صاحبة كتاب"جزائريات قصر آمبواز"آمال شعواطي للنصر

المؤرخون أفرطوا في تمجيد الأمير عبد القادر و أغفلوا مأساة نسائه

تعكف مؤلفة كتاب «جزائريات قصر آمبواز» الصادر عن دار “لا شومينانت” الفرنسية، على كتابة سيناريو لمؤلفها الذي يجري التحضير لتحويله إلى عمل سينمائي، لأهميته التاريخية و انفرادها بإماطة اللثام عن الظروف المأساوية التي عاشتها نساء حاشية الأمير عبد القادر في المعتقل بفرنسا طيلة خمس سنوات. المؤلفة أمال شعواطي تحدثت للنصر عن الدوافع التي حملتها كنفسانية إلى ارتداء قبعة المؤرخ و البحث بين صفحات الأرشيف عن جزء مهما من التاريخ، بقي مطمورا لسنوات طويلة في ذاكرة النسيان. كما تطرقت إلى تأثير أسيا جبار على كتاباتها و سر تجسيدها لمشروعها «حلقة أصدقاء أسيا جبار» و ذلك منذ عشر سنوات.
النصر: أظهرت حلقة من التاريخ، لم يجرؤ أحد من قبل التطرق إليها، ما الذي شجعك على التفتيش بين صفحات أرشيف بقيت لسنوات مطمورة في درج النسيان؟
آمال: حاجز الصمت الذي أحاط هذه الفترة من التاريخ، أيقظ في الفضول و حفزني على البحث و التمحيص في الأرشيف، و قادتني الرغبة في معرفة من كن تلك الجزائريات؟ و لماذا تم سجنهن مع أطفالهن بفرنسا لمدة خمس سنوات، فترة اعتقال الأمير عبد القادر بن محي الدين( مثلما كان يوّقع رسائله)...المؤرخون لم يتطرقوا أبدا إلى مصير هؤلاء.. لذا قررت القيام بذلك شخصيا، لإنصاف ذاكرتهن.

حاورتها مريم بحشاشي

-لماذا في رأيك، أغفل المؤرخون الحديث عن هؤلاء النساء رغم اهتمامهم الكبير بحياة مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة؟

- في اعتقادي، هناك سببين وراء هذا السكوت، الأول يرجع إلى الإعجاب بشخصية الأمير التاريخية الجذابة على عدة مستويات، الأمر تجاوز حدود الإعجاب إلى الإفراط في رسمه كشخصية مثالية، مما تسبب في إهمال نقاط مهمة في البحث، أما السبب الثاني فيعود إلى الفقر الذي يعانيه مجال البحث بخصوص تاريخ النساء بالجزائر.

-عند قراءة عنوان كتابك، تحضرنا صورة “حريم” سلطان عثماني، فهل ينطبق ذلك على الأمير عبد القادر؟

- لقد فرض عنوان “جزائريات قصر آمبواز، تتمة الأمير عبد القادر”، نفسه بمجرّد ما بدأت في جمع المعلومات و الوثائق بخصوص هذه الفترة التاريخية، أحسست بأن تلك الوثائق تحاكيني عن رومانسية جميلة عاشها الأمير خلال إقامته بفرنسا، رغم كونه سجينا، مع أتباعه 96، فضلا عن أسر إخوته الذين لاقوا نفس المصير..فظروف الاعتقال كانت صارمة و قاسية، و تسببت في وفاة 32شخصا خلال فترة الحجز، 25منهم توفوا بقصر آمبواز  و كان أكثرهم من الأطفال، حيث قدر عددهم بـ16طفلا إلى جانب 5نساء، من ضمنهم ثالث زوجات الأمير «مباركة”... الكآبة كانت من أهم أسباب وفاة النساء.  فعندما يطلع القارئ على عنوان المؤلف، يعتقد بأنه سيكتشف حياة القصور التي عاشها الأمير مع من أحاطته من نساء، لكنه يتفاجأ بحقائق مثيرة للصدمة، و يجد قدر مأساوي لنساء و رجال و أطفال، و عليه فإن العنوان فرض هذه المفارقة الساخرة.

