإلكترونية و المكتبات الافتراضية  و غيرها، لكن هذا لا ينسينا وجود مجموعة من العراقيل في وجه هذا النمط التعليمي الجديد، كما قالت.
فيما اعتبرت الأستاذة عائشة جمعي من جامعة يحي فارس ولاية المدية، خلال مداخلتها  حول التطبيقات التعليمية الذكية و الألعاب الالكترونية، أن التعليم الإلكتروني أصبح متاحا في كل وقت، بل اكتسح كل مجالات التعليم في العالم،و يمكن لأي شخص تعلم اللغات و إتقانها من خلال تطبيقات و برامج إلكترونية لها عدة خصائص، منها أنها متاحة لأي فرد و سهلة الاستخدام، و خاصية الجذب و مجانية التعليم في بعض البرامج ، كما أن هذه البرامج اللغوية الإلكترونية تحقق مهارات لغوية  و تزيد من الأداء المعرفي للمتعلم ، بما فيها تعلم لغة العربية ،إذ تتوفر عبر شبكة الإنترنت على ملايين البرامج و المعاجم و البرمجيات، لتعليم اللغة العربية ،مشيرة إلى برنامج "دولينغو" ، لتعليم اللغات الذي يضم عدة مستويات لتعليم أي لغة، منها العربية، و يرتكز على مستويات اللغة الأربعة وهي الاستماع،المحادثة،الكتابة و القراءة،و كذلك برامج الفصيح وهو متحدث عربي موجه لمتوسطي الأعمار، و يتضمن أساليب مشوقة و ناجعة في تعليم العربية بالتكرار و التعليم بالنطق و المحادثة الإلكترونية و غيرها.
و أكد المشاركون في اليوم الأول من الملتقى ،أن الجائحة فرضت و سرعت استعمال و تعميم النمط الرقمي في التعليم في كل دول العالم، سواء للعلوم أو اللغات، لهذا يجب مواكبتها من أجل الاستمرار و الانتشار و في مقدمتها العربية، مع ضرورة  تطوير تقنيات التعليم الافتراضي عبر الجامعات و المؤسسات التربوية و إعادة النظر في العراقيل الموجودة لتصحيحها.  و تختتم  اليوم الخميس فعاليات الملتقى الدولي، الذي احتضن فعالياته مجمع 500 مقعد بجامعة الإخوة منتوري بقسنطينة، و نظمته كلية الآداب و اللغات و مخبر الدراسات التراثية ، بتقديم مجموعة من المداخلات بتقنية الزوم، من داخل الوطن، و خارجه بمشاركة أساتذة من نيجيريا،السعودية، و ماليزيا، مع قراءة التوصيات في نهاية المداخلات.                                     وهيبة عزيون

الرجوع إلى الأعلى