-عندما يلبس النفساني قبعة المؤرخ، حدثينا عن هذه تجربتك و هل ساعدك تخصصك في علم النفس في بحثك؟

- تكويني و مهنتي منحاني القدرة على الإنصات إلى الكتابات الصامتة و القراءة بين السطور، و تحليل الخطابات التي قد تحتويها الروبورتاجات المعدة حول حدث معيّن. كل ذلك السكوت الذي كان محل بحثي، عبارة عن تعبير ساخط عن وضع مخز و شعور بالذنب حيال بعض الحقائق التي كان من الواجب إماطة الستار عنها، المواجهة و القبول باعتبارها جزء من تاريخنا و هي الطريقة الوحيدة لقلب الصفحة. فالرفض إجابة مرضية عن حدث لا يحتمل استيعابه. و عليه أظن أنني أدركت حجم عنف الصدمة من خلال هذا الجزء من بحثي، فلابد من التذكير هنا بأنه في لحظة سجن الأمير بقصر آمبواز في نوفمبر1848، اعتبرت الجزائر رسميا أرضا فرنسية.

-أي من تلك النساء أثرت فيك قصتها أكثر؟

- ثمة فعلا، من أثرت في و هي خادمة، لزمت الصيام رغم معاناتها، حيث نصحها الطبيب الذي قلق بشأن حالتها المتدهورة بالإفطار، لكنها رفضت، و اعترفت بأن الصوم سلاحها الوحيد لمقاومة العدو، و التعبير عن رفضها له. و الواقع كل إمرأة منهن قاومت و ضحت على طريقتها و كان الثمن على حساب صحتهن، حياتهن و أطفالهن لأنهن لم يكن لديهن خيار آخر للمقاومة.

-لكن ثمة من يدعون بأن الأمير عبد القادر عاش في رفاهية بفرنسا، و ظروف إقامته لم تكن تعكس بأنه سجين، فكيف عانت نساؤه إذا؟

- الوثائق في تلك الفترة كانت واضحة، الأمير و أتباعه كانوا في وضع المساجين، و كانوا ممنوعين من الخروج من مكان إعتقالهم. الأمير خرج في فترة متأخرة، لكن تحت حراسة مشددة، كان يتابعه عشرات الجنود عن قرب، كما منع من تعلّم الفرنسية، للتقليل من فرص تواصله مع الآخر، و تمت مصادرة كل ممتلكاته، و نفس الشيء لاقته النساء، بل بدرجة أكبر لأنهن عانين العزلة لأسباب ثقافية و دينية، فلم يكن مسموحا بظهورهن أمام الرجال، لذا بقين معزولات بعيدا عن الأضواء، بغرف باردة و كثيرة الرطوبة، مما أدى إلى تسجيل أعراض مرضية خطيرة حتى على الرضع الجدد الذين كانوا يخلقون بتشوّهات و إعاقات مختلفة، كما سجلت حالات وفاة عديدة بين الأطفال.. أنا عن نفسي لم أفكر أبدا، بأنهم عاشوا حياة رفاه بفرنسا، لأن إحضارهم إلى فرنسا أزعج الجميع.

-لماذا اختصرت بحثك على قصر آمبواز في حين مرّ الأمير على عدة قصور «تولون»، «بو» ..؟

- الأمير لم يختر إقامته بل أرغم عليها و خضع لقرارات السلطات الفرنسية آنذاك، تولون قريبة من البحر، و «بو» قريبة من الحدود الإسبانية، و الفرنسيون خشوا فرار الأمير فكان الحل في اختيار نقله إلى قصر آمبواز المدينة داخلية، فالقصر كان حجز خاص بالنظام، و لم يكن صحيا، و أجريت به بعض الأشغال قبل نقل الأمير و أتباعه، فهو لم يكن يشبه قصر “بو” المرّمم  سنوات من قبل، في شيء.. حياتهم داخل القصر كانت بعيدة جدا عن كونها رفاه. حتى الماء لم يكن متوفرا، إضافة إلى الرطوبة و قلة التدفئة بتلك البناية التي كان يحرسها 250جنديا طيلة اليوم. و بخصوص تركيزي على قصر آمبواز فذلك راجع لطول المدة التي أبقوهم بذلك القصر، و كان ذلك لمدة أربع سنوات، في حين لم تتجاوز مدة إبقائهم في قصر» بو» سوى سبعة أشهر...و تأثر ت جدا و أنا أكتشف المقبرة التي كانت بحديقة القصر.

-لكن الأمير كان يتنقل و يخرج من القصر حتى لو كان ذلك تحت حراسة مشددة، فلماذا لم يحقق بعضا من تلك الحرية لأتباعه ؟

- الأمير لم يتخل أبدا عن النساء و الأطفال، بل كان مسجونا معهم، و قد عبر كثيرا عن قلقه على مصيرهم في رسائله، و كان يعتبر نفسه مسؤولا عما أصابهم و ما ينتظرهم. و الأمير و رفاقه لم يغادروا القصر سوى نادرا جدا و بطلب من الفرنسيين الذين كانوا يحاولون إقناعه بالعدول عن التفكير في المنفى بالمشرق، لكنه رفض ذلك..كما أن الأمير لم يسمح له الخروج من القصر سوى عام 1851عندما تدهورت صحته بشكل كبير، و قد فرضت عليه حراسة مشددة.
و وجدت بإحدى الوثائق بأن طبيب عسكري حينها تمكن من إنقاذ أرواح الكثير من أتباع الأمير ، بفضل إلحاحه على تركهم يخرجون من حين إلى آخر و إلا ماتوا جميعا و كانت وفاة زوجة الأمير الثالثة سببا في تغيّر قرارهم . و منذ ذلك الوقت بات يسمح للأطفال بالخروج و وضعت عربة تحت تصرّف النساء أيضا لكن النساء رفضن استعمالها.

-ماذا عن هامش الخطأ الذي قد تحمله الوثائق التي اعتمدت عليها في إنجاز عملك، خاصة وأنها جميعها فرنسية؟

- للأسف لم أجد مصادر جزائرية في هذا الإطار للقيام بمقارنة بخصوص الوثائق، مما دفعني للاستناد إلى الوثائق الفرنسية فقط، فلا أحد في منأى عن الخطأ في مجال التأريخ.. فالأمر يتعلّق قبل كل شيء بطريقة ترجمة الأحداث و الوقائع و الوثائق المدوّنة من قبل المسيطرين. لقد استشرت مؤرخين، و قدمت مقالا أوليا، قبل إصدار الكتاب..و باختصار لا توجد حقيقة مطلقة في التاريخ، و ما كتبته خاص و أتمنى أن تستلهم أعمال أخرى من عملي.

-هل ستحمل أعمال أخرى عن الأمير، توقيعك؟

- نعم، سيتم تحويل»جزائريات قصر آمبواز» إلى عمل سينمائي مع مخرج جزائري، و أنا الآن بصدد كتابة سيناريه.

- لمسنا، تأثرك بأسلوب آسيا جبار، أخبرينا عن ذلك و سر علاقتك بهذه الأديبة و الباحثة، و م مشروعك «حلقة أصدقاء أسيا جبار»، و هل ستخصصين مشاريع مشابهة لأسماء أدبية جزائرية أخرى مستقبلا؟

- أعمال آسيا جبار قلبت كياني و علاقتي بالعالم و فتحت أمامي أبواب لم أكن أتوّقع فتحها كالكتابة. و غرست في الرغبة في معرفة تاريخي، تاريخ الجزائر، و جعلتني أدرك الذاكرة النسوية و الصمت الذي فرض عليهن..هذا الإدراك كان مصدر بحثي الذي حاولت تلخيصه في كتاب..و كان أيضا وراء قراري لخلق حلقة أصدقاء آسيا جبار منذ عشر سنوات، و قد خصصت لها منذ سنتين مؤلفا جماعيا الذي كان لي شرف تنسيقه و الموسوم»قراءة أسيا جبار»..و توجد حاليا عدة مشاريع في ذات الصدد، حيث كرمناها السنة الماضية بالتنسيق مع المعهد الفرنسي  بعدة مدن جزائرية من ضمنها قسنطينة.
م/ب

 

سلطت فيها الضوء على نساء مؤسس الدولة الجزائرية

آمال شعواطي تكشف القطعة المفقودة في اللوحة  غير المكتملة من حياة الأمير

حاولت الكاتبة الجزائرية المقيمة بفرنسا، آمال شعواطي في مؤلفها الموسوم «جزائريات قصر آمبواز، أتباع الأمير عبد القادر» الصادر عن دار النشر الفرنسية «لا شمينانت» في نوفمبر 2013استنطاق الصمت بحثا عن حلقة ضائعة من فترة تاريخية، لا زال يشوبها الكثير من الغموض حول ظروف اعتقال مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة الأمير عبد القادر بفرنسا و المعاناة التي تكبدها أتباعه من نساء و أطفال طيلة خمس سنوات.
الكاتبة تعمدت بحنكة الباحث و النفساني المتمرس، استعمال عبارة فرنسية تسمح بثلاث قراءات لا تخرج جميعها عن مقصدها الأساسي و هو الحديث عن معاناة النساء المرافقات للأمير كرها أو طواعية، حيث استعملت عبارة «لا سويت» التي قد تعني تتمة حكاية الأمير عبد القادر، لأنها تقفت فعلا آثاره في معتقله بفرنسا، كما قد تعني «جناح»لما خصته من اهتمام بالنساء المعتقلات رفقة الأمير و نقل معاناتهن و آلامهن من داخل الجناح المخصص لهن أو بالأحرى الذي عزلن فيه بتلك الإقامة الجبرية، ثم المعنى الأخير الذي قد يكون ببساطة «أتباع» الذي تبناه من ترجمه إلى اللغة العربية من صحفيين و نقاد، اعتمادا على ما أوردته الباحثة من شهادات و صور عن أتباعه عموما و النساء خصوصا.
فآمال شعواطي اختارت الخروج عن سرب الأبحاث التاريخية المعتادة التي تركز على الشخصية المحورية و التي غالبا ما تتمثل في شخص القائد أو الزعيم و نقل ما يدور في زمنه من أحداث مهمة، دون الاهتمام بالجانب الإنساني و النفسي و حتى إبراز الدور الفعال للمرأة في كل ذلك، فكانت شعواطي سباقة في تسليط الضوء على زاوية لم يسبقها إليها الباحثون و فتحت بابا استمر غلقه على مر الحقبات التاريخية، تدفعها الرغبة في إظهار حقيقة و هوية نساء من محيط الأمير، أغفل التاريخ الحديث عنها لأسباب أو لأخرى، ناقلة بذلك شخصية الأمير إلى مرتبة ثانوية لفائدة نساء أكرهن على اختيار المنفى، وتكبّد المعاناة.. نساء بقين مجهولات و دفنت معهن أسرارهن بفناء آمبواز.
الكتاب عبارة عن نتائج بحث معمق و طويل بين أوراق الأرشيف الفرنسي، و تحليل للشهادات الحية المدوّنة في شكل رسائل أو اعترافات أطباء عسكريين أو جنود عايشوا تلك الفترة، و الزيارات المتكرّرة للقصر و المقبرة التي لا زالت تحمل رفات النساء اللائي حرصت الباحثة مثلما قالت على إنصاف ذاكرتهن من خلال محاولة كشف هويتهن و منحهن حق الوجود حتى بعد رحيلهن إلى دار الخلود منذ أزيد من قرن و نصف، بأسلوب سردي واقعي بعيدا عن النسج الخيالي ، من خلال إعادة تركيب قطع تاريخية صامتة، لم تكل الباحثة  من مساءلتها طيلة ست سنوات، فترة إعداد بحثها الذي أثمر بكتاب يعد الأول عن سجينات جزائريات وقفت على أضرحتهن بفناء قصر آمبواز متسائلة عن سر من تنمن فيها.
آمال شعواطي التي اختارت العودة إلى ما بعد ديسمبر 1847أي بعد 15سنة من الكفاح، اضطر إثرها الأمير عبد القادر إلى وضع السلاح و قبول وعود العدو بمنحه فرصة اختيار منفاه نحو المشرق، غير أن مصيره و من معه تغيّر بإخلاف فرنسا لوعدها، و غدرت به و كل من كان معه ليجدوا أنفسهم معتقلين بـ «تولون» ثم «بو» فقصر «آمبواز» الذي سجنوا فيه حوالي أربع سنوات، قبل أن يعتقه نابليون 3 و يتركه يذهب إلى منفاه الاختياري مع من تبقى من أتباعه الذي قضى الكثيرون منهم نحبهم بعد معاناة مع المرض و البرد و الحنين إلى أرض الوطن.
الكاتبة أرادت أيضا لكتابها أن يكون بمثابة رثاء لمتوفيات منسيات»وفاتهن لم تقيّد بسجل الحالة المدنية و لولا نصب تذكاري وضعه سكان آمبواز عام 1853، لا أحد كان سيعلم بقصة المعذبين الذين مروا بذلك المكان»، حيث حاولت نفض الغبار عن جزء من التاريخ تم حجبه عن قصد أو دون قصد، تحملها دوافع عدة أهمها فضول و حماس الباحث لإيجاد حلقة ضائعة من تاريخ الأمير في المعتقل و الذي قدمه الكثيرون كمجرّد إقامة جبرية. و دافع آخر يتحكم فيه حس الباحث النفسي الذي يتوق لمعرفة ما عاشه معتقلون و بشكل خاص معتقلات اقتلعن من جذورهن و بيئتهن و عشن القهر بين أصوار صروح عتيقة لكن بأغلال شائكة.
الكتاب بصفحاته 214، تضمن الكثير من المعلومات التاريخية و القصص و الشهادات الحية و مقتطفات من رسائل الأمير عبد القادر التي حرصت الكاتبة على إتمام اسمه ابن محي الدين وفاء لذاكرته و أمانة لتوقيعه الحقيقي كما وجدته في جميع مخطوطاته التي كان لها حظ الاطلاع على بعضها.
الكتاب الذي وقعت إضافة ختامية للمؤلف الأديبة المعروفة ميساء باي، كان أشبه بمنبر خاص منحته شعواطي لفئة لم يقم أحد قبلها بإيصال صوتها بل أنين آلامها و عذاباتها بعد اقتلاعها من جذورها و أصولها الثقافية و الدينية.
و استهلت الباحثة كتابها بالحديث عما دفعها للخوض في هذا البحث «استوقفتني عبارة «إقامة جبرية» التي حملته المطوية التي تسلمتها بمدخل «حديقة الشرق» بحظيرة قصر أمبواز و تساءلت فورا عن سر استعمال تلك العبارة بدلا عن «سجن».
و كتبت أيضا «لاحظت لوحة على الأرضية، فاقتربت و قرأت ما جئت لأجل التأكد منه:هنا يرقد 25شخصا من أتباع الأمير المتوفين بين 1848 و 1852». كما تحدثت بإسهاب عن معاناة النساء مع المرض:»نساء مسنات تترنحن، يتكئن على ذراع زوجات أبنائهن أو خادمات، فيما كان العبيد يخرجون الأطفال المرضى للسير.. «.
و لم تكتف الكاتبة بنقل ما حدث بين أسوار القصر، بل فضلت الانطلاق من لحظة مغادرتهم الميناء بالجزائر:»أما الرجال الجرحى فكانوا يحملون على أظهر الأحصنة و البغال، و الجنود يساعدون الخدم و العبيد في حمل الحقائب و الأمتعة على متن الباخرة، وسط صراخ النساء و الأطفال الخائفين..النساء مرعوبات تتوّقفن و لا تتقدمن، و كان الرجال يشجعنهن بهدوء تارة و بأمرهن بالتقدم تارة أخرى مخافة من استهزاء العدو الذي تحوّل إلى متفرّج متحمس لرؤية كل هؤلاء النساء غير المرئيات عادة».
شعواطي تطرّقت أيضا إلى العزلة المزدوجة التي عانتها هذه الفئة بحكم العادات و التقاليد من جهة و شروط الاحتجاز من جهة ثانية:»طيلة اعتقالنا لم يسمح لنا بالخروج سوى نحو مساحة ضيّقة بالحديقة و التي احتلها الرجال بشكل دائم، مما حرمنا نحن النساء من الخروج و بالتالي البقاء في أماكن مغلقة مع الأطفال مدفونين تحت الأغطية».
و أشارت إلى حرمانهم من التواصل مع الآخر»لم يسخّروا لنا ترجمان مثلما فعلوا مع الرجال، فكانت عزلتنا أكبر».
للإشارة الكتاب سيتم ترجمته إلى اللغة العربية و يجري التحضير لتحويله إلى فيلم سينمائي حسب الكاتبة نفسها التي أكدت للنصر بأنها تعكف حاليا على كتابة سيناريو هذا
 المشروع.                                                                   

مريم/ب

الرجوع إلى الأعلى